» رأي
المرأة والوفاق
إيمان شمس الدين - 2011-12-22 - 2:14 م
إيمان شمس الدين*
جمعية الوفاق الوطني الإسلامية أعلنت من خلال أمينها العام الشيخ علي سلمان في الذكرى العاشرة لتأسيس الجمعية عن قرار يخص المرأة تتبنى فيه رؤية سياسية إصلاحية مستقبلية، تتعلق بخوض المرأة الوفاقية التجربة البرلمانية في الانتخابات القادمة بعد تحقيق المطالب.
هذا القرار المتأخر جدا ما كان ليتحقق غالبا لولا مخاضات الثورة وبروز دور المرأة بشكل أحرج الجميع بمن فيهم السلطة الدينية والسياسية في الوفاق، إضافة لضغط المنظمات الحقوقية على الوفاق نفسها كي تصلح بيتها الداخلي طالما هي تقود مسيرة الإصلاح والتغيير في الداخل البحريني، وكان السؤال الكبير الذي تطرحه هذه المنظمات عليها: لماذا المرأة الوفاقية ليست في البرلمان؟
مع أننا كنا نأمل أن تكون هذه قناعة الوفاق منذ أن تأسست، خاصة وأن المرأة الوفاقية جديرة بأن تمنح هذه الثقة لا أن تنتزعها وأن تقدم هذا الحجم الكبير من التضحيات، كي تقنعهم كحركة بجدارتها في المشاركة السياسية والمشاركة في القرار.
والوفاق كحركة سياسية وكتيار وطني إسلامي قدم إلى الآن نموذجا للعمل السياسي الوطني كتيار إسلامي خليجي وما لهذين من دلالات كبيرة، كون التيارات الإسلامية في الخليج غالبا ما يتحكم في لعبتها السياسية النفس المذهبي والايديولوجي والمصالح الخاصة الحزبية، ولم تخرج هذه التيارات من عنق التحزب إلى فضاء العمل الحزبي الحر الذي يلعب اللعبة السياسة وفق أسس أخلاقية تحكمها معايير الدولة المدنية الحديثة.
وطالما بدأت الوفاق حقيقة عمل إصلاحات جذرية في قناعاتها على مستوى العمل النسوي السياسي فالأجدر بها أن تكمل اليوم هذه الإصلاحات بتوسيع دائرة مشاركة المرأة في شورى الوفاق والأمانة العامة، ولكن قبل هذه التوسعه عليها أن تعمد إلى وضع معايير وأسس يتم على ضوئها اختيار أعضاء الشورى والأمانة العامة، وليس فقط تعتمد على عملية التصويت الداخلي، فالمعايير تقلل من مساحة المجاملات والترضيات وتَدَخُّل القناعات التقليدية في اختيار أعضائها في الشورى والأمانة العامة.
إن حركة الوفاق الوطني الاسلامية تقع عليها مسؤولية كبيرة من عدة جهات :
الجهة الأولى كونها تيارا إسلاميا قدم إلى الآن نموذجا رائدا في الخليج في المواطنة الصالحة ومطلب الإصلاح والتغيير وفق نظرية السلمية، وهو ما يعكس قراءة عميقة لظروف المنطقة وتركيبتها السياسية.
الجهة الثانية كونها تيارا سياسيا يقود الساحة الداخلية في التغيير، فلابد أن يقدم نموذجا في الإصلاح الحقيقي على مستواه الداخلي.
الجهة الثالثة كونها تيارا إسلاميا خليجيا بدأ يدفع بالمرأة إلى مراتب متقدمة من المشاركة السياسية، ستكون محرجة لتيارات خليجية مماثلة ستضطر فيما بعد اتخاذ خطوات مماثلة بدعوى عدوى التغيير، إذ كسرت الوفاق حاجز الخوف وفرضت المرأة البحرينية بشكل عام والوفاقية بشكل خاص نفسها على الساحة السياسية، واستطاعت أن تحقق مكتسبات هامة في الثورة، لم تكن لتحققها في الظروف العادية إلا بعد سنوات من العمل والكدح في ساحة الرجال والمجتمع لاقناعهم بضرورة وجودها كشريكة قرار وليس كمنفذة له.
لذلك اليوم ينظر للوفاق كحركة رائدة ناهضة عليها أن تقدم نموذجا كتيار إسلامي للمنطقة يقود أيضا حركة التغيير في ذهنية التيارات الإسلامية الأخرى خاصة فيما يتعلق بواقع المرأة في تلك التيارات .
ومنا إلى المرأة البحرينية والوفاقية خاصة تحية على هذا الإنجاز الذي أحرزته بجدارتها وقدرتها وكفاءتها وانتزعته انتزاعا ولم يمن به عليها احد .
Chamseddin72@gmail.com
* كاتبة كويتية.