علي الأسود في حوار بعد فوز "المحافظين": قال لي دبلوماسي بريطاني... لا تتوقع أن نغضب السعودية

2015-05-19 - 12:51 ص

مرآة البحرين (خاص): لماذا تراجعت قدرة المعارضة البحرينية على التأثير في موقف بريطانيا من ملف البحرين في قبال النجاح الذي يحققه الحكم يوماً بعد يوم في تطويعه لصالحها؟ يمكن لمتخصص أن يجيبنا بإعطائنا درس في القوانين الكبرى التي تحرك الدول العظمى أو الاستعمارية في منطقة الخليج الغنية كالمصالح والصراع على النفط والنفوذ الهيمنة. في الحقيقة، إن كل هذا صحيح. لكن ماذا أيضاً؟ بهدوء جداً، وبعيداً عن كل الأفكار المسبقة نحاول أن نفتح هذا الملف مع بعض وجوه المعارضة البحرينية المقيمة في المملكة المتحدة. هل فشلت المعارضة في التعاطي مع ثوابت السياسة الخارجية لبريطانيا في منطقة الخليج أم أن اللعبة كانت أكبر منها؟ ما هي مساحات التأثير التي بقيت لديها في ضوء فوز حزب المحافظين الأقرب تاريخياً إلى مشيخات دول الخليج؟ وهل تنتظر المعارضة شيئا من بريطانيا في خلال الخمس سنوات القادمة؟ علي الأسود، النائب السابق النائب السابق وعضو كتلة الوفاق في برلمان 2010 يجيب على هذه الأسئلة. فيما يلي مقتطفات من الحوار معه:

مرآة البحرين: كيف كانت ملامح السياسة البريطانية في الخليج في الفترة الماضية من حكم حزب المحافظين؟

علي الأسود: حزب المحافظين معروف بأنّه يميل أكثر إلى علاقة مقربة مع الحكام في منطقة الخليج بسبب استراتيجيته لتقوية اقتصاد بريطانيا، ويعتقد حزب المحافظين أن بريطانيا تحتاج كثيرا للدول الغنية الثرية التي تتميز بوجود النفط فيها وعلى رأسها المملكة العربية السعودية. أحد السفراء البريطانيين السابقين في منطقة الشرق الأوسط قال إنّه "يجب أن لا يتوقع البحرينيون أننا سنقوم بإغاظة أو إزعاج السعودية من خلال تقديم أي تسهيلات أو دعم للمعارضة البحرينية في الداخل، أو نقوم بمساندة مطالبهم. نحن غير جاهزين ولا مستعدين لإزعاج السعودية". حين انتقد حزب العمّال إقامة سباق الفورملا في البحرين في العام 2012، وقال إنه يجب إعطاء المزيد من التركيز على الحريات وحقوق الإنسان في البحرين، جاء تصريح رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون صادما، إذ قال إن "البحرين ليست سوريا كي نتعاطى معها كما نتعاطى مع سوريا في هذا الأمر، وبالرغم من وجود إشكالات بين المعارضة والحكم إلا أنه يوجد هناك نظام قائم وتوجد مؤسسات". هذا الموقف يعطينا مؤشراً واضحاً وفكرة عن كيفية إدارة حزب المحافظين للملفات في الخارج.

المرآة: ماذا عن دور الحزب الإسكتلندي، هل يمكن أن يشكّل نوّابه ضغطا لدعم القضية البحرينية؟

الأسود: لدينا كمعارضة بحرينية تجربة مع الحزب الوطني الإستكلندي، هم داعمون للحراك البحريني، قياداتهم تشيد كثيرا بوثيقة المنامة، وتعتقد بأنها مخرج مقبول ومعقول ومنطقي جدا في وجود المشيخة والملكيات في منطقة الخليج، وأنّها وثيقة قابلة للتطبيق ولديها مقومات أن تكون مشروع حل سياسي. تحدثنا مع أعضاء الحزب كثيرا، ونلتقي بشكل مستمر معهم. هم لا يستطيعون أن يخاطبوا حكومات دول الخليج بشكل مباشر، ولكن يوجهون كل أسئلتهم وكل ما يريدون نقاشه إلى الخارجية البريطانية.

المرآة: هل تنتظرون شيئا من بريطانيا خلال الخمس سنوات القادمة، أم أنّها ستكون سنوات عجاف؟

الأسود: الدور البريطاني في البحرين هو دور تاريخي. هو لا يرتبط عادة بمراحل قصيرة وإنما يأخذ دائما البعد الاستراتيجي في تكوين العلاقة بين بريطانيا والبحرين. قوى المعارضة البحرينية مجتمعة لديها تصور واضح حول مدى وقدرة أن تلعب بريطانيا دورا إيجابيا لصالح شعب البحرين، وننقل هذا الكلام بشكل مستمر إلى المعنيين والمسؤولين في بريطانيا، نطالبهم أن يجعلوا البحرينيين كشعب حليفا لهم، تماما كما يعتبرون النظام حليفا. هذا هو المخرج بشكل أساسي، حينما تقتنع بريطانيا بأهمية أو بالحاجة إلى الشعب البحريني أكثر من الحاجة إلى الحكومة البحرينية، سوف يكون هناك تحول، عدا ذلك سوف تستمر بريطانيا في الاستفادة من المميزات التي تقدمها البحرين لبريطانيا في داخل الخليج، وأيضا سوف تستفيد بريطانيا من الامتيازات التي تعطيها لها السلطة في البحرين، لا تعطى إليها في مكان آخر.

المرآة: هل هناك قنوات يمكن أن تنفذون من خلالها إلى السياسة البريطانية مع وجود حزب المحافظين؟

الأسود: هناك عدة قنوات للتأثير في بريطانيا، من أهمها مراكز الدراسات والأبحاث، مثل "تشاتم هاوس" و"RUSI"، ومراكز الدراسات في الجامعات البريطانية مثل جامعة كامبريدج وغيرها. هذه المراكز تشكل رافعة لمطالب شعب البحرين، هناك قناعة لديها بأن ما قدم للبحرين من قبل الحكومة البريطانية هو دعم للسلطة فقط، وبأن بريطانيا لم تقم بدعم المعارضة في أي مجال.

هناك أيضا منظمات المجتمع المدني، وعلى رأسها منظمة العفو، التي تعتبر المصدر الأساس للتقارير الحقوقية بالنسبة لصناع القرار في بريطانيا، والتي لا يمكن لأي مسؤول بريطاني أن يشكّك في أي تقرير يصدر عنها، لأنه يعرف تماما مدى حيادية أمنستي.

مركز التأثير الأساسي في بريطانيا هو "مكتب رقم 10" - مقر رئيس الوزراء البريطاني- ووزارة الخارجية والبرلمان البريطاني. في البرلمان البريطاني يوجد عدد من النواب المناصرين للحراك السياسي في البحرين بشكل كبير وبشكل واسع، هؤلاء النواب يحملون هم القضية البحرينية بشكل أساسي.

المرآة: هل بينهم نواب محافظون؟

الأسود: نعم، من بينهم نواب محافظون، ولدينا اتصال معهم، وهذا نجاح آخر للمعارضة البحرينية. حديثنا معهم يأتي دائما حول أهمية تحقيق نتائج إيجابية تجعل من البحرين قصة نجاح. المحافظون مقتنعون بهذه الأفكار. وبدون الدخول في تعقيدات المشهد البريطاني الداخلي، والأغلبية الكاسحة لحزب المحافظين في البرلمان، ما يهمنا كمعارضة بحرينية أن يتصدّر ملف البحرين أجندة اللجان التي تعمل في داخل مجلس العموم، وعلى رأسها لجنة حقوق الإنسان، ولجنة الشئون الخارجية، التي تسلّمت في الفترة الماضية شهادات للمعارضة البحرينية، حول علاقة بريطانيا مع البحرين والسعودية.
السؤال الآن هو كيف يمكن للمعارضة البحريينية أن تستثمر قدرة هذه اللجان على إحداث تحول.

المرآة: كيف نفهم سياسة بريطانيا في عهد وزير الخارجية فيليب هاموند، الذي كان وزير للدفاع، ثم في عهده عادت القواعد العسكرية البريطانية إلى الخليج؟

الأسود: هناك توضيح هام في هذا الخصوص. قرار رجوع القاعدة البريطانية إلى الخليج لم يأت من الوزير هاموند، فالحديث عن ذلك بدأ منذ أيام وزير الخارجية السابق "ويليام هيغ". أعتقد أن بريطانيا لديها حسابات أكبر من الحسابات الصغيرة في علاقتها مع البحرين، هي علاقة أننا موجودون هنا، فيما لو تركت أمريكا المنطقة بشكل نهائي، وهو الأمر الذي يتداوله كثيرون.

بريطانيا قررت إعادة هذه القاعدة لأنّها تقول أن حكومة البحرين تتخوف من الوجود الإيراني في المنطقة، ربما تكون هذه القاعدة مخرجا لهذا التخوف غير المبرر، هي نوع من التطمينات بحسب وجهة نظر بريطانيا. هذا الوجود العسكري كان يمكن أن يوضع في قالب آخر: أعطوا البحرينيين ديموقراطية، وسوف نحميكم من أي خطر خارجي. ولكن، ما وجدناه، هو عودة القاعدة البريطانية دون فرض أي ضغوط، لا مزيد من الحريات، ولا حديث عن الديموقراطية ولا أي شيء. مع ذلك، قد يحدث هذا في المستقبل، لدينا قناعة بأن الغرب لا يعمل على الخطوط قصيرة الأمد وإنما يعمل بشكل استراتيجي.

المرآة: هذا يجرنا إلى سؤال لماذا اختلاف السياسة الأمريكية عن السياسة البريطانية في البحرين؟

الأسود: الأمريكان بعد فوز أوباما في الدورة الثانية ينظرون إلى منطقة الخليج نظرة مختلفة عن السابق، بما فيها البحرين من أهميتها البالغة بوجود الأسطول الخامس فيها، اهتمام الأمريكيين في الملف الحقوقي بالبحرين يختلف، وطريقة إدارتهم للملف تختلف، ولكنهم في الاستراتيجية يتفقون مع بريطانيا.

البريطانيون يقولون نحن ملكية دستورية والبحرين مملكة، في البحرين مؤسسات بنيت بطريقة بريطانية، وبريطانيا كان لها وجود طويل في الخليج (هم لا يصفونه بالاستعمار) والثقافة البحرينية قريبة من الثقافة البريطانية، ثم يقولون إن الأمريكيين جاءوا من أنظمة تختلف، أنظمة رئاسية انتخابية، وهذا لا يروق لحكام الخليج الذين لا يحبون التعامل والتعاون مع الدول الديموقراطية، والحديث مع حكومات أوروبا وعلى رأسها بريطانيا هو أكثر أريحية لحكام الخليج من الحديث مع الأمريكيين.

حكومة البحرين بيّنت بوضوح عدم ارتياحها لما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية في تعاطيها مع الأزمة في البلاد.

نحن نأمل أن تلعب أمريكا وبريطانيا دور الوسيط. وبشكل عام، ليس هناك قدرة على إيجاد حل أو حلحلة للأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد منذ 14 فبراير 2011 وحتى هذا اليوم بدون أن تتحدث أمريكا وبريطانيا مع الحكم في البحرين.

المرآة: هل ستطوّرون علاقتكم بحزب المحافظين، أم ستبقى المسافة كما هي؟

الأسود: علاقتنا بالمحافظين كمعارضة بحرينية علاقة جيدة، لدينا رسائل تصل بشكل مستمر للحكومة البريطانية عبر عدد من النواب المحافظين الذين يعترفون بأحقية مطالب شعب البحرين، وما جاءت به وثيقة المنامة وخلال السنوات الأربع الماضية كان هناك العديد من اللقاءات مع الحكومة البريطانية وعبر أكثر من ممثل.

الحكومة البريطانية كانت تتحدث مع المعارضة البحرينية بشكل واضح، نختلف في بعض الأمور، ونختلف في تقديرات الحكومة البريطانية، مثل تقديرها بأن تشارك المعارضة البحرينية في انتخابات 2014، المعارضة أوضحت للحكومة البريطانية أسباب عدم قدرتها المشاركة في هذه الانتخابات، شرحنا ذلك مرارا وتكرارا للحكومة البريطانية، وهناك علاقة إيجابية. تنظر الحكومة البريطانية إلى المعارضة البحرينية بنظرة مختلفة عن نظرتها للمعارضات الأخرى، تخفي ذلك أحيانا وتظهره أحيانا أخرى.

تعرف الحكومة البريطانية تماما أن المعارضة البحرينية تسير على نهج سلمي، وهي تدعم ذلك، ولكن كما قلت، هناك مصالح للحكومة البريطانية أعتقد أنها لحد هذه اللحظة هي مقدمة على مطالب شعب البحرين.

المرآة: ما هي رسالتكم للسيد ديفيد كاميرون؟

الأسود: أقول للسيد كاميرون. انظر إلى شعب البحرين كما هو النظر إلى شعوب المنطقة العربية التي تحركت من أجل الحرية ومن أجل إحداث تحول سياسي ديموقراطي بشكل سلمي.

أقول للسيد كاميرون بأن البحرين نموذج راق ومهم جدا في منطقة الخليج، شعب البحرين له تاريخ عريق يجب أن ينظر إليه نظرة احترام لأن لديه مطالب، وألا تكون هناك نظرة مختلفة وازدواجية بين ما يطالب به البحرينيون وما تطالب به الشعوب الأخرى في المنطقة. أقول للسيد كاميرون حينما تنظر إلى مطالب الأوكرانيين وتقول إن هناك حاجة إلى أن تكون أوكرانيا بلدا حرة لا تحت احتلال أي دولة أخرى، نقول لك بأن البحرين يجب أيضا أن تكون دولة مستقلة بالكامل لا تخضع لإدارة دولة أخرى مهما كانت الظروف، ومهما كانت الصعوبات. يجب أن تلعب بريطانيا دورا كبيرا وفاعلا في أن لا تتواجد أي مجموعات أو أي جيوش أخرى غير الجيش الوطني على الأراضي البحرينية.

أقول للسيد كاميرون إن بريطانيا يجب أن تنظر بنظرة إيجابية للمعارضة البحرينية التي تطالب أن تكون البحرين نموذجا متطورا من الملكيات، نقول للسيد كاميرون أمامك خمس سنوات أخيرة من تاريخك في العمل السياسي، لديك فرصة أن تحدث تحولا ديموقراطيا سياسيا في البحرين، ليسجل لك من أهم الإنجازات على مستوى المنطقة في الخليج العربي، وأيضا لدى شعب البحرين ما يقوله للشعب البريطاني عندما يتحقق ذلك.

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus