دويتشه فيله: البحرين، وحقوق الإنسان، و"داعش"

علي سلمان
علي سلمان

2015-01-21 - 11:07 م


تمّ اتّهام الناشط في مجال حقوق الإنسان، نبيل رجب، بتشويه سمعة مؤسسات دولة البحرين. تلقي محاكمته الضوء على التحديات التي تواجهها بلاده-وتظهر أنّها غير مستعدّة لمواجهة خطر "داعش".

كيرستن نيب، دويتشه فيله
ترجمة: مرآة البحرين

سبق وأن قضى نبيل رجب عامين في السجن، والآن صدور حكم آخر بحقه أصبح وشيكًا. فستعلن إحدى المحاكم البحرينية الثلاثاء حكمها بخصوص قضية هذا الناشط في مجال حقوق الإنسان.

تمّ اتّهام رجب بالإساءة إلى المؤسسات الحكومية بعد نشره لتغريدة على موقع تويتر يقول فيها إنّ عناصر القوّات الأمنية انضمت إلى ميليشيات "داعش" الإرهابية في العراق وسوريا. والآن قد يُحكم عليه بالسجن لمدّة ثلاث سنوات.

يعد رجب من بين الناشطين الشيعة البارزين في مجال حقوق الإنسان ولا يزال يدافع عن حقوق الأغلبية الدينية في البحرين منذ سنوات. وقد أكّد أنّ الصراع الذي يؤثر على بلده ليس دينيًا بل سياسيًا. ففي مقابلة سابقة له مع دويتشه فيله، قال رجب إنّ الصراع: "يدور حول الديمقراطية، والعدل، والمساواة، والحرية. الشعب يريد الديمقراطية. يريد برلمانًا يتمتّع بسلطة حقيقية، ويريد حكومة منتخبة".

وبالفعل، قمعت الأسرة الحاكمة في البحرين بشدة المعارضة على مر الأجيال: وفي نوفمبر/تشرين الثاني، اعتُقل السياسي الشيعي الشيخ علي سلمان بتهمة التحريض على قلب الحكومة "بالعنف، والتهديدات والوسائل غير المشروعة".

رجب 5

البحرين تواجه "داعش"

تتعلق محاكمة رجب بتحدٍّ وجودي بالنسبة إلى البحرين، لا سيما خطر تنظيم "داعش" الإرهابي. فالحكومة رفضت الاتّهامات التي تقول إنّ القوّات البحرينية الخاصة انضمت إلى القتال إلى جانب داعش. يمكن تبرير ذلك إلى حدٍّ ما؛ فهم، في نهاية المطاف، لا يحاربون باسم الحكومة. البحرين شريكة في الائتلاف الدولي الذي يحارب "داعش" في سوريا والعراق، بقيادة الولايات المتحدة.

مقطع فيديو لـ"داعش" نشر في سبتمبر/أيلول، أظهر أربعة جهاديين شبّان في الصحراء، مسلحين برشاشات كلاشينكوف. ورغم أن هذا النوع من المشاهد يعد شائعًا الآن، ولكنّ جنسية الجهاديين جديرة بالذكر: فجميع المقاتلين الذين ظهروا في الفيديو كانوا بحرينيين.

ومن بينهم كان محمّد عيسى البنعلي، وهو ضابط سابق في وزارة الداخلية البحرينية. وقبل ذلك ببضعة أسابيع، كان قد تم فصله من الخدمة الأمنية نتيجة "غيابه غير المشروع". ولكن الأهم من ذلك هو أنّ البنعلي انضم إلى صفوف مقاتلي داعش قبل ذلك بعدّة أشهر.

وفي الفيديو، يدعو البنعلي أفراد القوات العسكرية والأمنية إلى الانشقاق. ومن ثمّ يهاجم أسرة آل خليفة، التي تحكم البلاد منذ 200 عام.

إذ يقول إنّ "آل خليفة لا يحكمون بالشريعة، وهذا يعني أنّهم نصّبوا أنفسهم آلهة مع الله". وهو اتّهام يشاركه فيه تنظيم داعش.

تنظيم داعش يكسب موطئ قدم في البحرين

وفقًا لمعلومات تمّ الحصول عليها من موقع صحيفة ميدل إيست آي الإلكترونية، فعقيدة داعش تنتشر في البحرين منذ مدّة. ويُعتقد أنّه تمّ استيراد هذه العقيدة من ما يسمّى بالبحرينيين الجدد-عناصر الشرطة وقوات الأمن الذين تأتي بهم البحرين من دول أخرى، غالبًا من اليمن، وسوريا، والأردن، وباكستان.

وفي البحرين، يحصل هؤلاء على راتب أعلى بكثير من الذي كانوا يجنونه في بلادهم. وكانت الأسرة المالكة قد أملت أن ذلك سيشتري ولاءً محدّدا لعملهم، وهو تأمين حماية للأسرة الحاكمة. وفي الواقع، فإن نسبة من البحرينيين الجدد على الأقل يزرعون أفكار داعش ويبثّونها.

علي سلمان 5

في غضون ذلك، بدأ بحرينيون أصليون بأخذ هذه الأفكار. إذ صرّح أحد المسؤولين البحرينيين لصحيفة الميدل إيست آي، الذي تحدّث بشرط إخفاء هويته، أنّ "التهديد خطير جدًّا". وأردف قائلًا إنّ "هؤلاء أشخاص من داخل الأجهزة الأمنية، من الشرطة والقوات العسكرية. إنّهم يريدون تحويل البحرين إلى جزء من الخلافة الجديدة. ويرون أنّ آل خليفة هم العدو".

ويشير طلب المصدر بعدم الإفصاح عن هويته إلى أنّ الأسرة المالكة تريد إبقاء وجود داعش في البحرين طي الكتمان. فلو أنّه تمّ ترويج هذه الأخبار بشكل كبير، لاندفع المزيد من البحرينيين للانضمام إلى داعش. وقد أحبطت تغريدة نبيل رجب، عمليًا، استراتيجية الحكومة، والآن عليه أن يمثل أمام المحكمة نتيجةً لذلك.

إصلاحات؟ لا، شكرًا!

غير أنّ إصدار حكم قاس بحق الناشط في مجال حقوق الإنسان قد يزيد على الأرجح من حدّة خلاف الشيعة مع الأسرة المالكة. عندما انطلقت الانتفاضات العربية في العام 2011، شهدت البحرين احتجاجات متواصلة ضد أسرة آل خليفة. وقد أثار هذه الاحتجاجات، بالدرجة الأولى، البحرينيون الشيعة، الذين يشعرون أنّ الأسرة السنّية الحاكمة تهمّشهم.

ومع ذلك، لم تكن الأسرة المالكة مستعدة للقبول بالإصلاحات، استنادًا إلى السياسي البحريني علي الأسود. تخلّى الأسود عن تمثيله السياسي في فبراير/شباط 2011، احتجاجًا على قمع الحركة الديمقراطية السلمية.

وفي مقابلة له مع دويتشه فيله، قال الأسود إنّه "عندما تتحدّث عن المشاركة في السلطة، فأنت تتحدّث أيضًا عن النظام الملكي" وأضاف "حسب إدراكنا للأمور، يوجد في البحرين ملكية مطلقة، ليس هناك ملكية دستورية، وهي ما اتّفقنا عليه. بدلًا من ذلك، تعود كل السلطات إلى الأسرة الحاكمة، وهي تتحكم بكل البلاد."

تواجه الأسرة الحاكمة اليوم تحديا مزدوجا: مطالب معتدلة من قبل البحرينيين الشيعة وإعلان حرب من قبل داعش. وخطر الأخير، شهدته قوة الحماية في البحرين، وحليفتها الأقرب، السعودية، مؤخّرا. ففي أوائل يناير/كانون الثاني، قتل جهاديو داعش عنصرين من حرس حدود السعودية، من خلال عملية من الأراضي العراقية.

والآن، استهدف تنظيم داعش البحرين، وسيكون على الأسرة الحاكمة أن تدافع عن نفسها في وجه هذا التهديد. وكانت المهمّة ستكون أسهل بكثير لو أنّ الحكّام كانوا يتمتعون بدعم وولاء موحّد من الشعب.

 

20 يناير/كانون الثاني 2015

النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus