نعم، نحن أطفال يا إيكلستون لكننا نعرف ما الذي يحرك محركاتك

2012-02-20 - 11:08 ص


 مرآة البحرين (خاص): غطاء جديد يحاول الحكم في البحرين أن تتوارى بشاعة جرائمه من خلفه، هذه المرة ليس لجنة ملكية معينة، ولا حوار مزعوم، وإنما سباق الفورمولا1 الذي يعتقد واهماً أنه فرصة جيدة لتحسين صورته أمام المجتمع الدولي الساخط على سياسته المستبدة.

يأتي ذلك متماهيا مع رغبة مالك حقوق سباق الفورمولا1 بيرني ايكلستون الذي سخر من المتظاهرين البحرينيين ووصفهم بمجموعة كبيرة من الأطفال، خلال تصريح أدلى به لصحيفة الجارديان البريطانية، نافيا أن يتواصل إيقاف السباق كما حدث في السنة الماضية بسبب الاضطرابات السياسية التي اندلعت في 14 فبراير 2011.

شن نشطاء هجوما ضد بيرني اسكلستون إزاء موقفه من المتظاهرين البحرنيين، وقاموا بترويج بوستر مصور على نطاق واسع ضده عبر حملة يتم تداولها في المواقع الإلكترونية، ويحمل البوستر صورة ايكلستون مع ملك البحرين وولي عهده إلى جانب عدد من جثث الشهداء، مع عبارة "نعم نحن أطفال"

حلبة البحرين لم تتأخر كثيرا في تمرير إجراءاتها بعد الحصول على الضوء الأخضر من ايكلستون، وأعلنت يوم أمس عن آخر استعداداتها لاستضافة السباق في 22 إبريل المقبل، وخلال مؤتمر صحافي أعد له المنظمون بشكل جيد أُطلق العد التنازلي لانطلاق الحدث الذي تعول عليه السلطات البحرينية كثيراً للمساهمة في تلميع صورتها السيئة أمام المجتمع الدولي بعد فشلها في إخماد الاحتجاجات المطالبة بمزيد من الديمقراطية والحد من سلطة أسرة آل خليفة.

لكن يبدو إن العد التنازلي أُطلق بالفعل منذ اللحظة الأولى التي نطق فيها ايكلستون بإقامة جولة البحرين رغم ما تعانيه هذه الجزيرة من حالة عدم استقرار. من جانبها تعمل المنظمات الحقوقية جاهدة لثني الفرق عن المشاركة في حدث تنظمه سلطة يدها ملوثة بدماء الأبرياء، وقد أشار إلى ذلك رئيس مركز حقوق الإنسان في البحرين الناشط نبيل رجب عبر تغريدات من حسابه بتويتر، فيما استهجن عدد كبير من البحرينيين ومن المتعاطفين معهم إقبال فرق الفورمولا واحد على المشاركة في السباق الذي يقام تحت رعاية سلطة قمعية تضرب شعبها بيد من حديد وتضرب الشرائع الدولية وحقوق الإنسان عرض الحائط.
 
مراقبون يرون أن صفقة سرية جرت على ما يبدو في الغرف المغلقة ليعود سباق البحرين إلى الواجهة بعد حجبه في العام الماضي، رابطين ذلك بعودة خبير القانون الدولي شريف بسيوني إلى المنامة لمراقبة تنفيذ توصيات أوصت بها لجنة تقصي الحقائق في نوفمبر الماضي.

وحسب المراقبين، فان السيناريو المتوقع هو أن يكون الحكم قد أعطى التزاما لبسيوني - الذي يمثل في الواقع الإدارة الأمريكية ولكن خلف قناع حقوقي - بأن يكون مارس المقبل هو الشهر الذي تنتهي فيه الأزمة البحرينية من خلال إجراء تعديلات ديمقراطية يتم التوافق عليها مع المعارضة، ويكون حدث استضافة الفورمولا1 بوابة يظهر من خلالها ولي العهد سلمان بن حمد إلى الواجهة مجددا كونه عراب مشروع حلبة البحرين والوجه المعتدل الذي يمكن أن يكون راعيا لحوار التسوية المؤمل أن يسدل الستار على الأزمة.

رأي آخر يذهب له المراقبون، وهو أن الحكومة البحرينية استخدمت سلاح المال لشراء موافقة بيرني ايكلستون لإقامة السباق في موعده، مستغلة حب هذا الأخير للأوراق الملونة من جانب ولإنعاش هذه الرياضة المكلفة من جانب آخر بسبب تداعيات الانهيار العالمي لسوق الاقتصاد قبل عدة سنوات بدفع المزيد من الأموال لتشجيع الفرق على الحضور إلى حلبة الصخير التي سارعت هي الأخرى بإجراء عملية تجميلية وأعادت بعض موظفيها المفصولين بطريقة شكلية لإعطاء انطباع جيد عن حسن نواياها.

المحللون يضيفون، إن سلاح المال هو الأكثر قربا للواقع، فالبحرين دفعت في السنة الماضية كامل حقوق استضافتها للسباق الملغى كنوع من التعاون والامتنان للاتحاد الدولي، فيما الذي تكبد خسائر مالية فادحة هي البحرين، جراء الأزمة الاقتصادية وما عقب ذلك من انسحاب عدد من الفرق لعدم حصولها على رعاة ومعلنين، وكررت هذه السنة دفع قيمة استضافتها للمرة الثانية على التوالي فيكون تعويضا لها "سباق واحد" بقيمة سباقين.

بهذا الشأن، يؤكد المراقبون أن استضافة السباق لن تكون فرصة جيدة لتلميع صورة الحكم بالقدر الذي ستكون فيه فرصة لكشف وجهه القبيح، فحسب ما تمّ إعلانه في المؤتمر الصحافي أمس أن 450 إعلاميا وأكثر متوقع حضورهم لتغطية السباق، وهو أمر جيد لدخول وسائل الإعلام التي لم تعط تصاريح دخول في الفترة الماضية خشية قيامها بتغطية الأحداث التي تدين بشدة همجية الحكم في تعامله مع الاحتجاجات السلمية، إضافة إلى إمكانية توافد نشطاء أجانب كما حصل في الذكرى الأولى لثورة 14 فبراير ولكن بإعداد أكبر نظرا لإلغاء تصاريح الدخول قبل انطلاق السباق.
 
ويستدل المراقبون على عملية (حداد السماء) التي نفذها نشطاء تابعون لائتلاف 14 فبراير المعارض خلال إقامة معرض الطيران الدولي، حيث غطت سماء البحرين أعمدة الدخان الأسود المتصاعد من الإطارات التي أشعلها محتجون، وهو ما لفت انتباه وسائل الإعلام، فقد ظهر جليا الدخان الأسود الكثيف ليحجب الرؤية عن مشاهدة الطائرات الاستعراضية في العديد من المناطق وخصوصا العاصمة وضواحيها.
 
ومن هذا المنطلق يؤكد مراقبون إن هدير المحركات الذي سيدوي في الصخير لن يحجب العالم عن سماع أزيز الرصاص الذي يطلقه الأمن البحريني على المحتجين، ولكن هذه المرة لن يكون على هيئة صراخ في الظلام كما ظهر في فيلم قناة الجزيرة الانجليزية، وإنما صرخة في النهار وأمام مرآى إعلام عالمي محترف لن يغفل حدثا يجري أمام عينيه.

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus