آمل أن تجد هذه الرّسالة طريقها إلى خارج السّجن في البحرين

زينب الخواجة - صحيفة الإندبندنت - 2016-03-27 - 8:09 م

ترجمة مرآة البحرين

اعتُقِلت منذ بضعة أيّام، بعد الحكم عليّ بالسّجن ثلاثة سنوات على خلفية عدة قضايا سياسية، كانت إحداها بشأن تمزيقي صورة لحمد، ملك البحرين.

أثناء عبوري لباب السّجن، وأنا أحمل طفلي، أدركت أنّي عبرت هذا الباب على عكازات، عبرته أثناء حملي، وقد تم حملي عبر هذا الباب من قبل الشّرطة.

مضت خمس سنوات على بدء الانتفاضة في البحرين، خمس سنوات من الاعتداء الممنهج على شعب هذه البلاد، الذي كان يسعى فقط إلى الدّيمقراطية والمساواة في الحقوق.

خمس سنوات من الأعمال الإجرامية من قبل النّظام. قتل المحتجين المسالمين واعتقال الآلاف وتعذيب الآلاف الآخرين. سنوات مليئة بالبطولات والشّجاعة والتّضحية، وأيضًا بالألم والغضب والخسارة. ويبدو لي، بعد كل هذا الوقت، أنّ الاستراتيجية الوحيدة للحكومة كانت ببساطة إلهاء العالم عن الجرائم التي كانت تحصل.

وبدلًا من تحسين وضع حقوق الإنسان في البلاد، يبدو أنهم كانوا يفكرون، فلننشئ عددًا من المنظمات غير الحكومية التي تنظم الحكومة البحرينية عملها. بدلًا من الاستماع إلى مظالم النّاس، فلنسكتهم. بدلًا من إصلاح المشاكل، فلنَحتَوِها بحيث تصبح أقل بروزًا. وبدلًا من الإفراج عن سجناء الرّأي، فلنَبنِ سجونًا جديدة، أكبر وذات مظهر أفضل. احتواء الاحتجاجات في القرى وجعل العالم يرى فقط المدن والمجمعات التجارية. وضع النّاشطين في السّجن وجعل  العالم يسمع فقط الأبواق التّابعة للحكومة، التي تتحدث عن الإصلاح بشكل أساسي، احتوِ الحقيقة وادفنها، وانشر الأكاذيب.

الأمر الذي يشكل صدمة أكبر من مخطط الحكومة بشأن كيفية التّعامل مع الثّورة الأكبر التي شهدتها البلاد، هو أنهم يعتقدون على ما يبدو أنّه قد ينجح.

أجلس هنا في الّظلام، في الزّنزانة رقم 19، أتجاهل طفلي خلف قضبان السّجن اللّامعة. إنّه سجن جديد، بجدران جديدة، وطلاء جديد،  وقضبان حديدية جديدة.

كل ما تفعله الحكومة هو تلميع هذه القضبان الحديدية. جعلها لامعة بأكبر قدر ممكن، بحيث تكونن بقية العالم مشغولة جدًا بالنّظر إلى هذه المعادن اللّامعة، فيعمى بصره عمّا وراءها. لا أعتقد أنّهم سيستطيعون النّجاح.

أدعو العالم إلى النّظر وراء هذه القضبان المعدنية اللّامعة، إلى رؤية ولدي الصّغير يمسك بها خلال النّهار ويصرخ، إلى رؤية والدي منحنيًا على كتاب، غائصًا في أفكاره، إلى رؤية مئات الأجساد المُعَذّبة وآلاف القلوب المجروحة، الآباء الذين يحلمون بتربية أطفالهم، الأزواج الذين يتمنون لو كان باستطاعتهم دعم زوجاتهم، والأطفال الصّغار الذين خسروا مستقبلهم. يعيشون كلّهم في هذا الألم، في كل ساعة من كل يوم، آملين أن يكون هذا الصّمت أعلى صوتًا من أي شيء آخر يمكن لهم قوله.

من الصّعب النّظر إلى الألم في العيون والاعتراف به، وهذا بالظّبط ما أطلب من كل شخص القيام به. نعم هناك حكومات تريد أن تغض الطّرف عن معاناتنا ومصافحة أولئك الذين يريدون قمعنا، لكني أعتقد أيضًا أنه يوجد أشخاص جيدون بما يكفي في هذا العالم للاعتراف بالمعركة الجيدة، الذّين يحترمون شعبًا يضحي أملًا بمستقبل أفضل، والذين لا يستطيعون الوقوف صامتين في وجه القمع.

آمل أن تجد هذه الرّسالة طريقها إلى خارج السّجن في البحرين، وإلى قلوب وأيدي كل الأشخاص المحبين للحرية.

مع حبي من البحرين

زينب الخواجة

زنزانة رقم 19

سجن النّساء في مدينة عيسى

التّاريخ: 26 مارس/آذار 2016

 

النّص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus