المحامية البريطانية أبيغايل باخ: البحرين تخل بالاتفاقيات الدولية، وهناك آلية في بريطانيا تمكن عديمي الجنسية من الحصول على حقوق قانونية هناك.

2015-04-30 - 7:28 م

مرآة البحرين (خاص): أجرت مرآة البحرين، على هامش المؤتمر الدولي الحقوقي الرابع لمنتدى البحرين لحقوق الإنسان "البحرين: غياب العدالة وإخلال بالالتزامات الدولية"،" والذي نظّمه منتدى البحرين لحقوق الإنسان بالتعاون مع عدد من الشّركاء، مقابلة مع المحامية البريطانية المدافعة عن حقوق الإنسان "أبيغايل باخ"، تناولت فيها قضية المعارضين "عديمي الجنسية" "بسبب تعبيرهم عن آرائهم السياسية أو انتقادهم لانتهاكات حقوق الإنسان من قبل السلطات البحرينية".

مرآة البحرين: ماذا لديك بشأن  قضية "عديمي الجنسية" في البحرين؟

أبيغايل باخ: من المهم الاطلاع على الكثير من المعاهدات الدّولية التي لم تصدق البحرين عليها. من الواضح جدًا عند الاطلاع على هذا الملف أن البحرين كانت حذرة جدًا بالتأكد من عدم توقيعها على أي اتفاقية ذات سلطة قضائية ضدّها. وكذلك في اتفاقية الحقوق المدنية والسّياسية، التي خرقتها البحرين، هناك عدد من الاتفاقيات يمنح المحاكم الدولية السلطة لإيقاف البحرين. واتخذت الأخيرة سلسلة من الإجراءات لتجنب وجود أي سلطة دولية ضدها. وهي تخل بعدد من الاتفاقيات منها الاتفاقية بشأن وضع الأشخاص عديمي الجنسية واتفاقية خفض حالات انعدام الجنسية وهناك اتجاه قوي لدى المجتمع الدّولي حاليًا لمحاولة الحد من عملية إسقاط الجنسية، ومنع الحكومات من التصرف بهذه الطريقة. وأعتقد أنه ما زال يملك السلطة للقول بأن البحرين تخرق القانون الدولي وفقًا للمعايير القانونية الدولية العامة، وسيؤثر هذا طبعا على العلاقات التجارية، وكون البحرين لم تصدق على هذه الاتفاقيات لا يعني أنها من دون فائدة. أعتقد أنه يمكن الإفادة منها بطرق مختلفة.

المرآة: هل بالإمكان فعل أي شيء لعديمي الجنسية؟

باخ: نعم بالطبع. من الأمور المساعدة في هذا المجال الاطلاع على القوانين الدولية حول انعدام الجنسية، وبشكل خاص في أوروبا. يمكن لذلك مساعدة الأشخاص إذا تُرِكوا من دون حق اللجوء إلى القضاء، وهذا ليس مثاليًا، ولكن يمكنهم الحصول على المساعدة في بلدان وقعت على الاتفاقية حول عديمي الجنسية. فإذا كانوا يريدون على سبيل المثال السفر إلى أوروبا أو إلى المملكة المتحدة، هناك آلية يمكنهم تطبيقها تسمح لهم بالبقاء في المملكة المتحدة والحصول على حقوق قانونية هناك، حيث إن المملكة المتحدة وقعت على هذه الاتفاقيات المتعددة والمختلفة.

المرآة: بالحديث عن المملكة المتحدة، نجد أنها لم تمنح اللجوء السياسي إلى حسين جواد برويز، الذي لم يصبح عديم الجنسية بعد، نظرًا لعلاقتها الوثيقة مع البحرين. ما أسباب ذلك برأيك؟

باخ: هذه نقطة مهمة. قد يكون  السبب الرئيسي لعدم منحه اللجوء السياسي هو أنه لم يصبح عديم الجنسية بعد. ولكني لست مطلعة  بعد على التفاصيل. ولكني أعتقد أنكم أثرتم نقطة مهمة بالحديث عن العلاقات الوثيقة بين بريطانيا والبحرين، وهذه مسألة رأي. فالصمت البريطاني الحالي بشأن وضع حقوق الإنسان غريب. للمملكة المتحدة التزامات تجبرها على تعزيز معاييرها بخصوص حقوق الإنسان في أي بلد، وأعتقد أنه يمكن تأويل عملية بناء القاعدة البحرية الجديدة على أنها وسيلة لشراء الصمت البريطاني. وفي حال كان الأمر كذلك،  فإنه أمر مشين ويجب إدانته. ولكن في الوقت الحالي، هناك التزامات لا يمكن للملكة المتحدة تجنبها بخصوص قوانين الهجرة والأمور التي لا يمكن السماح بها. وهو ملف من الصعب جدًا على بريطانيا تجاهله.  ولذلك، حتى في حال كانت تريد الحفاظ على علاقات جيدة مع البحرين، قد تمنح الجنسية البريطانية للبحرينيين وهي ملزمة بفعل ذلك في حال كانوا عديمي الجنسية. وبالتالي، على أي بحريني أسقطت جنسيته السعي للحصول على جنسية أخرى.

المرآة: ماذا عن الذين أصبحوا عديمي الجنسية في البحرين وحُرموا من كل حقوقهم، حتى السفر؟

باخ: في الواقع، هذا الجانب من القضية يقلقني جدًا. هناك الكثير من المعاهدات الدولية المتعلقة بهذا النوع من القضايا. لا يجب على الحكومة، في أي حال من الأحوال، منع تحركات هؤلاء الأشخاص في البلد وأيضًا تمنع لجوءهم إلى القضاء. الحقيقة هي أن هؤلاء الأشخاص الذين أسقطت جنسياتهم لا يستطيعون الحصول على المساعدة لأنهم ممنوعون من السفر، ولا يستطيعون حتى الحصول على أموالهم من المصارف أو اللجوء إلى القضاء، لا أملك إجابة لهؤلاء الأشخاص. وضعهم الحالي يمثل انتهاكًا فاضحًا لحقوق الإنسان، وهو ملف يتوجب على المجتمع الدولي التحرك بشأنه. إنهم يحتجزون هؤلاء الأشخاص في البحرين من دون أي نوع من المساعدة، وعلى المجتمع الدولي التدخل. يؤسفني القول أنه لا يمكن فعل الكثير لهم.

المرآة: هل يمكنهم مقاضاة الحكومة البحرينية؟

باخ: يجب أن تكون لديهم القدرة على الوصول إلى المحكمة. والصعوبة في البحرين، هي أنه، بحسب رأيي،  أسقطت الجنسيات بشكل خاطئ تمامًا. فالقوانين الدولية تنص على أنه حين تسقط حكومة ما جنسية أحد مواطنيها، لا تمنعه من اللجوء إلى القضاء. في البحرين الوضع مختلف إذ إنها منعت هؤلاء الأشخاص من اللجوء لأي وسيلة تساعدهم على تحدي هذا القرار، على الرغم من الظلم الكبير الذي يشكله هذا الأمر. وضع هؤلاء الأشخاص يمثل معضلة كبيرة، إذ لا يوجد ما يُمَكّنهم من اللجوء إلى المحاكم الدولية لتحدي هذا الإجراء. ولكن هناك أمر يمكنهم فعله، وهو تقديم عريضة شخصية إلى منظمة الأونيسكو. صحيح أنّها تعنى رسميًا بالحفاظ على التراث العالمي والمواقع الأثرية، كما تعنى بالتربية وآثارها الاجتماعية والثقافية، لكن لديها قانون ينص على أنه يمكن تقديم شكوى تتعلق بحرية التعبير والتربية. وبرأيي يمكن المحاججة بأن أي شخص انتقد النظام في كلامه أو حاول الحديث عن حقوق الإنسان قُمِع بإسقاط جنسيته أو حقه في اللجوء إلى القضاء أو أي مؤسسة تديرها الحكومة، يمكنه في هذه الحالة تقديم شكوى إلى المنظمة. وبالتالي، سيساهم في تسليط الضوء على هذا الملف أمام المجتمع الدولي والأمم المتحدة. لديهم القدرة على التفاوض، نيابة عن الأفراد، مع الحكومة ومحاولة التدخل. وبما أن الحكومة البحرينية لا تريد أي نوع من المشاكل مع الأمم المتحدة، سيساعد هذا الإجراء الأشخاص على الأقل من خلال السماح لهم بالوصول إلى القضاء.

لكن منظمة الأونيسكو، خلافا للمحكمة الجنائية الدولية، لا تملك السلطة القضائية التي تخولها إجبار الحكومة البحرينية على فعل أي شيء. وبالتالي، كل ما تستطيع فعله هو التّدخل والتفاوض ومحاولة المساعدة، لكنه يبقى أمرًا مهمًا لكونها منظمة دولية، وسيكون من المشين للبحرين تجاهلها. هذا يشكل على الأقل إحدى الطرق التي تمكن شخصًا ما من التواصل مع الأمم المتحدة وشرح ما حصل له، وكلما كثرت الشكاوى، ازدادت نسبة التحقيقات التي سيجرونها. في كل الأحوال، يمكن لهم اللجوء إلى محام بحريني للاطلاع على الإجراءات الواجب اتخاذها.

في بعض الأحيان، يمكن للمنظمات غير الحكومية التدخل نيابة عن الأشخاص، وقد تستطيع المباشرة بالقضية في هذه الحالة.

المرآة: هل يمكن لهم اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية؟

باخ: في الواقع، لا. المشكلة في هذه الحالة تتمثل في عدم استطاعتنا رفع قضية في المحكمة  الجنائية الدولية في حال لم يكن البلد المعني قد وقع اتفاقية روما. والبحرين لم تفعل ذلك بعد. مع العلم أنه هناك حالات رُفِعت فيها قضايا في المحكمة الدولية، ولم يكن البلد المعني قد وقع الاتفاقية، تمامًا كما حصل في حالة العراق. كل ما يتطلبه الأمر هو التّصويت في مجلس الأمن أنّ الملف يتضمن جرائم خطيرة ضد الإنسانية بحيث تخضع لحكم المحكمة الدولية. في حالة البحرين، أقر بوجود انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، لكني لا أعتقد أنه يمكن لنا وصفها بالجرائم ضد الإنسانية، كما في حالة الإبادة الجماعية.

المرآة: ما رأيك بمحاكمة نبيل رجب والشيخ علي سلمان؟

باخ: في الواقع، راقبت إحدى جلسات محاكمة نبيل رجب. وإنه لأمر مؤسف حقًا. ما يقلقني هو منع الناس من حضور المحاكمات. حين حضرت جلسة محاكمة نبيل رجب، تم إجراء نصف الجلسة في قاعات مغلقة، وغرفة سرية، بعيدًا عن نظر وسمع الحضور، إنهم يحاولون إيقاف أحد أهم الإجراءات الاحترازية في الجلسات، وهو حضور الناس. إنه أمر مهم جدًا، وفي حال عدم حصوله، سيخلق انطباعًا مفاده أن الحكومة لديها أمر تحاول إخفاءه.

نهج الحكومة البحرينية مع المعارضة واضح جدًا. إنهم يحاولون منع أي شكل من أشكال المعارضة. ويستخدمون المحاكم كأداة لمحاربة أي نوع من أنواع المعارضة القانونية. وهذا أمر يدينه المجتمع الدولي بشدة، لكن، وكما قلت سابقًا، من الصعب جدًا حث البحرين على الاستماع لمطالب المجتمع الدولي. لا شك لدي أيضًا أن الطريقة التي يتصرفون بها مع الشيخ علي سلمان تمثل خرقًا لكل المعايير الممكنة للمحاكمات العادلة.

المرآة: ما رأيك باتهام الحكومة البحرينية للمعارضة بالعنف؟

باخ: حتى الآن، لم أسمع بأي حادث أو سلوك عنيف حصل من قبل المعارضة. وفي حال تم ذلك على يد شخص ما، سيكون هناك قنوات جنائية مناسبة للتصرف مع هؤلاء الأشخاص. وسيكون من المنطقي جدًا اعتقالهم ومحاكمتهم في جلسات علنية يحضرها الناس، وتُوَجّه فيها التهم على نحو منطقي. سيكون هناك دائمًا آليات مناسبة للتعامل مع العنف الفعلي والتهديد الموجه للأمن القومي. ولكن، ما لا يمكن للسطات البحرينية فعله، هو فبركة تهم لإيقاف المعارضة. لا يوجد سبب يسمح لها بإجراء محاكمات سرية ومنع الناس من حضور الجلسات.


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus