العائلة الحاكمة في البحرين من منظور أمريكي: ملك مستبد مريض، وولي عهد إصلاحي يعيش البذخ
2015-03-23 - 7:03 م
مرآة البحرين (خاص): شرطة يدخلون منزلاً وتطأ أقدامهم على زجاجٍ مكسور جراء تعرضه لحادث سرقة. يعود البيت لأحد الدبلوماسيين في واشنطن، يسمعون صوتاً من الداخل، وبعد تعقب الأثر يعثرون على امرأة كبيرة في غرفةً مُقفلة من الخارج، وأثناء أخذها للخارج يصادف وصول الدبلوماسي للمنزل، يسأل ما الذي تفعلونه داخل منزلي، يجيب أحدهم: سيدي هل هذا منزلك؟ يجيب: نعم. فيقول له: منزلك تعرض للسرقة سيدي، فيما يسأله شرطي آخر: ماذا تفعل باحتجازك هذه السيدة كمُعتقلة؟ فيرد: أنا دبلوماسي من مملكة البحرين وأطالب بالحصانة الدبلوماسية.
بهذه المشاهد تبدأ الحلقة الثالثة عشرة من مسلسل Madam Secretary (السيدة وزيرة الخارجية)، المسلسل الجديد الذي بدأت قناة سي بي إس الأمريكية عرضه العام الماضي 2014، ولم ينته موسمه الأول حتى الآن، حقق مشاهدات عالية، ففي فبراير/شباط 2015، ووفق تقارير صحفية اعتبر المسلسل الأعلى مشاهدةً في الولايات المتحدة الأمريكية بواقع 14 مليون مشاهد.
المسلسل من بطولة الأمريكية تيا ليوني التي تؤدي دور "إليزابيث ماكورد" الموظفة السابقة في إدارة المخابرات المركزية السي آي إيه؛ عرض عليها الرئيس الأمريكي منصب وزيرة الخارجية بعد مقتل وزير الخارجية الأمريكي في حادث تحطم طائرة غامض.
الدبلوماسي البحريني والحصانة
يحاكي المسلسل أحداث تجري حالياً حول العالم، يتناول في إحدى حلقاته التقدم الحاصل في مفاوضات الملف النووي الإيراني، وفي أخرى قضية "داعش" وتهديدها للسلم العالمي، إلا أنه وبشكل مفاجئ تناول في إحدى حلقاته على غير العادة البحرين والأسرة الحاكمة.
الحلقة التي تم عرضها في 11 يناير/كانون الثاني 2015، كانت مُلفتة، أحد الدبلوماسيين وأبناء الأسرة الحاكمة في البحرين، يحتجز خادمته الأندونيسية لمدة ثلاث سنين في غرفة يتم إقفالها بإحكام، ويصادر جوازها كي لا تتمكن من السفر.
تحاشى المسلسل ذكر اسم آل خليفة كأسرة حاكمة للبحرين، واستبدل ذلك باسم "حساني" لتلافي أي ملاحقة قضائية قد يتعرض لها من قبل النظام، إلا أنه لا يُغيّر من واقع الإسقاطات شيئاً.
في المسلسل يهرب القنصل البحريني ويلجأ لسفارة بلاده، لكن الوزيرة تقرر رفض حصانته الدبلوماسية، رغم تذكير مستشاريها بوجود أسطول أمريكي، وقاعدة أمريكية في المنامة تتخذ موقعاً جغرافياً مهمّاً بين إيران والعراق، كلّفت صيانتها وتحديثها أكثر من مليار دولار.
يحاول الدبلوماسي الهروب على متن طائرة خاصة متجهة لقطر وليس البحرين كطريقة مموهة لإبعاد أنظار الحكومة الأمريكية عنه، لكن وزيرة الخارجية تقرر إلقاء القبض عليه، بما أنه أصبح خارج مبنى السفارة البحرينية، وهنا يذكرها مستشاروها إن هذه لعبة خطرة قد تعرض استراتيجية الولايات المتحدة في الخليج للخطر، حيث إنها تعتمد بشكل أساسي على التواجد الأمريكي في المنامة، لكن الوزيرة لا تكترث للأمر وتقرر المخاطرة، وبالفعل يتم القبض على الدبلوماسي البحريني إثر ذلك.
ولي العهد البحريني: اعتاد أخذ ما يريد
يصل ولي العهد البحريني لواشنطن بعد اعتقال الدبلوماسي، يُعرّفه أحد مستشاري الوزيرة بالشخص الليبرالي الذي "يملك أكثر من 100 قصر كل واحد فيهم بني بمواصفات خاصة، كما يملك أسطولاً من اليخوت المُصنّعة بكميات محدودة، وعندما يرغب ولي العهد البحريني بأكل البيتزا، فإنها تأتيه من روما (عاصمة إيطاليا) مباشرةً"، مُعلّقاً إن الرجل (ولي العهد) اعتاد أخذ ما يريد، فترد الوزيرة، ربما ما تقوله صحيح لكنني أعلم أنه (حساس للغاية).
تصل أدميرال في الجيش الأمريكي للقاء وزيرة الخارجية، تطلب منها إطلاق سراح القنصل البحريني، ترفض الوزيرة ذلك، فتُذكرها الأدميرال بقاعدة الولايات المتحدة في البحرين، ترد الوزيرة إنها على علم بالأهمية الاستراتيجية للقاعدة وكلفة تحديثها التي بلغت أكثر من مليار دولار، فترد الأدميرال "أريد تذكيرك أيضاً بموقع الدفاع الذي تتخذه هذه القاعدة بالنسبة لنا، في قبالة إيران والعراق، للتأكد من أنك لن تفطري به"، ترد عليها الوزيرة إن الولايات المتحدة قائمة على احترام حقوق الإنسان والتي لا تُقدر بثمن، "وأنا مستعدة للدفاع عنها في قبال منشأة عسكرية"، تتمنى الأدميرال أن لا تقوم البحرين بخطوة انتقامية على إثر ذلك، وإلا فإنها مضطرة لإشعار الرئيس بذلك، وتغادر المكتب.
ولي العهد البحريني وقانون 56
يدخل ولي عهد البحرين مكتب وزيرة الخارجية، يخاطبها بحدية "إنكم تحتجزون قنصل البحرين، ونحن لا يمكننا القبول بذلك"، فتذهب الوزيرة لمعانقته وهي تخاطبه "بدوت رسمياً للغاية"، يضحكان سوياً، وتقول الوزيرة إنهما درسا في الجامعة معاً، وبعد دردشة بسيطة، يدخل ولي العهد في صلب الموضوع "إنني في مأزق فعلاً، أريد منكم إطلاق سراح القنصل وإعادة حصانته الدبلوماسية له"، فترد الوزيرة "لا يمكنني إعادة الحصانة لأشخاص لم يكونوا مؤهلين للحصول عليها أساساً"، يخاطبها ولي العهد "إنهم دبلوماسيون بحرينيون، لا يمكنك معاملتهم كمجرمين عاديين"، ترفض الوزيرة ذلك وتذكره "هل رأيت كيف تعاملوا مع خادمتهم؟ كانت معاملةً حقيرة"، فيجيبها "إنها حالة استثنائية".
تُذكّره الوزيرة "هل نسيت المرسوم الملكي 56، الذي أعطى حصانة من المقاضاة لكل موظف حكومي انتهك حقوق الإنسان في البحرين؟"، فيرد عليها ولي العهد "لست بحاجة لمؤشرات حقوق الإنسان من بلد يسجن العرب بشكل غير قانوني في جزيرة (غوانتنامو)".
تجيب الوزيرة "حسناً انسَ المرسوم الملكي 56، نحن في الولايات المتحدة، لقد قام القنصل بكسر العديد من القوانين في بلادنا، ويجب عليه دفع الثمن"، يرد ولي العهد البحريني "دون حصانة؟ حسناً، ربما جنودك وبعض موظفي سفارتك سيتم مقاضاتهم لسبب أو لآخر لأنكم أزعجتم حكومة البحرين"، تجيبه الوزيرة "أعلم إن هذا التهديد غير حقيقي"، فيقول لها "أنا فقط أشير إلى أنني لا يمكنني ضمان أن لا تكون لتصرفاتكم عواقب في البحرين"، فتسأله الوزيرة غاضبةً "من الذي يتحدث الآن أنت أم والدك؟، استخدم نفوذك ضد المحافظين في الحُكم"، يرد عليها ولي العهد "ما زلت محتفظاً بآرائي وقناعاتي الخاصة"، فتجيبه "حسناً، قف في وجه والدك، دعه يوافق على التنازل عن الحصانة"، فيعدها أنه سوف يتحدث إلى والده، فتسأله عن والده (الملك) يجيبها "إنه طاعن في السن، ومريض، ويشارف على الموت"، تتأسف الوزيرة على ذلك، لكنها تقول "إن كان ما تقوله صحيحاً، فعزائي الوحيد هو أن الزعيم الجديد الذي سيأخذ مكانه، سيكون شخصاً جريئاً" في إشارة منها لولي العهد وملك المستقبل، الذي تدعوه لتناول العشاء في منزلها.
في اليوم التالي تتفاجأ الوزيرة إن حكومة البحرين، رفضت طلبها رفع الحصانة، وبدلاً من ذلك قامت بترقية القنصل إلى سكرتير أول في السفارة، وهو ما يخوّله الحصول على حصانة دبلوماسية دون إذن من أحد، ما اضطر الحكومة الأمريكية للإفراج عنه.
منافسي ينتظرون لحظة تعثري
يدخل ولي العهد منزل الوزيرة لحضور حفل العشاء، يحضر معه زجاجة نبيذ فاخرة على الطريقة الغربية، تأخذه الوزيره إلى مكتبها الخاص، وتتجادل معه، "أنا غاضبة لأنك سمحت لمتنهك حقوق إنسان أن يفلت من العقاب"، يجيبها "الأمر معقد جداً، مرض والدي أثّر على قبضة عائلتنا على السلطة، والمعارضة ستأخذ الأمر هذا كذريعة للدعوة إلى نظام جديد"، تحتج عليه الوزيرة "رجاءً، إن كنت تريد أن تكسر كلامي، فاحترمني وقم بذلك من دون تقديم أعذار"، يرد عليها "كنت أريد محاكمة القنصل في أمريكا، لكن والدي أقنعني إن الدفاع عن القنصل سيرسل رسالة قوية للشعب إنني أقف مع البحرين، إن يدي مقيّدة، والدي على فراش الموت، ومنافسيّ ينتظرون اللحظة التي أتعثّر فيها، الكثيرون في بلادي يعيبون علي دراستي في الغرب وأفكاري التقدمية، سأحدث تغييراً متى ما أصبحت ملكاً، فأعطيني تلك الفرصة"، تسأله الوزيرة "هل يمكنك ضمان معاقبة القنصل في البحرين ومقاضاته"، فلا يجيب ولي العهد وإنما نظراته تجيب بـ "لا"، فتستنكر الوزيرة ذلك، وينقطع الحديث ويتجهون لمأدبة العشاء.
ربما عبيدك على علم بذلك
هناك على المأدبة يسأله ابن الوزيرة الصغير عن القصر الذي يملكه، كم حمام في قصرك؟ هل لدى أطفالك حيوانات أليفه؟ وكم عددهم؟ يجيب ولي العهد لا أعلم، فيرد عليه والد زوج الوزيرة "ربما عبيدك على علم بذلك"، يستنكر الزوج تصرف والده، لكن ولي العهد يقول "أنا معتاد على هذا النقد، فأنا لست إنساناً معزولاً عن مجتمعي"، يجيبه والد زوج الوزيرة بسخرية "صاحب الشعبية، لكنها سيئة للغاية، لقد بنيت ثروتك على ظهور الفقراء والمظلومين، لا عجب أن الدبلوماسي يعامل خادمته كما يُعامل الرقيق"، يحدث إشكال داخل العائلة المجتمعة على المائدة، وينتهي بهدوء الجميع لتناول وجبة العشاء.
أثناء مغادرته المنزل تعتذر الوزيرة عما حصل على مأدبة العشاء، يبدي ولي العهد الشاب تفهمه لما حصل، وتحاول إقناعه بإجراء تغيير داخل بلاده، تذكره ببعض ما قال أيام الدراسة، يبتسم، يشكرها على العشاء ويغادر عائداً للبحرين.
وعندما نطق قُتل
يأتي مستشار الوزيرة يدعوها لمشاهدة مؤتمر صحفي مباشر لولي العهد البحريني في التلفزيون، يتوعد خلالها بمحاكمة ومقاضاة القنصل البحريني، وأما لأولئك الذين ينظرون لهذه الخطوة كتمرد على عائلتي، أقول لهم، إن بعض المعارضة جيدة، إذا كانت للوقوف للأسباب الصحيحة". لم ينته ولي العهد من كلامه حتى تم إطلاق النار عليه، وقتله.
يدخل المستشار وسكرتير الوزيرة لمكتبها وهي حائرة، يخبرونها بموعد الجنازة، تسألهم هل عرف القائمون بعملية الاغتيال، يجيب المستشار إنهم من الجناح المتطرف في المعارضة، ويضيف إن نص الكلمة التي ألقاها ولي العهد كان تم تسريبها مسبقاً، في الأثناء تدخل موظفة في الخارجية لتخبر الوزيرة إن طلبها حضور تشييع ولي العهد تم رفضه من قبل السلطات البحرينية، وهي ستضطر للجلوس في الجانب الخلفي من المسجد مع النساء، لأن المسموح به في المشاركة في التشييع فقط الرجال، ويشير إليها أحد الموظفين إن البحرين أوقفت شحنات خاصة بالقاعدة الأمريكية في المنامة من دخول البحرين.
تقرر الوزيرة أن تذهب للبحرين في زيارة غير رسمية للقاء الملك قبل التشييع، تصل للقصر وتلتقي الملك وتقدم له واجب العزاء، يشكرها الملك على ذلك، مع الحزن الشديد البادي على وجهه، وتتحدث الوزيرة مع الملك عن صداقتها بنجله منذ أيام الدراسة، تعود الوزيرة لأمريكا غائبةً عن مراسم التشييع، ولما تصل واشنطن، تخبرها الأدميرال إن البحرين سمحت مجدداً لشحنات متوقفة خاصة بالقاعدة العسكرية بالدخول للبحرين.