حسين عبد الله ومطر مطر: البحرين تحتضن التّطرف

2015-01-15 - 12:23 ص

حسين عبدالله ومطر مطر، موقع ميدل إيست آي

ترجمة: مرآة البحرين

مذ بدأت الولايات المتحدة العمليات ضد الدولة الإسلامية بالتحالف مع عدد من الحكومات الاستبدادية في الشرق الأوسط، سرّعت البحرين قمعها للمعارضين السياسيين.

ازداد الحماس لإلقاء القبض على الناشطين فيما استُخدِمَت الاعترافات المُنتَزَعة من خلال التعذيب لتبرير عقوبات الإعدام ضد المتظاهرين السلميين. وحفاظًا على الأرجح على تحالف قوي في القتال ضد خطر التطرف الإقليمي الآخذ في النمو، لاذ الغرب بأغلبه بالصمت إزاء الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان في البحرين. ولسوء الحظ، من الممكن أن يؤدي هذا النّهج القصير النظر، الذي شدّ من عزيمة الحكومة البحرينية الاستبدادية، إلى زيادة التطرف في البلاد.

وقد تمثل قمع السلطات البحرينية الأخير، ويمكن القول إنه الأخطر، باعتقال الشيخ علي سلمان، أمين عام جمعية الوفاق السياسية، في 28 ديمسبر/ كانون الأول 2014. ليست المرة الأولى التي يُستهدف فيها الشيخ سلمان من قبل الحكومة البحرينية، فقد تعرض للاعتقال في منتصف التسعينيات لمشاركته في انتفاضة شعبية أدت إلى وعود بالإصلاح عند تسلم الملك حمد بن سلمان السلطة في العام 1999.

غير أن الملك لم يفِ بوعوده وبدلًا من ذلك، تفرد بوضع دستور منحه سلطة الحكم من دون مساءلة. وكنتيجة لذلك، يتمتع الملك حمد حاليًا بالسلطة من مجلس الوزراء ويعين رئيس المجلس الأعلى للقضاء كما يعين النصف الأقوى من أعضاء برلمان البحرين.

وبعد أكثر من عقد على هذا النوع من الحكم، انفجر الوضع في 14 فبراير/ شباط 2011.

ومع إلهام الثورة في كل من تونس ومصر، اعتصم آلاف البحرينيين من جميع الأطياف في دوار اللؤلؤة في عاصمة البحرين مطالبين بإصلاح سياسي. وتلا ذلك عملية قمع وحشية من قبل الحكومة، صدمت العالم وُووجهت بالإدانات الدولية. وقد بدأت حملة القمع هذه عندما قتلت قوات مكافحة الشغب الشاب علي مشيمع البالغ من العمر 21 سنة عن مسافة قريبة أثناء هربه من أعمال العنف. وفي الأشهر التي تلت، تم اعتقال الآلاف وجرح المئات وقتل العشرات.

واستمر الاضطراب في البلاد منذ ذلك الحين ووُجهت حركة الاحتجاج بعملية قمع ممنهجة وواسعة النّطاق على يد الحكومة، وتضمن ذلك استخدامًا مفرطًا للقوة ومداهمات للمنازل واعتقالات تعسفية وتسريح الموظفين والطلاب بسبب آرائهم السياسية وهدم المساجد والتهميش السياسي والاجتماعي لكل من يتكلم ضد هذه السياسات، فقتل أكثر من مئة شخص نتيجة لعنف الحكومة وما زال آلاف البحرينيين المسالمين قابعين خلف قضبان السجن؛ وهم ضحايا تشريعات مكافحة الإرهاب القديمة التي تستخدم لتبرير الإدانات ذات الدوافع السياسية.

مع ذلك، لم يُقنع هذا العنف المؤسساتي أفراد الشعب البحريني بالعودة إلى منازلهم، إذ يواصل عشرات الآلاف من البحرينيين اليوم المشاركة في مسيرات المعارضة في الوقت التي تُنظم فيه مسيرات أصغر حجمًا كل ليلة تقريبًا.

وحتى في وجه أعمال مماثلة مميتة من قبل الحكومة، لم يدعُ الشيخ سلمان أبدًا إلى تغيير جذري، فرؤيته لحل سياسي في البحرين هي من خلال تأسيس ملكية دستورية مع آل خليفة كأسرة حاكمة. وبقي الشيخ سلمان من جانبه ملتزمًا بالمقاومة السلمية وحثّ المتظاهرين على تجنب الرد على استفزاز الحكومة لهم بالعنف، فهو صاحب نهج بعيد النظر ويثبت للبحرينيين أن النضال من أجل تقرير المصير وحقوق الإنسان هو ماراثون، وليس سباقًا قصيرًا. ومن خلال زجها للشيخ سلمان في السجن، تضع الحكومة البحرينية جانبًا هذا النهج المدروس في سبيل الإصلاح.

على الرّغم من ذلك، تجاوز موقف الحكومة البحرينية رفض الاعتدال. ومن خلال اختيارها للموقف المتشدد والقمعي ضد المعارضين السلميين، تشد الحكومة أزر كل من يستخدم العنف. ويبدو أن هذا هو ما تعتمد عليه الحكومة بالتحديد. ومن خلال إزالة كل سبل المعارضة السلمية؛ تدفع الحكومة المعارضة نحو العنف، الأمر الذي يمكن لها استخدامه لتشويه سمعة المعارضين كلّهم. وبالتأكيد، فإن الأسرة البحرينية الحاكمة ستقبل عن طيب خاطر ببعض قنابل المولوتوف لتمسك بخناق السياسة.

وفي حال أرادت الحكومات الغربية تجنّب المزيد من الصراعات في الشرق الأوسط، عليها أن تدين مسبقًا الحكومات التي تثير النزاعات المعادية للديمقراطية وتنتهك حقوق الإنسان الأساسية. وكما تعلّم الغرب من تجربته في العراق، فإن الشمولية السياسية شرط أساسي للسلام على المدى الطويل. مع ذلك، تجاهل حلفاء البحرين بشكل كبير خلق الحكومة البحرينية لظروف من شبه المؤكد أنّها قد تساهم في نمو التطرف على أراضيها. وفي حال أرادت الحكومات الغربية تجنب المزيد من الصراع في الخليج، عليها أن تطلب من الحكومات الاستبدادية معالجة جذور تطرف مماثل -المتمثل في الحرمان من التمثيل السياسي وتقرير المصير وحقوق الإنسان الأساسية.

وردًا على اعتقال الشيخ علي سلمان، قال البروفيسور كريستين ديوان من جامعة أمريكا في واشنطن مستهزئًا: "إذًا لا أعتقد أن هناك أي معارضة قانونية في البحرين".

وفي الوقت الذي تُجرّم فيه الحكومة الأشكال السلمية للمعارضة، تدفع عمدًا إلى زيادة التطرف وجعله أكثر عنفًا في جميع أنحاء المنطقة. ومن دون حل سياسي سريع وضغط دولي واضح، ستجد الحكومات الغربية نفسها أمام حليفٍ آخر مزقته الحرب الطويلة وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط.


* حسين عبدالله هو من أصل بحريني ومؤسس منظمة "الأمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين" ومديرها التنفيذي. قاد حسين، بصفته مدير تنفيذي، جهود المنظمة للتأكيد أن سياسات الولايات المتحدة تدعم حركة الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين. ويعمل حسين كذلك مع أعضاء المجتمع البحريني الأمريكي للتأكيد على أن تصل أصواتهم إلى مسؤولي الحكومة الأمريكية والرأي العام الأمريكي الأوسع. تخرج حسين من جامعة جنوب ألاباما وحاز على شهادة ماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية ودرجة البكالوريوس في العلوم السياسية والرياضيات.

*مطر إبراهيم مطر هو عضو سابق في البرلمان، وكان أصغر نائب بحريني ويمثل أكبر دائرة انتخابية لها. استقال مطر مطر مع ثمانية عشر عضوًا آخرين من جمعية الوفاق السياسية من البرلمان تظاهرًا على قمع الحكومة للمتظاهرين المطالبين بالإصلاح. وخلال انتفاضة 14 فبراير/ شباط، كان مطر المتحدث الرسمي للتحرك المطالب بالديمقراطية. وتم بعد ذلك اعتقاله بشكل تعسفي وبعد أن أُطلق سراحه، غادر البحرين إلى المنفى في الولايات المتحدة. هذا ومنح مشروع منظمة الشرق الأوسط للديمقراطية مطر مطر "جائزة القادة الديمقراطيين" في العام 2012.


6 يناير/ كانون الأول 2015
النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus