» حوارات
مرآة البحرين تحاور د. توبي جونز أستاذ التاريخ، الضغط هو مفتاح التأثير في السياسية الأمريكية تجاه البحرين
2012-02-17 - 12:22 م
مرآة البحرين، نيوجيرسي: ندى الوادي
• حركة 14 فبراير تتابع حركة النضال اللاعنفي ويمثلون الشارع وردود فعله.
• على الصعيد الخارجي الطريقة الوحيدة للضغط على المجتمع الدولي هي استخدام وسائل اللاعنف.
• موقف الولايات المتحدة الأميركية من البحرين يعتمد على مؤشرين: المصلحة والضغط. المصلحة لن تتغير إلا إن تغيرت المعطيات وظروف المنطقة، فيبقى الأسلوب الوحيد هو الضغط عبر الوسائل السلمية.
• على الولايات المتحدة أن تنظر بشكل مختلف تجاه السعودية، فهي لا تملك تقدماً أو منة على الولايات المتحدة ويجب أن تكون قرارات الأخيرة مستقلة.
هو مراقب مطلع للوضع السياسي في البحرين، كتب ولا يزال الكثير من المقالات والتحليلات التي ناقشت الحراك السياسي في هذه الجزيرة الصغيرة فيما بعد ثورة 14 فبراير، وألقى مجموعة من المحاضرات عرض من خلالها وجهة نظره الخاصة، وناله نصيب من الهجوم عبر حسابه على تويتر نتيجة آرائه الداعمة للحراك الديمقراطي في البحرين.
توبي جونز |
اشتهرت مقالاته وتحليلاته في الولايات المتحدة خصوصاً بعد اندلاع الثورة البحرينية في 14 فبراير من العام الماضي، إذ بدت تحليلاته على الدوام قريبة جداً من الواقع كما لو كان على اطلاع مستمر بكل تفاصيل ما يجري في الداخل.
ما هي رؤيته السياسية حول الوضع في البحرين وتعقيداته الحالية، كيف يقيم الأطراف السياسية الفاعلة في الحراك البحريني وما هي وجهة نظره حول الموقف الأميركي منه. كلها أسئلة حملتها إلى ولاية نيوجيرسي وتحديداً جامعة رتجرز الأميركية حيث يقوم توبي جونز بتدريس التاريخ. فكان اللقاء التالي:
مرآة البحرين: ما هو تقييمك العام للوضع السياسي الحالي في البحرين بعد الثورة؟
توبي جونز:الوضع السياسي الحالي في البحرين يمر بأزمة حقيقية، إذ أن المعارضة في الداخل بشتى أطيافها تحاول الضغط من أجل تحقيق مكتسبات ديمقراطية، غير أنها لا تزال تواجه صداً حقيقياً من قبل السلطة التي تبدو بشكل واضح غير قادرة أو غير مستعدة للتنازل، وحتى تحصل حلحلة لهذه المسألة لا أجد بأن هذه الأزمة السياسية نهاية في الأفق.
المرآة: كيف ترى خريطة المطالب السياسية لأطياف المعارضة المختلفة وأسقفها المتفاوتة؟
جونز: لقد وضعت الجمعيات السياسية وعلى رأسها جمعية الوفاق وثيقة حددت فيها سقف مطالبها السياسية، وهي المطالبة بمملكة دستورية ودستور كامل الصلاحيات وحكومة منتخبة. وعلى الرغم من أنها مطالب مفهومة وعقلانية إلا أنني أعتقد جازماً بأن هذه المطالب متأخرة عقداً كاملاً. أعتقد بأن هذه المطالبات وهذا السقف كان صالحاً جداً مطلع الألفية الماضية وفي عهد بداية الإصلاح، لكنه اليوم يأتي متأخراً جداً، وخصوصاً بعد الممارسة السياسية طوال العشر السنوات الماضية وحتى اليوم والتي أثبتت بأن النظام السياسي غير راغب في الإصلاح أصلاً. غير أنني على الرغم من كل ذلك أرى بأن سقف هذه المطالب وجدولتها يبدو منطقياً جداً وقابلاً للتحقيق خصوصاً لأطراف خارجية كالولايات المتحدة الأميركية مثلاً، والتي قد تعتبر الوفاق مفاوضاً سياسياً مقبولاً جداً في حال فتح الباب يوماً للتفاوض. لكنني على العموم لا أرى ذلك حاصلاً في أي وقت قريب.
المرآة: وماذا عن سقف المطالب السياسية للأطياف الأخرى وخصوصاً جماعة شباب 14 فبراير؟
جونز: شخصياً أعتقد بأن الخطاب السياسي الذي تستخدمه جماعة شباب 14 فبراير تحديداً يتطور باستمرار، وقد وضعت هذه الجماعة سقفاً مرتفعاً لمطالبها بالفعل ولكنه سقف متلائم مع ما حدث خلال السنة الماضية. وفي المجمل أعتقد بأن هذه الجماعة التي لا نزال لا نعرف أفرادها ومحركيها تمثل بشكل جلي ما يشعر به القطاع العريض من الشارع البحريني .
المرآة: هل كان لديك اتصال بأي من أفراد هذه الجماعة؟
جونز: نعم، يتصل بي أفراد من هذه الجماعة بشكل مستمر ليسألوا المشورة ويستفسروا عن تقييمي الخاص حول الوضع الداخلي وحول ردود أفعالهم حول ما يجري في الداخل. وعلى الرغم من أنني لا أزال على غير اطلاع بهويات هؤلاء الأفراد إلا أنني أكاد أجزم بأنهم جماعة ليست بالصغيرة وفيها الكثير من الأفراد المتعلمين تعليماً عالياً.
المرآة: في هذا الصدد وفيما يتعلق بالنقاش الساخن الذي يدور حول الحفاظ على السلمية والاتجاه لاستخدام العنف، كيف تقيم هذه المسألة في البحرين؟
جونز: أعتقد أنه من الضرورة بمكان أن نلقي بالضوء على مسألة مهمة للغاية، وهي أن الدعوة إلى استخدام العنف هي دعوة مرفوضة طبعاً، فلا يجوز لمن ينادي بالديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان أن ينادي بالعنف. غير أن النظر إلى أبعاد أخرى في المسألة البحرينية يأتي على نفس الدرجة من الأهمية، وعلى رأسها تعريف العنف بحد ذاته. فهل يجوز أن نطلق على ما يجري في البحرين الآن من قبل المحتجين عنفاً؟ لست من دعاة العنف بطبيعة الحال فأنا شخصياً أؤمن بضرورة الحفاظ على السلمية إجمالاً وفي الملف البحريني على وجه الخصوص، لكنني أتفهم ما يجري في البحرين، وهو الأمر الذي حذرنا الحكومة الأميركية منه مراراً. فكيف يمككنا أن نأتي اليوم لنلوم مجموعة من الشباب الصغار في إحدى القرى البحرينية التي يتم الهجوم على أهلها ليلياً ويستنشق سكانها مسيلات الدموع بدلاً من الأكسجين إذا قررت أن ترمي حجارة أو تقوم بعمل زجاجات حارقة. هذه تصرفات مرفوضة طبعاً من وجهة نظري، ولكن لا يحق لأحد أن يصدر الأحكام دون أن يضع نفسه أولاً في مكان هؤلاء.
المرآة: هل تعني من حديثك بأن لهذه الممارسات مبررات مقبولة من وجهة نظرك؟
جونز: لأوضح وجهة نظري مرة أخرى أقول: ليست هذه الممارسات مقبولة طبعاً، ولكنها ممارسات أفهمها وأفهم أسبابها. لا أبررها ولست بالضرورة أجوزها، بل أنني أعتقد جازماً بأنها تضر الحراك البحريني أكثر مما تنفعه، لكنني أرى بأنه من النفاق أن يأتي شخص من الخارج ليصدر الأحكام على أشخاص مروا بأوضاع لم يمر بها ولم يعرفها. الشعب البحريني يشعر بأنه وحيد في حراكه حيث لا دعم دولي ولا عربي لما يطالب به، يشعر بأنه منسي ومهدد، كيف يمكن أن نتجرأ على الحكم على أشخاص يمرون بهذه الظروف؟
المرآة: كيف يمكن أن يضر الحراك دفاع الأشخاص عن أنفسهم إذاً؟
جونز: يضر لأنه يخسر الشعب البحريني الدعم الدولي " غير الرسمي" الذي حصل عليه منذ بدء تحركه السياسي. كانت السلمية هي ورقة الضغط الرابحة في يد هذا الحراك، ولو حاد الحراك عن سلميته سيفقد الضغط الدولي الذي يمارس على النظام السياسي في البحرين، وسيعطي مبرراً قوياً للسلطات في البحرين لممارسة المزيد من القمع ضد المتحجين.
المرآة: قمت في عدد من مقالاتك بدعوة الحكومة الأميركية لسحب قواتها من قاعدة الأسطول الخامس في البحرين، وهو الأمر الذي انتقدك عليه الكثيرون بوصفه أمراً غير واقعي حالياً. ما هو السبب وراء دعوتك تلك؟
جونز: أعتقد بأن لدى الولايات المتحدة قوة ونفوذ على الحكومة البحرينية أكثر مما نعتقد، وأن الولايات المتحدة الأميركية تنظر إلى مسألة وجود القاعدة الأميركية واستقرارها وكأنه يعطي الحكومة البحرينية قوة وتأثيراً بينما العكس هو الصحيح. لذلك أعتقد بأن سحب القوات من هذه القاعدة وخصوصاً مع ارتكاب الكثير من انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين سيشكل ورقة ضغط حقيقية، ناهيك عن حقيقة بأن الوجود العسكري لهذه القواعد في منطقة الخليج كلف الولايات المتحدة مادياً وأخلاقياً وسياسياً الكثير، في وقت لا حاجة فيه إلى وجودها.
المرآة: وكيف تشرح سياسية الولايات المتحدة تجاه البحرين؟
جونز: موضوع البحرين بالنسبة للسياسة الأميركية الخارجية يحكمه أمران اثنان: أولهما المصالح وثانيهما الضغط. فبطبيعة الحال تحدد الولايات المتحدة سياستها الخارجية تجاه أي بقعة في الأرض بناء على مصالحها السياسية. وفي هذه النقطة لا تبدو مصلحة الولايات المتحدة حالياً في صالح تغيير النظام السياسي في البحرين. كما أن الوضع الإقليمي المضطرب وقرب إيران من المنطقة وحاجة الولايات المتحدة للنفط الخليجي والسعودي تحديداً كلها عوامل شكلت الصورة التي تنظر بها أميركا إلى البحرين. وحالياً لا أرى هذا العامل متغيراً في أي وقت قريب حتى يجري تغيير حقيقي في الوضع الإقليمي.
ثم هناك العامل الآخر المهم أيضاً وهو عامل الضغط، فالسياسة الخارجية الأميركية تخضع للضغط أيضاً والذي قد يشكل المصالح ويضغط عليها أحياناً. وفي رأيي فإن هذا العامل هو الذي يمكن أن تستخدمه الثورة في البحرين لصالحها، فكلما استطاعت أن تقوم بعمل ضغط دولي سواء عبر وسائل الإعلام أو التواصل المستمر أو تنظيم اللوبيات كلما تأثر القرار السياسي الأميركي بشأن هذه القضية. وهو ما يحصل حالياً بالفعل حسبما أرى.
المرآة: ماذا عن تقييمك لدور كل من السعودية وإيران في قضية البحرين السياسية؟
جونز: أعتقد بأن هناك مبالغة في تقييم القوة والتأثير للسعودية على الولايات المتحدة، فالسعودية لا تملك قوة وتأثيراً على الولايات المتحدة، لكن الأخيرة تتصرف وكأن السعودية تملك هذه القوة والتأثير.
ولا شك أبداً بأن تدخل السعودية المباشر في المسألة البحرينية عقد المشكلة، لكنه تدخل محسوب جداً فمن الواضح أنها تخشى من أن ينتقل هذا الحراك البحريني إلى الداخل السعودي. ومع كل ما نسمعه من حراك يومي عن مسيرات وتظاهرات تجري في السعودية، أعتقد جازماً بأنها قنبلة موقوتة ستنفجر في أي لحظة ولن تغير فقط السعودية لكنها ستغير وجه منطقة الخليج.
أما إيران، فأعتقد بأنها لا تشكل خطراً إقليمياً على عكس ما يشاع، لكن هذا لا يعني بأن لدى إيران طموحاتها التوسعية بدورها، فهي تحاول أن تخلق من نفسها قوة إقليمية بدليل تأثيرها الكبير في العراق. ومن الجدير بالذكر أن الداخل الإيراني بدوره يبدو مضطرباً للغاية، وأن النظام السياسي الإيراني يعاني من مشاكل جوهرية ويعتبر أحد أسوأ الأنظمة في منطقة الشرق الأوسط.
باختصار لقد استغل كل من الطرفين السعودي والإيراني الأزمة في البحرين في صراعهما الإقليمي، وأصبحت هذه الدولة الصغيرة تدفع سياسياً أكبر من طاقتها. ولا يزال المستقبل السياسي يبدو مجهولاً حالياً.
اقرأ أيضا
- 2018-11-21الفائزة بجائزة منظمة التعليم الدولية جليلة السلمان: سياسات التربية منذ 2011 هي السبب الأكبر وراء تقاعد المعلمين!
- 2018-05-17الموسيقي البحريني محمد جواد يفكّ لغز "القيثارة الدلمونية" وينال براءة اختراعها
- 2017-10-03مترجمات «ما بعد الشيوخ» في حوار مع «مرآة البحرين»: كان الهدف أن نترجم ثقل الكتاب!
- 2017-10-03«مركز أوال للدراسات والتوثيق» في حوار مع «المرآة»: كتاب «ما بعد الشيوخ» طبع 6 مرات رغم تزوير الترجمة من جهات أخرى
- 2017-10-03فؤاد الخوري ليس كأيّ كتاب... مروة حيدر: رسالة "دعوة للضحك" وصلت… أنا مترجمة تبتسم!