موكب الشهيد الحايكي يكسر حصار العاصمة: جراح الضحايا فمُ
2016-08-03 - 11:34 م
أتَعْلَمُ أمْ أنتَ لا تَعْلَمُ
بأنَّ جِراحَ الضحايا فمُ
فَمٌّ ليس كالمَدعي قولةً
وليس كآخَرَ يَسترحِم
يصيحُ على المُدْقِعينَ الجياع
أريقوا دماءكُمُ تُطعَموا
ويهْتِفُ بالنَّفَر المُهطِعين
أهينِوا لِئامكمُ تُكْرمَوا
الأديب العراقي محمد مهدي الجواهري ناعياً اخاه الذي أعدمه نظام البعث العراقي
مرآة البحرين (خاص): واجهت الجماهير جلاديها مرة ثانية وسط العاصمة المنامة، ونقلت كاميرات المصورين صور هذه المواجهة، الهتاف يعلو "بالروح بالدم نفديك ياشهيد"، تتعالى الأصوات وتتقدم الجماهير في مشي أشبه بالهرولة. القوات المدججة تطلق قنابلها لتفريق المحتجين، لكن الشعوب الحرة تستطيع اجتراح المعجزات المرّة تلو المرّة، لم تتزلزل الأقدام، ولم يهرب أحد، كان الصراخ يعلو "لا أحد يهرب.. قف مكانك"، وهكذا وجد الجلادون أنفسهم مرة أخرى عاجزين أمام موج هادر يغرق كل أساطير القوة وأوهامها.
قبل الساعة الثانية من ظهر يوم أمس الثلاثاء 2 أغسطس 2016، تأكد خبر وصول جثمان الشهيد حسن الحايكي الذي فارق الحياة بسبب التعذيب والتضييق الشديد داخل سجن الحوض الجاف.
بدأت تتسرب إلى مواقع التواصل الاجتماعي صور جثمان الشهيد والدم لا زال ينزف من فمه وأذنه، مع أنباء أكيدة أن قوات وزارة الداخلية حاصرت مقبرة المنامة، وان الجثمان بداخل مغتسل المقبرة، مما يعني أن تشييع الشهيد غير ممكن. فقط يمكن تغسيل جثمان وحمله إلى قبره، هكذا كان يريد النظام ان يسير الحدث.
كان هذا المشهد هو الأكثر التصاقاً بمشهد فجع البحرينيين منذ خمسة أعوام، عندما تم إحضار الشهيد عبد الكريم فخراوي إلى مقبرة الحورة من السجن شهيداً، بعد أربعة أيام فقط من اعتقاله. وعلى مغتسل المقبرة تفاجأ البحرينيون بالكدمات التي لطّخت كل أنحاء جسده إثر تعذيب أودى بحياته. السلطة هدّدت العائلة من أن يكون تشييع الجثمان جماهيرياً، وأمرتهم أن يمنعوا التصوير ويكون التشييع عائلياً فقط. وقد ترك دفن الشهيد فخراوي حسرة في قلب زوجته وعائلته المفجوعة. لهذا كتبت زوجة الشهيد عبدالكريم فخراوي عند الساعة الثانية ظهراً من مساء أمس على صفحتها في الفيسبوك "لاتتركوا حرقتي على تشييع زوجي كريم فخراوي، ترتسم مرة اخرى عند زوجة الشهيد المعذب حسن الحايكي".
سرت دعوات التحشيد للحضور والمشاركة بسرعة البرق. ما هي إلا لحظات، حتى تفاجأ رجال الأمن المحاصرون للشوارع العامة، بالجماهير التي هبّت لتشييع جثمان شهيدها. لقد تسلل الشباب النشط من النساء والرجال من أزقة عاصمتهم التي يعرفونها جيداً، المشهد الذي جعل رجال الأمن لا يخفون دهشتهم وحيرتهم.
طبقت الجماهير البحرينية أمس، طريقة التخلص من الخوف بطريقة فطرية لم تخضع للكثير من التمعن، المبدأ يقول إنه إذا أراد الإنسان فعلاً أن يتخلص من خوفه، فعليه أن يستجمع كل قوته و يفعل الشيء الذي يخاف منه بدون تفكير مسبق بالنتائج (كسر حاجز الرهب) فالخوف مهما كان مستعصيًا عند الإنسان ومهما كان مستفحلاً، فإنه بمجرد كسر حاجز الخوف من الرهبة، ينتهي كل شيء، ويكون الرعب الذي صنعه الجنود والضباط القتلة والمعذبون كزجاج هش ينكسر مع أول صرخة ..
تنقل إحدى المشاركات يوم أمس "استطعنا إخراج جثمان الشهيد من المقبرة من جهة تحاصرها القوات المدججة بالسلاح، وقمنا بتشييع الشهيد، طفنا بجثمانه، قمنا بتكريمه، لقد انتصرنا معنوياً، هدمنا ذلك الجدار المرتفع من الرعب، دسناه بأقدامنا، أشعر أني عدت للحياة من جديد، وبأني قوية، وبأن شعبنا ما زال يستطيع فعل الكثير".