الأرباح تجعل الأسلحة البريطانية أكثر أهمية من حقوق الإنسان في البحرين

أندرو سميث - موقع أوبن ديموكراسي - 2016-03-23 - 1:46 ص

ترجمة مرآة البحرين

مضت خمس سنوات على اندلاع الانتفاضة في البحرين. وقد بدأت باحتجاجات سلمية، لكن تم سحقها من قبل حكومة استبدادية تحظى بدعم الإعلام الموالي ودعم بعض من أقوى الدّول الغربية.

منذ ذلك الحين، أنفقت السّلطات البحرينية ملايين الجنيهات على جماعات الضّغط وشركات العلاقات العامة لتبييض انتهاكاتها. وقد وظّفت موارد هائلة للتّودد للقوى الإقليمية وزعماء العالم، لكن أيًا من ذلك لم يكن قادرًا على تغيير الوحشية الفظيعة التي تعاملت بها مع شعبها.

تكلمت إلى عيسى العلي، وهو ناشط بحريني اعتُقِل وعُذِّب في الانتفاضة البحرينية. وقد تم وضعه في مكز للاحتجاز وهُدِّد بالترّحيل عند طلبه اللّجوء في المملكة المتحدة.

كان عيسى يبلغ من العمر 17 عامًا فقط في فترة الرّبيع العربي. وقد حلم بالدّراسة في الجامعة، وبأن يصبح محاميًا. وتحولت حياته في العام 2013 عندما شارك في احتجاج في قرية السّنابس. فقد لاحظ هناك أن الشّرطة كانت تتبعه. أخبرني أن " 12 سيارة بدأت بملاحقتي في الشّارع. كنت خائفًا جدًا وعلمت أنه يتحتم علي أن أهرب. كانوا يقودون بسرعة فائقة، كما لو أنهم كانوا يحاولون سحقي".

وقبل أن يستطيع الهرب، ركض أحد رجال الشّرطة وراءه، وقفز عليه من الخلف وثبّته على الأرض. ويتذكرعيسى أنه "قال لي أن أنهض وأنه يريد اصطحابي إلى مركز الشّرطة. حاولت الرّفض، مخبرًا إياه أني لم أقم بأي شيء خاطئ. وحين كنت على الأرض، وضع شرطي آخر مسدسه على رأسي وقال لي: "هل تريد مني أن أقتلك؟".

رماه عناصر الشّرطة في السّيارة واقتادوه بعيدًا. وتوقفوا في نهاية المطاف في منطقة مظلمة ومفتوحة. صرخ أحد العناصر في وجهه، متهمًا إياه بالبدء بإطلاق النّار وبرمي قنابل المولوتوف. وبدأوا أيضًا بتوجيه أسئلة إليه عما كان يعرفه، محاولين الوصول إلى المزيد من المعلومات.

وكرر عيسى القول إنه لم يفعل أي شي خاطئ. فصرخوا في وجهه، وهددوه، قبل أن يقوموا بلكمه في  وجهه وضربه، بكامل قوتهم، مع أسلحتهم وخوذاتهم. وأخبرني أنهم "قالوا لي إنه في حال لم أعطهم الإجابات التي يريدون سماعها، فإنهم سيجعلونني أرى شيئًا لم أره قبل أبدًا". وازداد الضّرب سوءًا، إذ نزع مهاجموه عنه الثّياب وحمل أحدهم سكينًا وقرّبها من أعضائه التّناسلية.

وأضاف أنهم "قالوا لي إنهم سيقطعون أعضائي في حال لم أعطهم المعلومات. أخبرته، أنني لا أعرف عما يتكلمون. فضغطوا بالسكين على جسدي ولوهلة شعرت بأنهم فعلوا ذلك".

وواصلت الشّرطة ضربه وتعذيبه، وركله ولكمه إلى أن رماه أحد العناصر من السّيارة على الأرض. وقال إنه "لأنني كنت غير قادر على الكلام، عذبوني مجددًا. بعد ذلك، اقتادوني إلى مركز الشّرطة. كنت أشعر بالألم الشّديد بحيث لم أستطع المشي، أو الأكل أو النّوم". ورفضوا السّماح له برؤية طبيب أو حتى الاستحمام. قال إنه "تم احتجازي ولم أستطع التّكلم إلى عائلتي".

تم الإفراج عنه أخيرًا بعد ثلاثة أشهر، ولكن حتى آنذاك، لم يكن حرًا. واصلت الشّرطة الاتصال به والطّلب منه إعطائها المعلومات أو سيقومون بقتله. علم عيسى أنّه  لا مستقبل له في البحرين طالما بقي هذا النّظام قائمًا.

سافر إلى المملكة المتحدة في فبراير/شباط 2014، طالبًا اللجوء السّياسي في المطار. رفضت وزارة الدّاخلية طلبه، وهدّدته بإعادته إلى البحرين، على الرّغم من الوضع المُريع لحقوق الإنسان. لحسن الحظ، بعد حملة عامة، تدخلت المحكمة العليا لوقف التّرحيل.

قصة عيسى مروعة، ولكنها لا تشكل قضية فريدة من نوعها. هناك كثيرون آخرون في البحرين يمتلكون قصصًا مشابهة. صدر تقرير مؤخرًا عن منظمة العفو الدّولية يظهر في رسوم بيانية أربعة أعوام من "الانتهاكات المتزايدة، بما في ذلك التّعذيب والاعتقالات التّعسفية والاستخدام المفرط للقوة ضد النّاشطين المسالمين ومنتقدي الحكومة"، ويدين هذه الانتهاكات.

وبدلًا من الدّعوة إلى إنهاء العنف والقمع اللّذين تتم ممارستهما في البحرين، فإن المملكة المتحدة فخورة بعلاقتها مع النّظام. لا يشير وزير الخارجية، فيليب هاموند، فقط إلى البحرين كحليف، بل وصفها على أنها بلد "يتجه في المسار الصّحيح".

شركات الأسلحة والحكومات، كالحكومة البريطانية، تعاملت مع الصّراع على أنه فرصة تجارية، مع ازدياد كبير في مبيعات الأسلحة. وبين فبراير/شباط 2011 وسبتمبر/أيلول 2015، رخصت المملكة المتحدة مبيع ما تبلغ قيمته 64 مليون دولار من الأسلحة إلى البحرين. وقد شملت البنادق الرّشاشة وبنادق القنص وبنادق الاقتحام والذّخيرة المضادة للدّروع.

في ديسمبر/كانون الأول 2014، وعقب سلسلة طويلة من الزيارات الدّبلوماسية والصّور التّذكارية، تم توقيع اتفاقية بين المملكة المتحدة والبحرين. وإحدى نتائج ذلك افتتاح المملكة المتحدة لقاعدة بحرية في البحرين، ستدف الأخيرة أغلب تكاليفها. في المملكة المتحدة، رحب الوزراء مثل هاموند بالخبر. لكن في البحرين، قوبل باحتجاجات غاضبة أمام السّفارة البريطانية، تذكيرًا بأن الشّعب البحريني يرون في الأمر دعمًا للقمع الذي يواجهونه.

واصل عيسى اتخاذ إجراءات ضد الحكومة البحرينية وتواطؤ المملكة المتحدة معها عبر تسليحها ودعمها. وهو يواجه حاليًا قضية في المحكمة على خلفية احتجاجه على معرض الدّفاع والأمن الدّولي  للأسلحة في سبتمبر/أيلول الماضي. أي نوع من العدالة يكون في تعريض الأشخاص الذين شهدوا قمع الدّولة للمحاكمة في حين يتم معاملة النّظام المسؤول عن ذلك بحفاوة؟

الرّسالة التي يوصلها ذلك واضحة. ليس مفادها فقط أن المملكة المتحدة سعيدة بالعمل مع الأنظمة الدّكتاتورية، ولكن أيضًا أنه، طالما يكون الحصول على المال ممكنًا، فإن أرباح شركات ألأسلحة ستكون دائمًا أكثر أهمية من الحقوق الإنسانية لأشخاص مثل عيسى.

 

التّاريخ: 4 مارس/آذار 2016

النّص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus