العائلة الحاكمة البحرينيّة: ليس عيباً أننا نشتم شعبنا
2016-08-27 - 3:34 م
مرآة البحرين (خاص): حسم نائب رئيس الأمن العام البحريني وعضو العائلة الحاكمة خليفة بن أحمد آل خليفة أمره بإغلاق حسابه على شبكة التواصل الاجتماعي "انستغرام" إثر فضيحة شتمه المواطنين الشيعة في بلاده وشتم معتقداتهم. قال عنهم مثلاً إنهم "مشركون أبناء زنا وعبّاد قبور". هذه أخفّ الشتائم وطأة. لكنّ أكثر شتائمه بحقهم لا يُمكن ذكرها.
الحقيقة أنه ليست هذه هي المرّة الأولى التي يخاطب فيها منتسب للعائلة الحاكمة مواطني البلاد مستخدماً الشتائم والعبارات المسيئة. ففي العام 2014 وصفت كاتبة من العائلة الحاكمة أيضاً، وهي د. لولوة آل خليفة في صحيفة محلية القبائل البحرينية السنية التي هاجرت مؤخراً إلى قطر بأنهم "حفنة يبيعون البحرين لأجل الدرهم والدينار".
في تعليقه على ردود الفعل الواسعة إثر افتضاح قيام أخيه بشتم المواطنين الشيعة على موقع "انستغرام"، قال خالد بن أحمد آل خليفة، الأخ الشقيق لنائب الأمن العام في تعليق الخميس 25 أغسطس/ آب الجاري إن "شتم وسب الطائفة الشيعية أمر عادي وليس عيباً وأن الشيعة ليسوا سوى خنازير".
يجسّد الأخوان خليفة وخالد ابنا أحمد آل خليفة النموذج التقليديّ لشخصيّة ابن العائلة الحاكمة في البحرين الكاره للشيعة والقادر على التفلّت من القوانين وأنظمة الضبط. إنّهما يعلمان أن أحداً لن يجرؤ على محاسبتهما. وهما يبنيان على هذه القاعدة ويتصرّفان.
وتقول المحامية فاطمة الحواج في تصريح سابق "إن أكثر من 400 حكم ضد أفراد من الأسرة الحاكمة صدرت عن محاكم التنفيذ البحرينية لكنها معلّقة دون تنفيذ حتى مع لجوء الشاكين إلى مجلس العائلة الحاكمة".
في حالتيّ الأخوين خليفة وخالد فإن أقصى ما يمكن أن يواجهاه هو إرغامهما على إغلاق صفحتيهما على شبكات التواصل الاجتماعي. وقد أغلق فعلاً حساب الأوّل الذي كان يحظى فيه بـ45 ألف متابع. أما أخوه خالد فقد تُرك يسرح.
في العام الماضي 2015 أُجبر ناصر بن خالد آل خليفة، نجل وزير الديوان الملكي والضابط في الجيش البحريني على إغلاق حسابه في "تويتر" الذي دأب منذ العام 2011 على استخدامه في شتم الشيعة ووصفهم بأنهم "مشروكون" و"عبدة للأضرحة". لكنّ هذا لم يكن السبب الحقيقي لإغلاقه إنما دوره العلني الذي صار مفضوحاً في دعم حملة "تجهيز غازي" الهادفة إلى إعداد مقاتلين عقائديين متطرّفين وإرسالهم للقتال في سوريا.
وفي العام 2014 أغلق حساب "منرفزهم" الذي كان يديره محمد بن صقر آل خليفة على موقع "تويتر" بعد أن تفنن لأربع سنوات في سبّ الشيعة ووصفهم بنعوت موغلة في الكراهية مثل "الروافض" و"المجوس" و"أبناء المتعة".
ينتمي محمد بن صقر إلى فخذ يعد بمثابة الصف الثاني الأقلّ حظوة في العائلة الحاكمة. مع ذلك فهو كان يتصرف بلا حسيب. هو الآخر أيضاً لم يتم إرغامه على إغلاق حسابه إلا عندما طفح الكيل إثر اقتحامه مبنى وزارة الخارجية بالمنامة حيث أشهر سلاحه في وجه موظف بالوزارة يدعى نايف عبدالحميد الكويتي. وهذا العام 2016 جرى تغريمه 50 دينارا لشتمه وسب محامٍ سني.
يجوب محمد آل خليفة، وهو خمسيني من أعضاء العائلة الحاكمة أيضاً بسيارته "رنج روفر" السوداء الفارهة ذات النوافذ المعتّمة القرى الفقيرة التي تقطنها الغالبية الشيعية مصطحباً معه بندقيّة. في ديسمبر/ كانون الأول 2013 توقف أمام محتجين كانوا يتظاهرون ضدّ حكم عائلته وصوّب عدداً من رصاصات الخرطوش نحوهم صارخاً "يا أبناء المتعة تعالوا" كما أظهر فيديو مصوّر للواقعة.
تشير كلمة المتعة إلى حكم في فقه المسلمين الشيعة يُعرف بالزواج المؤقت أو زواج المتعة. غير أن متطرفي الحكم يستخدمونها كسلاح للمناكفة المذهبية وللطعن في شرف المعارضين الذين يطالبون بالمساواة. وقد غدت عبارة مثل "أولاد المتعة" واحدة من عاديّات الخطاب السياسي والإعلامي المستخدم لمكافحة منتقدي السلطة.
لكن حذار من الظن إن ذلك ينحصر في سلوكيات أعضاء صغار في العائلة الحاكمة البحرينية. لقد سبق لوزير الديوان الملكي خالد بن أحمد آل خليفة أن وصف في قصيدة راجت بكثرة في خلال احتجاجات التسعينات المواطنين الشيعة في بلاده بأنهم "أهل الخنا". قال "قرعان ما زادوا ولو هم يزيدون أهل الخنا ويا المكر والمصايب".
أما شاعر العائلة الحاكمة أحمد بن محمد آل خليفة فقد اعتبر في قصيدة أخرى بأن نساء الشيعة "كن يحملن سفاحاً من البرتغاليين" وأن "عيونهن خضراء لهذا السبب". جاء في قصيدته "والبرتغال خلى نساهم يحملون من السفاح وصيدهم في الخرايب ولا زالوا حتى اليوم بالعار يمشون عيونهم خضرا لذيك السبايب".
في العام الماضي 2015 خاطب وزير العدل البحريني خالد بن علي آل خليفة الشيخ عيسى قاسم، أبرز زعيم لشيعة البلاد واصفاً إياه بـ"الخسة". قال "الخسّة هي مستوى تفكير هذا الشخص ولدى تعبيره عن نفسه".
أما شتائمه الموجهة إلى رئيس تحرير صحيفة "الوسط" منصور الجمري، ووصفه بـ"السفيه" تعليقاً على أعمدته اليومية فقد أصبحت مثل المسلسل المكسيكي وهي أصعب من أن تحصى. عبارات مثل "من السفه" و"كفّ عن هذا السفه" و"يا سفيه اصمت"، هي العبارات المفضلة لديه لمخاطبة رئيس تحرير أبرز صحيفة محلية.
لقد أقرّت لجنة تقصّي الحقائق التي ترأسها القاضي محمود شريف بسيوني للتحقيق في أحداث العام 2011 بأن المحتجين "تعرضوا للتعذيب وهددوا بالاغتصاب وإهانة طائفتهم الشيعية". وهذا العام 2016 أعلنت الحكومة في مسرحية هزليّة عن انتهائها من تنفيذ توصيات اللجنة بشكل كامل.
يبدو أن تنفيذ التوصيات جدّي إلى حدّ أن نائب رئيس الأمن العام هو من تطوّع بنفسه لإهانة أئمّة الشيعة وازدراء معتقداتهم بشكل علني بعد أن كانت المهمّة في السابق تُوكل إلى عسكريين صغار!