بيل لو: نهاية أسبوع حافلة في البحرين

2015-02-10 - 11:29 م

بيل لو، موقع العربي
ترجمة: مرآة البحرين

أولًا، تمّ إسقاط جنسية 72 مواطنًا. ومن ثمّ إيقاف بث محطة وحدة عربية جديدة بُعيد إطلاقها.

تبيّن أنّ نهاية الأسبوع كانت حافلة بالنسبة للبحرين. فتمّ، أولًا إعلان سحب جنسية 72 بحرينيًا. وفي أعقاب ذلك القرار، أغلقت قناة العرب الإخبارية بُعيد ساعاتٍ فقط من افتتاحها الذي كان مرتقبًا بشدّة يوم الأحد.

لذا، بالنسبة إلى دولة تسعى إلى إظهار أنّها تسير على طريق الإصلاح، تشير هاتان الحادثتان إلى أنّ الطريق نفسها لا تتخلّلها بعض العقبات فقط بل تحوي الكثير من المنعرجات والمنعطفات.
ومن المثير للاهتمام قائمة أسماء الذين باتوا عديمي الجنسية.

إذ ينحدر أربعة منهم من أسرة كبيرة ذات نفوذ، البنعلي. لدى هذه الأسرة ممتلكات تجارية كثيرة وعلاقات وطيدة مع حكّام البحرين، آل خليفة. وأبرز هؤلاء الأربعة تركي البنعلي، وهو رجل دين يُعرف بـ"إمام الدولة الإسلامية".

وأخوه الأصغر، علي، موجود على اللائحة أيضًا، بالإضافة إلى اثنين من أقاربه. وقد برز هذان الاثنان في فيديو تمّ نشره في سبتمبر/أيلول من العام الماضي، دانوا فيه الأسرة الحاكمة. وكان الفيديو ردًا على قرار البحرين بالانضمام إلى التحالف ضد تنظيم داعش ويحثّ البحرينيين السنّة على "الانشقاق عن آل خليفة. فهم لا يحكمون بالشريعة ممّا يعني أنّهم نصّبوا أنفسهم آلهة مع الله".

وهذا مساوٍ لتسمية الأسرة الحاكمة بالكفّار. ووفقًا لتنظيم داعش، مصير هؤلاء الكفّار الموت، ويُفضّل أن يكون ذلك بحدّ السيف.

أحد الذين ذُكروا على اللائحة، عبدالعزيز الجودر، لم يعد، في كل الأحوال، بحاجة إلى جنسيّته. إذ قيل إنّه فجّر نفسه على حاجز أمني في العراق الأسبوع الفائت.

وعمومًا، تمّ ذكر عشرين مقاتلًا على الأقل من الذين يشاركون في المعارك في سورية والعراق، ويثير هذا العدد القلق نوعًا ما، بما أنّ مجتمع السنّة الأصليين الذي ينتمون إليه يتألّف من حولي 200,000 فرد. وهذا قياس للمكانة التي يحتلّها تنظيم داعش داخل هذا المجتمع، الذي لا يعتبرهم إرهابيين بل أبطال حركة التّمرّد السنّية ضد الطغاة الشيعة.

وبالتأكيد، يستطيع المرء تفهّم ودعم قرار سحب الجنسية من جماعة من المتطرّفين المتوحّشين، الذين قد تخلّوا عن انتمائهم للبحرين، في الأصل، بانضمامهم إلى داعش.

غير أنّ القائمة تضمّنت الكثير من الأسماء الأخرى- منهم نوّاب سابقون، وشخصيّات معارضة في المنفى أو في سجون البحرين، ومدوّنون، وحتّى أنّها شملت بعض الذين حصلوا على الجنسية القطرية. وهؤلاء ليسوا إرهابيين عنيفين، بل، على الأغلب، مجرّد أشخاص تحدّوا سلطة الحكومة بطريقة أو بأخرى.

ومن بين الأسباب المذكورة لسحب الجنسية الأمور التالية : "تشويه صورة النظام، والتآمر على النظام ونشر أخبار كاذبة لإعاقة أحكام الدستور". وكذلك " الإساءة إلى بعض الدول الشقيقة (دول مجلس التعاون الخليجي)".

كان والدي من المناصرين الشديدين للوضوح والدقّة. ولو كان حيًّا اليوم، لقال إنّ هذا الكلام مبهم بشكل كبير، إلى درجة أنّه يسمح بمرور شاحنة من خلاله. وهذه الغاية من وراء ذلك بالتحديد.
خلط أسماء المعارضين السلميين للنظام مع أسماء القتلة ومناصريهم محاولةٌ قاسية لإسكات المعارضة الشرعية. ولا بد أن تواجه (هذه الخطوة) نظرات الاحتقار الذي تستحقّها.

ومع ذلك، من وجهة نظر السلطات، لا بد أنّها بدت حيلة بارعة.

لذا، كم يزعج الحكومة ظهور شخصية قيادية في المعارضة، خليل المرزوق، على أوّل قناة إخبارية مستقلة في البحرين، قناة العرب، في اليوم الأوّل من إطلاقها.

الآن اتضحت الصورة أمامكم...

يملك الأمير السعودي الملياردير الوليد بن طلال قناة العرب. ويشغل منصب مديرها العام ورئيس تحريرها الصحفي السعودي البارز جمال الخاشقجي. وقبل إطلاقها، صرّح لصحيفة النيويورك تايمز: "سنأتي بكل الأطراف في كل نزاع لأنّنا الآن نشهد نزاعًا في كل دولة عربية تقريبًا".

بدا وكأنّ قناة العرب كانت حلًّا جيّدًا لمسألتين: الطبيعة المُقَيّدة للإعلام الخاضع للحكومة في السعودية والمطالبة المستمرة بالحصول على قناة تليفزيونية مستقلة غير حكومية في البحرين.

وقد تعرّض جمال خاشقجي للتضييق، إذ خضع لمراقبة المؤسسة الدينية السعودية لعدّة سنوات. فأجبر على التّخلي عن منصبه كرئيس تحرير أبرز صحيفة في البلاد، صحيفة الوطن، مرّتين بسبب نشره مقالات اعتُبرت متحرّرة أكثر من اللزوم.

وتعهّد البحرينيون، من جهتهم، بإصلاح الإعلام إثر تحقيق بالغ الأهمية في انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها الحكومة عندما قمعت، بالقوّة، الانتفاضة السلمية بأغلبها في العام 2011. ودعت اللّجنة البحرينية المستقلة لتقصّي الحقائق، التي يترأسّها المصري شريف بسيوني، من بين أمور أخرى، إلى تحقيق إصلاح شامل في الإعلام الذي تسيطر عليه الدولة، الذي حرّض على الكراهية الطائفية.

لذلك، يؤمن وضع هذه الشبكة الإخبارية في البحرين متنفّسًا لقناة العرب بعيدًا عن السلطات السعودية ويحقّق شيئًا من قائمة الإصلاحات المتّفق عليها في البحرين. كما يضاعف المكاسب من كل الجهات.

ولكنّ سرعان ما باءت هذه الفكرة المفيدة بالفشل بعد المقابلة مع المرزوق. إذ عبّر أنور عبد الرحمن، رئيس تحرير أخبار الخليج، عن استيائه في الطبعة الصادرة يوم الأحد من الصحيفة التي تربطها علاقات وطيدة برئيس الحكومة البحرينية، واصفًا المرزوق بـ "المتطرّف حتّى النخاع". وأشار إلى أن ذلك يثير التساؤلات: هل قناة العرب عربية حقًّا؟"

وعلى الرغم من أنّ الأسباب التي أدّت إلى إيقاف بث القناة وفقًا للإعلان الرّسمي من وزارة شؤون الإعلام هي "أسباب إدارية وتقنية"، لم يقبل أحد بهذا الكلام.

ستعود القناة بلا شك. سيسعى الأمير الوليد بن طلال لتحقيق ذلك. فهو يحتل المرتبة الـ 26 من بين أغنياء العالم. وهذا القدر من المال يجلب الكثير من النفوذ. ولا بد من أن تستجيب الحكومة له. ولكن عندما تعود قناة العرب، هل "ستأتي بكل أطراف النزاع" في البحرين؟

قال لي أحد المعارضين في المنفى في لندن إنّ: "قناة العرب ستعود. ولعلّها ستنجح في تغطية النزاعات في العالم العربي". ومن ثمّ هزّ كتفيْه وضحك ضحكة أظهرت امتعاضه، وهو يقول: "ولكنّها لن تتناول البحرين".

 

3 فبراير/شباط 2015
النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus