» رأي
يا علي
عباس المرشد - 2011-11-20 - 8:42 ص
عباس المرشد*
يا علي ..
لم تكن وحدك تدافع عن شرف هذا الشعب وتطالب بحقوقه، لكنك وحدك الذي جعلت من طريق الحق نارا وجمرا ولهبا وصمودا وشموخا. لم تكن وحدك بجسدك النحيل تواجه طوفان مرتزقة سُحلوا من كرامتهم، لكنك وحدك من فاق الباقين منا في طهريته وصفاء فكره وعلو همته. كنت تنظر للموت كصديق وكنت ترى الطريق واضحا وأن سبيل ذات الشوكة لا يمكن اجتيازه إلا عبر أجساد نحتت في شكلها وقالبها على قالب الشهامة والغيرة والعزة والكرامة.
يا علي...
أرى عيونك التي ظلت مفتوحة منذ 14 فبراير ها هي الآن تغمض تاركة وراءها أسئلة بحجم الوطن وأكبر منه، يداك اللتان ظلتا مقبوضتين ولم ترتجفا يوما، ولم ينلها التعب وهي تشمخ لسماء الكرامة تسدل اليوم بجانب صدرك المشع حرية وعزة، وكأنك في محضر ربك خاشعا تتلو صلوات الحرية والإباء، وظهرك المثقل بهموم هذه الأمة رغم صغر سنك، قد نقشت عليه جرائم حقد دفين وغل لا يشفى.
يا علي..
أتعرف أننا عالقون هنا نلتمس منك عزما وحبا للشهادة، ونتعلم منك -نحن الجهلة- فنون الكتابة بالجسد وقوانين البقاء على قيد الحياة، وتعلمنا كيف نعزف ألحان الفجر. علمتنا كثيرا وكنا غافلين عنك وعن الجلوس لدرسك والاستماع لصوتك مرفوعا بشعارات الثورة، وكنا نحسبها كأي شعار يرفع، وها نحن نعرف الآن أن شعارك كان مختلفا وأن جسدك لم يكن جسد طفل بل كان ملاكا طاهرا.
يا علي...
لقد حرّض ضدك من وجد الطاغوت والشيطان ظهيره وعشش في لحيته يوم أن كتب أنه سيقتل ويدوس بسيارته كل مواطن شريف يخرج مطالبا بحقوقه ومدافعا عن حرائر وطنه. كتب ذاك النكرة كتابته، وهو مطمئن أن يجد في جموع المرتزقة من يطلب الهدية بقتلك.
يا علي...
ليعرف العالم أن ذهابك ليس كالذاهبين وأن غيابك هو الحضور الذي نتوق إليه، لأنك كنت عليا وستبقى عليا، وأن قاتليك يتسافلون، وستأتي روحك معنا في يوم النصر، لتخبرنا أن مثواك أعلى من انتصارنا، وأنك مع السابقين تحفكم ملائكة السماء.
يا علي... لتسمح لي روحك أن أكون تلميذك درسك، وأن أنحني أمام حضورك، وأن أكون تابع نهجك المضيء ...
* كاتب بحريني.