النيويورك تايمز: سيد أحمد الوداعي: فقدان النّفوذ في البحرين

2015-07-12 - 2:25 م

سيد أحمد الوداعي، صحيفة النيويورك تايمز
ترجمة: مرآة البحرين

الأسبوع الماضي، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية عن استئناف "المساعدات الأمنية" إلى البحرين. أنهى هذا الإعلان أربع سنوات من حظر تصدير الأسلحة، والذي أدخلته الولايات المتحدة حيز التّنفيذ في العام 2011، بعد حملة القمع القاسية التي شنّتها الحكومة البحرينية على محتجي الرّبيع العربي.

في بيان لها، حاججت وزارة الخارجية بأن البحرين حققت تقدمًا في إصلاحات حقوق الإنسان يكفي لمكافأتها بإنهاء الحصار، حتى لو كان وضع حقوق الإنسان في البحرين "غير ملائم". وزارة الخارجية خصصت 49 صفحة من تقريرها عن حقوق الإنسان في العام 2014، للبحرين.

إنّها وثيقة دامغة: تُفَصّل حالات الاحتجاز التّعسفي، والتّعذيب، واكتظاظ السّجون، والقيود على حرية التّعبير والمزيد. القرار بتجديد المساعدات الأمنية - وفقًا لكلام النّاطق باسم وزارة الخارجية "مركبات مدرعة، وعربات هامفي وصواريخ تاو وذخيرة وأسلحة، هذا النّوع من الأسلحة"- ليس متناقضًا فقط بل يبرز أيضًا قصر النّظر، و هو ذات عواقب كارثية محتملة.

الأمير زيد رعد زيد الحسين، من الأردن، مفوض الأمم المتحدة السّامي لحقوق الإنسان، انتقد أعمال التّعذيب في البحرين في كلمته الافتتاحية في جلسة مجلس حقوق الإنسان في يونيو/حزيران. ودعا إلى "تحقيق فوري" في مزاعم التّعذيب في سجون البحرين وإلى الإفراج عن "كل أولئك المعتقلين على خلفية نشاطاتهم السّلمية".

لو كان الأمير زيد بحرينيًا، لتمّ القبض عليه ربما، على خلفية تهم "إهانة هيئة نظامية" -كما حدث للمدافع عن حقوق الإنسان نبيل رجب بعد أن دعا إلى محاكمة المسؤولين الذين مارسوا التّعذيب في السّجن. يواجه رجب الآن حكمًا يصل إلى عشر سنوات على الأقل في السّجن على خلفية تعم متعددة متعلقة بنشاطه.

اعتُقِلتُ في 16 مارس/آذار 2011، بعد يوم من إعلان الحكومة فترة السّلامة الأمنية، وبعد شهر من اندلاع الاحتجاجات. حكمت محكمة عسكرية عليّ بالسّجن على خلفية مشاركتي في الاحتجاجات وتحدثي إلى وسائل الإعلام. ما فعلوه لي في السّجن سيرافقني مدى الحياة.

في أول يوم لي في سجن جو، على بعد 20 ميل تقريبًا عن العاصمة المنامة، بصق ضابط عليّ وشدّني بشعري وألقاني بعنف على حائط. أثناء التّحقيق، صفعني ضابط آخر على ةجهي وتحداني لأرفع يداي لحماية نفسي. قالوا لي إنه سيتم ضربي أكثر إن فعلت.

أثناء تواجدي في الاعتقال، تمّ تعذيب أربعة أشخاص حتى الموت، وفقًا لما ذكرته منظمة هيومن رايتس ووتش. في غرف التّحقيق، كنا نفكر دائمًا باولئك الذين قُتِلوا، متسائلين من قد يكون الخامس. بعد الإفراج عني، غادرت البحرين وفي العام 2012، طلبت اللجوء السّياسي في بريطانيا. في يناير/كانون الثّاني الماضي، أسقطت البحرين جنسيتي مع 71 شخصًا آخرين، وأصبحت عديم الجنسية.

لم يتحسن وضع البحرين منذ العام 2011. في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تم ضرب سجين إلى أن فقد وعيه، وأُلقي به في السّجن الانفرادي حيث توفي متأثرًا بجروحه خلال اللّيل. في مارس/آذار، اندلعت أعمال شغب في السّجن. كان السّجناء غاضبين بشأن وضعهم، الاكتظاظ وفي ظروف غير صحية، وبشأن المحاكمات غير العادلة التي أدّت بأكثر من ألف شخص منهم إلى السّجن. واتهم السجناء إدارة السّجن باستخدام القوة المفرطة في الرّد.

ما حدث بعد ذلك كان لا يقارن بما تم تعريضي له. وفقًا لتقرير نشرته الشّهر الماضي مجموعة من جماعات حقوق الإنسان، قال السّجناء إن عناصر الشّرطة رصاص الشّوزن وقنابل الغاز المسيل للدموع ضد السّجناء داخل الأروقة والزنازين. تم جمع السّجناء وضربهم واحتجازهم في الباحات الخارجية، حيث أمضوا أسابيع جالسين تحت شمس البحرين. ويزعم سجناء سابقون أن العناصر أجبروا السّجناء على الرّكوع ولعق أحذيتهم. عبد الجليل السّنكيس، وهو أكاديمي مسجون، بدأ إضرابًا عن الطّعام منذ أكثر من مائة يوم، احتجاجًا على سوء المعاملة التي تعرض لها السّجناء في مارس/آذار (وهناك مخاوف متزايدة بشأن صحته).

في ضوء الانتهاكات المستمرة، لا معنى لإشادة وزارة الخارجية الأمريكية بالإفراج عن السّجين السّياسي ابراهيم شريف، كإشارة على "تقدم ذي مغزى في الإصلاح"، لا معنى لها. ناهيك عن أن السيد شريف، المحكوم عليه، في العام 2011، بالسّجن 5 سنوات، أنهى غالبية مدة عقوبته، وذلك كسجين سياسي، لم يكن يجب أن يتواجد في السّجن في المقام الأول. ومع الإفراج عن سجين سياسي، حُكِم على آخر، الشّيخ علي سلمان، بالسّجن أربع سنوات على خلفية نشاطاته المعارضة. كما استدعت الشّرطة أيضًا نائبه لاستجوابه الأسبوع الماضي، بعد إلقائه خطابًا مناهضًا للتّعذيب في السّجن.

حين أعربت الولايات المتحدة عن مخاوفها منذ بضعة أسابيع أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف بشأن "القضايا الجنائية المستمرة على خلفية التعبير والتّجمع السياسيين"، نفت البحرين مزاعمها مدعية أنه لا أساس لها. من حق البحرين تجاهل مخاوف حليفها الأمريكي، ولكن هل يتوجب على الولايات المتحدة مكافأة ازدراء مماثل بتجديد المساعدة العسكرية؟

يكمن الجواب في الجغرافيا السّياسية. ملوك الخليج في حالة تأهب قصوى مع اقتراب الولايات المتحدة من عقد صفقة نووية مع منافسهم الإقليمي، إيران. يريدون حماية مركزهم بوصفهم الحلفاء الاستراتيجيين للغرب والمحافظة على نفوذهم في الشّرق الأوسط. في الوقت ذاته، يشكل انتشار الدّولة الإسلامية تهديدًا محتملًا لأمنهم، الذي تسعى أمريكا لتعزيزه عسكريًا. استئناف تصدير الأسلحة لا يعيد تأجيج العلاقة الأمريكية-البحرينية فقط بل العلاقة الأمريكية-السّعودية، البالغة الأهمية.

لكن هذه الاعتبارات الدبلوماسية تأتي على حساب التّخلي عن أي موقف أخلاقي كان للولايات المتحدة في البحرين. إنهاء تعليق المساعدات العسكرية شكّل إساءة استخدام للنّفوذ الأمريكي في إحداث تغيير إيجابي في وضع حقوق الإنسان في البحرين والخليج، والذي تدهور منذ العام 2011. بالنّسبة للبحرينيين السّاعين إلى بلد ديمقراطي، خطوة الولايات المتحدة رجعية تمامًا.

الرّئيس أوباما وعد بـ "محادثة حازمة" مع الملوك الخليجيين حين التقى بهم في مايو/أيار. هل كانت هذه نتيجة تلك المحادثة؟

التّاريخ: 7 يوليو/تموز 2015
النّص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus