موقع ريل نيوز: عميل الاستخبارات الأمريكي السّابق جون كيرياكو: وزارة الخارجية تجاهلت تقاريري عن انتهاكات حقوق الإنسان في العام 1995 في البحرين

2015-05-06 - 4:17 م

برنامج حقيقة تؤكد نفسها، مقابلة بول جاي مع جون كيرياكو، موقع ريل نيوز

ترجمة مرآة البحرين

في حقيقة تؤكد نفسها، يصرح جون كيرياكو لبول جاي، أنّه من العراق إلى البحرين، أصبح واضحًا بالنّسبة له أن  المصلحة التّجارية، وخصوصًا مبيعات الأسلحة، هي ما يحرك سياسة الولايات المتحدة في الشّرق الأوسط.

بول جاي: نعود إليكم مجددًا، جون هو عميل سابق في الاستخبارات الأمريكية. كان محللًا.

جون كيرياكو: كان هناك شخص، اسمه موريسون. سرب صورة لمجلة جاين ديفنس الأسبوعية، وقد سُجِن. هو أول شخص يدان بتهمة تسريب معلومات سرية إلى الصّحافة. أنا الثّاني. لكني أول موظف من جهاز الاستخبارات الأمريكية يقوم بذلك.

جاي: أول موظف من جهاز الاستخبارات الأمريكية.

كيرياكو: مممم

بول جاي: يذهب إلى السجن.

كيرياكو: نعم، بسبب تسريب معلومات إلى الصّحافة.

جاي: أوكي، هذه المعلومات السّرية كانت تكشف عن حدوث تعذيب، وهو تعذيب دانه الجميع ووصفه بغير الشرعي. لم يذهب أحد من الذين شاركوا في هذا التّعذيب إلى السّجن. ولكن، على ما يبدو، كشف هذه المعلومات للنّاس هو ما يودي بك إلى السّجن.  وأعلم أنّ هذا صعب بالنسبة لك.

كيرياكو: هذا أمر مثير للسخرية.

جاي: يجب أن أشير إلى أن جون هو مؤلف كتاب: "الجاسوس المتردد: حياتي السّرية في حرب جهاز الاستخبارات الأمريكية على الإرهاب".

إذًا، سنكمل القصة من حيث توقفنا المرة الماضية. تم تجنيدك في جهاز الاستخبارات الأمريكية حين كنت تبلغ من العمر 25 عامًا. وقد ذهبت في هذا الاتجاه، وكنت تدرس الكويت والعراق في الفترة السّابقة للحرب الأولى في الخليج. كنت تتكلم عن كونك هناك مع السّفير الأأمريكي. والتقيت بصدام حسين وما إلى ذلك.

حين نعيد النّظر إلى ذلك كله الآن، ما الذي تعتقده حول كون الولايات المتحدة تحتاج إلى خوض حرب على هذا النّطاق قالوا عنها أنّها حرب بين دولتين من دول الشّرق الأوسط؟

كيرياكو: الأمر بسيط جدًا، الجواب هو النّفط. في الوقاع، لقد تجادلت مع زميل لي في وزارة الخارجية في الكويت في العام 1991. كان يخبر أحدهم أننا ذهبنا إلى الكويت وطردنا العراقيين منها لأهداف نبيلة، لأن هذا كان الأمر الصّحيح الذي يتوجب علينا فعله، ولأننا نساند حقوق الإنسان. وقلت له إن هذا أمر سخيف. نحن لم نجتح سريلانكا. والنّاس يُقتَلون هناك على الدّوام. نحن ذهبنا إلى الكويت فقط لحماية موارد النّفط. كما تعلم، لا عيب في تسمية الأشياء بأسمائها. ولكن لنكف عن الادعاء بأن حقوق الإنسان كانت السّبب في ذلك. لقد قمنا بذلك من أجل النّفط.

جاي: إذًا فلنوضح ذلك، قُتِل عشرات آلاف الأشخاص في هذه النّزاعات، وليس فقط في هذا وحده، بسبب النّفط، كما بدأنا في الجزء الأول من هذا الحديث، تشكيل طابعك الأمريكي الخاص بك، نحن نقوم بأشياء جيدة من أجل المصلحة الأفضل، ونقوم بأشياء سيئة من أجل المصلحة الأفضل، هل تبدأ بالتّساؤل حينها ، إن كان الأمر يتعلق فعلًا بالنّفط، وبالتّالي لماذا يموت كل هؤلاء الأشخاص وما هي هذه السّياسة تحديدًا؟

كيرياكو: في الواقع، أتذكر أن شخصًا كويتيًا أخبرني، كما لو أنّه اكتشف أمرًا سريًا وخاصًا، أنّ السبب الوحيد لوجودنا هنا هو أنه لدينا مصالح وطنية. وقلت له، نعم، ماذا إذًا؟ النّفط هو مصلحتنا الوطنية. السّبب الوحيد لطلبكم منّا القدوم إلى هنا هو وجود مصلحة لديكم في طرد العراقيين من بلادكم ولم تستطيعوا فعل هذا لوحدكم. نحن الاثنان لدينا مصالح وطنية. ماذا إذًا؟ ما هو السّر الكبير؟

جاي: هل ما زال الحال هو ذاته الآن؟

كيرياكو: بالطبع. ولا أقول إن أي تدخل أجنبي هو أمر جيد. في الواقع، لقد استنتجت العكس، أي أن أغلب التّدخلات الأجنبية هي أمر سيء. ولكن في حال كنا نريد التّدخل في بلد ما للحفاظ على مصالحنا الوطنية وحمايتها، فلنخبر الشّعب الأمريكي بالحقيقة. فلنكف عن الكذب، والقول إنه علينا إيقاف دكتاتور وحشي وعلينا أن نمنعه من قتل أولئك الأشخاص الأبرياء. يتم قتل الأبرياء يوميًا في جميع أنحاء العالم، ولكن لا نستطيع اجتياح كل بلد يقوم بذلك.

جاي: ولكننا حتى نحتاج إلى ذلك النّفط. أعني أن صدّام لن يأخذ النّفط ليدفنه في كهف ما.

كيرياكو: لا

جاي: سيعرضه في السّوق العالمي ويبيعه.

كيرياكو: ممم...

جاي: إذًا ليس الأمر كما لو أنّه لن يكون لديه القدرة على الوصول إلى ذلك النّفط.

كيرياكو: لكن عندها هناك خطر فقد ثقة حلفائنا بنا بمساعدتنا لهم عند حاجتهم لذلك.

جاي: إذًا لا يتعلق الأمر بالوصول إلى النّفط. يتعلق الأمر الآن بـ ....

كيرياكو: ليس فقط ذلك. القضية تصبح أكبر. وماذا سنقول للسّعوديين. نبيع للسّعوديين تجهيزات عسكرية تبلغ قيمتها مليارات ومليارات الدّولارات، وهي تجهيزات لا يجيدون استعمالها.

جاي: أعتقد أن كلفتها بلغت في العام الماضي 81 مليار دولار.

كيرياكو: إذًا ما الذي علينا قوله لهم في حال هدّدهم العراق أو إيران؟ "في الواقع، أنتم لوحدكم".

جاي: إذًا لماذا يشترون كل أسلحتنا. نلاحظ تأثير الدّومينو هنا. كل أمر يؤدي إلى الآخر.

جاي: إذًا يتحول الأمر إلى استراتيجية جيوسياسية تخفي مصلحة اقتصادية.

كيرياكو: على الصّعيد الإقليمي على الأقل، نعم.

جاي: لكن المصلحة الاقتصادية تحركها.

كيرياكو: الأمر يتعلق دائمًا بالمصالح الاقتصادية.

جاي، وهو أمر دفعنا ثمنه بعشرات آلاف الأرواح الأمريكية، وأحيانًا مئات آلاف الأرواح العربية، أو، كما كنا نقول، عدة ملايين من أرواح الفيتناميين.

كيرياكو: هذا صحيح.

جاي: نعود الآن إلى حيث كنت. كل هذه قضايا مبررة، حيث أننا نفعل الخير هنا نوعًا ما.

كيرياكو: نعم. في ذلك الوقت، هذا ما اعتقدته فعلًا. طبعًا، التّدخل الأمريكي كان أمرًا جيدًا. كان جيدًا لنا وللعالم وللاقتصاد  ولحلفائنا. لقد آمنت بذلك فعلًا.

جاي: أوكي. ما هي مهمتك التّالية؟

كيرياكو: في الواقع، اعتقدت أني سأبقى في العراق حتى الإطاحة بصدّام حسين، وهو أمر اعتقدت في ذلك الوقت أنّه سيحصل قريبًا. بعدها، في العام 1993، اكتشفت أن صدّام لن يذهب إلى أي مكان، وأنّه عليّ على الأغلب البحث عن عمل آخر. غالبية الموظفين في جهاز الاستخبارات المركزية، على الأقل في الجانب التّحليلي، يبقون في الوظيفة ذاتها لسنتين أو ثلاثة أو أربعة ثم ينتقلون إلى وظيفة مختلفة.

وبالتّالي، قدمت طلبًا للعمل في وزارة الخارجية. كان هناك برنامج يسمح لمحللي جهاز الاستخبارات الأمريكية بالانتقال بشكل مؤقت إلى وزارة الخارجية لإنجاز برنامج تحليلي هناك. وحصلت على عمل في السّفارة الأمريكية في المنامة، البحرين، أي في الخليج. وبالتّالي، تم تدريبي على اللّغة العربية لمدة سنة.

جاي: في أي سنة حصل ذلك؟

كيرياكو: كان ذلك في أغسطس/آب 1993، حين بدأت بالتّدرب على اللّغة العربية. واستغرق العمل على ذلك مدة اثني عشر شهرًا. بعض النّاس بدأوا عامهم الثّاني في معهد وزارة الخارجية الأمريكية للّغات. أنا ذهبت مباشرة إلى البحرين. كنت في البحرين من العام 1994 حتى العام 1996، أي في الوقت المناسب لأشهد ما أسموه بالانتفاضة الأولى في البحرين.

جاي: وما كان دورك؟ ما هو عملك الحالي وما الذي تقوم به فعلًا؟

كيرياكو: كنت السكرتير الثاني في السفارة، المسؤول عن الملفات الاقتصادية. وبالتّالي عملت على قضايا المصارف والنّفط والعقوبات العراقية وخطوط السّفر التّجارية وأمور مشابهة أي تدريب على الملف الاقتصادي.

جاي: لكنك كنت تؤدي مهامًا فعلية للسفارة.

كيرياكو: نعم، كنت أؤدي مهامًا فعلية للسفارة.

جاي: لماذا يوظفون أحدًا من جهاز الاستخبارات المركزية للقيام بأعمال السّفارة؟

كيرياكو: لأن ذلك يسمح لمحللي الاستخبارات المركزية بالعمل مع وكالات الحكومات الأخرى. لن تستطيع فعلًا فهم عمل وزارة الخارجية إلّا إذا عملت فيها. كان هذا هو الرّأي السّائد. وقد كانا العامين الأكثر عطاء في حياتي المهنية كلّها.

جاي: لماذا؟

كيرياكو: فقط لأنني شعرت كما لو أني أقوم بعمل اعتبره المحللون مفروغًا منه. كما تعلم، غالبية التّحليلات في جهاز الاستخبارات المركزية قائمة على تقارير وزارة الخارجية. واستطعت أن أكون الشّخص الذي يقوم بإعداد التّقارير مباشرة، من مكان الحدث. حين بدأت الانتفاضة في البحرين، كان لذلك أسباب اقتصادية، بكل ما للكلمة من معنى. ومن تلك الأسباب البطالة وانخفاض مستوى المعيشة. وكنت هناك في خضم أعمال الشّغب والتّظاهرات والتّفجيرات. وقد أصبحت الأمور عنيفة جدًا. قّتِل عدة رجال شرطة، كما قُتِل عشرة مواطنين بحرينيين تقريبًا على يد رجال الشّرطة.

جاي: إذًا كان واضحًا أنها كانت انتفاضة ذات أساس طبقي. لم تكن قضية صراع طائفي سني-شيعي؟

كيرياكو: لا، لقد تم وصفها بذلك، ولكن الأمر كان فعليًا الفقراء في مواجهة الأغنياء.

جاي: وقد قدمت تقارير عن ذلك؟

كيرياكو: نعم.

جاي: هل أثر ذلك على دعم الولايات المتحدة للأسرة المالكة؟

كيرياكو: لا

جاي: لماذا؟

كيرياكو: ليس بأي شكل من الأشكال.

جاي: وهل أزعجك ذلك نوعًا ما؟

كيرياكو: نعم، كانت هناك حقيقة أكبر، مفادها أنه لدينا قاعدة بحرية مهمة جدًا متمركزة في البحرين. وبالتّالي، في حين كنا نريد توصية الحكومة البحرينية بالبدء بتوظيف المواطنين البحرينيين للقيام بالأعمال، بدلًا من استيراد العمالة الأجنبية من باكستان والفيليبين والهند وغيرها، لم نكن فعلًا مستعدين للذهاب أبعد من هذا.

كنت أيضًا مسؤولًا في السّفارة عن ملف حقوق الإنسان خلال العامين اللّذين قضيتهما هناك، وكوني كذلك، كتبت تقارير عن وضع حقوق الإنسان في البحرين وقدّمتها إلى وزارة الخارجية، كان السّفير آنذاك داعمًا جدًا، وهو السّفير دايفيد رانسوم، الذي لم يعد على قيد الحياة. لكنه كان مستعدًا لوصف ما رآه. وقد أعطاني حرية انتقاد الأسرة المالكة لانتهاكها حقوق الإنسان.

جاي: كم بلغ مدى سوء ذلك؟

كيرياكو: في الواقع، كان ذلك سيئًا جدًا. ربما كان سبب ذلك أني كنت يافعًا وعديم الخبرة وأكثر جسارة مما كان ينبغي أن أكون. لكني في الواقع قلت لوزير الدّاخلية البحريني إنّه لا يمكنك الاتصال بعائلة ما والطّلب من الأب إرسال ابنه ذي الخمسة عشر عامًا إلى المركز المحلي للشّرطة لاستجوابه، وبعدها إطلاق النّار على رأسه عند وصوله. لا يمكنك فعل هذا.

جاي: وهو أمر كان يحصل.

كيرياكو: نعم: كان ذلك يحصل، طبعًا.

جاي: وكنت تبلغ عن ذلك في تقاريرك؟

كيرياكو: نعم، كانت هذه المعلومات موجودة في تقاريري.

جاي: إذًا الأسطول الخامس موجود في مرفأ في البحرين، وهذا الأمر يفوق الأمور الأخرى أهمية.

كيرياكو: نعم، إنّه يفعل.

جاي: ليس فقط هذا، كم تبلغ نسبة مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى الحكومة البحرينية؟

كيرياكو: مليارات الدولارات. وفي حال عجز البحرينيون عن دفع ثمن أي شيء، كان السّعوديون يقومون بذلك.

جاي: وهذا الأمر يفوق الأمور الأخرى أهمية.

كيرياكو: حين ساءت الأمور حقًا، وحين بدا أن العنف يخرج عن السّيطرة، ولم يطبق البحرينيون نصيحتنا بالتّساهل مع الشّعب والترّاجع والسّماح لهم بإجراء تظاهراتهم، وفي الوقت ذاته، البدء باستبدال هؤلاء العمّال الأجانب في المصانع بالبحرينيين، بدلًا من ذلك كلّه، ما فعله البحرينيون هو دعوة الجيش السّعودي إلى البحرين. وقد عبر السّعوديون الجسر من المنطقة الشّرقية في المملكة العربية السّعودية، وبدأوا بإطلاق النّار على النّاس.

جاي: في أي عام حصل ذلك؟

كيرياكو: في العام 1996.

جاي: إذًا يحصل الأمر ذاته بعد مرور عشر سنوات أو ما يقاربها.

كيرياكو: ممممم

جاي: كم كان عدد القتلى؟

كيرياكو: العشرات. العشرات.

يجب أن يكون الوضع أسوأ الآن، لأن البحرينيين يعلمون، بعد 20 عامًا من دون إحراز أي تقدّم، لن يشهدوا أي تطور الآن. وبالتّالي هناك هذا الشّعور بأنهم لا شيء لديهم يخسرونه في هذه المرحلة. في الأعوام 1994 و1995 و1996، اعتقد النّاس فعلًا أن الأمير رجل لطيف، وهو فعلًا كذلك.  أخوه، رئيس الوزراء، رجل سيء.  لكن الأمير قال أنه سيكون هناك بعض الحرية، وسيكون هناك مجلس شورى وسوف يسمح بالانتخابات، وسنكون قادرين على العمل على ذلك. حسنًا،ـ لقد مضى 21 عامًا على ذلك القول والأمور أصبحت فقط أسوأ. وبالتّالي لا يمكنك الوثوق بالجديد، لقد نصّب نفسه ملكًا. وكان في السّابق أميرًا، الآن هو جلالة الملك. لا يمكنك الوثوق بالملك.

جاي: إذًا رأيت هذه المجزرة. أنت تعرف هؤلاء الأطفال البالغين من العمر 15 عامًا والذين أُطلِقَت النيران على رؤوسهم. وأنت تعلم أن الولايات المتحدة والأمريكيون يبيعون من الأسلحة ما تبلغ قيمته مليارات الدّولارات. كلّ هذا من أجل الأسطول الخامس ومن أجل المصلحة الاقتصادية. الأسطول الخامس هنا، هو أساسًا من أجل المصالح الاقتصادية باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان وما إلى ذلك.

جاي:  هل هذا الاستنتاج متأتٍ من تفكيرك الشّخصي؟

كيرياكو: نعم، بالطّبع.

جاي: إذًا أنت بدأت بمساءلة قناعاتك كأمريكي.

كيرياكو: لا، ليس تمامًا حتى الآن. حصل ذلك بعد حوالي خمس سنوات.

جاي: سنناقش ذلك لاحقًا.

النّص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus