فجوة قيم حول البحرين..«تحقيق استقصائي عن قضية الكادر الطبي»

كاثرين رايلي - صحيفة الإندبندنت الطّبية - 2016-05-19 - 3:39 م

ترجمة مرآة البحرين

صرخات ألم وخوف. الجلادون يتمتعون بالحرية والإفلات من العقاب. ضحكاتهم تعبر "الجدران الباردة والمظلمة".

الدّكتورة فاطمة حاجي، وهي طبيبة تعيش في دبلن، عرضت مؤخرًا مجموعة من الذّكريات الصّارخة عبر تويتر. كانت تحيي الذّكرى الخامسة للقمع الحكومي ضد الاحتجاجات الشّعبية في البحرين، وهي دولة خليجية تحكمها أسرة مالكة غير منتخبة. رد الحكومة روّع حياة عدد من أخصائيي الرّعاية الصّحية في البحرين، بما في ذلك حياتها شخصيًا.

تم استجواب أخصائيي الرّعاية الصّحية؛ بعضهم طُرِدوا من أماكن عملهم ومنازلهم، واعتُقِلوا وعُذّبوا. هذا، كما يقولون، بسبب علاجهم للمحتجين، استنكارًا لعدم احترام الحكومة للحياد الطبي  وإجرائهم مقابلات إعلامية نقدية.

وأعادت الدّكتورة حاجي سرد الأحداث للإندبندنت الطّبية: "الذين اختفوا في تلك الفترة اختفوا - لا اتصالات هاتفية، ولا تواصل مع العائلة أو المحامين...لم نعلم ما إذا كانوا أحياء أو أموات وعندها بدأت كل القصص الأخرى، التّعذيب والحصول على "الاعترافات" ثم المحكمة العسكرية ثم المحكمة المدنية..."

هناك عدد من الجوانب الإيرلندية لهذه القصة، بما في ذلك السّجن المستمر لجراح عظام الأطفال الدّكتور علي العكري، الذي تدرب في الكلية الملكية الإيرلندية للجراحين في دبلن، والقلق المستمر بشأن معايير حقوق الإنسان في المستشفيات المستخدمة للتّدريب من قبل الكلية الملكية الإيرلندية للجراحين في البحرين.

اطباء

           الدكتور فريدة آل دلال وزوجها الدكتور علي آل العكري


الأسبوع الماضي، وقعت الكلية الملكية الإيرلندية للجراحين في البحرين مذكرة تفاهم مع مستشفى خاص في البحرين، يشمل التّعاون في مجال التّدريب السّريري.

ينتهي حكم الدّكتور علي العكري بالسّجن خمس سنوات في مارس/آذار 2017. بالحديث إلى الإندبندنت الطّبية من البحرين، تقول زوجته، الدّكتورة فريدة آل دلال، إن زوجها سجين رأي فقط لأنه قام بما يتوجب عليه كطبيب. احتج ضد وزارة الصحة... لأن (السّلطات) منعت سيارات الإسعاف من الوصول إلى المحتجين المُصابين. والشّيء الآخر الذي قام به هو أنّه كان شاهدًا ضد النّظام وروى ما رآه في وسائل الإعلام. لقد كان شاهدًا".

مجمع السلمانية الطبي

في مطلع العام 2011، كانت حياة الدّكتورة حاجي تسير كالمعتاد. كانت تعمل كطبيبة للروماتيزم في أكبر مستشفى عام في البحرين، أي مجمع السّلمانية الطّبي، في العاصمة المنامة. وكانت تخطط للحصول على زمالة سريرية في الخارج.

مع ذلك، وبحلول منتصف شهر فبراير/شباط، اكتسب إيقاع الحياة في البحرين وتيرة مدوية. فالاحتجاجات السّلمية الواسعة النّطاق، المطالبة بالإصلاح، التي أججتها حراكات في دول عربية أخرى وتمييز طويل الأمد ضد الأغلبية الشّيعية في البلاد، قابلها قمع عنيف من قبل الحكومة التي يُهيمن عليها السّنة.

تقول الدّكتورة حاجي إنها "لم تكن سياسية أبدًا" ولا تعتبر أنها كانت جزءًا من الانتفاضة. وتقول إن حملة تشهير أُطلِقت ضد العاملين في مجال الرّعاية الصّحية.

عكست تغريداتها الأخيرة إحساسًا خالصًا بالألم والغضب. ومع ذلك، هي ترسم لوحة من المشاعر القوية وتواصل الانتقاد العلني.

وتصرح الدّكتورة حاجي للإندبندنت الطّبية: "هناك قول مأثور باللّغة العربية، وأعتقد أنه موجود بالإنكليزية أيضًا- "الأمر الذي لا يقتلك يجعلك أقوى". في الأيام القليلة الأولى في الاعتقال، لم أكن حتى أعلم أين أنا، كانت عيناي معصوبتين ويدي مُكبلتين طوال الوقت، وتم تعذيبي وتعريضي للكهرباء والاعتداء علي عدة مرات..."

تقول إنها وجدت السّلام في معرفتها أنها ساعدت المرضى، بغض النّظر عن هويتهم.

أجّجت الذّكرى الخامسة المشاعر. منظمة العفو الدّولية جدّدت مطالبتها بالإفراج عن الدّكتور العكري، الذي عمل أيضًا في مجمع السلمانية الطّبي. ووفقًا لمنظمة العفو، فقد حُكِم عليه بادئ الأمر بالسّجن 15 عامًا (تم تخفيض الحكم لاحقًا إلى خمسة أعوام" على خلفية "حيازة أسلحة غير مرخصة" و"محاولة احتلال مبنى عام بالقوة" و"المطالبة بتغيير النّظام" و"الاستيلاء على معدات طبية" و"التّجمع العام من دون ترخيص").

وتعتقد منظمة العفو الدّولية أن الدّكتور العكري استُهدِف على خلفية "إدانته الشفهية في وسائل الإعلام الدّولية لاستخدام القوة المفرطة من قبل القوات المسلحة ضد المحتجين المسالمين خلال احتجاجات فبراير/شباط-مارس/آذار 2011".

وتقول الدّكتورة حاجي إنه بعد تحويل مجمع السلمانية الطبي إلى "عسكري" من قبل الحكومة، ردًا على الاحتجاجات، تم استدعاء الأطباء والممرضين من قبل "لجنة تحقيق". تم سؤالها عن السّاعات الإضافية التي كانت تمضيها في المستشفى، وقالت إنّها أعلمت اللّجنة أن هذا كان بأمر من إدارة المستشفى، نظرًا للنّقص في عدد الطاقم الطبي وحالة الطّوارئ. على الرّغم من ذلك، تقول إن اللّجنة اتهمتها بالتّعاطف مع المحتجين ضد الملك. "وقد بدأوا بتوجيه الكثير من الاتهامات الأخرى ...". تم تعليقها عن العمل وأخذها لاحقًا من منزلها. وقد عانت من الاحتجاز لمدة ثلاثة أسابيع، وكذلك من محاكمة عسكرية، مع أفراد آخرين في الكادر الطبي، بشأن ما وصفته بالـتّهم الزّائفة. حُكِم على الدّكتورة حاجي بالسّجن خمس سنوات قبل أن تتم تبرئتها في محكمة مدنية في العام 2012، على مرأى ومسمع من المجتمع الدّولي.

تقرير بسيوني

في أواخر العام 2011، نشرت اللّجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، المُفوضة من الحكومة، التي يترأسها الخبير القانوني الدّولي البروفيسور شريف بسيوني، تقريرًا عن الاحتجاجات ورد الدّولة. ووجد أن وكالة الأمن الوطني ووزارة الدّاخلية "اتبعا ممارسة منهجية لإساءة المعاملة الجسدية والنّفسية، ما وصل في عدد من الحالات إلى التّعذيب، في ما يتعلق بعدد كبير من المعتقلين المحتجزين لديهم".

وتركز فصل من التّقرير على الأحداث في مجمع السّلمانية الطبي، لكن جزءًا كبيرًا منه كان سلسلة معقدة من الادعاءات والادعاءات المضادة. وخلص التّقرير إلى أن بعض الأفراد في الكادر الطبي كان لديهم أجندا سياسية و"تحركوا في إطار الدّور الذي يقومون به كناشطين سياسيين وكأخصائيين طبيين". وانتقد الكادر الطبي على عدم محاولته منع التّصوير الإعلامي داخل أقسام المستشفى، ما شكّل مخالفة لخصوصية المريض.

مع ذلك، صرّح أيضًا أن قوات الأمن "نفذت اعتقالات غير قانونية في مقرات مجمع السّلمانية الطّبي وهاجمت بعض الأفراد، بمن فيهم أخصائيين طبيين، وأساءت معاملتهم". وقد صرّح أيضًا أنّه في 16 مارس/آذار 2011، قامت قوات دفاع البحرين بـ "السّيطرة على المجمع كله ووضعت بعض الأفراد المُصابين، الذين سعت إلى إبقائهم تحت سيطرتها، في الطّابق السّادس من مجمع السّلمانية الطّبي".

التزمت الحكومة بالإصلاحات، لكن النّشطاء يقولون إنّه لم يحصل إلا القليل من التّغييرات. السّيد براين دولي، من منظمة هيومن رايتس فيرست في الولايات المتحدة يمتلك خبرة واسعة في مراقبة وضع حقوق الإنسان في البحرين ويصف الوضع بـ "الفوضى".

اللقاء مع السّفير البحريني كان "شاملًا"

كانت صدفة غريبة.

في أبريل/نيسان، في اليوم ذاته الذي نشرت فيه الدّكتورة حاجي ذكرياتها المؤلمة على تويتر عن قمع الحكومة في البحرين في العام 2011، استقبل الرّئيس مايكل د. هيكينز السّفير البحريني الجديد في إيرلندا، السّفير الشّيخ فواز بن محمد آل خليفة، في متحف إيرلندا الوطني.

ونقل السّفير التزام القيادة البحرينية بـ "العلاقات الثّنائية التي تربط بلدين صديقين وشعبيهما"، وفقًا لما ذكرته وكالة أنباء البحرين.

وقال النّاطق باسم الرّئيس هيكينز للإندبندنت الطّبية أنه لا يمكن الكشف عن القضايا التي تمت مناقشتها في لقاء خاص مع السّفير. لكنها كانت "شاملة" وتضمنت "قضايا عامة وخاصة".

وأضاف أن "الرّئيس أثار قضية حقوق الإنسان في أكثر من مناسبة في الماضي، بما في ذلك في الكلية الملكية للجراحين في وقت سابق من العام الحالي وفي لقاء مع منظمة العفو الدّولية العام الماضي".

في فبراير/شباط، ألقى الرّئيس هيكينز كلمة في الكلية الملكية الإيرلندية للجراحين في دبلن بمناسبة يوم ميثاق الكلية ومُنِح زمالة شرفية.

وذكر الرّئيس هيكينز بشكل خاص مشاريع الكلية الملكية الإيرلندية للجراحين في ماليزيا، وأشار إلى وضع حقوق الإنسان بشكل عام، من دون أي إشارة واضحة إلى البحرين.

وبمنحه أعلى رتبة شرفية تقدمها الكلية الملكية الإيرلندية للجراحين، فقد انضم الرّئيس هيكينز إلى نادٍ حصري.

من بين الزّملاء الفخريين، كان الراحلان نلسون مانديلا والأم تيريزا، والرّئيس الأمريكي السّابق جيمي كارتر، ومن بين آخرين، ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة. مُنِح الملك هذا الشّرف في العام 2006، حين أشادت به الكلية الملكية الإيرلندية للجراحين  على أنّه "رجل سلام واستقرار وذو تأثير في عالم صعب ومضطرب".

في العام 2003، منحت الكلية الملكية الإيرلندية للجراحين زمالة فخرية للشّيخ خليفة بن سلمان آل خليفة، الذي كان رئيس وزراء البحرين لأكثر من 40 عامًا. وقد وصفته الـ بي بي سي الـ "متشدد" في أعقاب أحداث العام 2011.

جراح العظام البروفيسور داميان ماكورماك، الذي انتقد انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين، قال لصحيفة الإندبندنت الطّبية إنّ "أمله خاب كثيرًا" لأن الرّئيس هيكينز قبل بالزّمالة الفخرية.

وقال السيد دولي للإندبندنت الطّبية إنّه "هناك الكثير من العمل على العلاقات العامة من قبل النّظام بشأن كيفية  تبييض أعمالهم، لكن الأساس لم يتغير -التّعذيب واعتقال الأشخاص الذين ينتقدون بشكل سلمي الأسرة الحاكمة، وعقوبات طويلة الأمد من دون محاكمات عادلة".

وما يزال صدى الخلافات في البحرين يتردد في إيرلندا. فالحرم الجامعي للكلية الملكية الإيرلندية للجراحين في البحرين، الذي بلغت كلفته ملايين اليورو، يعتمد على مرافق الرّعاية الصّحية التي تقدمها الحكومة للتّدريب السّريري. وتشمل هذه المرافق مجمع السّلمانية الطبي ومستشفى الملك حمد الجامعي ومستشفى قوات دفاع البحرين.

في ديسمبر/كانون الأول 2014، اعتمد المجلس الطّبي الإيرلندي من دون أي شرط البرنامج الطبي في الكلية الملكية الإيرلندية في البحرين، بعد زيارة إلى الجامعة والمرافق الصّحية للتّدريب السّريري. مع ذلك، عارض بعض الأعضاء في المجلس هذا الاعتماد.

جامعة RCSI

جامعة RCSI

لدى السّيد دولي مخاوف مستمرة بشأن الحيادية الّطبية والحصول العادل على الوظائف في المرافق الصّحية المستخدمة للتّدريب من قبل الكلية الملكية الإيرلندية للجراحين في البحرين.

وصرّح للإندبندنت الطبية بأن "الأشخاص الذين أُصيبوا أثناء احتجاجهم يخافون من الذّهاب إلى المرافق التابعة للحكومة، إذ من الممكن أن يتم اعتقالهم، وبالتالي هم يعالجون في عيادات تحت الأرض. إن فشل الكلية الملكية الإيرلندية للجراحين في توجيه الانتقاد العلني لعملية استهداف الكادر الطبي  هو وصمة عار". ويقول إن نهج الكلية أطّر الطريقة التي ينظر بها كثير من البحرينيين إلى علاقتها مع حكام البلاد.

ويقول السّيد دولي إن تقارير التّمييز في التّوظيف في مرافق المستشفى الحكومي هي "اعتيادية".

الطائفية

الطّائفية في التّوظيف في البحرين كانت إحدى القضايا التي أزعجت بشدة البروفيسور توم كولينز، وهو أستاذ شغل منصب رئيس الكلية الملكية الإيرلندية للجراحين في البحرين من أواخر العام 2011 حتى استقالته في مارس/آذار 2013.

ويستذكر البروفيسور كولينز عددًا من خريجي كلية التّمريض، الذين كان يُفتَرض بهم الحصول على وظائف في مستشفى الملك حمد الجامعي. كانوا قد تخرجوا قبل وصوله إلى البحرين.

وقال البروفيسور كولينز للإندبندنت الطّبية إنه "كما أتذكر، على الأقل 20 شخصًا أو ما يقرب ذلك العدد من أولئك الذين كانوا يتوقعون الحصول على هذه الوظيفة رُفضت طلباتهم، على خلفية "أسباب أمنية". كانوا كلهم من الشّيعة. بعضهم كانوا الخريجين الأوائل في أسرهم، وشعرت أنّه تقع على عاتقي مسؤولية تجاه كل الخريجين، تتمثل في تقديم ما يمكنني تقديمه من دعم لهم. وبالتّالي اجتمعت بهم. أثرت القضية على أعلى المستويات في البحرين، حول حقيقة أنهم لم يكونوا قادرين على تأمين التّوظيف. لكن فعليًا، كان هناك القليل فقط الذي يمكنني فعله".

في العام 2013، وبالتّعاون مع منظمة أطباء بلا حدود، حاولت الكلية الملكية الإيرلندية للجراحين في البحرين تنظيم مؤتمر تحت عنوان "الأخلاقيات الطبية والمعضلات في حالات الفوضى أو العنف السّياسيين". وعندما تم حظر هذا المشروع من قبل السّلطات، استقال البروفيسور كولينز من منصبه. يقول إن الحوار والاستكشاف الأكاديميين، وحرية التّعبير  أمور تشكل جوهر تشكيل الجامعات.

وفي حين تواجه الكلية الملكية الإيرلندية للجراحين "تحديات متعددة"، فإن البروفيسور كولينز لا يعتقد أنه يمكن موازنتها  انطلاقًا من موقع "الصمت".

خلال الفترة التي أمضاها في البحرين، أصبح البروفيسور كولينز مهتمًا بشأن المناخ السّياسي العام. ويشير إلى وجود بعض "التوجهات الإصلاحية الفطرية" في الكادر الحاكم. وأضاف أنّه "في البحرين، لدى ولي العهد توجه إصلاحي قوي، وقد كان متحمسًا بشأن المؤتمر مع أطباء بلا حدود وداعمًا له. لكن حتى في الفترة التي قضيتها هناك، كان باستطاعتي رؤية  تأثيره يتلاشى في وجه أولئك الذين يشكلون سماسرة السّلطة الأكثر تحفظًا في هذه الحالة".

"القوة النّاعمة"

لطالما شددت الكلية الملكية الإيرلندية للجراحين على أنّها تستخدم "القوة النّاعمة" في البحرين، وتسعى إلى ممارسة نفوذها في الكواليس.

وصرح ناطق باسم الكلية للإندبندنت الطّبية أنه "نحن مدركون بالفعل لحملة منظمة العفو الدّولية للإفراج عن الدّكتور العكري وقد التقينا بممثلين عنها مؤخرًا وحدّدنا نهجنا..."

وفقًا للنّاطق باسم الكلية، فإنّها "دعمت بشكل كامل" توصيات تقرير بسيوني ونظمت عددًا من التّمثيلات الرّسمية، وراسلت ملك البحرين، طالبة منه الرّحمة. وقد التقى مسؤولون كبار من الكلية بمسؤولين رفيعين في البحرين. وأعربنا عن قلقنا في كل فرصة ممكنة، كما أبدينا موقفنا بخصوص هذه القضايا".

وقالت الكلية إنه لديها "توازن فريد بين المسؤوليات والفرص. نحن نقضي بأنّه يمكن أن نكون صادقين بشأن مسؤولياتنا وأكثر فعالية في التأثير من خلال المناصرة الخاصة. مسؤوليتنا الأولى هي المساهمة في حصول طلابنا على تعليم عالي المستوى في علوم الصحة والطب في محيط آمن وداعم وغير طائفي. ومن أجل ذلك، نحن راضون تمامًا لكون وصول طلابنا إلى مرافق التّدريب السّريري في المستشفيات التعليمية الثلاث يتم في محيط آمن وغير طائفي، حيث يتم احترام مبدأ الحياد الطّبي على نحو كامل.

ليس هناك أي تمييز أبدًا بين الطّلاب ولم تتم إثارة أي أسئلة بشأن الدّين. يستطيع الطّلاب الوصول بحرية إلى كل من المستشفيات الثّلاث. في الواقع، في حال طُلِب منّا إجراء أي وقف لجسمنا الطّلابي، على أساس طائفي، لن نكون في وضع يمكننا فيه الإجابة، لأننا لا نسأل طلابنا عند تسجيلهم عن ديانتهم.

نعتقد أن مستقبل  البحرين يجب أن يكون مستقبل حوار وتصالح -ندرك ذلك جيدًا من تاريخنا الوطني الخاص. سنواصل المساهمة من خلال التّعليم ونواصل المناصرة للحصول على نتائج عادلة".

تنتظر الدّكتورة الدّلال نتيجتها العادلة الخاصة. الدكتور العكري وهي لديهما خمسة أبناء. ابنهما البالغ من العمر 13 عامًا وُلِد في إيرلندا، عندما كانت العائلة تقيم هناك في أوائل العام 2000.

وصرحت أنهم "ما يزالون يفتقدون والدهم؛ لم يروه كثيرًا. هناك وقت لزيارته -إذ يُسمَح لنا بزيارته مرتين شهريًا".

سابقًا، كانت الحكومة البحرينية قد أشادت بالدّكتور العكري على أنّه بطل، بعد رحلته إلى غزة لتقديم العناية الطّبية للشّعب الفلسطيني. وتقول الدّكتورة الدّلال أن زوجها كان لديه النّية ذاتها في غزة والمنامة، "النّية ذاتها للقيام بالأشياء، ولكن في حالات مختلفة وأماكن مختلفة مع أشخاص مختلفين".

الكلية الملكية الإيرلندية للجراحين في البحرين

الكلية الملكية الإيرلندية للجراحين في البحرين

الانتظار

تقول الدّكتورة الدّلال أن الكلية الملكية الإيرلندية للجراحين لم تتحدث عن قضية زوجها. على الرّغم من ذلك، تتمنى أن تشكر العاملين الإيرلنديين في مجال الرّعاية الطّبية على تضامنهم، وخصوصًا البروفيسور ماك كورماك.

وهي أيضًا ممتنة لكون زوجها بـ "صحة جيدة".

تقول الدّكتورة حاجي إنّها لم تكن تعرف الدّكتور العكري جيدًا قبل أحداث العام 2011. وتعرفت إليه وإلى أسرته في فترات المحاكمة التي تلت. كان يبدو بـ "مظهر قاسٍ" كجراح عظام، لكنه يمتلك "قلب دب صغير"، وفقًا لقولها، مضيفة أنّ صراحته أغضبت السّلطات.

الدّكتورة حاجي، التي تعمل حاليًا في مستشفى ماتر في دبلن، أتت إلى إيرلندا في العام 2014 بعد حصول زوجها على زمالة، غير أنها تخطط للعودة إلى البحرين في نهاية المطاف.

تقول الدّكتورة حاجي أن الكلية الملكية الإيرلندية للجراحين في البحرين تحتاج إلى الإدلاء بتصيحات علينة شديدة اللّهجة بشأن قضايا أساسية، بما في ذلك التهديدات للحياد الطبي، والطّائفية في نظام الرّعاية الصّحية في البحرين. وتعتقد أن هناك الكثير الذي يمكن للكلية القيام به.

في هذا الإطار، يبدو أن العيش في إيرلندا في إحياء الذّكرى المئوية لانتفاضة العام 1916 شكّل تجربة غريبة. وتشير إلى أنه في برنامج الكلية الملكية الإيرلندية للجراحين في العام 1916، أشارت الكلية إلى دور الإدارة والزّملاء في علاج كل الفصائل.

"في بادئ الأمر، كنت غاضبة جدًا بسبب الطّريقة التي ردوا بها. لكن الآن، وبعد مرور خمسة سنوات على الأحداث، مع كل ما يحصل في ذكرى انتفاضة العام 1916، وكل النّشاطات التي كانوا يعلنون عنها، وعندها، قدموا أنفسهم على "أننا عالجنا على قدم المساواة كل جروح المصابين في الجيش البريطاني والجنود الإيرلنديين... لست أتهمهم كلهم، لكن بعضهم منافقون جدًا". وتقول أنّه "من السهل ادعاء المجد بعد 100 عام".

في بعض الأحيان، يلفت أصدقاء الدّكتورة حاجي نظرها إلى أنها تتدبر أمرها جيدًا هنا. يقولون إنه عليها أن تركز على مهنتها. الدّكتورة حاجي جدية بشأن مهنتها، لكنها تشعر بأنه عليها مواصلة الانتقاد وتقديم نموذج جيد لأبنائها.

"بعض الأشخاص عليهم القيام بما يتوجب عليهم، حتى وإن كان الثّمن باهظًا جدًا. لكن ثمن الحرية أغلى. وثمن الحقيقة أغلى أيضًا. نحن نعيش في عالم حيث يعني قول الحق أنه عليك دفع ثمن باهظ... ما زلت أؤمن بقول كلمة الحق".

أعضاء في المجلس كانوا قلقين بخصوص البحرين

لم يكن تقرير المجلس الطبي بشأن اعتماد الكلية الملكية الإيرلندية في البحرين ذا قيمة، حيث إنه لم يعالج أي شيء، وفقًا لمحام في مجال حقوق الإنسان.  الدّكتور جيراود أوكوين من شبكة الحركة القانونية العالمية قال إن التّقرير لا يشير إلى الطريقة التي احتسب بها المجلس الخوف والتردد لدى الأشخاص في انتقاد معايير الحياد الطبي وحقوق الإنسان في المستشفيات الحكومية، التي تستخدمها الكلية الملكية الإيرلندية لتدريب الطّلاب.

قبل شهر من زيارة المجلس إلى البحرين في أكتوبر/تشرين الأول 2014، اعتُقِلت النّاشطة في مجال حقوق الإنسان غادة جمشير بتهمة التّشهير بعد نشرها  على تويتر، انتقادات لمستشفى الملك حمد الجامعي ولرئيسه، حين كانت تُعالج فيه.

وعلق الدكتور أوكوين بالقول إن "المجلس الطبي يصل بعد أقل من شهر على اعتقالها، ويذهب إلى المستشفيات ويقول: هل كل الأمور على ما يرام هنا؟"

ووفقًا لدقائق من اجتماعات المجلس الطّبي، عارض بعض الأعضاء قبول تقرير اعتماد البرنامج الطّبي في الكلية الملكية الإيرلندية في البحرين.

وخلال اجتماع لأعضاء المجلس في ديسمبر/كانون الأول 2014، استمع إلى مخاوف السيد جون نيسبت والدّكتور رويري هانلي مع الأخذ بعين الاعتبار "العوامل السّياسية المحيطة" التي قد تؤثر على سلامة الطّلاب المنتسبين إلى الكلية الملكية الإيرلندية في البحرين.

"تم الإعراب أيضًا عن مخاوف بشأن عدم  الأخذ جيدًا بعين الاعتبار خلال عملية الاعتماد المخاوف الأخلاقية والمتعلقة بحقوق الإنسان في البحرين، كما ورد في تقرير جمعية سيرتاس".

وأكدت السيدة  آن كاريجي، نيابة عن فريق الاعتماد، ان أعضاء الفريق أثاروا كل قضية مع ممثلي الكلية الملكية الإيرلندية في البحرين، ومع طلاب في جلسة خاصة، ما بدا متوافقًا مع تطبيق معايير الاتحاد العالمي للتّعليم الطّبي مع ممثلي الكلية الملكية الإيرلندية في البحرين ومع الطّلاب".

ووافق سبعة أعضاء على اقتراح مضاد بعدم قبول تقرير الاعتماد، مع معارضة 10 أعضاء له وامتناع عضو واحد عن التّصويت.

تم إجراء تصويت على الاقتراح الأساسي بقبول التّقرير، مع موافقة 11 عضوًا، ومعارضة ستة وامتناع عضو واحد عن التّصويت.

إحدى توصيات تقرير الاعتماد كانت أن الكلية الملكية الإيرلندية في البحرين تكتفي ذاتيًا بأنه لديها رصد مناسب ومراقبة لأي آثار محتملة على تنفيذ البرنامج وتحقيق نتائج تعليمية في حرمها وفي المرافق العيادية المرتبطة بها.

ويقول المجلس إن هناك مرحلة مراقبة بعد اعتماد البرامج والكليات.

ودعت شبكة الحركة القانونية العالمية مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة لتوصية إيرلندا بأن اعتماد الكلية الملكية الإيرلندية في البحرين كان شرطيًا بخصوص الإجراءات التي "تقيم انتهاكات حقوق الإنسان"  في المستشفيات التي يتدرب فيها طلاب الكلية.

وقدمت دراسة جدوى كجزء من عملية الاستعراض الدّوري التّابع للأمم المتحدة بشأن وضع حقوق الإنسان في إيرلندا. وستتم المناقشات بشأن الطّلبات الإيرلندية في جنيف في 11 مايو/أيار.

ويقول ادكتور أوكوين إن المعايير المُستَخدمة للاعتماد من قبل المجلس الّطبي تشير إلى حقوق الإنسان في مقدمتها وتعتبر الأخلاقيات الطّبية "كفاءة أساسية" لبرنامج تعليمي.

كزميل أكاديمي في كلية الحقوق في جامعة لانكستر، كان الدكتور أوكوين كاتبًا مشاركًا في مقال حديث في المجلة العالمية لحقوق الإنسان بشأن الالتزامات في مجال حقوق الإنسان للدّول المشاركة في نشاطات في الخارج، مع تقديم نموذج الكلية الملكية الإيرلندية في البحرين كدراسة حالة.

التّاريخ: 9 مايو/أيار 2016

النّص الأصلي



التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus