فير بلانت: البحرين تظهر احتقارها للمدافعين عن حقوق الإنسان

2015-02-06 - 9:34 م

تمسين كايت واكر، موقع فير بلانت

ترجمة: مرآة البحرين

قد لا يكون الحكم على أبرز ناشط في البحرين بالسجن لمدّة ستة أشهر هذا الأسبوع أمرًا مفاجئًا كلّيًّا، ولكنّه يشير إلى تخلي الأسرة الحاكمة عن الادعاء على ما يبدو.

بمجرّد أن وطأت قدما نبيل رجب أرض الوطن في الخريف الماضي، صدر بحقّه أمر استدعاء أدّى إلى اعتقاله لاحقًا. والسبب الرسمي وراء ذلك تغريدة له على موقع تويتر قال فيها إنّ "الكثير من الرّجال البحرينيين الذين انضمّوا إلى #الإرهاب و #داعش أتوا من أجهزة الأمن وتلك الأجهزة هي الحاضنة الأولى لهذه العقيدة."

أطلق سراحه لاحقًا بانتظار محاكمته، التي بعد تأجيلها الأساسي،  تم إجراؤها يوم الثلاثاء. وعقب إدانته بنشر "إدّعاءات كاذبة مفادها أنّ وزارتين كانتا تلعبان دور الحاضنة، مّما أدّى إلى انضمام موظّفين سابقين إلى الجماعات الإرهابية والمتطرّفة في الخارج،" حُكم عليه بالسجن لمدّة ستّة أشهر.

غير أنّ المدافعين عن حقوق الإنسان يشعرون أنّ ارتباط المحاكمة، وقرار المحكمة، والحكم بالتغريدة الشهيرة ليس إلّا ارتباطًا صغيرًا جدًا، وأنّها مرتبطة تمامًا بالنهج الذي تجده الأسرة الحاكمة في البحرين الأنسب لزجّ الناقدين، الذين يعبّرون عن آرائهم بصراحة، في السجون.

وقال سيد يوسف المحافظة، نائب رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان: "إنّه الناشط الوحيد الذي بقي خارج السجن. لذلك، كان هذا الأمر سيحدث، وهو كان يعلم ذلك".

من الممكن أن يتجنّب رجب السجن من خلال دفع كفالة تبلغ قيمتها 200 دينار بحريني (أي 400 جنيه استرليني) في حين يتم رفع القضية إلى محكمة الاستئناف، ولكنّ المحافظة يقول إنّ المقاربة جزء من استراتيجية متلاعبة على المدى الطويل.

وصرّح لموقع فير بلانت أنّ: "هذا لا يعني أنّهم سيسقطون القضية، بل أنّ رجب سينتظر صدور قرار الحكم الثاني. كان هناك الكثير من الضغوط الدولية المطالبة بإسقاط هذه التهم، لذلك أرادت الحكومة أن تهدّئ الأوضاع إلى حين صدور حكم آخر بحقّه".

قد يتطلّب ذلك أشهرًا عدّة، وفي هذه المدّة، سيكون رجب مُقَيّدًا بقرار حظر سفر صارم. إذ أن هناك أمر لا ترغب الأسرة الحاكمة بحدوثه أبدًا، وهو إفساح المجال أمام أبرز ناشط في المملكة لحشد الدعم من صانعي السياسات في أوروبا والولايات المتّحدة.

وهذا ما كان يفعله بالتّحديد في الأسابيع التي سبقت اعتقاله في أكتوبر/تشرين الأول. بعد وقت قصير من خروجه من السجن بعد قضائه عامين خلف القضبان على خلفية دوره في التظاهرات المطالبة بالديمقراطية في العام 2011، أمضى نبيل رجب أسابيع عدّة في جولة مناصرة حول أوروبا، حيث التقى بوزراء خارجية وخاطب حكومات ومجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.

وبالفعل بفضل موقفه وشهرته كمتظاهر سلمي، أثارت التهم الموجّهة إليه موجة من الردود تتطالب الأسرة الحاكمة في البحرين بالتراجع عن قرارها. وحتّى أنّ واشنطن أعربت عن موقفها بشكل واضح.

وقال براين دولي، وهو خبير في منطقة الخليج في منظمة هيومن رايتس فيرست إنّ "الولايات المتحدة عامةً تقيّد نفسها بالمطالبة باتّباع الأصول القانونية والشفافية والمسارعة في اتّخاذ القرار، لذلك، فإنّ انتقادها للقضية نفسها، على النحو الصحيح تقريبًا، ومطالبتها بإسقاط التهم يفيدان عن تخطيها حدود الموقف الذي تعلن عنه عادةً".

وفي حين يرحّب دولي بموقف أكثر وضوحًا من واشنطن، يقول إنّ واقع كون الحكومة في البحرين لم تواصل القضية فحسب بل أصدرت حكم إدانة أيضًا،  يشير إلى تطوّر مقلق بدأ قبيل الانتخابات في نوفمبر/تشرين الثاني واستمر منذ ذلك الحين.

ويقتبس تصريحًا لزينب الخواجة التي قالت: "كنّا نظن أنّه سيظهر جو سياسي معيّن جديد عقب الانتخابات، وقد حدث ذلك ولكنّه أسوأ ما يكون". حُكِم على الخواجة بالسجن لمدّة ثلاث سنوات في ديسمبر/كانون الأول بعد قيامها بتمزيق صورة للملك حمد بن عيسى آل خليفة وحكم على أختها مريم بالسجن لمدة سنة غيابيًا في الفترة نفسها تقريبًا.

وأضاف دولي: "لكن الخطوة الأكبر على الإطلاق تمثلت ربّما في اعتقال القائد الأساسي للمعارضة، علي سلمان، الذي لا يزال قيد المحاكمة. يبدو أنّه تمّ وضع قاعدة جديدة مفادها أنّ لا قواعد بعد اليوم بخصوص الجهات التي يتم استهدافها."

لم يكن أحد يتخيّل أنّ الحكومة ستعتقل ناشطًا له علاقات مع الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان بقدر نبيل رجب. إذ قال المحافظة: "إنّه أكثر شهرة من أعضاء الحكومة. لذلك لم يعتقد الناس أنّ الأسرة الحاكمة ستتجاوز هذا الخط".

ولكنّها فعلت ذلك، أكثر من مرة. وباعتقالها لقائد الجماعة المعارضة أيضًا، فهي ترسل رسالة واضحة مفادها أنّها غيّرت قواعد اللعبة وأنّها جاهزة لإحكام قبضتها.

وصرّح براين دولي لفير بلانت بأنّ: "اعتقال علي سلمان هو الخطوة الأولى الكبرى من أجل القضاء على المعارضة. فإنّ المجال الذي يسمح للجمعيات المدنية في التعبير عن آرائها وانتقاداتها للحكومة يتناقص شيئًا فشيئًا. بات المجال ضيّقًا الآن".

ومهما كان هذا المجال ضيّقًا، يصر سيد يوسف المحافظة على أنّ المعارضة لن تخيفها حكومة ما تزال تحظى برئيس الوزراء ذاته، خليفة بن سلمان آل خليفة، منذ العام 1971. حكومة ما تزال، استنادًا إلى مركز البحرين لحقوق الإنسان، تحتجز أكثر من 3000 سجين رأي في سجون البلاد. ويؤكّد أنّ وقائع كهذه تعبّر عن واقع الحال.

وأضاف قائلًا: "إنّ اعتقال الناشطين السلميين لن يغيّر حقيقة أنّ البحرين دولة تنتهك حقوق الإنسان".

النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus