المنظمات الدولية وحالة البحرين في 2011

2012-01-02 - 7:11 ص


مرآة البحرين(خاص):  لم تكن المنظمات الدولية غائبة عن الحدث البحريني خلال العام المنصرم، إذ كانت في معظمها مؤثرة ومتأثرة بما يحدث في البحرين باعتباره حدثاً استثنائياً يستحق الاهتمام والتفاعل الدولي. وقد اكتسب دعم المنظمات الدولية على اختلافها أهمية كبرى في الملف البحريني، وخصوصاً مع غياب الدعم الرسمي الدولي للحركة الديمقراطية في البحرين، فقد وفرت هذه المنظمات الدولية شبه "غطاء دولي بديل شكل في منعطفات كثيرة منه – ولا يزال- أوراق ضغط رئيسية على الحكومة البحرينية.

 لقد تفاعلت العديد من المنظمات الدولية حول العالم مع المشهد البحريني منذ بداياته في شهر فبراير مطلع هذا العام، وكان من المثير للاهتمام تنوع تلك المنظمات، إذ لم تقتصر تلك المنظمات على منظمات حقوق الإنسان الكلاسيكية، ولكن انضمت إليها أيضاً المنظمات الداعمة لحرية التعبير، والصحافة، ومنظمات دعم الأطباء، والرياضيين، والمدرسين والمحامين وغيرها بما يعكس تنوع القضية البحرينية وتعدد الأطراف التي تم استهدافها جراء الأحداث التي جرت في البحرين منذ فبراير 2011.

منظمات حقوق الإنسان
تقع منظمة " هيومن رايتس ووتش" على رأس قائمة المنظمات الحقوقية الدولية التي تبنت القضية البحرينية منذ بداياتها، ولم تكن علاقة هذه المنظمة بالبحرين جديدة إذ لطالما اهتمت هذه المنظمة ومديرها جو ستورك بموضوع البحرين، وكان لها العديد من الأنشطة المرتبطة بقضايا التعذيب في البحرين.
ومنذ فبراير 2011، قامت هيومان رايتس ووتش بإرسال ممثلين عنها إلى البحرين، والتقت بالعديد من النشطاء والمتضررين، وقامت بعمليات الرصد والضغط وإصدار التصريحات والرسائل الداعمة للمتضررين، كما أصدرت عدداً كبيراً من التقارير المرتبطة بالوضع البحريني وكانت أحد أهم المصادر التي وثقت ما حصل ويحصل في البحرين(1):
 

أما منظمة هيومن رايتس فيرست(2)فقد كانت أيضاً على رأس المنظمات الحقوقية الدولية التي اهتمت منذ البداية بقضية انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين، بل وخصصت لها ملفاً منفصلاً في عملها الحقوقي. وقد زار ممثلو هذه المنظمة البحرين عدة مرات لجمع المعلومات والاطلاع على الوضع، وأصدرت المنظمة عدة تقارير كمراجع للحالة البحرينية أحدها عن حالات التعذيب(3)والآخر بعنوان " البحرين... الحديث بنعومة"(4).

أما مجلس الاتحاد  الأوروبي فقد عبر هو الآخر عن اهتمامه بانتهاكات حقوق الإنسان في البحرين منذ بداية الأحداث مطلع هذا العام، إذ أصدر عدة بيانات وتصريحات كان آخرها شديد اللهجة معبراً عن قلقه الشديد من الوضع في البحرين ومحذراً من تفاقم خطورة الوضع في حال استمرت الانتهاكات على ما هي عليه(5).

منظمات الصحافة وحرية التعبير
كانت الحالة البحرينية موضوعاً رئيسياً من الموضوعات التي ركزت عليها منظمات الصحافة وحرية التعبير حول العالم، فقد كانت الانتهاكات التي تعرض لها الصحافيون والكتاب وأصحاب الرأي والمثقفون والشعراء مثار اهتمام وتركيز العديد من المنظمات الدولية التي تهتم بموضوعات حرية التعبير وحماية الصحافيين.
ووضعت منظمة مراسلون بلا حدود في تقريرها السنوي الذي صدر في ديسمبر 2011 البحرين على قائمة الدول الأكثر خطورة على حياة الصحافيين، وضمنت التقرير بالانتهاكات التي تعرض لها الصحافيون والمدونون في البحرين بما فيها مقتل الناشر كريم فخراوي والمدون زكريا العشيري جراء التعذيب في السجن(6).

وقد اهتمت منظمة مراسلون بلا حدود بوضع الصحافيين في البحرين منذ بداية حملة الانتهاكات التي استهدفتهم، ولا تزال هذه المنظمة التي يقع مقرها الرئيسي في فرنسا تهتم بتوثيق ما يحصل للصحافيين في البحرين علاوة على إصدار البيانات التي تدين هذه الانتهاكات.

أما منظمة حماية الصحافيين ومقرها نيويورك فقد اهتمت بشكل استثنائي بوضع الصحافيين والكتاب في البحرين، وكانت تتابع بشكل حثيث الانتهاكات والمحاكمات التي يتعرض لها الصحافيون في البحرين وتصدر التقارير والبيانات لدعمهم.  وفي بادرة لدعم حرية الصحافة في البحرين اختارت منظمة حماية الصحافيين أن تمنح جائزتها السنوية لحرية الصحافة لرئيس تحرير صحيفة الوسط الدكتور منصور الجمري الذي تعرض وصحيفته وعدد من العاملين فيها لهجمة كبيرة جراء تغطية الأحداث التي جرت في دوار اللؤلؤة بين شهري فبراير ومارس، حيث رفعت قضية ضد الصحيفة اتهمتها فيها وزارة الإعلام بالفبركة وتعرض رئيس تحريريها مع مدير التحرير ورئيس قسم المحليات للتحقيق والإيقاف عن العمل(7).

وتابعت عدد من المنظمات الدولية الأخرى التي تهتم بقضايا حرية التعبير موضوع البحرين وأصدرت عدداً كبيراً من البيانات والتقارير بهذا الشأن، ومنها الشبكة الدولية لتبادل المعلومات حول حرية التعبير IFEX ، ومنظمة قلم PEN  الأميركية.

المنظمات المهنية
حصدت قضية الأطباء البحرينيين الذين لا يزالون يتعرضون للمحاكمات في البحرين جراء معالجتهم الجرحى في الهجوم على المعتصمين في شهري فبراير ومارس من هذا العام تأييداً منقطع النظير من قبل منظمات حقوقية وطبية عديدة حول العالم، فقد كان للخصوصية التي تمتعت بها هذه المسألة بالذات جراء اتهام أطباء محترفين بجرائم أثناء قيامهم بعملهم الإنساني حافزاً للعديد من المنظمات الدولية وخصوصاً الطبية منها للتحرك ودعم الشعب البحريني من هذا الباب.
وعندما يأتي الحديث عن المنظمات الدولية الداعمة للأطباء البحرينيين، لا يمكن إغفال دور الوفد الإيرلندي المكون من عدد من أشهر الأطباء والجراحين في إيرلندا والذي قام بزيارة البحرين للإطلاع على وضع الأطباء والقضايا المرفوعة في حقهم. وعلى الرغم من الدراما التي صاحبت زيارة الوفد إلى البحرين إلا أن الوفد قام بإصدار عدد من البيانات التي دعم من خلالها موقف الأطباء البحرينيين وحث المجتمع الدولي على القيام بما يستلزم لمساعدتهم(8).

وقامت عدد من المنظمات الطبية والصحية ومنظمات العاملين في الحقل الصحي حول العالم بإصدار بيانات وتقارير متعددة تدعم قضية الأطباء في البحرين، وعلى رأسها منظمة  أطباء من أجل حقوق الإنسان(9) وكان لقطاع الرياضيين أيضاً نصيبه من دعم المنظمات الدولية، إذ تم تشكيل عدد من الحملات الدولية للدفاع عن الرياضيين المعتقلين ومن ضمنها الحملة التي نظمتها منظمة هيومن رايتس فيرتس لدعم الرياضيين البحرينيين في شهر يوليو من هذا العام(10).

أما المنظمات الدولية التي تهتم بحقوق المعلمين والطلبة فقد كان لها دور أيضاً في دعم قطاع المدرسين المحتجزين أو المفصولين عن العمل، إلى جانب الطلبة الذين تم فصلهم أو سحب منحهم الدراسية جراء مشاركتهم في الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية. ومثال ذلك منظمة التعليم الدولية(11) التي أصدرت عدة بيانات بهذا الخصوص.
كما اختارت منظمة أمنستي انترناشيونال نائبة رئيس جمعية المعلمين جليلة السلمان لتضعها على رأس قائمة عدد من الشخصيات حول العالم التي دعت للدفاع عنها وحمايتها من الاعتقال(12).

المفصولون من العمل
ولأن للحالة البحرينية خصوصية أخرى ترتبط بتسريح أكثر من 3 آلاف شخص من أعمالهم بناء على مشاركتهم في الاحتجاجات الداعمة للديمقراطية، فقد وجدت منظمات العمل وحماية العمال واتحادات ونقابات العمل حول العالم في الحالة البحرينية قضية تستحق الدعم بكل قوة.
 
ودأبت منظمة العمل الدولية منذ أشهر على عقد اللقاءات المتكررة والضغط على حكومة البحرين لإعادة المفصولين من أعمالهم، وهي القضية التي لا تزال عالقة على الرغم من إصدار كافة التوصيات بشأنها حتى في تقرير لجنة التحقيق المستقلة.
 
وقد ازداد الضغط على حكومة البحرين منذ أن رفع 12 اتحاداً عماليّاً دوليّاً في يونيو/ حزيران الماضي شكوى على حكومة البحرين نتيجة انتهاكها معايير العمل وتسريح المئات من الموظفين في القطاعين العام والخاص. فقد تقدم 12 اتحاداً عماليّاً يمثلون (بربادوس، بلجيكا، جنوب إفريقيا، كولومبيا، كندا، غينيا، تونس، فرنسا، بريطانيا، أميركا، الجزائر والنرويج) بشكوى لمنظمة العمل الدولية ضد حكومة البحرين لانتهاكها الاتفاقية (111) الخاصة بالتمييز في الاستخدام والمهنة، وذلك بناءً على المادة 26 من دستور منظمة العمل الدولية.

كانت جهود المنظمات الدولية في دعم قضية البحرين حاضرة ومؤثرة بشكل كبير على مجريات الأحداث فيها، وفي ظل غياب دعم رسمي دولي مباشر للثورة في البحرين شكلت جهود المنظمات الدولية على اختلافاتها نقطة ارتكاز رئيسية أعطت قضية البحرين بعداً دولياً مهماً من المتوقع أن يستمر في العام 2012.




هوامش

  1. أدخل كلمة بحرين في محرك البحث على موقع هيومان رايتس ووتش وستظهر لك كثير من التقارير
     
  2. انظر:منظمة هيومن رايتس فيرست
     
  3. تقرير لهيومن رايست فيرست عن التعذيب في البحرين
     
  4. تقرير لهيومن رايست فيرست: البحرين... الحديث بنعومة
     
  5. بيان البرلمان الأوربي
     
  6. تقرير لمنظمة مراسلون بلا حدود
     
  7. تكريم منظمة حماية الصحفيين للدكتور منصور الجمري
     
  8. تقرير سي ان ان عن البعثة الإيرلندية لتقصي الحقائق
     
  9. منظمة أطباء من أجل حقوق الانسان
     
  10. هيومن رايتس فيرست: حملة للدفاع عن الرياضيين البحرينيين
     
  11. بيان منظمة التعليم الدولية
     
  12. منظمة العفو الدولية تضع رئيسة جمعية المعلمين جليلة السلمان على رأس شخصيات تطالب بحمايتها

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus