» رأي
الدولة المدنيّة والدوّار
إيمان شمس الدين - 2012-03-07 - 9:00 ص
إيمان شمس الدين *
حينما هبّت رياح (الربيع العربي)، كانت هناك سمات مشتركة بين الحراك المطلبيّ في دول الربيع العربي، وأهمها كيفية اختيار موقع الثورة وانطلاقة المطالب، فكانت كل دولة لها ميدان بمثابة معلم مهم فيها يُشكل عصبا رئيسا في خارطتها الجغرافيّة والسياسيّة، وأيضا الاقتصاديّة.
وكان دوّاراللؤلؤة المعلم والميدان الذي اختاره ثوار الحراك المطلبي كنقطة تجمّع وانطلاق لكل حراكهم. إلا أنه مع مرورالأيام وتدّخل قوات خارجية لقمع الحراك، وتطوّرالحدث من قتل للأنفس إلى تغيير المعالم المهمة في الدولة، حيث تم إزالة نصب اللؤلؤة من الدوّار، ومن ثم إزالة الدوّار وتحويله إلى تقاطع إشارات خلال فترة زمنية قصوى، فاقت كل المدد التي تتطلبها عملية إصلاح شارع في قرية بحرينية.
كل ذلك ظنّا من السلطة والقادمين من الخارج أن هذه الخطوة وتغيير معالم موقع انطلاق الثورة سيكون له الأثرالكبير في تغيير معالم التاريخ وتشويه الحقيقة وضرب الحراك، إلا أن ما نشاهده اليوم من استمرار للحراك وتصعيده، وتحوّل الدوّار إلى نصب تاريخي ومعلم حضاري في ذاكرة الشعب البحريني، وذاكرة الشعوب في العالم، سمح لكل من يطلّع على الثورة البحرينية أن يعرف دوّار اللؤلؤة تلقائيا.
ومع مرور أيام الثورة وتناميّ الحراك المطلبي وتطوره ووصوله إلى العالم الخارجي بإرهاصاته، كان هناك إصرار من شباب الثورة لإعادة موضعة الحراك في الدوّار بسبب رمزيته بالنسبة للثورة.
وهو أمر بحد ذاته مهم وله دلالاته في الحراك، إلا أن المبالغة في ذلك، وتحويل كل من يحاول الوصول لمكان الدوّار إلى رمز، حوّل الوصول إلى الدوار إلى غاية. بعد أن كان الدوّار هوالوسيلة لتحقيق غاية الدولة المدنيّة، غاية فيها استنزاف لكثير من الطاقات الشبابية في هذا الصدد، رغم أن كل الميادين في البحرين اليوم أصبحت دوّار اللؤلؤة. وقد يكون هناك محاولة استنزاف من قبل السلطة لطاقات الشباب في هذه المسألة الفرعيّة وإشغالهم عن المسألة الأم.
فالدوّار شاءت السلطة أم أبت تحوّل إلى معلم مهم ليس على مستوى البحرين فقط، بل على مستوى العالم، لأن إزالته من خارطة البحرين كانت سببا في تثبيته في خارطة العالم، وتحوّله الى نصب تذكاري يرمز للحرية في كثير من الدول.
فهدفنا قيام دولة مدنيّة تحكمها العدالة، وأدواتنا في ذلك كثيرة ومهمة كان أحدها الدوّار. واليوم تتعدد الطرق والوسائل للوصول إلى هذا المطلب الهام.
فالاستمرار في محاولات لا نخرج منها إلا بترميز شاب والتقاط مجموعة صور له لنشرها في تويتر وفي غيرها من وسائل التواصل الاجتماعي، ليتحول إلى بطل للثورة ليس مطلبنا حقيقة. بل هو وهم تُوقعنا به السلطة لتشغلنا عن المطلب الأم.
لا ننكر أن الشباب الذين حاولوا ويحاولون الوصول الى الدوّار بأنهم أبطال، ويستحقون الثناء. ولكننا أيضا نريد لهؤلاء أن يكون بذلهم وعطاؤهم في مكانه السليم، لتحقيق الغاية من الحراك. لذلك، إذا غيّرنا فكرتنا غيّرنا حراكنا.
من هنا، علينا إعادة تقييم المنهج والأواليات والأدوات التي تحقق الهدف، كي نتمكن من معرفة الثغرات، وإعادة صياغة المشروع بطريقة أفضل لتحقيق الهدف المطلبيّ الأساس.