احتفال البحرين بمرور مئتي عام على "صداقتها" مع بريطانيا أمر مثير للجدل

جون لوبوك - موقع غلوبال فويس - 2016-04-29 - 4:20 ص

ترجمة مرآة البحرين

لطالما كانت البحرين صديقة لحلفائها الغربيين. وتم الاحتفاء بهذه الصّداقة في المعرض الجوي الدّولي في البحرين في 21 يناير/كانون الثّاني، مع عرض جوي منخفض لطائرات تايفون  من شركة بي آي سيستمز، والتي تستميت المملكة المتحدة لبيعها إلى كل الدّكتاتوريات الخليجية.

كان المعرض الجوي الدّولي في البحرين الحدث الأول في رزنامة عام من الاحتفالات التي تعدد فوائد علاقة البحرين ببريطانيا، والتي تعود إلى مئتي عام خلت. ومن المثير للاهتمام أن "التّحضير" للاحتفال بالذّكرى المئتين كان قد بدأ منذ الأسبوع البريطاني العظيم في العام 2013. ويبدو أن كلا الحكومتين حريصتان على خفض الانتقادات المُوجهة إلى علاقتهما من خلال التّأكيد بشكل مفرط على مدى روعة هذه العلاقة بالنّسبة لكلا البلدين.

مع ذلك، اختيار الاحتفال بمرور مئتي عام على العلاقات البريطانية- البحرينية أمر مثير للجدل إلى حد ما، فالتّاريخ القديم لهذه العلاقة لا يمكن قراءته نوعًا ما كصداقة، بل كعلاقة استعمارية تضمنت الإكراه والغش والقرصنة وتجارة العبيد.

تعود جذور الأسرة الحاكمة في البحرين إلى العتوب، الذين شكّلوا جزءًا من كونفدرالية في الكويت قبل الانفصال عنها للسّكن في السّاحل العربي قرب البحرين في الزّبارة (وهي قطر الحديثة) في القرن الثّامن عشر. في هذه المرحلة، نشبت نزاعات بينهم وبين القبائل المجاورة، بما في ذلك حكام مسقط وأبو ظبي وأسرة آل سعود في الدّاخل العربي.

في الوقت نفسه، كانت بريطانيا تُوسع إمبراطوريتها التّجارية، خصوصًا في الهند، وقد أصبحت الحكومة البريطانية في مومباي قلقة بشأن القتال والقرصنة بين القبائل في الخليج الفارسي. وفي أوائل القرن التّاسع عشر، استقر المقيم البريطاني، وهو المسؤول البريطاني الأعلى في الخليج، في منطقة السّاحل الفارسي في بوشهر. في العام 1805، اتصل شيوخ آل خليفة بالمقيم البريطاني طالبين منه الحماية ضد أسرة آل سعود، وأتباعها من الوهابيين المتعصبين، الذين كانوا يضغطون عليهم للذّهاب في "رحلة قرصنة إلى الهند". لم يكن لدى الوهابيين أي أسطول حربي، وأرادوا توسيع نشاطهم إلى قرصنة السّفن التّجارية من الهند إلى الخليج.

ووفقًا لتاريخ العتوب الذي وثّقه مسؤولون بريطانيون في الخليج الفارسي لاحقًا في القرن التّاسع عشر، رغب البريطانيون بـ "التّحقق من هذا النّظام الجديد والخبيث، المنبثق من طمع وتعصب قبيلة مستميتة في وسط نجد". على الرّغم من ذلك، رفضت حكومة بومباي تقديم الحماية لهم، كونها غير متأكدة من رد الفعل الفارسي على التّدخل البريطاني مع القبائل العربية الخليجية.

في العام 1810، فرض الوهابيون حاكمًا في البحرين والسّاحل العربي المجاور، وكان آل خليفة مُجبَرين على دفع الجزية له. وفي العامين 1811 و1812، أرسل العثمانيون جيشًا مصريًا بقيادة محمد علي باشا لاستعادة السّيطرة على الجزيرة العربية، واستطاع العتوب التّخلص من الحاكم الوهابي وبدء التّعاون مع إمام مسقط.

وعلى الرّغم من أن "سجلات البحرين" التي جمعها مكتب الاستعمار البريطاني لم تكن واضحة بخصوص هذه المسألة، إلا أنّه يبدو أن مسقط قد تكون حاولت جعل آل خليفة رعايا لها، وقد رفض آل خليفة ذلك، وحاولوا اللّعب على كلا الجانبين من خلال التّقرب من الوهابيين. وصل المقيم في بوشهر، وهو الملازم ويليام بروس، إلى البحرين في 19 يوليو/تموز 1816 ليجد مخاوف لدى الشّيخ عبد الله آل خليفة حول ما إذا كان البريطانيون سيدعمون هجومًا من قبل مسقط على البحرين، حيث إن إمام مسقط كان قد حذره من ذلك. طمأن بروس الشّيخ بأن ذلك غير صحيح، وشدّد على هذه النّقطة، مشيرًا إلى أنّه يمكنه "وضع بعض الاتفاقيات"، معتقدًا أن حكومة مومباي لن تمانع الأمر. على الرّغم من ذلك، مانعت حكومة مومباي، ورفضت الاتفاق غير المُوافَق عليه الذي أجراه بروس، واختارت الحياد بخصوص البحرين في الوقت الراهن. ومهما كان الوضع، فإن هذا الاتفاق غير الرّسمي لم يكن مهمًا بما يكفي لتكبد عناء الإبقاء عليه.

كانت تلك على الأرجح خطوة حكيمة من قبل حكومة مومباي، حيث إن آل خليفة، بعد أن وعدوا بروس بوقف مساعدة القراصنة في الخليج، شرعوا بمساعدة قبيلة مجاورة، القواسم، في شن حملة قرصنة وبيع بضائعهم المسروقة في البحرين. وكتب مساعد المقيم البريطاني في الخليج الفارسي في روايته عن شيوخ العتوب أنه "كان من المستحيل في ظل هذه الظّروف رؤية البحرين في إطار مختلف عن كونها مرفأ للقرصنة".

بحلول العام 1819، كانت حكومة الهند البريطانية قد ضاقت ذرعًا بقرصنة القبائل الخليجية واقتتالها الدّاخلي. وصل الكابتن لوك على رأس ستة سفن للتّحقيق بشأن تقرير عن بيع نساء هنديات كعبيد في سوق بحريني. أقنع الشّيخ لوك بأن الأمر لم يكن حقيقيًا ووافق على حظر بيع "الممتلكات البريطانية المقبوض عليها"، وهو اتفاق لم يعره الشيخ أدنى اهتمام.

وبعد تجاهلها من جديد، أرسلت بريطانيا المزيد من السّفن إلى الخليج بقيادة السير ويليام غرانت كير فدمر أسطول القرصنة الخاص بالقواسم، كما استولى على قاعدتهم في رأس الخيمة، وهي حاليًا إحدى الإمارات السّبع في الإمارات العربية المتحدة.

سلّم الشّيخ البحريني عندها للبريطانيين كل سفن القرصنة التي كانت ترسو في مينائه. وعلى الرّغم من ذلك، لم يقضِ هذا نهائيًا على القرصنة، واستمرت المشاحنات القبلية بين شيوخ الخليج حيث واصل آل خليفة مقاومة تحويلهم إلى رعايا تابعين لمسقط أو للوهابيين.

من الصّعب القول إن اتفاقية العام 1816 شكّلت معاهدة صداقة، فلقد كانت فعليًا وعدًا ببقاء الأسطول البريطاني في الخليج على الحياد في حال اندلاع أي نزاع بين البحرين ومسقط.

 

ترجمة النص

(في 8 يناير/كانون الثّاني 1820، تم توقيع معاهدة عامة للسّلام في رأس الخيمة بين المايجور السير ويليام غرانت كير، ممثلًا  الحكومة البريطانية، وتقريبًا كل زعماء القبائل البحرية في الخليج الفارسي، والذين كانوا قد وقعوه في أماكن وأوقات مختلفة. الهدف والنّطاق الوحيدان لهذه المعاهدة تمثلا في القضاء الكامل على القرصنة، واعتماد مثل ....)

وكان من المفهوم أيضًا أن الحكومتين البريطانية والبحرينية لا تريدان الاحتفال بالذّكرى في العام 2020، بتوقيع أول معاهدة رسمية، ويعود ذلك جزئيًا لكونه عامًا للانتخابات في المملكة المتحدة، ولكن أيضًا لأنه يُمثل ذكرى إجبار البريطانيين لشيوخ الخليج على وقف القرصنة وتجارة العبيد. ويبدو أيضًا أن الحكومة البحرينية تحاول تعزيز شرعيتها من خلال الإيحاء بأن البحرين كانت دائمًا مستقلة عن البريطانيين، الذين كانوا ببساطة أصدقاء  ملوك آل خليفة والمحسنين إليهم، لا أسيادهم المستعمرين.

من الصّعب وصف أي من هذه الحوادث بـبدء  "الصّداقة" بين بريطانيا والبحرين. الحقيقة هي أنّها ليست علاقة صداقة متبادلة بل علاقة سياسية  ساخرة وصعبة المراس.

قد يكون هذا ما تعنيه كناية "الصّداقة" فعلًا. علاقة الرئيس-الزبون بين بريطانيا والبحرين استمرت على مدى مئتي عام، وليس هناك أدنى دليل على أنها ستتوقف. إنها علاقة توافقية، لأسباب منها السّلطة والتّجارة، وربما لا تستطيع أن تعمل، كما ينبغي لها، من أجل مصالح المواطنين العاديين.

 

التّاريخ: 22 مارس/آذار 2016

النّص الأصلي

 

 

 

 

 

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus