» رأي
المدنية وشعارات الثورة التعبوية
إيمان شمس الدين - 2012-01-30 - 9:15 ص
إيمان شمس الدين*
تتصاعد أحداث الثورة البحرينية بشكل دراماتيكي حيث انتقلت سلمية الحراك المطلبي إلى حالة المواجهة الدفاعية عن العرض والشرف بفتوى شرعية صريحة عنوانها " اسحقوه".
ولا خلاف أبدا سواء على المستوى الديني الفتوائي أو على مستوى المواثيق الدولية والقيم الأخلاقية الإنسانية على مشروعية وحق الإنسان في الدفاع عن نفسه وعرضه وأرضه وماله، ونعلم أهمية انتقال الحراك وفق معطيات ميدانية تطلبت المواجهة الدفاعية.
والمتتبع لخطابات الجمعيات السياسية وخاصة الوفاق يلحظ أن المطالب تتركز على قيام ديموقراطية حقيقية ودولة مدنية، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل هذا المطلب يتناسب مع ما تطلقه مجاميع الثورة بين الحين والآخر من عناوين لحراكاتها " كراية الدفاع المقدس " وغيرها من العناوين الشعاراتية التي لا تتناسب ومطلب الدولة المدنية؟
إن المتابع للشأن البحريني يلحظ غرق الرموز والناشطين في تفاصيل يومية لكل قرية على حدة مما يشعرك بتشتت الجهود وبعدم تماهي المطالب مع الشعارات المطروحة بما يوحي عدم وجود تنسيق منهجي أو رؤية واضحة في مواجهة تعنت السلطات بل توغلها أكثر في مستنقع القمع والقتل والدماء دون أن يرف لها جفن بل يخرج علينا الملك ليشكر القوات الأمنية على ما تقوم به في حفظ أمن المملكة، فبعد مرور عام تقريبا على الحراك المطلبي من المفترض تنظيم الصفوف أكثر، من خلال فرز راصدين متخصصين في القضايا الحقوقية لكل قرية وتنظيم الصفوف وفق رؤية استراتيجية مرحلية للحراك يكون هدفها الأول والأخير تحقيق المطالب.
إضافة إلى الأخذ في الحسبان في هذه الاستراتيجية معطيات الواقع الداخلي والاقليمي إذ إن من الواضح أن ملف الثورة البحرينية متعلق بعدة قضايا تمسك بزمامها المملكة العربية السعودية حيث إن مركز القرار ليس في الرفاع وإنما في الرياض.
إن تقسيم العمل بين جناح سياسي وجناح شعبي بحيث يمثل الجناح الشعبي الذراع الضاغطة للجناح السياسي يشكل صمام أمان محكم أمام تعنت وصلف النظام البحريني في وجه الحراك المطلبي للإصلاح والتغيير.
إلا أن ما يجب أخذه بالحسبان هو ضرورة أن يتسق خطاب وشعارات الثورة مع غاياتها ومقاصدها التي تسعى الثورة لتحقيقها، فمطلب الدولة المدنية الديموقراطية يفترض أن يستخدم في شعاره وخطابه لغة القانون والدستور والمواثيق الدولية، إذ إن فيها الكثير الذي يدفع باتجاه حراك الثورة ويحفظ حق الثائرين في الدفاع عن أنفسهم دون الحاجة لتعريض رموز دينية لخطر التصفية، فالشعب البحريني شعب متدين بطبعه ويحترم جدا رأي فقائه حول ما يقوم به في الثورة، إلا أن ذلك لا يعني أبدا أننا نحتاج اللجوء للفقهاء حتى في البديهيات العقلية التي يستطيع الشاب تشخيصها بوعيه وهي حق الدفاع عن المال والعرض والأرض، وانتظارنا بهذا الشكل للفقيه يعرض رموزنا الدينية لخطر الملاحقة والتصفية إضافة إلى أنه يثقل الرموز الدينية بجزئيات هي من صميم تشخيص المكلف وفق الأسس العامة التي حددتها معالم الشريعة حول قضية الدفاع، بيد أنه يفترض أن يكون جل همه في كليات الحراك المطلبي ومآلاته على المستوى الخليجي والإقليمي.
لذلك أجد من وجهة نظري ضرورة توزيع المهام بشكل منظم بين الجمعيات السياسية بما تمثله من جناح سياسي للثورة وبين الثوار الشباب بما يمثله من الجناح الشعبي لها والمتعلق بالعمل الميداني المواجه وفق أسس تحمي الثورة من أي محاولات للالتفاف عليها ومصادرتها وتحافظ على منجزاتها ومكتسباتها من جهة، وتخفف إلى أقصى حد من الخسائر البشرية والمادية حقنا للدماء وتوفيراً للجهود الشبابية كي تبذل في وقتها ومكانها السليم.
إن وظيفة الفقهاء متعلقة بتشخيص الكليات ومتابعة ملف الحراك خليجياً وإقليمياً لما يمثله موقعها من ثقل يلعب دورا محورياً في تحقيق المطالب على هذا المستوى، وحفظ هذه الموقعية والوظيفة يتطلب منا وعياً بضرورات المرحلة ومتطلباتها كي نستطيع كأفراد تشخيص الوظيفة المطلوبة في الحراك وفق زمنها ومكانها المناسبين.
Chamseddin72@gmail.com
*كاتبة كويتية.