المحامي حسن رضي في منتدى التنمية 33: لا بديل عن حوار يُمثََّل فيه الملك، ويرأسه ولي العهد

2012-03-03 - 11:03 ص




مرآة البحرين (خاص): انتهى صباح أمس الجمعة 2 مارس 2011، اللقاء السنوى الثالث والثلاثين لمنتدى التنمية في الدوحة الذي امتد ليومين. جاء تحت عنوان السياسات العامة والحاجة للإصلاح في أقطار مجلس التعاون لدول الخليج العربية. قدمت خلاله مجموعة من الأوراق لنخبة من الشخصيات الوطنية والسياسية في الخليج. المحامي البحريني الدكتور حسن رضي قدم ورقته حول أحداث البحرين: الأزمة والمخرج، تناول فيها 5 مباحث هامة تدرجت من الموقع الجغرافي السياسي للبحرين، ثم نبذة تاريخية مختصرة حول الحركة المطلبية السياسية والحقوقية في البحرين، ثم أحداث 14 فبراير وتداعياتها، منتقلاً إلى الحالة الراهنة، ومنتهياً بالمخرج.

■ ولاية الفقيه

وأوضح رضي في ورقته علاقة الشيعة البحرينيين الدارج تسميتهم بالبحارنة، بنظرية ولاية الفقيه، وأنهم غير مهتمين بها إلا فيما يخص العبادات والمعاملات، بدليل توجيه خطابهم دائما إلى الحاكم اعترافا منهم بشرعيته. مشيرا إلى أنهم قد أجمعوا على خيار استقلال البحرين كدولة عربية إسلامية ورفض الانضمام لإيران الشيعية وذلك في الاستفتاء الذي أجرته الأمم المتحدة في عام 1970.

وأوضح رضي، أن العائلة الحاكمة في البحرين، قد نحت منذ الاستقلال في 1972 منحى العوائل الحاكمة ذات الأنظمة القبلية في الخليج، خصوصا في الكويت وقطر ودولة الإمارات، فحافظت على هيمنة العائلة على المناصب والسلطات ذات الطبيعة الحاسمة التي تمثل تلك السلطات في قبضتها كالجيش والشرطة وشؤون المالية، في حين عملت على تجميل وضع الدولة ببعض المؤسسات التي تحمل طابع الحداثة كمجالس البرلمان الشكلية وترخيص جمعيات المجتمع المدني ثم الجمعيات السياسية بقيود تشريعية محكمة. ولكن يبقى ضمان التحكم الحاسم دائماً في يد مركز الحكم المقصور عضويته على أفراد من الشريحة العليا من العائلة الحاكمة فقط.
هذا وقد نفى حسن رضي في ورقته، أن تكون كل من نظرية ولي الأمر السنية ونظرية ولاية الفقيه الشيعية، كانتا مؤثرتان في الاتجاه الايدلوجي في الشارع السياسي، مؤكداً أن الحركة المطلبية الشعبية تضم رجال دين سنة وشيعة حتى بداية منتصف تسعينات القرن الماضي، وبقي هذا الوضع حتى عام 2000 حيث بدأت الأمور تتخذ أوضاعاً جديدة، لعب النظام فيها على تقريب أهل السنة وتسامح حتى مع المعارضين منهم، في حين اتبع الشدة والغلظة في التعامل مع المعارضين من الشيعة، كما أبعد الشيعة تدريجياً عن دوائر النفوذ وحرمهم من التوظيف في كثير من القطاعات، فأصبح الانطباع السائد في الشارع السني أنهم أهل النظام وأصبح الشيعة بالتدريج يشعرون بأن النظام عدو لهم. إن سياسة التمييز والامتيازات كانت قائمة منذ زمن لكنها اكتسبت طابعا واسعا وشاملا ومدمرا منذ أوائل هذا القرن وخصوصا سياسة التجنيس الواسع".

■ مطالب وعرائض

 
ثم أكد رضي على أن أدبيات المعارضة البحرينية حتى الآن هو اتجاه المطالبات بالديمقراطية ولم تعرف شعاراتها في تجمعاتها واحتجاجاتها وتظاهراتها أي شعار أو مطلب طائفي. لكن السلطة - حسب رضي- "عملت على تتويج الانقسام بين الطائفتين بعد أحداث حركة 14 فبراير 2011، وكثفت قمع معارضيها على جميع الأصعدة ومكنت المتشددين من أهل السنة في مواقعهم بصورة أكبر وعمل الإعلام الرسمي البحريني والصحافة على تعميق هذا الانقسام، وسلطت السلطة المتشددين من التيار السياسي الديني السني على المؤسسات لتطهيرها من الشيعة، وتُوج ذلك بفصل الآلاف من الموظفين في كثير من المؤسسات العامة والخاصة". موضحاً أن الانقسام أو التقسيم لم يمنع من وجود عناصر سنية نشطة وقوية وقيادية في صفوف المعارضة، معظمها ينتمي إلى التيارات القومية واليسارية.

في المبحث الثاني تحت عنوات الحركة المطلبية السياسية والحقوقية، استعرض رضي نبذة تاريخية عن سير الحركة المطلبية الوطنية في البحرين وتقديم (البحارنة) للعرائض للحاكم الخليفي منذ 1922، ثم 1934، تفاوتت استجابة الحكم لها. وذلك قبل أن ينشط التيار القومي الوطني الذي وحد المطالب الوطنية الديمقراطية في الأربعينات والخمسينات بزعامات شبابية علمانية من الطائفتين. وفي بدايات التسعينات من القرن الماضي قدمت مجموعة من الشخصيات الوطنية تحركاً مطلبياً من أجل إعادة الحياة البرلمانية. بدأت بالعريضة النخبوية التي قدمت للأمير في 1992 ثم عززت بالعريضة الشعبية في 1994. وفي بدايات عام 1995 بدأت السلطة في تصعيد إجراءاتها ضد الناشطين، وتركيز الاحتجاجات في صفوف الطائفة الشيعية وتقلصت مشاركة الطائفة السنية.

■ أحداث 14 فبراير

في الجانب الثالث، تناول رضي مبحثاً فصلاً واسعاً عن عن تسلسل أحداث ثورة 14 فبراير، والتعامل الأمني معها من قبل السلطة، مروراً بالاعتصام في الدوار، ومبادرة ولي العهد للحوار، وبدء تحرك تجمع الفاتح، ومرئيات الجميعيات السياسية التي تقدموا بها للحوار، قبل أن يفاجأ الجميع بدخول قوات درع الجزيرة وإعلان حالة السلامة الوطنية، ومن ثم مهاجمة الدوار وإخلائه ومحاصرة مستشفى السلمانية وحملات الاعتقال للرموز السياسيين والأطباء.
ثم تطرق إلى لجنة بسيوني المكلفة من قبل الملك، وتوصياتها بإلغاء الإحكام والعقوبات التي صدرت في حق المحكوم عليهم في جرائم ذات صلة بالتعبير السياسي، وعدم تنفيذ الحكومة غير جزء يسير منها، كذلك عدم تنفيذ التوصية الواردة بالفقرة رقم 1337 بشان أن لا يكون أي مفصول قد فصل نتيجة لممارسته لحقه في التعبير وحرية الرأي والتجمع، الأمر الذي نتج عنه وجود بون شاسع بين الوعود والتطبيق العملي وقد ساهم ذلك في استمرار حالة التوتر المجتمعي.

أما بعض التوصيات وأهمها التوصية الواردة بالفقرة رقم 1715 والتي توصي بأن تشكل لجنة وطنية محايدة مستقلة لمتابعة تنفيذ التوصيات تشكل من أعضاء مرموقة من الحكومة وشخصيات محايدة وشخصيات من الجمعيات السياسية (المعارضة) والمجتمع المدني، فإنها نفذت مبتورة حيث لم تشمل ممثلين عن الجمعيات السياسية المعارضة فيما عدا عضو واحد هو رئيس المنبر التقدمي، وقد عُين بصفته الشخصية.

■ الحالة الراهنة

ثم انتقل رضي في مبحثه الرابع إلى الحالة البحرينية منذ 14 فبراير 2011 والمستمرة حتى الآن. وتعرض بشكل موسع إلى اشتداد حدة الصراع بين السلطة الحاكمة والمجتمع. وهو صراع يتمثل في المواجهة بين منهج الاستحواذ الكامل والسيطرة العائلية المطلقة على مؤسسات الدولة ومصادر الثروة كطرف، ويتمثل الطرف الآخر في هذا الصراع في قوى المجتمع الطامحة إلى التغيير والإصلاح، مؤكداً   استمرار السلطة في انتهاج طريق الحلول البوليسية واللجوء إلى تصعيد استخدام وسائل القمع والقوة المفرطة في مواجهة مطالب الإصلاح، وتشطير المجتمع على أساس طائفي، مدعوماً بالتجنيس السياسي لطائفة معينة ولغير بحرينيين. بالإضافة إلى الالتفاف على مطالب الإصلاح، وذلك بانتهاج سياسات "تجميل" ملامح النظام من الخارج ولا ترقى الى مستوى المطالبات بالإصلاح الحقيقي بتاتاً.

ثم لخص رضي الحالة الراهنة في عدة نقاط: وضع أمني متوتر وخصوصا في المناطق القروية وبعض الأحياء (الشيعية) في المدن، حيث تنفجر احتجاجات بين حين وآخر وتقابل بالقمع الشديد واستخدام القوة المفرطة تصل إلى مهاجمة المنازل وإغراقها بغازات المسيل للدموع وغيرها أحيانا من وسائل العنف. ردود فعل عنيفة أحيانا من جانب المحتجين تقول سلطات الأمن بأنها بلغت إلى استعمال الملوتوف. تجمعات مطلبية جماهيرية واسعة تنظمها الجمعيات السياسية المرخصة وتسمح وزارة الداخلية ببعض هذه التجمعات، لكن يحدث منع لبعضها من قبل سلطات الأمن أحيانا.انشطار طائفي ينذر بخطر أكبر إن لم يعالج وتزيده السلطة الرسمية بمزيد من إقصاء للشيعة وتسليط المتشددين من الموالاة عليهم. تحركات من عناصر وسطية إصلاحية لتقريب وجهات النظر لكنها حتى الآن محدودة التأثير. تشدد من قبل الحكم ومحاولات لتمييع عملية المطالبة بالإصلاح في صورة منتديات مصالحة وطنية صورية وتعديلات دستورية غير ذات قيمة حقوقية وسياسية. توصيات بها إيجابية صادرة عن لجنة تقصي الحقائق لكنها لا تنفذ أو أنها متعثرة أو مبتورة التنفيذ.

■ المخرج

في مبحثه الأخير، تناول رضي رؤيته الخاصة للخروج من الأزمة الحالية، لخصها تحت عنوان الحوار، لكنه أسهب في تبيان مفهوم الحوار ووضع العناصر التي يتعين عليها أن تتوافر مبدئياً. وحدد عناصر الحوار في:   هدف الحوار وأغراضه، وأطرافه، آليته وضوابطه.

أكد رضي أن هدف الحوار هو إقامة النظام الديمقراطي وإعادة هيكلة الدولة لتكوين دولة المؤسسات الحديثة القائمة على المبادئ الإنسانية المتطورة، وذلك وفق ما نص عليه ميثاق العمل الوطني بعد إقراره بنسبة 98.4%   في استفتاء شعبي عام، وتطبيق الملكية الدستورية طبقا للديمقراطيات الحديثة والعريقة، بدءا من تشكيل مجلس وطني يتكون من غرفتين ينتخب أعضاؤها انتخاباً حراً ومباشراً، ويكون له مطلق السلطة التشريعية والمراقبة. وهذا هو ما يتفق مع الميثاق الوطني، الذي يعتبر وثيقة الحكم التعاقدية دون جدال بين ملك البحرين والشعب. ثم تطرق إلى ما يلزم لتحقيق هذا الهدف من أساسيات مثل انتخاب المجلسين وإعادة ترتيب الدوائر الانتخابية وغيرها من الأمور المطروحة.

أما عن أطراف الحوار، فيؤكد رضي أن تكون نسبة التمثيل في أي منظومة للحوار متناسبة في إفرادها مع عرض وقوة القواعد الشعبية واتجاهاتها. ويمكن تطعيم هذه الهيئة أو المنظومة بشخصيات وطنية لها احترامها أو خبرتها أو تميزها الاجتماعي يعينهم جلالة الملك بحكمة وبالتشاور مع القوى السياسية الفاعلة.
كما أكد على أهمية أن يكون جلالة الملك ممثلا في الحوار باعتباره طرفا أساسيا في التعاقد الدستوري إذ إن الملكية الدستورية هي عقد بين الشعب والملك كما هو متفق عليه في فقه القانون الدستوري. وأن يتم برعاية الملك ويرأسه ولي العهد، وذلك لضمان حسن سير المناقشة وسلامة التصويت.

كذلك أكد رضي على الاستعانة الخبرة الدولية في هذا الشأن ضرورية تأسياً بمؤتمرات المصالحة التي سبقتنا كالحوار اللبناني في مؤتمر الطائف ومؤتمر المصالحة الايرلندية ((The Good Friday Agreement ومؤتمر المصالحة والإنصاف في المغرب.
هذا، وقد أثارت ورقة رضي جدلاً واسعاً في منتدى الدوحة، سيتم تناوله في خبر منفصل في مرآة البحرين.

 





التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus