من مواقف المفكرين: "هيكل" يعترف بظلم البحرينيين.. و"تشومسكي" يشرشح صمت العم سام و"المرزوقي": البحرين حرة حرة

2012-01-04 - 7:06 ص



مرآة البحرين (خاص): استقطبت ثورة 14 فبراير/ شباط مواقف مفكرين عالميين من العيار الثقيل. ولم تحل سياسات التعتيم التي فرضها الإعلام العربي خصوصا، دون وصول أنبائها إلى كافة أصقاع المعمورة. وقد ناب عنه الإعلام الغربي فقام بالواجب على أكمل وجه. حتى تبرم صحفيون موالون للأنظمة الخليجية مثل جهاد الخازن من شدة التركيز عليها في الصحافة البريطانية. كأنما أريد لها وللبشاعات التي ارتكبت في حق أنصارها البقاء تحت التعتيم أو بمثابة "صرخة في الظلام" كما عبر الصحفي البريطاني جون بلاير. وكانت الذريعة إن عدد ضحاياها لا تعدو العشرات، فيما قاربت في سوريا واليمن الآلاف، متناسين الحجم الصغير لسكان البحرين، والذي لا يعدو النصف مليون، وفق آخر الإحصاءات.
 
 
تشومسكي
من الولايات المتحدة الأميركية، راح مثقفون كبار يتداعون لتوقيع العرائض وتسليط الضوء على هذا الحدث. وكان عالم اللسانيات التوليدية الأشهر ناعوم تشومسكي على رأسهم. وهو لم ينس أن يضع لحظة 14 فبراير/ شباط، بأدوات المفكر الضليع، في السياق الأهم ضمن الخطيئة التي ترتكبها الإمبريالية الأميركية. وقد اعتبر في كلمة له في الذكرى 25 لمجموعة "مراقبة الإعلام الوطني" أن حالة البحرين هي "الأشد إثارة للاهتمام" من بين كل دول الربيع العربي. وهي أهم "كونها مقراً للأسطول الأميركي الخامس، الذي يمثل قوة عسكرية كبرى في المنطقة". أما السبب الجوهري الآخر فهو "أن 70 في المائة من شعب البحرين هم من الشيعة، وهي قريبة جداً من المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية، وهي المنطقة التي تسكنها أغلبية شيعية أيضاً وتصادف أنها المنطقة التي تحوي معظم النفط السعودي".
 
ويقول تشومسكي "كان ولا يزال هناك قلق بين واضعي السياسات منذ مدة طويلة حول التحرك باتجاه نوع من التحالف الضمني بين هذه الأقاليم الشيعية التي يمكن أن تتحرك نحو المطالبة بالاستقلال والسيطرة على معظم الثروة النفطية في العالم. وهذا بكل وضوح أمر لا يحتمل". وأضاف "كانت هناك انتفاضة، مدينة خيام في ساحة رئيسة تشبه ساحة التحرير. قوات الجيش بقيادة السعودية، غزت البحرين، أعطت قوات الأمن هناك فرصة لأن تسحق التظاهرة بكل عنف، تدمر مدينة الخيام، بل تدمر نصب اللؤلؤة أيضاً، وهو رمز للبحرين، وتحتل المجمع الطبي الرئيسي، تطرد المرضى والأطباء، وتقوم بشكل منتظم، في كل يوم باعتقال ناشطي حقوق الإنسان وتعذيبهم، بين الحين والآخر، كنوع من التأديب فقط".
 
وقد شبه عملية اقتحام قوات الأمن البحرينية إلى دوار اللؤلؤة في ظل صمت الولايات المتحدة ب"قاعدة كاروثرز": "إذا توافقت هذه الأفعال مع استراتيجيتنا وأهدافنا الاقتصادية، فلا بأس بذلك. يمكن أن نلقي خطابات أنيقة لكن ما يهم هو الحقائق" على حد تعبيره.

 دعاة التغيير في البحرين ظلموا
 
هيكل
ولم يتأخر المؤرخ المصري محمد حسنين هيكل من وضع مقاربة رصينة إلى الزلزال البحريني، واضعاً إبهامه على جذر العصب الضارّ. فاعتبر أن "دعاة التغيير في البحرين ظلموا". وقال "نحن في العالم العربي نرتكب جريمة تاريخية من دون أن ندري، حين نستبدل الصهيونية بالشيعة، وإسرائيل بإيران".
 
وأضاف في حوار معه على قناة الجزيرة الفضائية يونيو/ حزيران الماضي "نحن ننسى أن الشعب البحريني - في عهد الزعيم المصري الراحل جمال عبدالناصر وقد كنت شاهداً على المداولات التي جرت آنذاك بين شاه إيران والملك فيصل -، وكان 70 في المائة منهم شيعة، قد صوت على عروبة البحرين بمن فيهم الشيعة". وتابع هيكل "المشكلة أننا في العالم العربي رافضون لقبول أن هناك تنوعاً (...) إنه المنطق الضيق للمذهبية على حساب الوطنية. هل نحن نتكلم عن وطن أو نتكلم عن مذاهب؟". وقال "نعم، ثورة البحرين مظلومة (...) الوضع الإقليمي العربي يتعامل مع ثورة البحرين بعدم إنصاف لأن غالبية الشعب البحريني من إتجاه معين".
 

سعد الدين ابراهيم
 
ومن مصر الثورة أيضاً، جاءت مقاربة عالم الاجتماع والمفكر الليبرالي سعد الدين إبراهيم بمثابة ضربة لطقم الأوهام الذي أريد له أن يسود حول الربيع البحريني. وقال "هل صدّق بعضنا دعاية النظام الملكى الحاكم لأسرة آل خليفة، أن إيران وراء انتفاضة الشعب البحرينى؟ وهل صدّقنا دعاية نفس النظام أن تلك الانتفاضة، هى انتفاضة طائفية شيعية".

وأضاف في مقال بجريدة "المصري اليوم" 13 أغسطس/ آب 2011 في السياق نفسه "نسبة الشيعة فى البحرين تصل إلى حوالى 60 في المائة، ومع ذلك فهم محرومون من السُلطة والثروة، التى تستأثر بها النُخبة السُنيّة الحاكمة، والتى زادت الطين بلة، بمُحاولة تغيير التركيبة السُكانية، بفتح باب الهجرة للوافدين من باكستان والهند وأفغانستان، وتجنيدهم فى الجيش والشرطة، وإعطائهم الجنسية البحرينية. هذا فى الوقت الذى ترتفع فيه نسبة البطالة بين أبناء البحرين الأصليين، لا لشىء، إلا لأنهم ولدوا لعائلات شيعية".
 
وتابع إبراهيم "ما يفعله الملك البحريني بتعميق الخلاف المذهبى فى البحرين، لتوطيد حُكمه، هو امتداد بائس لنفس ما فعله مُعاوية وابنه يزيد قبل أربعة عشر قرنا. وهو نفس ما يفعله بشّار الأسد، وإن كان الأمر معكوساً فى سوريا".

المنصف المرزوقي: البحرين حرة حرة
 
ومن تونس محمد البوعزيزي، صاحب الرمزية العميقة في "الربيع العربي" جاءت مقاربة مفكرها ورئيسها الحالي المنصف المرزوقي "المنصفة"، بلا أي اعتبارات أو دبلوماسية. وهو لم يكتف برصف الكلمات من مقعده الوثير، بل مشى في يونيو/ حزيران الماضي برجليه إلى مقر السفارة البحرينية في العاصمة تونس، ليحتج وينتفض من أجل حقوق إخوته البحرينيين، ومردداً مع المرددين: "البحرين حرة حرة".
 
وقال "الثورة البحرينية ليست طائفية بل تأتي في اطارِ قضية شعوب عربية ترزح تحت سطوة الدكتاتوريات". ورأى أن "البحرينيين يعانون ما عانى منه التونسيون من فساد وظلم وقمع، وأن النظام الحاكم في البحرين يلعب على ورقة الطائفية"، معتبراً أن "معركة البحرينيين جزءا من معركة التونسيين".
وأضاف ضمن كلمته أمام السفارة "نقول لإخواننا في البحرين نحن التوانسة نساندهم كعرب ونساندهم في نضالهم (...) نحن السنة في تونس نعتبر أن القضية ليست قضية السنة ولا الشيعة بل هي قضية شعوب عربية ترزح تحت الديكتاتوريات".

 
وفي حين تأخر المفكر الفلسطيني عزمي بشارة، صاحب أهم كتاب في المكتبة العربية عن "المجتمع المدني"، عن تثمير مقاربة بإزاء الحدث البحريني، غير أنه عاد مؤخراً ليضع سطوراً على حسابه في "تويتر" تجبّ عنه بعض العتب. وقد رأى أنه لا مناص من "التحول في البحرين، وإن كان بطيئا، فهو ليس برغبة من النظام وإنما هو نتيجة للثورة". لكنه رأى أنه "ليس هنالك حل منفرد لمسألة البحرين لأنها أصبحت مرتبطة بالظرف الإقليمي. الحل الوحيد هو الإصلاح التدريجي الحقيقي وليس الشكلي"، مضيفا "ليست الديمقراطية حكم الأغلبية الطائفية في سوريا كما على البحرين بل حكم بموجب مبادئ الديمقراطية على أساس المواطنة المتساوية".
 
لكنه شدد في الوقت نفسه على أنه "في الدول التي يمكن أن تتحول فيها الثورة للاحتراب الأهلي نشدد على الانتقال إلى الديمقراطية بالتدريج بحيث تشارك القطاعات الخائفة في العملية" وفق تعبيره.

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus