جستين غنغلر: الطائفية في البحرين تردّ اللدغة - ليس على الصعيد السياسي فقط

2015-01-21 - 12:47 ص

جستين غنغلر، مدونة الدين والسياسة في البحرين

 ترجمة: مرآة البحرين

لا تزال العواقب السياسية الوخيمة والحتمية للأجندة الطائفية التي تتبعها البحرين، وبدرجة أقل السعودية أيضًا، ودول خليجية عربية أخرى منذ عام 2011، ثيمة عامة في هذه المدونة. إعاقة التغيير من خلال غرس المعارضة العنيفة للإصلاح السياسي في نفوس المواطنين باعتباره خيارًا متعلّقًا بسياسة محدّدة، لا بل البغض الشديد للإصلاحيين الحقيقيين أنفسهم، هي حتمًا استراتيجية لمدى قصير، ويبدو أنّنا ندنو من نقطة الانقلاب.

لطلما كانت الآثار المحلّية السياسية والمجتمعية المترتبة عن السياسة الطائفية في البحرين واضحة إلى حدٍّ كافٍ: انعدام الثقة المتفاقم بين السنّة والشيعة، وقيام الحركات المعارضة العنيفة، وتهميش التيارات المعتدلة في كلٍّ من الحكومة والمجتمع على حدٍّ سواء.

ولكن في ظل الانتشار الخاطف لتنظيم داعش في سورية والعراق، وحرية عمل الجماعات ذات التوجّه المماثل في اليمن، لم تعد هذه الآثار مقتصرة على جانبي السياسة والمجتمع، بل أضحى الآن احتضان البحرين المتعمّد للتطرّف السنّي يشكّل مشكلة أمنية أساسية لآل خليفة. وكما ذكر مقالٌ أصدر يوم الخميس تحت عنوان "معضلة داعش في البحرين" (وسبقه مقالٌ لآلاء الشهابي نشر في فورين بوليسي)، يتبيّن أنّ من ضمن كبار أعضاء ما يسمّى بالدولة الإسلامية مواطنون بحرينيون، بما فيهم أبرز المدافعين "دينيًّا" عن أبو بكر البغدادي وبيعته للخلافة.

ولا يكتفي المقال بهذا الأمر، بل يضيف أنّ الكثير من هؤلاء الأفراد كانوا أعضاء، أو على ما يبدو أعضاء سابقين، و/أو منشقّين عن أجهزة الأمن البحرينية، الذي سنتذكّر أنّها تتألّف بشكل رئيسي من أفراد سنّة غير بحرينيين من اليمن، وسورية، وباكستان، وغيرها، بسبب مخاوف من ما قد يحدث إذا سُمح للشيعة بحمل السلاح. لذا تبيّن أنّه ينبغي على البحرين أيضًا القلق من النتيجة المعاكسة، أي ما قد يحصل عندما تقوم بتسليح سلفيين متطرّفين، جنّدوا من دولٍ تتغلغل فيها الجماعات الإرهابية. فالشيعة "الكفرة" ليسوا الهدف الوحيد لهذه الجماعات، بل الأسرة الحاكمة نفسها مستهدفة أيضًا.

وفي هذا السياق، من الجدير ذكر مقال آخر تمّ نشره الخميس، وهو تعليق للأمير السعودي تركي الفيصل يسعى فيه إلى إطلاق "اسم جديد" على داعش، وهو "فاحش"، ليعكس بشكل أكبر حقيقة هذه المنظمة. ويعتبر هذا المقال عملا فذّا ولافتا بشدّة في إبداء أفكار واعتقادات غير متجانسة، مع تمكّن الأمير تركي من وصف صعود حركة طالبان، وتنظيم القاعدة، وداعش، وغيرها من الجماعات الإرهابية ذات التوجّه الوهّابي، بشكل متسلسل زمنيًّا، من دون أي ذكر لأصولهم التي تعود إلى العقيدة الوهّابية التي تمّ تصديرها على مر عقود من الزمن-والتي لا تزال تُصدّر-من قبل الدولة السعودية،

وهي عقيدة لا تنطوي إلّا على اختلافات عقائدية قليلة جدًّا عن تلك المتّبعة من قبل تنظيم الدولة الإسلامية في الموصل اليوم.

وبالفعل، في عالم الأمير تركي الخيالي الغريب، إيران هي المسؤولة عن تفشّي "الجهاد السلفي"، لا السعودية. ولعلّ فضل تأسيس حزب الله وجيش المهدي سيعود للسعودية حينها.

بالطّبع، لا يخفى على أحد أنّ وجود السعودية نفسه مبني على اقتران براغماتي بين السياسة والدين، وبالتالي لا يمكنها التنازل عن العوامل الواقية لشرعية النظام الملكي واستقراره. فهي، كالبحرين، تراهن على قدرتها على إلقاء لوم آثار التطرّف السنّي على عوامل خارجية، الذي تعد هي نفسها مسؤولة عنه بشكل أساسي. لذا، لأجل مصلحتها، لا يمكن للمرئ إلّا أن يأمل أن لا يتعلّم مقاتلو داعش تسلّق الأسوار.

 

18 يناير/كانون الثاني 2015
النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus