موقع الجزيرة الإنكليزية:أسماء درويش: طالبوا البحرين، حليفة الولايات المتحدة، بإطلاق سراح زوجي

2015-03-10 - 6:55 م

أسماء درويش، موقع الجزيرة الإنكليزية

ترجمة: مرآة البحرين

في فبراير/ شباط 2011، احتشد مئات الآلاف من البحرينيين في دوار اللؤلؤة في عاصمة البحرين، المنامة للمطالبة بإصلاح سياسي وووضع حدّ للتمييز الطائفي. رد النظام الملكي باستخدام القوة، مزيلًا خيم المتظاهرين ومعلنًا الأحكام العرفية. كان اعتقال الناشطين أمرًا يوميًا. وانبثقت تقارير عن التعذيب من داخل مراكز الاحتجاز وسجون المملكة المكتظة.

حوّل رد الحكومة العنيف على التظاهرات السلمية الكبيرة عدد من البحرينيين، ومن ضمنهم أنا، إلى ناشطين بين ليلة وضحاها. أضربت عن الطعام لمدة 12 يومًا بعد اعتقال أخي بسبب مشاركته في تجمع في دوار اللؤلؤة. وفي يوليو/ تموز، نظمت اعتصامًا في مكتب الأمم المتحدة في المنامة مع الناشطتين زينب الخواجة وسوسن جواد، وتم اعتقالنا على الفور.

قابلت زوجي المستقبلي، حسين جواد، في تلك الأيام الصاخبة. كان حسين ناشطًا بارزًا في مجال حقوق الإنسان ومعروفًا بخطاباته الحماسية التي تدعو إلى إصلاح الحكومة. في اليوم الذي تم اعتقالي فيه، هاتف حسين الأمم المتحدة في نيويورك لست ساعات متواصلة مطالبًا بإطلاق سراحي.

وبعد أن أطلقت السلطات سراحي، أصبحنا أصدقاء وزملاء. وسرعان ما اعترف أن اهتمامه بي يتجاوز الجانب المهني، وطلب الزواج منّي في آواخر شهر يوليو/ تموز. تكلمت مع والدي الذي كان يعرف عن تاريخ حسين وعائلته ونشاطهم في مجال الحقوق المدنية. وعندما زارنا حسين في منزلنا، أخبره والدي أنه الرجل الذي أراد لابنته أن تتزوجه.

وبعد أقل من سنة على خطوبتنا، أسّسنا المنظمة الأوروبية البحرينية لحقوق الإنسان حيث كنت رئيسة قسم المعلومات وشئون الإعلام وكان حسين رئيسها. تزوجنا في 9 سبتمبر/ أيلول 2011،  ونظرًا  للاحتجاجات المستمرة في البحرين والالتزامات التي اخترناها، كان من الصعب علينا تقديم زفافنا.

أسّسنا زواجنا ومجموعة حقوق الإنسان الخاصة بنا في الوقت نفسه. حسين  شخصٌ مثابر بشكل لا يصدق. في البداية، كنت أشعر بالغيرة بسبب الوقت الذي يمضيه متكلمًا على الهاتف مع الضحايا وعائلاتهم. وفي بعض الأحيان في الليل عندما كان يظن أنني نائمة، كان يتسلل من السرير ليكمل عمله. ولأنه كان يدرك مدى انزعاجي، قال لي "تخيلي أن تلجأي المرة المقبلة التي أُعتَقَل فيها إلى مدافع عن حقوق الإنسان ولا يرد على اتصالك. تخيلي أن يخذولك ويرفضوا مساعدتك. لن أسمح بهذا الأمر أن يحصل لك أو لأي عائلة. لذلك أنا أعمل طوال الليل".

في فبراير/ شباط 2013، أنجبت إبني برويز. وعندما كان في الشهر الرابع من عمره، شخص الأطباء إصابته  بمرض في القلب يهدد حياته وتلقى علاجًا على مدى أشهر تمهيدًا لخضوعه لعملية جراحية.

اعتقل حسين في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني بسبب خطابٍ ألقاه في حشد كبير في المنامة في أوائل الشهر نفسه حثّ فيه البحرينيين على الاستمرار في احتجاجاتهم السلمية واتُهم بالتحريض على كراهية النظام وإهانة الملكية.

وبعد قضائه 46 يومًا في السجن، أطلق سراحه أخيرًا على الرغم من أنه كان ما يزال يواجه تهمًا. وخشي حسين أن تتم مداهمة منزلنا مرة أخرى، فسافر إلى لندن لثمانية أشهر في محاولةٍ لحماية عائلتنا.

قدّم طلب لجوء (رفض) إلى المملكة المتحدة واستمر بالدعوة إلى الإصلاح السياسي من الخارج. اهتممت ببرويز على مدى أشهر من الزيارات المستمرة إلى المستشفى. ومن خلال اتصال سيء النوعية عبر الإنترنت، ومجموعة من الصور عبر الواتساب، راقب حسين تدهور صحة ابننا.

شعر حسين أن البقاء بعيدًا عن بلده أسوأ من المكوث في السجن، لذا ما كان منه إلا أن عاد أدراجه في أغسطس/ آب 2014 بعد أسابيع على عملية برويز الأخيرة، إلا إنه لم يخش الاعتقال في البحرين بقدر ما خشي من عودة المداهمات الليلية التي سنضطر لتحملها بسبب وجوده.

وقد كان محقًا في قلقه، إذ تمت مداهمة منزلنا حوالى الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل في 16 فبراير/ شباط، واختُطِف حسين على يد رجال ملثمين يرتدون ثيابًا مدنية. صادر هؤلاء الرجال هاتفه وجواز سفره. وشاهدتهم يسوقون حسين ويضعونه في شاحنة تنتظر بالخارج في حين كنت أحمل برويز. أخبرني لاحقًا كيف كان الضباط يتبادلون توجيه الشّتائم إليه ويلقبونه بالحمار والكلب والبقرة تارةً ويشتمون جنيف والمدافعين عن حقوق الإنسان وطائفته تارةً أخرى. وعلى مدى أكثر من تسع ساعات، رفض الضبّاط طلبه بالدخول إلى الحمام أثناء تجولهم به في الجزيرة.

في وقت متأخر من ذلك اليوم، تمكنت من التحدث إليه باختصار عبر الهاتف وسألته عما إذا كان قد تعرض للأذى، فأجابني بنعم وانقطع الاتصال عندها.

وأكّد حسين لاحقًا تعرضه للتعذيب الجسدي والجنسي والنفسي في مديرية التحقيقات الجنائية وذلك قبل تحويله إلى النيابة العامة. تستخدم مديرية التحقيقات الجنائية التعذيب لانتزاع اعترافات كاذبة من الناشطين الأبرياء. في البداية، أنكر حسين جميع التهم التي وجهت إليه ولكن استمر الاعتداء عليه، بما في ذلك توجيه تهديدات لي ولابننا. وفي تحقيق لاحق، اعترف حسين بـ "جمع الأموال داخل البحرين وخارجها لمساعدة وتحريض المُخَربين".

منذ اعتقال حسين، لاحظت أن حالته على الواتساب تحولت إلى "متصل" عدة مرات. أعتقد أن أحدًا من مديرية التحقيقات الجنائية كان يتفحص هاتف حسين ويقرأ رسائله. في الواقع، عندما اتصل بي حسين في المرة الأخيرة في المنزل، أخبرني كيف هنأه موظفو مديرية التحقيقات الجنائية بتهكم على  "زواجه المثالي" وكانوا  يقرأون رسائلنا الخاصة بصوتٍ عالٍ.

في 24 فبراير/ شباط، حضّرت أفضل ثياب برويز تمهيدًا لرؤية حسين. وفي اليوم التالي، وصلنا إلى السجن قبل نصف ساعة من موعد زيارتنا المحدد وسُمح لنا بزيارته لمدة 25 دقيقة، وكان حاجز من الزجاج يفصل بيننا. بدا حسين متعبًا وقد فقد الكثير من وزنه. اشتكى من ألمٍ في عينيه نتيجة تعصيبهما ومن ألمٍ في رجليه وظهره بسبب وقوفه المستمر أثناء احتجازه في مديرية التحقيقات الجنائية.

نُقل حسين إلى النيابة العامة في 26 فبراير/ شباط ولكن، حدث ما كنت أخشاه، تم تمديد اعتقاله لـ 15 يومًا إضافيًا بانتظار إجراء المزيد من التحقيقات. وتم تأجيل جلسة محاكمته المحددة سلفًا والمتعلقة بقضيته السابقة.

أبعدتني جدران السجن عن حسين أو حالت بيننا قارة كاملة لمدة تجاوزت نصف فترة زواجنا. عندما يكون في السجن، أمر من هناك وأفكر بسبب فصلنا وعواقب ذلك. السلطة المطلقة لحكومة البحرين على شعبنا تعني أنه يمكنها أن تأخذ زوجي مني ومن ابننا في منتصف الليل من دون تقديم شروحات.

حسين زوج لطيف وأب رائع. أريده أن يعود إلينا.  

ملاحظة: كتبت أسماء درويش هذه الافتتاحية بمساعدة إيرين كيلبرايد

أسماء درويش هي رئيسة قسم المعلومات وشئون الإعلام في المنطمة الأوروبية البحرينية لحقوق الإنسان وهي متزوجة من رئيس المنظمة، حسين جواد، وأم لطفل في الثانية من عمره، برويز.

النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus