فاجعة فتيات سار توحد القلوب المقسومة

2012-02-27 - 10:37 ص


شموع المعزين في موقع الحادث



مرآة البحرين (خاص): كان أمس يوماً ثقيلاً على البحرينيين. ثقيل جداً. 6 فتيات في عمر الورد، غادرن الحياة في لحظة زمن قاسية، بعد أن اصطدمت سيارتهن بجدار أحد المباني، فيما يبدو أنه حادث بسبب السرعة. لا أحد يعرف تحديداً كيف وقع الحادث ولا تفاصيله، لكنه الموت قد وقع، واختطف زهرتين أختين هما فاطمة ومريم عبدالجليل عياد، وزهرتين أختين أخرتين هما طاهرة وغيداء عبدالأمير، وكل من الزهرة رقيه أحمد عباس، والزهرة مروة مكي الساري، وترك البحرين كلها في لجة حزن.

في كل مكان، كان الحادث هو موضوع الحديث، ورغم قلة التفاصيل، كانت الفاجعة تفرض نفسها، القلوب التي شابتها السياسة ببعض شوائبها الطائفية، غدت بالأمس متعالية عليها، فالمصيبة أكبر من الطائفة وأكبر من السياسة.

تويتر أمس، لم يكن مساحة لشيء آخر غير تعابير الحزن والفجيعة من البحرينيين بشقهم السني والشيعي، التعزية والمواساة لعوائل الزهرات والوطن، تم تخصيص أكثر من هاش تاج للزهرات الست 6Flowers#، أيضاً   6soulsRIP #. كان تقديم عبارات العزاء صعباً بقدر فجاعة الحدث، كيف يمكن أن تُعزي أماً فقدت شمعة واحدة، فضلاً عن شمعتين، هكذا في طرفة حادث قاسٍ لا قلب له؟

قريباً من الظهر، تعالت دعوات الذهاب لموقع الحادث وترك الورود مواساة لأهالي الفقيدات وقراءة الفاتحة على أرواح الفتيات الست، بدأتها شبكة 14 فبراير. ثم دعوة أخرى لحمل الورود وإشعال الشموع على أرواح الفقيدات عند السابعة مساء. المغرد الشاعر جعفر العلوي كتب "فكرة جميلة، أن نلتقي جميعاً هناك حيث سقطن. أمام عظمة فقد أرواحهن لنضع زهوراً وشموعا. سأكون هناك الليلة. أحضر معك وردة وشمعة، وقلبك البحريني الأصيل،   لنلتقي جميعاً حيث فقدنا 6 زهرات من هذا البلد".

سريعاً ما بدأت الدعوة تتسع لتصير بحجم وطن، وبدأت تلمس قلب الإنسان البحريني الأصيل الذي لم تلوثه الطائفية، ليكون هناك، ليس فقط للمواساة، بل ليقول أن المصيبة تجمعنا رغم الاختلاف. كان هذا الحادث المأساوي فرصة ليجتمع البحرينيون، وليلفظوا   الطائفية التي يراد لهم أن يقعوا فيها، هكذا تلونت الدعوات: "لنقول لكل الطائفيين، أنتم خارج التاريخ. البحرين ستلفظكم أمام أول مفترق طرق. سنكون في موقع الحادثة". صار الحادث المفجع مستهلاً للوحدة التي يتعطش لها البحرينيون، يقول مغرد آخر: "لنا لقاء في حب الوطن، لنا لقاء مع الاندماج، لنا لقاء تحت قبة السماء لنرفع الصرخات لا للطائفية في بلادي".

ما أشوق المغردين الذين يعشقون الوطن إلى لم الشتات، يكتب مغرد: "سأذهب محاولا لممت شتات وطني وغسل مابقي داخلي من طائفية للأبد. سأضيء شمعة وأبحث عن دلمون المفقودة! سأعلن من هناك كم أفتقدك ياوطني!"، ويقول آخر: "الإنسانية لا تحتاج بيان يدعو لها أو إخطار يسمح لتواجدها، اجتمعوا من اجل الإنسانية اجتمعوا من اجل الوطن"، ويقول آخر: " اليوم لنجتمع لأننا بشر   قبل أن ننتمي لأي انتماءات، اتجه بإنسانيتك حاملا الشموع و الورود". ويقول آخر: "الليلة الساعة 7 مساء، ضع السياسة جانباً وتوجه حاملاً إنسانيتك في اليد اليمنى وشمعتك في اليد اليسرى لمكان مصرع ضحايا الحادث الأليم".
 
ولكي لا يكون شيء خارج الشعور بالوطن، يكتب أحد المغردين في دعوته: "لا تجلبوا وروداً غير بحرينية المنشأ، لا تجلبوا قلوبا غير بحرينية الهوى، اجلبوا الحب والطمأنينة، اجلبوا لها نبضا كي تهب الذكرى الحياة" يتم الاتفاق بين المغردين، على أنه لا شعارات ولا أعلام ولا لافتات، ليس غير لبس السواد والتوجه نحو موقع الحادث، الشموع والورود فقط، دعوة إنسانية لكل بحريني.

عند مكان الحادث الأليم، لا تزال بعض آثار الزهرات مختلطة بالرمل، فردة حذاء لإحداهن، غطاء هاتف لأخرى، وبعض قطع السيارة المتناثرة. يأتي البحرينيون يحملون ورودهم وشموعهم، يضعون الورد في المكان ذاته الذي قضى فيه الورد، يسورون المكان الذي سقطت فيه الشموع كي يشعلوا فيه شموع تضيء القلوب المكسورة، يلف الحزن المكان والبكاء والتعابير التي مسحها الحزن، المجتمعون بأعداد كبيرة يحضن بعضهم الآخر، لا يعرف معظمهم الفتيات اللاتي سرقهن الموت سريعاً، لكن الموت يكفي ليكون الكل حضنا للآخر.

هكذا غابت اللافتات والأعلام والشعارات والهتافات، غابت السياسة والطائفة والانتماء والتوجه، غاب كل شيء وحضر الوردوالشموع وإنسان دلمون الأصيل.



التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus