تناقض النسختين العربية والإنجليزية لا يخلو من دلالات.. و"اللجنة" تجاهلت مرسوم "السلامة الوطنية"

2012-01-08 - 2:55 م



 مرآة البحرين(خاص):
لا شك أن إبداء رأي شامل في كل جزئيات تقرير "اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق"، هي مهمة تتسم بالتشعب – وليس الصعوبة – وذلك نظراً لإحتواء التقرير على الكثير من الوقائع، والكثير من الخلاصات والإستنتاجات، التي ذهبت إليها اللجنة، والتي هي بحاجة إلى الكثير من الوقت لبحثها وإخضاعها لدراسة وتحليل متعمقيّن.
 
والحال أن "الوقت الكافي" لهذه الدراسة هو ترف وامتياز في آن لم يتوافر خلال الفترة الماضية وخصوصاً  أننا بذلنا بعض الجهد، في مقارنة النص الإنجليزي – الذي نشرته اللجنة على موقعها على شبكة الإنترنت – بالنص العربي الذي نشرته اللجنة ذاتها وتبعتها في ذلك الصحافة المحلية. والداعي لذلك، هو الفضول الشديد الذي اعترى كثيرين، عندما سحبت اللجنة النص العربي الذي تم نشره في البداية. والسبب في هذا الفضول هو إننا نعتقد جازمين بأن هناك مسئولية أخلاقية – بالدرجة الأولى – تقع على عاتق اللجنة نتيجة قيامها بنشر النسخة العربية، لتقرير هو على درجة كبيرة من الخطورة والأهمية، كما هو حال تقريرها موضوع هذه الورقة  ومن ثم سحبه. ذلك أن من إطلع على النسخة العربية الأولى، وقارنها مع النص المحرر باللغة الإنجليزية، سيقع – في أحسن الأحوال – في حيرة شديدة حول الأسباب التي أدت إلى هذا التباين، في بعض الأحوال، والنواقص في أحوال أخرى، وربما التناقض في بعض الحالات، بين النص العربي المنشور في البداية والنص الإنجليزي، وهو أمر لا يخلو من الدلالات.

     وبالعودة إلى موضوع هذه الورقة، فإننا وجدنا أنفسنا مضطرين – بالنظر إلى ما سلف الحديث إليه من تشعب التقرير وضيق الوقت –  إلى قصر موضوع هذه الورقة على مناقشة بعض "الملاحظات العامة" وليس كلها، والتي ضمنتها اللجنة في الفصل الثاني عشر من تقريرها والمعنون "الملاحظات العامة والتوصيات".

    وفي هذا الصدد، فإنه لا بد من الإشارة إلى أن مناقشة هذه الملاحظات ستعتمد – بدرجة كبيرة – على ما ورد بمتن التقرير ذاته. بمعنى أن إبداء الرأي فيما إذا كانت هذه "الملاحظة العامة" أو تلك التي أوردتها اللجنة، تنسجم وتتسق مع تلك التفاصيل والتقريرات والخلاصات التي تضمنها كل فصل من فصول التقرير على حدة. ذلك أنه من المنطقي بل ومن اللازم أيضاً أن تستند كل ملاحظة ختامية، أوردها التقرير في فصله الأخير، إلى ما يقابلها أو يتعلق بها من تفاصيل وتقريرات أوردتها اللجنة في متن تقريرها.
 
    ولكن، وقبل الشروع في مناقشة هذه الملاحظات، نرى من الأهمية بمكان، استهلال هذه الورقة، بإبداء رأي حول المرسوم الملكي رقم (18) لسنة 2011 بإعلان حالة السلامة الوطنية. وذلك نظراً إلى أن هذا المرسوم، والحالة التي أعلنها، والسلطات التي منحها، والظروف التي خلقها على أرض الواقع، تشكل جزءً لا يتجزأ – أو ربما الجزء الأكبر- من الأسباب التي أدت إلى تشكيل لجنة تقصي الحقائق. ونرى بأن أهمية مناقشة إعلان حالة السلامة الوطنية هو نتيجة حتمية لما هو ثابت من التجاهل التام للجنة لهذا المرسوم، وإغفالها لآثاره وتداعياته ونتائج تطبيقه على أرض الواقع وعلى الأحداث والظروف والملابسات التي وقعت خلال الفترة التي شملها الإطار الزمني لمهمتها، وما استتبع ذلك من أحداث لاحقة على ذلك الإطار الزمني، باعتبارها وقائع وملابسات تشكل سلسلة مستمرة ومتواصلة مع الوقائع والملابسات التي سبقتها. ونقصد من تجاهل اللجنة لهذا المرسوم هو تقدير مدى توافق إعلان حالة السلامة الوطنية – وهي حالة أحكام عرفية – مع الدستور والمعايير الدولية المتعارف عليها لإعلان حالة الطوارئ. ذلك أن وضع إعلان حالة السلامة الوطنية على ميزان المعايير الدولية في هذا الشأن هو، في إعتقادنا، الوسيلة الأمثل لتقدير توافر عنصر الملاءمة لفرض حالة الأحكام العرفية من حيث توافر الأسباب والشروط المبررة لفرض مثل هذه الأحكام الاستثنائية.  والدليل على تجاهل وإغفال اللجنة لهذا المرسوم وتداعياته، ليس من قبيل التجني عليها أو اتهامها بما لم ترتكبه.

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus