"بنك أفكار" الوعي الشبابي يفاجيء المراقبين.. و"شعلة" مرة في كل أسبوع

2012-01-02 - 8:28 ص


"تقرير المصير" يجوب مناطق وقرى البحرين.. و4 أشهر من الثبات المر: لامستحيل!

مرآة البحرين (خاص): بدت لدى إطلاقها أول مرة فكرة أناس مناوئين، كفوا عن الإمساك بالأرض، بعد استحكام قبضة العسكر، فلجأوا إلى الرمزيات، وما وراءها. لكننا نعرف الآن، أنها لم تكن فكرة للمناوءة، بل فكرة شباب مفعم يصر على القول: لا مستحيل! بل يعمل من أجل ذلك. المستحيل الذي لم يعد مستحيلاً، وأخذ يشق طريقه بثقة في أرض السياسة المتحركة، هي فعالية "تقرير المصير"، وشعلتها معاً.
 
حين راح القيادي معاون أمين عام "الوفاق" خليل المرزوق 29 ديسمبر/ كانون الأول في المقشع يقدح النار في شعلة "تقرير المصير"، كان كمن يعترف بأنه ما عاد مجدياً التغافل عن "بنك أفكار" الوعي الشبابي الذي تفتق منذ لحظة 14 فبراير/ شباط. وصار يثبت يوماً بعد يوم أسبقيته في ابتكار وسائل المقاومة المدنية.
 
كانت الفكرة التي أطلقها ائتلاف شباب 14 فبراير/ شباط كالتالي: اعتصامات موضعية بشكل أسبوعي تنادي ب"تقرير المصير"، انطلاقاً من مبدأ الحق الثابت أممياً للشعب في تقرير مصيره بنفسه واختيار النظام السياسي الذي يلبي طموحه، بعد استنفاذ كامل طقم الحلول مع سلطة لم تعد تعترف بوجود شعب؛ بل صارت وظيفتها تتلخص في إلغائه.

هكذا جابت   الاعتصامات، وفقاً لجاذبية هذا النداء 10 مناطق طيلة 4 أشهر. لتجد رمزها تالياً في الشعلة، لتبدأ هذه بدورها رحلة أخرى على القرى والمدن. واجهت فعاليات "تقرير المصير"، كما شعلتها، انتقاماً خاصاً من السلطات. وليس سراً أن أكثر فعاليات تقرير المصير كانت تستبق بتواجد عناصر الأمن المكثف، ومباشرة سحقها لكل الأنشطة ذات العلاقة.

رغم ذلك، فقد نجحت في أكثر من مرة في الوصول إلى مرامها، وإذاعة بياناتها. يمثل هذا التقرير سياحة مع الفعالية منذ وهلة انطلاقها في أواخر يونيو/ حزيران الماضي.


جدحفص تحتضن الانطلاقة
في يوم   الخميس 30 يونيو/حزيران 2011 زحف آلاف المتظاهرين من مختلف مناطق البحرين إلى ما يدعونه "مثلث الصمود" في إشارة إلى مناطق السنابس الديه وجدحفص، تلبية لدعوة ائتلاف شباب 14 فبراير/ شباط للاعتصام الأول الذي أسماه "حق تقرير المصير" بساحة سوق جدحفص. لكن   قوات الأمن استبقتهم إلى المكان منذ بدء الظهيرة، وتمركزت في الساحة المعدة للاعتصام بأعداد كبيرة.
 
وقد باغتت المشاركين منذ بدء توافدهم بإطلاق النار عليهم، ما أدى إلى وقوع صدامات وإغراق الأحياء والمنازل بالغازات فأصيب واختنق كثيرون. وكان من المزمع أن ٌتلقى كلمة للائتلاف في موقع الاعتصام إلا أن قمع السلطات حال دون ذلك.
 
 
وقد أكد الائتلاف في كلمته التي نشرها لاحقاً على "أن صمود الشعب في الثورة ومواصلتها حتى انتزاع حقَّه المشروع في تقرير مصير هذا الوطن هو أمرٌ حتمي، وإلاَّ فلن  نجد بعدها من ينتشلنا من وحلِ المعانات وسنكون لعنة الأجيال القادمة لما فرّطنا بهِ من فرصٍ تاريخية". وشدد على أن "من حقَّ الشعب أنْ يُقرر مصيرهُ بنفسه عبر استفتاءٍ عام عبر الأمم المتحدة"، معتبراُ "أن الأزمة الخانقة في البحرين منذُ عشرات السنين تتطلبُ منا الإصرار من أجل الوصول لحلٍ جذري، أما الحلول الترقيعية فهي مرفوضة جملة وتفصيلا".


البلاد القديم.. رايات ترفرف
لم يختلف أسلوب السلطة في مواجهة اعتصام "حق تقرير المصير1" عن "حق تقرير المصير 2" والذي أقيم في البلاد القديم 7 يـولـيو/ تـمـّوز 2011، من حيث تواجد قوات الأمن الاستباقي والبدء بقمع عملية التوافد منذ لحظة البداية. بل أنها، في هذه المرة كثفت من عملية القمع نظراً لموقع ساحة الاعتصام المفتوح من أكثر من جهة. ما أتاح إمكانية التمركز لقوات الأمن في محاور مختلفة، لتباشر بقمع المشاركين.
لكن على الرغم من ذلك فقد تمكن عدد من الشباب والشابات من الوصول إلى موقع الاعتصام رافعين أعلام البحرين وملوحين بها في الهواء. وقد سجل وقوع العديد من الإصابات في إثر الصدامات التي اندلعت، بينها إصابات بليغة.

سترة.. سقوط شهيدة
كانت المحطة الثالثة لفعالية "حق تقرير المصير" في جزيرة سترة في 15 يـولـيو/ تموز 2011. وقد طوقت قوات الأمن منطقة الاعتصام للحيلولة دون وصول المتظاهرين له. كما أطلقت النار وقنابل الغازات الخانق بشكل مفرط، ما أدى إلى استشهاد المواطنة زينب آل جمعة (47 عاماً) من منطقة مهزة اختناقاً بعد أن أطلقت عبوة مباشرة على منزلها.
وقد أكد ائتلاف 14 فبراير/ شباط في بيان له على "المضي قُدُماً في مشروعنا الكبير من أجلِّ أن ينال شعبنا حقَّهُ المكفول أممياً، فلن ينتهي الصراعُ في البحرين إلا عبر تمكين الإرادة الشعبية لتختار ما ترتئيهِ مناسباً وملبياً لطموحاتها وتطلعاتها وتختار نوعية النظام الذي يتناسبُ مع أصالتها وثقافتها".
 
الدراز .. صدامات عنيفة
احتضنت منطقة الدراز في 22 يـولـيو/ حزيران 2011 "حق تقرير المصير 4". تصاعد الاحتجاجات بشكل لافت بعد أن حالت قوات الأمن دون وصول المتظاهرين إلى موقع الاعتصام مستخدمة البطش والتنكيل. وندلعت صدامات عنيفة أصيب فيها عدد من المتظاهرين كما جرى اعتقال آخرين.
بدوره، فقد جدد الائتلاف موقفه من "حقنا الإنساني الذي أقرته المواثيق والعهود الدولية قاطبة،   بتحديد خياراتنا السياسية عبر نظام سياسي جديد لا مكان فيه لهذه الطغمة الفاسدة التي فقدت كل مقومات الشرعية، وباتت سلطة لا شرعية لها إلا شرعية البطش والقمع، وهي شرعية لا تقرها منظومة الحقوق الإنسانية التي توافق عليها العالم".


السفارة الأميركية: رسالة مفتوحة
قبل ساعات من اعتصام "حق تقرير المصير 5" الذي صادف يوم 29 يوليو/ تموز 2011 في ساحة السفارة الأميركية بالمنامة، وجه ائتلاف 14 فبراير/ شباط رسالة مفتوحة للإدارة الأميركية دعا فيها إلى "فك الارتباط مع النظام البحريني ورفع الغطاء عنه بشكل كامل، وإعلان موقف عادل من مطالب الشعب البحريني". كما دعا الإدارة الأميركية إلى " انسجام سياستها في هذا البلد مع خطاباتها المعلنة من تأييد حق الشعوب في الديمقراطية وتقرير مصيرها"، محملاً إياها "جزءاً كبيراً من المسؤولية لما جرى على الشعب البحريني من قمعٍ وقتلٍ وتعذيبٍ وإبادة". غير أن السلطات البحرينية كانت لها كلمتها أيضاً. فقد قامت وحدات كبيرة من قوات الأمن بتطويق المنطقة بشكل كلي، إضافة إلى إغلاق جميع المنافذ المؤدية إليها، ومباشرة قمع أية مجموعات تتوافد عليها. وقد اعتبر الائتلاف في وقت لاحق من أن هذا القمع "يكشفُ بجلاء حقيقة الغطاء الذي توفّرهُ الإدارة الأميركية لهذا النظام الدموي".


بني جمرة .. "دفاع مقدس"
شكّل اعتصام "حق تقرير المصير 6" في بني جمرة يوم 4 أغسطس/ آب 2011 نقلة نـوعية في اعتصامات المصير. وذلك لجهة الآلية التي قاموا باعتمادها، في عملية التصدي لعنف الشرطة، والتي صارت تسمى "الدفاع المقدس". وقد حالت دون تمكن قوات الأمن من التقدم رغم أعدادها الهائلة، ومدها بتعزيزات إضافية.
 

الدير .. تغير المعادلة ميدانياً
حقق اعتصام "حق تقرير المصير7" يوم 26 أغسطس/ آب 2011 بمنطقة الدير نجاحاً كبيراً   رغم أجواء القمع التي فرضتها قوات الأمن. وذلك نظرا لحساسية موقع الدير القريب من مطار البحريني الدولي. ورغم أن الشرطة قد عملت بمساندة عناصر من جهاز الحرس الوطني على استباحة البلدة لساعاتٍ طويلة، إلا أن المتظاهرين استطاعوا اختطاف الساعة الأخيرة لعقد الاعتصام، ونجحت اللجنة التنسيقية في بثِّ كلمة الائتلاف في الساحة المقررة، فيما يمكن أن تكون المرة الأولى الذي يتمكن فيها من ذلك.
                         

عالي .. انتهاكات واعتقالات
واجهت قوات مكافحة الشغب اعتصام "حق تقرير المصير8" بمنطقة عالي في 8 سبتمبر/ أيلول 2011 بالقمع الاستباقي، وحالت دون وصول المتظاهرين إلى موقع الاعتصام. وشهد هذا اليوم صدامات امتدت إلى منطقة بوري المجاورة. كما وقعت العديد من الإصابات وجرت اعتقالات في أوساط المحتجين.


النويدرات.. صمود!
احتضنت منطقة النويدرات، مسقط رأس أحد قيادات المعارضة، وهو زعيم حركة الوفاء عبدالوهاب حسين "تقرير المصير 9". وشنت قوات الأمن حملة قمع شديدة ضد المتظاهرين قبل بدء الاعتصام، حيث أغرقت الأحياء بالسكنية بقنابل الغاز الخانق فأوقعت اختناقات عديدة. وسرعان ما امتدت المواجهات إلى المناطق المجاورة، المعامير العكر سترة وسند، حيث استمرت لوقت متأخر من ذلك اليوم.

السنابس.. انطلاق الشعلة
دشن ائتلاف 14 فبراير/ شباط أسلوبا جديدا في التحشيد لفعالية "حق تقرير المصير 10" عبر إقامة مراسم افتتاحية خاصة بما دعي "شعلة حق تقرير المصير" 27 أكتوبر/ تشرين الأول. وهي فكرة تحاكي الشعلة الأولومبية، بحيث يجري تمريرها على مختلف مناطق الاحتجاجات،   ويتم تدشينها في مناسبة خاصة بحضور عوائل الشهداء وجماهير الثورة في أسلوب رمزي يجري التأكيد من خلاله على مواصلة الثورة. وقد مرت الشعلة منذ هذا التاريخ على أكثر من 20 منطقة. ودعا الائتلاف جميع البلدات والمدن للاستعداد لاستقبال شعلة حق تقرير المصير التي ستمرر على كافة أرجاء البحرين وسينتهي بها المطاف في بلدة السنابس القريبة من دوار اللؤلؤة تمهيداً لأول اعتصام صباحي يُقام في دوار مركز البحرين الدولي للمعارض في يوم الثلاثاء   22 نوفمبر/ تشرين الثاني بالتزامن مع معرض الجواهر العربية الذي يقام تحت رعاية رئيس الوزراء. وقد استنفر النظام طاقاته الأمنية في يوم موعد الاعتصام المذكور، وحاصر المنطقة كما قام بقمع المشاركين.

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus