أمراء وأميرات الدوار: كان عبدالرضا بوحميد يقودنا

2012-02-19 - 12:49 م





مرآة البحرين (خاص):
أمام حصار الدبابات، وبعد عامٍ من المرة الأخيرة التي لامس فيها الأحرار عشب الدوار، المكان الذي حمل أحلامهم، مطالبهم، صرخات حناجرهم، ودماء شهدائهم، يعود اليوم شباب 14 فبراير مجدداً، ليحرروا تلك البقعة المسلوبة في زمن العسكر، دعوات العودة للميدان، زادت حدتها مع اقتراب الذكرى الأولى للثورة.

بدأ الزحف منذ الثاني عشر من فبراير، توجه للميدان مذ ذاك الوقت أكثر من مائتين وخمسين من شباب الثورة، بينهم فتيات، أطلق عليهم الناس أمراء وأميرات الدوار، حملوا الأعلام، وتوجهوا عراةً إلا من حلم العودة، دخلوا فرادى، وأحياناً بجماعات تقل عن خمسة، لكن بالأمس تغيرت المعادلة، دخلت جماعات تصل إلى ثلاثين ثائر، من بني جمرة وسار، جميعهم جاؤوا طواعية، ليسلموا أنفسهم للقيد، صغاراً وكبار، بعضهم لا يتجاوز الثانية عشرة، وبعضهم تخطى الثلاثين، يجمعهم حلم وحيد، العودة للميدان من جديد.

الدوار، المكان الذي تنفس فيه البحرينيون الحرية لأول مرة، منذ عقود وهم يحلمون بكسر الدولة البوليسية، برفع أصواتهم عالياً دون خوف، بالصراخ في وجه الظالم لا الظلام.


أربع محاولات وما زال يحلم

 
الحايكي وعلاقته الحميمة بالميدان..
 
الشهيد علي الشيخ
أصبح أميراً للدوار، بعد محاولة اقتحامه له، رغم تواجد العساكر، حلم العودة راوده طويلاً، منذ رمضان الماضي، كلما مر هناك، اعترته الرغبة في الترجل والتوجه لقلب الميدان، هكذا كانت بداية عودة محمد الحايكي، الشاب السماهيجي ذي الثلاثين عاماً، مرآة البحرين اقتربت منه عبر صديقه، بعد أن صار معتقلا  "لماذا العودة للميدان؟" هكذا سألناه، قال: كانت الثورة قد بدأت تهدأ، أردنا أن نبث الحماس في الناس من جديد، أن نزودهم بشيءٍ من الإصرار كي تستمر الثورة التي بدأها شعبنا المناضل، فقررنا أنا ومحمد التوجه للميدان، أردنا أن نكسر حاجز الخوف والرهبة، كنا في شهر رمضان حينها، وصلنا بالقرب من الميدان، هممنا بالنزول، لكن ترددنا باللحظة الأخيرة، قررنا أن نؤجلها ريثما نرتب أمورنا، كان على أحدنا أن يذهب وعلى الآخر أن يبقى ليوثق عودته.

وداع الفاقدين

استشهد علي الشيخ ليلة العيد، قررنا أن نقصد الميدان فور عودتنا من تشييعه، انتظرت الحايكي قرب باب منزله، سمعته يحدث أمه من ورائه، كان قد عزم الأمر على العودة للميدان، متوقعاً الشهادة لا الاعتقال، وكان لابد من مصارحة أمه، حدثها عن رغبته، فباركت له عزمه، قالت له يومها: افعل ما تراه صواباً، ودعها بنية الفراق الأبدي، لكنه خرج من المنزل مستبشراً، قال: حصلت على موافقتها، لقد باركت أمي عملي، وذهبنا معاً للدوار بعد عودتنا من التشييع، حمل العلم، نزل، واختفى، واعتقدت حينها أنه قتل، فقد سمعت صوت طلقات عند نزوله، لكنه اتصل بي بعد يوم، ولم أصدق حينها أنه لم يمت، بعد أشهر أطلق سراحه، وظل حلم العودة يراوده مجدداً.

 قبل العودة الكبرى للميدان تلقى اتصالا من الحقوقي نبيل رجب، طلب مرافقته في يوم الرجوع للميدان، وقد اختار العودة مع رجب رغم تلقيه عدة دعوات من جماعات مختلفة. ضُرب يومها، وأخذوا العلم من يده، واعتقلوا زينب الخواجة في اليوم التالي، عاد من جديد مع أمير الدوار محمد جعفر وتم اعتقالهما حينها.

مأسورة بالعودة فقط

"لقد كان عبدالرضا بوحميد يقودني" هكذا بدأت معصومة السيد تروي لنا حكاية العودة من جديد، قالت: "لقد كان في كل مرة يأخذ بيدي، يجبرني على العودة للميدان، علمني أنه بشجاعتنا وعدم خوفنا سنحرر الميدان، وسنعود، كما عدنا حين حرره أول مرة"، حرضها على العودة الشعور الذي كان يسكنها حين كانت بالدوار، مساحة الحرية التي انطلقت تعبرها دون رهبة، الشعور بالانتماء لوطنٍ حقيقي، تقول: "لقد علمني الدوار كيف يكون لي وطن فأحبه، لهذا أعود مجدداً، وكلما شعرت بالحنين للوطن، ذهبت للميدان، لا أخشى البنادق، لا يرعبني الاعتقال، فأنا مأسورة بالعودة فقط"

أنتم لا ترعبوننا

زينب المغلق، هي إحدى أميرات الدوار، لكنها تكره هذا اللقب، تقول: لم أذهب هناك كي أحظى بلقب، لقد كنت أريد أن أوصل رسالة للنظام، أننا لا نخشاكم ولا ترعبنا عساكركم، أعرف يقيناً أننا لن نصل بوجود الدبابات والعساكر، لكننا نريد كسر هيبة البندقية، ربما كسرها في داخلنا ليس أكثر، ذهبت للميدان وأنا أحمل قرآني بيدي، لا أملك سلاحاً إلا هذا الحلم الذي أظل أتشبث به، تجربة العودة للميدان تركت بداخلي شعوراً رائعاً، وأعتقد أني سأعيد تكرارها من جديد.

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus