غلوبال فويس: هل البحرين مستعدة لهجمة إرهابية من داعش؟

2015-07-01 - 9:41 م

فاتن بوشهري، موقع غلوبال فويس
ترجمة: مرآة البحرين

في أعقاب هجمات داعش ضد الشّيعة في المملكة العربية السّعودية والكويت والتي خلّفت عشرات القتلى ومئات الجرحى، ليس مفاجئًا وجود البحرين ضمن مدى رادار المجموعة الإرهابية. تنتشر التّوقعات بأن تكون مساجد البحرين الأهداف التّالية على لائحة داعش في وسائل التّواصل الاجتماعي.

المجموعة التّابعة لتنظيم القاعدة، والتي تسيطر الآن على مناطق واسعة في العراق وسوريا أعلنت مسؤوليتها عن الهجومين المُنفصلين على المساجد الشّيعية شرقي السّعودية الشّهر الماضي، والهجوم الأخير على مسجد الإمام الصّادق، المسجد الشّيعي الأكبر في مدينة الكويت، يوم الجمعة.

على تويتر، أطلق عضو داعش وضّاح الأزدي تهديدًا مباشرًا يقول إنّه على البحرين تحضير نفسها لهجوم يوم الجمعة المقبل:

توبي ماتيسن، الباحث في جامعة كامبريدج ومؤلف كتاب "الخليج الطّائفي"، أعرب عن قلقه:

أخشى أنّ تفجير #الكويت يعني أن داعش ستحاول فعلًا استهداف كل الشّيعة في الجزيرة العربية. هل #البحرين، و#دبي و#عمان هم اللاحقون؟

وفي منشور له على فايسبوك وتويتر في أخبار المحرق، أعلن زعيم داعش في البحرين تركي البنعلي، الذي أسقطت الحكومة البحرينية جنسيته مؤخرًا مع 72 مواطنًا آخرين، عن أن الهجوم التّالي سيكون في البحرين يوم الجمعة المقبل، 3 يوليو/تموز 2015.

وليس واضحًا ما إذا كان الإعلان رسميًا، لكنّه نُشِر أيضًا على مواقع عربية أقل أهمية.

لا يشكل هذا أول تهديد أجوف لداعش بتنفيذ هجوم إرهابي في البحرين، وهذ هو السّبب الذي يدفع بعض الأشخاص إلى التّشكيك في ذلك. هذا لا يعني أنّه لا يجب على البحرين التّاهب واتخاذ التّدابير الوقائية اللّازمة للتّأكد من أن المساجد والنّاس محميون من أي هجوم مُحتَمَل.

في22 مايو/أيار، قتل انتحاري 23 شخصًا وترك 102 جريحًا حين فجّر نفسه في مسجد الإمام علي (ع) في القطيف، في المنطقة الشّرقية في السّعودية. وفي يوم الجمعة التّالي، في31 أيّار/مايو، قُتِل ثلاثة أشخاص في تفجير انتحاري، أعلن فرع داعش في السّعودية، ولاية نجد، عن مسؤوليته عنه، وجُرِح 10 أشخاص حين فجر انتحاري نفسه خارج مسجد للشّيعة في الدّمام القريبة.

وفي نوفمبر/تشرين الثّاني من العام الماضي، قُتِل 8 أشخاص في الأحساء، الواقعة أيضًا في المنطقة الشّرقية، حين هاجم مسلحون مركزًا شيعيًا، كان يُقام فيه احتفال ديني.

يشعر الكثيرون أنّه كان من الممكن إحباط التّفجيرين الانتحاريين اللّذين استهدفا المساجد الشّيعية في السّعودية، بعد هجوم الأحساء، والهجوم في الكويت، لو اتخذت السّلطات التّدابير اللّازمة لإيقافهما.

تشكل البحرين سياسيًا محورًا مثاليًا لهجوم إرهابي. البلاد منقسمة أصلًا بسبب التّوترات الطّائفية التي تلت الانتفاضة الشّعبية في العام 2011، حين طالب النّاس بالمزيد من الإصلاحات السّياسية.

صوّرت البحرين الصّراع بشكل يبرز أن السّكان الشّيعة يحاولون انتزاع السّلطة من القيادة السّنية، وهي قصة تردّدت كثيرًا في الإعلام الدّولي.

البحرين أيضًا مختلفة عن السّعودية والكويت لأن الشّيعة أقرب إلى كونهم غالبية في الجزيرة الخليجية الصّغيرة ومن الأسهل استهدافهم إذ إنّ الحكومة متورطة في المعارك اليومية في الشّوارع مع المحتجين الشّيعة على أساس يومي تقريبًا منذ اندلاع الاحتجاجات منذ أربع سنوات مضت.

مع ذلك، لا يزال من مسؤولية الحكومة أولًا والشّعب ثانيًا تأمين حماية المواطنين كلّهم على قدم المساواة، وليس على أساس الطّائفة أو الولاء السّياسي. الفشل في حماية حياة البحرينيين كلّهم، بغض النّظر عن طائفتهم، هو قرار طائفي بحد ذاته.

السّؤال هو، كيف يمكن لبلد كالبحرين، حيث تنتشر المقاربات المنهجية المبنية على أساس طائفي بعمق، خوض معركة أكبر ضد داعش. كيف يمكن توقع وقوف النّاس صفًا واحدًا، في حين تضخ

وسائل الإعلام الكراهية والتّوترات الطّائفية في البلاد؟ هل يُسمَح لنا حتى بلوم داعش على تطرفه غير العقلاني في حين تفعل شخصيات دينية بحرينية ووسائل إعلامية وقوانين الشّيء ذاته؟

الصّحافي البحريني خليل بو هزّاع بدأ حوارًا مع وزير الخارجية البحريني خالد آل خليفة بشأن هذا الموضوع:

بو هزّاع تناول بالتّفصيل الممارسات الطّائفية في البحرين التي تجعل من البلاد هدفًا سهلًا لهجمات إرهابية مماثلة:

رئيس تحرير الوسط، الصّحيفة النّاطقة بالعربية، منصور الجمري، أكّد رسالة بو هزّاع في تغريدة منفصلة:

يجب أن تكون محاربة الطّائفية في البحرين نهجًا، لا خيارًا متساهلًا. في بلد يُعتَقل فيه الصّحافيون والنّاشطون من أجل حقوق الإنسان لانتقادهم الحكومة أو "إهانتهم مؤسسات رسمية"، أليس ذلك أكثر خطورة حين تدعو أصوات بارزة إلى أعمال عنيفة ضد مجموعات أخرى من النّاس في البلد؟ لماذا لا تتم معاقبة الطّائفيين لحفرهم قبر البحرين بشكل أعمق في باطن الأرض؟

يشاركني الكاتب والشّاعر علي السّعيد مخاوفي، وكذلك مخاوف الكثيرين، مطالبًا بالتّحرك:

Time for #Bahrain to be genuine about tackling extremism/terrorism. There are hate-preachers that must be stopped and held accountable.

— Ali Al Saeed (@alialsaeed) June 28, 2015

لقد حان الوقت لكي تكون #البحرين صادقة في معالجة التّطرف/الإرهاب. هناك دعاة للكراهية يجب إيقافهم ومساءلتهم.

لكنّه يبقى مرتابًا:

لكن تبدو الحكومة بعيدة كل البعد عن ذلك حين يتعلق الأمر ببعض الفئات/الأشخاص، ما يسمح بنمو الطّائفية وانتشارها.

يبدو أنّ وزارة الدّاخلية سمعت أفكاري وغردّت على حسابها منذ يومين:

مدير عام الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والالكتروني: إجراءات قانونية ضد أي شخص يسيء استخدام وسائل الاتصال الاجتماعي للتّرويج للانقسام الطّائفي.


تغريدة سابقة: يمكن التّبليغ عن أي إساءة استخدام لوسائل التواصل الإجتماعي عن طريق الاتصال بالخط الساخن على الرّقم 992

من الممكن الارتياب بشأن جدّية تدابير مماثلة، والتّساؤل ما إذا كان كل المتّهمين بإساءة استخدام وسائل الاتّصال الاجتماعي لترسيخ المشكلة الطّائفية في البحرين سيُعاقَبون على أساس المساواة أو على أساس طائفتهم.

سيد يوسف المحافظة، النّاشط من أجل حقوق الإنسان، أحد هؤلاء المرتابين جدًا:

التّغريدة هي صورة لغلاف كتاب عنوانه "نور السّنّة وظلمات البدعة "، مُمَوّل من قبل القائد العام لقوات الدّفاع البحرينية. في البحرين، لم تتم معاقبة أحد حتى الآن على خلفية اتهام أتباع المذهب الشّيعي بالبدعة ووصفهم بالـ "روافض"، وهو مصطلح ازدرائي يُستَخدم لوصف الشّيعة، من قبل الإعلام الموالي للدّولة، وعلى منابر المساجد.

إنّها الفرصة المثالية للحكومة البحرينية لإثبات أنّها مهتمة بجميع المواطنين البحرينيين وأنّ الأمن ليس مهمًا فقط عند محاولة قمع المحتجين في الشّوارع.

لا يزال السّعيد يتساءل ما إذا كانت الحكومة تفعل شيئًا لمنع هجمات مُحتَمَلة:

 

 

ما الذي ستفعله حكومتي للتأكد من حماية مساجد الشّيعة، الآن وقد أعلن #داعش أنّ الهجوم التّالي سيكون في #البحرين #تغريدة سابقة

إذا كان داعش عدوًا لكل المسلمين، يجب أن يتحد البحرينيون ويتخذوا تدابير لمواجهة هذا العدو المشترك. وبما أنّ المساجد الشّيعية مُستَهدَفة، لماذا لا نفتح المساجد السّنية أمام الجميع ونصلي سويًا.

وزير الخارجية البحريني لديه الفكرة ذاتها:

بو هزاع يسمي الأشياء بأسمائها:

وصلتني هذه الصّورة، التي تم تداولها على وسائل التّواصل الاجتماعي، من حساب خاص على انستغرام:

خارجية

النّص يقتبس عن وكالة أنباء البحرين قولها إنّه من الصّعب على داعش إيجاد طريق للتّفجير في البحرين. ويقول أيضًا إنّ نقاط التّفتيش تم تثبيتها في كل مناطق المملكة بشكل مكثف، وسيتم زرع خلية رقابية مُسَلّحة حول كل مساجد البحرين لمراقبة الوضع. وأعلنت وكالة أنباء البحرين أيضًا أنّه تم القبض خلية إرهابية على صلة بداعش في الجمارك، وبعد التّحقيق، اتضح بأنّهم كانوا يُحَضّرون لدراسة "المواقع المُستَهدَفة". وهذا يؤكد بأنّ البحرين هي المحطة الثّانية بعد الكويت، وفقًا لمخطط داعش.

على الرّغم من أنّ مسؤولية حماية المواطنين تقع على عاتق الحكومة بشكل مُباشر، فإنّه أيضًا من مسؤولية المجتمعات الصّغيرة في البحرين إظهار وحدتها وتضامنها من خلال اتخاذ إجراءاتها الأمنية الخاصة، لمراقبة مساجدها وزوّارها. وعلى نطاق أوسع، يقع على عاتقها أيضًا وقف استخدام الرّسائل الطّائفية، والتّحريض على الكراهية بين الطّوائف، فقط على خلفية اختلاف أيديولوجياتها السّياسية.

داعش ليس إيران، وليس المملكة العربية السّعودية، ليس بلدًا. خياراتنا السّياسية ليست عاملًا للحكم ما إذا كان بعض النّاس يستحقون القتل على يد داعش أو لا.

أظهرت الكويت تضامنًا لا يُصَدّق بين السّنّة والشّيعة عقب الانفجار. الكويتيون من كلا الطّائفتين صلّوا جنبًا إلى جنب لتقديم العزاء في مواطنيهم.

الفنان السّعودي فهد البتيري نشر الفيديو التالي على حسابه على تويتر:

هل ستتحد البحرين وتقف في مواجهة تهديد إرهابي خارجي حقيقي، أم أنّها ستنتهج النّفاق الفاضح الذي تدين فيه عملًا عنيفًا في أماكن أخرى، ولكن تبرره على أرضها؟

لا نعلم ما إذا كان تهديد البنعلي تهديدًا أجوف، ولكن، ماذا لو لم يكن كذلك؟ هل البحرين مستعدة؟

التّاريخ: 28 يونيو/حزيران 2015
النّص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus