نبيل رجب: نذائر شؤم للعام 2015 في البحرين مع اعتقال الحكومة للشيخ علي سلمان

2015-01-15 - 7:18 م

نبيل رجب، الهافنغتون بوست

ترجمة مرآة البحرين

الشيخ علي سلمان شخصية ذات وزن ثقيل في البحرين. تولّى زمام قيادة جمعية الوفاق، أكبر تيّار سياسي في البحرين، لأكثر من عشرة سنوات وأُعيد انتخابه مجدّدًا في 27 ديسمبر/كانون الأول 2014 أمينًا عامًا للجمعية خلال اجتماع الهيئة العامّة للجمعية. في اليوم التالي، تمّ استدعاء الشيخ سلمان إلى مبنى إدارة التحقيقات الجنائية، حيث احتجزته السلطات.

تأسست جمعية الوفاق في العام 2001، عندما ظهر الملك حمد بصورة المصلح، ورسمت  الجمعية معالم المعارضة السياسية في البحرين منذ ذلك الحين. قاطعت الجمعية انتخابات العام 2002 غير أنّها اختارت المشاركة في انتخابات 2006، فانشق بعض السياسيين والناشطين من الوفاق، الذين عارضوا خطوة  الجمعية، ليؤسسوا أحزابهم الخاصة. وفي العام 2010، على الرغم من فوز  الوفاق بما يفوق الـ 60% من الأصوات، إلا أن ذلك لم يترجم في الواقع إلا بـ 45% فقط من المقاعد في البرلمان. واحتجاجًا على قتل المتظاهرين وتضامنًا مع الانتفاضة الشعبية عام 2011، استقال جميع نواب الوفاق من البرلمان. ولكن ما تزال الجمعية تتمتع بموقع أساسي، وقد شاركت في الحوارات الوطنية اللاحقة مع الحكومة التي سرعان ما باءت بالفشل. ولطالما كان الشيخ علي سلمان من القادة المعتدلين: فهو من اتّخذ قرار وقف مقاطعة انتخابات 2006 والسعي إلى تحقيق الإصلاح من داخل الحكومة، ولطالما دان استخدام العنف في التعبير عن المعارضة منذ العام 2011.

وقد كان مطلع العام 2014 إيجابيًا بالنسبة إلى الجمعية على ما يبدو، عندما التقى ولي العهد، سلمان بن حمد، في شهر يناير/كانون الثاني، بجمعية الوفاق لطلب مساعدتها  في تجديد الحوار الوطني الذي تداعى في العام 2013 بعد أن اعتقلت السلطات مساعد الأمين العام لجمعية الوفاق. ولم يسفر هذا الاجتماع عن أي شيء، وسرعان ما بدا واضحًا أن لا نوايا حقيقية لدى الحكومة البحرينية في المشاركة في الحوار غير أنّها كانت تستغل اللقاء بين ولي العهد والوفاق لاسترضاء المجتمع الدولي. وبسبب هذا الافتقار للحوار الهادف والإصلاح، قرّرت جمعية الوفاق مقاطعة انتخابات عام 2014-وهي خطوة لاقت دعمًا محليًا كبيرًا، غير أنها أثارت انتقادات دولية ضد الجمعية.

وعندما أعلنت بريطانيا في مطلع ديسمبر/كانون الأول أن البحرين ستستضيف القاعدة البحرية البريطانية الأولى في المنطقة منذ العام 1971- التي ستكلّف البحرين 15 مليون جنيه استرليني- استنكرت الوفاق هذه الخطوة. ولم تكن الجهة الوحيدة التي عبّرت عن استنكارها. ففي بريطانيا، أعرب 26 نائبًا عن انتقادهم الشديد لإنشاء القاعدة الجديدة، قائلين إنّها ""تحمل رسالة مفادها أنّ حكومة المملكة المتحدة غير معنية بلعدالة، وسيادة القانون، والمصالحة في البحرين".     

ولكن الوفاق كانت الوحيدة التي لاقت جزاءها بسبب انتقاداتها. إذ استهدفها السفير البريطاني، إيان ليندزي، في خطابٍ له في 10 ديسمبر/كانون الأول، قال فيه إنّه "لا يمكنني إلا الافتراض أنّ الوفاق غير مدركة، لحسن الحظ، أن أسطول الولايات المتحدة الخامس، حليفنا الأكبر إلى حدٍّ بعيد في الحرب على الدولة الإسلامية في العراق والشام أو داعش، يتمركز حاليًّا في البحرين.  أو أنّ الوفاق تعارض التحالف المؤلّف من 60 دولة ضد داعش أو القوّة البحرية التي تشارك فيها 30 دولة والمتمركزة في البحرين".

ولكنّ وجود البحرية الأمريكية لا يبرّر وجود قاعدة بريطانية. ومن المقلق حقًا سماع دبلوماسي بريطاني يلمّح إلى أنّ الوفاق تريد أن تشهد انتصار داعش التي ذبحت الشيعة، فضلًا عن المسيحيين واليزيديين وأقليات أخرى.

وبالتالي، فها هو  العام 2014 الذي بدأ بوعود فارغة بإصلاح يشمل المعارضة، ينتهي باعتقالِ تعسفي لقائد أكبر تيّار معارض، إلى جانب قادة معارضين آخرين وناشطين في مجال حقوق الإنسان. إذ وُجِّهت إلى الشيخ علي سلمان، الشخصية المعتدلة التي لطالما حاولت التعاون مع الحكومة حتى مقاطعة جمعية الوفاق الانتخابات الأخيرة، جملة من الاتهامات، منها التحريض على الكراهية ضد الحكومة والإساءة إلى القضاء والحكومة، والترويج لمعلومات خاطئة.

وقد تمّ اختيار الوقت المثالي  لهذه الخطوة ضد الشيخ سلمان، أي في منتصف موسم الأعياد كي يتم إسكات رد المجتمع الدولي. وفشل الاتّحاد الأوروبي في المطالبة بالإفراج الفوري عن الشيخ سلمان، وبدلًا من ذلك، طالب القضاء بمراعاة الأصول القانونية في الإجراءات- وهو أمر لا يمكن أن يتحقق في محاكم البحرين غير المستقلة. وأبدت وزارة الخارجية الأمريكية قلقًا مشابهًا، بينما لم يصدر أي تعليق من المملكة المتحدة حتى الآن. وكانت الأمم المتحدة الجهة الوحيدة التي دعت إلى الإفراج الفوري عن الشيخ سلمان والمعتقلين الآخرين الذين سُجنوا على خلفية ممارستهم لحرية التعبير والتجمع. وفي الوقت الذي تغوص فيه البحرين أكثر في الحرب ضد داعش، قد يصبح حلفاؤها في الغرب أكثر استعدادًا لغض الطرف عن الانتهاكات في البحرين.

هذه الإشارات نذائر شؤم في العام 2015. فإذا لم يتم إسقاط التهم الموجّهة إلى الشيخ علي سلمان ولم يدن حلفاء البحرين، لا سيّما بريطانيا، التي لم تكن قط قريبة إلى هذا الحد من الجزيرة، هذا الاعتداء على المعارضة السياسية السلمية، فإنّهم سيعطون البحرين الضوء الأخضر لإسكات خصومها الديمقراطيين.

النص الأصلي

 

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus