ميدل إيست آي: الناشط الحقوقي البحريني نبيل رجب ثابت على موقفه

2015-01-31 - 6:03 م

ألكس ماكدونلدز، ميدل إيست آي

ترجمة: مرآة البحرين

أمضى نبيل رجب أغلبية العقد الماضي وراء القضبان، أو رهن الإقامة الجبرية، أو ممنوعًا من السفر.

وكواحدد من أكثر الناشطين البحرينيين شهرة في مجال حقوق الإنسان، شكّل  رجب  شوكةً في عين أسرة آل خليفة الحاكمة. إذ أسّس مركز البحرين لحقوق الإنسان في العام 2002 مع ناشطين آخرين مطالبين بالديمقراطية، بمن فيهم المعتقل حاليًّا عبدالهادي الخواجة، وأصبح شخصية قيادية في الاحتجاجات التي زعزعت المملكة الخليجية الصغيرة منذ العام 2011.

وقد صرّح للميدل إيست آي، قائلًا: "إنّني رأيت أولادي يكبرون بينما كنت في السجن. تعوّدت على الأمر، على الرغم من أنّه من البشع جدًا والسيء رؤية أولادك يكبرون أثناء وجودك في السجن".

وفي الأوّل من أكتوبر/تشرين الأوّل 2014، تمّ اعتقال رجب مجدّدًا، بعد فترة وجيزة من عودته إلى البحرين من جولة محاضرات حول أوروبا، وتمّ اتّهامه هذه المرّة  "بإهانة مؤسسة عامّة والجيش" في تغريدة، بحسب زعمهم، ألمح فيها إلى أنّ المؤسسات الأمنية قد تكون "حاضنة" لنوعية الأيديولوجية الطائفية التي نشأ منها تنظيم داعش.

 

 

نبيل رجب

"الكثير من الرّجال البحرينيين الذين انضمّوا إلى #الإرهاب و #داعش أتوا من أجهزة الأمن وتلك الأجهزة هي الحاضنة الأولى لهذه العقيدة."

28 سبتمبر/أيلول 2014

ومع الحكم خلال محاكمته في في 20 يناير/كانون الثاني، قد يواجه حكمًا بالسّجن ست سنوات. وعلى الرغم من عدم اطمئنانه على الإطلاق لهذا الاحتمال، لاحظ رجب نوعًا من السخرية في حجم التغطية التي أثارها اعتقاله دوليًّا.

وقال لي في حديث على السكايب إنّه: "في كلّ مرّة يقمعوني فيها ويزجّوني في السجن، يزيدون من شهرتي".

وأضاف قائلاً: "هذا الواقع الذي يواجهونه الآن!"

سبق لموقع ميدل إيست آي أن أجرى مقابلة مع رجب في أغسطس/آب 2014، بعد فترة وجيزة من الإفراج عنه من السجن الذي أمضى فيه عامين بتهمة تنظيم "تجمّع غير قانوني". ومع فاصل قصير مماثل بين فترات سجنه، لا تعجبه فكرة العودة مُجَدّدًا إلى السجن، ولا الأثر الذي قد يتركه الأمر على عائلته.

إذ قال إن " أولاده يشعرون بالتوتر من احتمال دخول والدهم إلى السجن مجدّدًا. ولكنّهم فخورون بي وبعملي وبهذا النضال وبالدعم الذي أحظى به على المستويات المحلّية، والإقليمية، والدولية".

وأثار اعتقاله الأخير موجة سخط عالمية إذ طالبت  عدة حملات، أطلقتها منظمات وجمعيات خيرية، بالإفراج عنه.

يوم الجمعة، وقّعت 16 منظّمة غير حكومية، بمن فيها منظمة إندكس أون سنسورشيب، ومنظمة العفو الدولية وفريدوم هاوس، وبحرين ووتش، على رسالة، موجّهة إلى 47 دولة في المجتمع الدولي تدعوها إلى الضغط من أجل إسقاط التهم الموجّهة ضد رجب.

وذكرت العريضة أنّ: "التهم الموجّهة ضد رجب مخالفة للقانون بموجب التزامات البحرين بالقانون الدّولي لحقوق الإنسان وبقانون المجتمع الدّولي".

وورد في البيان أيضًا أنّ: "البحرين طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صادقت عليه البحرين في العام 2006. وتنصّ المادّة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أنّ الجميع يتمتّعون بالحقوق الأساسية في التعبير عن الرأي...ومن خلال ملاحقة رجب بسبب تصريحاته على تويتر، تنتهك الحكومة البحرينية التزاماتها الخاصّة مع المجتمع الدولي".

لكن يُشار إلى العلاقة الوثيقة بين المملكة الخليجية الصغيرة والكثير من الدول الغربية الأقوى كحاجز يحول دون تحقيق أي إصلاحات حقيقية. البحرين واحدة من الدول الكثيرة في المنطقة التي انضمت إلى الائتلاف ضد داعش في سورية والعراق (سافر كثير من البحرينيين للانضمام إلى صفوف الجماعة المسلّحة)، وقد تركت صفقة بين حكومتي البحرين والمملكة المتّحدة لبناء قاعدة بحرية جديدة في البلاد بعض المناصرين مُحبَطين.

وقال السيد أحمد الوداعي، مدير التوعية في معهد البحرين للحقوق والديمقراطية، في بيانٍ أصدر يوم الجمعة إنّ: التهم الموجّهة ضد نبيل رجب لا أساس لها وعلى وزارة الخارجية المطالبة بالإفراج عنه".

وأضاف: "لكنّ البحرين اشترت صمت بريطانيا على ما يبدو من خلال بناء قاعدة بحرية لها في الخليج".

وأدرك نبيل رجب أنّ هذه الخطوات الجديدة أضافت مكسبًا غير متوقع للحكومة البحرينية ووفّرت لها الحماية من أي ضغوط مقبلة.

وقال: "الآن، سيتم توجيه انتقادات أقل لهم، لأنّهم  يحتاجون إليهم في الحرب ضد داعش".

وأضاف قائلًا: "يظنّون أنّه الوقت المناسب لمواصلة القمع، من دون التعرّض للانتقاد من قبل المجتمع الدولي أو الحكومات الغربية، وهذا أمر صحيح تمامًا وهذا ما يحدث".

وقد أثار اعتقال الشيخ علي سلمان، أمين عام جمعية الوفاق-أكبر جماعة معارضة في البحرين-موجة جديدة من الاحتجاجات وأدّى إلى تفاقم القلق من تقلّص احتمال تحقيق أي إصلاحات في المملكة.

ويقول رجب إنّ: "كل أسرة شيعية لديها تقريبًا فرد أو فردين في السجن أو أحد أطلق عليه الرصاص، أو أصيب بجروح، أو قُتل. لذا الفجوة عميقة والجرح أعمق من عامين أو ثلاثة أعوام مضت. وتتّجه البحرين نحو المزيد من القمع".

وأضاف، مشيرًا إلى أن تنظيم الاحتجاجات التي تجري خارج العاصمة-على الرغم من أنّها مطابقة للقانون-أصبح صعبًا بسبب القمع: "للمرّة الأولى منذ استقلال البلاد [عام 1971]، صدر قانون في المنامة ينصّ على أنّ الاحتجاجات السلمية غير مسموح بها على الإطلاق".

وقد أثار احتمال ظهور استعداد للقتال المذهبي بين المواطنين السنّة مخاوف كبرى وسط ازدياد التعاطف مع داعش.

وأدّى قرار الحكومة باستجلاب الآلاف من دولٍ كباكستان واليمن وتجنيسهم- وهذا أمر يُزعم أنّه مؤامرة لتغيير الديموغرافية في بلدٍ فيه أغلبية شيعية-إلى تفاقم التوتّرات.

وكتب المحلّل في قسم حلول المخاطر في صحيفة الهافنغتون بوست، جورجيو كافيرو، يوم الخميس أنّ: "السياسة التي تتّبعها البحرين بتوظيف عناصر شرطة سنّة من الأردن وباكستان وسورية واليمن ومنحهم الجنسية قد تؤدّي إلى تغلغل أكبر لتأثير داعش داخل الجهاز الأمني الرسمي".

وأضاف: "هؤلاء "البحرينيون الجدد" الذين تمّ استجلابهم للانضمام إلى المؤسسات الأمنية في المملكة بالرواتب العالية مقارنةً بالتي كانوا يجنونها في بلادهم، تمّ توظيفهم من قبل الحكومة لترسيخ قبضة الأسرة الملكية على السلطة في ظل تفاقم الاضطراب الشيعي."

وحذّر قائلاً من أنّه "نظرًا إلى أنّ "البحرينيين الجدد" ليسوا مواطنين بحرينيين أصليين، فإنّه يوجد خطر من تحوّل ولائهم من النظام الملكي إلى "خلافة" البغدادي، مّما قد يؤدّي إلى عواقب وخيمة على الأمن في البلاد".

وصرّح رجب للميدل إيست آي أنّه يوافق على وجود سبب للقلق من ظهور جماعات طائفية متطرّفة في البحرين ترى أنّ الشيعة في البلاد "كفّار" يستحقّون الموت.

وقال أيضًا: "لا زلت أظن أنّ التطرّف والأصولية والجماعات الإرهابية الإسلامية تصبح أكثر تجذرًا هنا ولا بد من التطرّق لهذا الأمر. إنّه مستقبل بلادنا".

وأضاف: "قد نتعرّض لهجمات-فهذا تهديد للحكومة والشيعة معًا. وينبغي أن يحثّ هذا الحكومة على التفكير مليًا، والاستجابة لمطالب شعبها وإيجاد تسوية وحل سياسي للأزمة السياسية، قبل أن يصبح هذا الإرهاب خطرًا حقيقيًّا".

وعلى الرغم من مستقبل محزن محتمل في البحرين، في ظل مخاوف من وجود احتمالات بتأجّج الوضع أكثر في الخليج نتيجةً للاضطراب الحاصل في البلد الصغير، لا يزال رجب مصرًّا على استطاعته تحمّل تبعات قرار يوم الثلاثاء، مهما كانت.

وقال: "أنا مستعد لكل الاحتمالات وعائلتي أيضًا مستعدّة لذلك. عندما أتيت إلى البحرين، علمت أنّه قد يتم اعتقالي، على الرغم من أنّ الحكومة نفت وجود خطّة لديها للقيام بذلك".

وأكّد قائلاً: "إننّي مستعد لدفع ثمن هذا النضال-آمل أن لا يحدث شيء، ولكن في حال حصول أي أمر، لن يغيّر ذلك موقفي وسأواصل نضالي من أجل الحرية، والمساواة، والديمقراطية في البلاد".

التاريخ: 18 يناير/كانون الثاني 2015

النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus