الحوار... لنا أم علينا؟

عادل مرزوق - 2012-02-22 - 7:52 ص




عادل مرزوق*

لن تقبل دول الخليج برئيس وزراء شعبي يحضر اجتماعاً لرؤساء وزراء معينيين من الأسر الخليجية الحاكمة، العودة للاعتصامفي الدوار ليست موضوعاً للنقاش أو الحوار. مجلس الشورى (خط أحمر) فهو صمامأمان للديوان  الملكي. وخلاف ذلك، فالحوار مفتوح. يضاف لاحقاً عديد (الممنوعات) ومزيد (اللاءات) و(الخطوط الحمر) بلسان تجمع الوحدة الوطنية وباقي تنظيمات الموالاة. بماذا نصف مهمة الخروج بنتيجة من الحوار سوى بأنهاالمهمة المستحيلة.

على الأرض، لا يزال معتقلو الجمعيات السياسية فضلاً عن باقي التنظيمات السياسية في السجون، لا تزال المحاكم (الفاشلة) - كما يصفها شريف بسيوني - قائمة، قوات مكافحة الشغب والمدرعات العسكرية تجوبالقرى لاصطياد ضحاياها ولإغراق البيوت بالغازات السامة، وزير العمل يتلاعببالمفصولين من العمل من توقيت لآخر، وتلفزيون البحرين مستمر في مهامه القذرة. وعلى الأرض أيضاً، يقول الوافدون من الديوان الملكي أن ثمة رغبة صادقة من الحكم في إدارة مفاوضات تنهي الأزمة!، هل يصدق الناس ما يحدث على الأرض وما يرونه بأعينهم، أم  يصدقوا أقوالاً مرسلة من الفعل والواقع؟

الملكليس غبياً، يعرف ما يفعل، وبالمناسبة إن الاستمرار في تحييد الملك عن تفاصيل ما يحدث آلية سياسية فقدت بريقها وفائدتها جملة وتفصيلاً. وأهم ما يعرفه الملك أنه في العام 2001 لم يكن يحتاج للحوار ليصدر أوامره بالإفراج عن المعتقليين السياسيين وسحب قوات الشغب من مواقعها وإيقاف المحاكمات الصورية الملفقة. يعرف أيضاً، أن رصيد (الممنوعات) القائم لن يساعد الجمعيات السياسية أو غيرها من الشخصيات السياسية وصناع الرأي العام على المشاركة في صناعة تسوية، فضلاً عن تسويقها أو إقناع أحد بها.

الغطاءالدولي لن يقبل بتغطية معارضة لا تقبل بدعوة الحوار من حكم، يبدو هذا الغطاء حريصاً على بقائه واستمراره. ولذلك، ليس للجمعيات السياسية وفي مقدمتها الوفاق الوطني الإسلامية من خيار سوى القبول بالحوار في مستوى المبدأ، وهي بذلك تعيد تكتيك المشاركة في (الحوار الوطني) الذي كان الانسحاب منه بمواقفه مبرراً ومنطقياً ومقبولاً. والدولة وحدها، هي الطرف المعني بتجاوز اختبار (النية الصادقة) في الوصول لتسوية سياسية شاملة ومقبولة، خلاف ذلك، الانسحاب من الحوار هو قرار لا مفر منه. حل (جدولة المطالب) حل مقبول بالنسبة للجمعيات السياسية، لكنه حل وتكتيك يحتاج لثقة كبيرة في النظام، وهذه الثقة لا نبالغ إن قلنا أنها تحت الصفر.

نتيجةوتفاصيل هذا الحوار لن تطول، ومن واجب التنظيمات السياسية الممانعة للحوارداخل البحرين وخارجها أن لا تستعجل في مهاجمة الجمعيات السياسية أو تخوينها. فهذا تأسيس خطير لانقسام جسم المعارضة أولاً، مكسب كبير تقدمه المعارضة لمؤسسة الحكم دون مقابل. على تنظيمات الممانعة أن تتفهم اختلاف آليات العمل بينها وبين الجمعيات، فلا مكان هنا للتخوين أو المزايدات في الوطنية. فالنظام الذي لا يفرق بين معارض (وفاقي) و(غير وفاقي) لا يستحق البتة أن يمنح أي مكاسب سياسية على الأرض، وفي هذا التوقيت الحرج تحديداً.

أقوللا للمزايدات أو التخوين، مع كامل التقدير والاحترام لكل تنظيم من تنظيماتالمعارضة ولموقفه ولعطاءاته وتضحياته في سبيل حرية هذا الشعب وكرامته. إن الخصم السياسي هي مؤسسة الحكم دائماً وأبداً. ليست الجمعيات السياسية خصماًلمن يرفع شعار الإسقاط. وليس من يرفع هذا الشعار خصماً للجمعيات.

المهمفي هذا التوقيت هو أن لا تحصر المعارضة تنظيماتها في منطقة (ردات الفعل)، عليها أن لا تنتظر أفعال الدولة لتصدر بعدها ردات الفعل. على المعارضة أن تمسك بزمام المبادرة وأن تكون المتحكم بتفاصيل المشهد، وأن تكون أكثر فاعلية وإنتاجاً للأفكار والفعاليات والضغوط على مؤسسة الحكم. تريد الدولة من الحوار في نسخته الجديدة طي صفحة مبادرات ولي العهد، والإجهاز عليها نهائياً. وهي بذلك تحاول التأسيس لواقع جديد وتفاصيل جديدة، تقطع فيها الأسس التي من الممكن أن تقوم عليها الملكية الدستورية (المطلب الرئيس للجمعيات السياسية).

وعلى الجمعيات السياسية والتنظيمات الأخرى أن تحرص على فرض معطيات جديدة على المعادلة، لا أن تلقي بثقلها كاملة في موضوعة واحدة (الحوار)، من باب (مع) او (ضد). الدرب طويل، ولا مفر من تنويعالأساليب وحشد الطاقات كلها. المهم أن يكون هذا الحشد والتنويع في مواجهة الهدف الصحيح. 

* كاتب بحريني.

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus