ناشيونال إنترست: هل فضيحة هيلاري كلينتون بشأن البحرين حقيقية؟

مات بربل - موقع ناشيونال إنترست - 2016-11-08 - 10:08 م

ترجمة مرآة البحرين

وصف بلد ما بأنه "أرض التنّاقضات" هو كليشيه بشع جدًا في الكتابة عن السياسة الخارجية، لكنها للأسف الطريقة التي يجب أن نبدأ بها تحليلنا للبحرين. الدولة الصغيرة في الشرق الأوسط هي ذات غالبية شيعية، ومع ذلك تحكمها أقلية سنية، وهي تتمتع بالثراء، غير أن معدل البطالة فيها مرتفع للغاية، إنها جزيرة تبدو غالبًا محاطة، على غرار مملكة ليسوتو، من قبل السعودية. تميل البحرين للاختفاء في نقاشاتنا عن الشرق الأوسط، حيث إنها غارقة في هذا التكتل المعروف باسم "الدول الخليجية"، على الرّغم من كونها، خلال الربيع العربي، وعلى مدى أسبوعين على الأقل، برزت في الواجهة وكانت مركزًا للاهتمام.

وبإيحاء من الاحتجاجات في مصر وتونس، وصل  المتظاهرون المناهضون للحكومة إلى العاصمة البحرينية المنامة في فبراير/شباط 2011، وإلى دوار اللؤلؤة، وهو دائرة مرورية تمتد حول نصب يشبه الحجر الأبيض. النّظام الملكي لآل خليفة، هدم الدوار، في ما دُعِي بـ "الخميس الأسود"، لكن الأمر أجج فقط الغضب العام. ازدادت الاحتجاجات، وبالتالي طلب آل خليفة مساعدة مجلس التعاون الخليجي.

وفي 14 مارس/آذار، وصلت عشرات العربات المدرعة، التي تحمل القوات السعودية والإماراتية، عبر جسر الملك فهد، إلى البحرين. المحتجون امتعضوا، واختبروا أمرًا شهدوه سابقًا - السعودية كانت قد احتلت بلادهم قبل، خلال الانتفاضة في العام 1994.

بعد ذلك بيوم، بدأت حملة القمع بشكل جدي. أعلنت الحكومة البحرينية "حالة السلامة الوطنية"  ونشرت شرطة مكافحة الشغب والدبابات وطائرات الهليكوبتر في دوار اللّؤلؤة، حيث قتلت  عدة متظاهرين واعتقلت المئات. وأعلن النّظام الملكي بأنه "نظف" و"طهر" التقاطع، ولتعزيز انتصاره الرمزي، هُدِم النصب الأملس كالمرمر.

خطط المتظاهرون الغاضبون لـ "يوم آخر من الغضب"، لكن تم سحقه بسرعة على يد قوات الأمن المنتشرة. ووصل الأمر بالحكومة إلى حد هدم أكثر من عشرين مسجدًا ومؤسسة شيعية، الأمر الذي أدى بأحد الأشخاص إلى القول: "إنها حرب على الهوية".

هذه الهوية هي التشيع. البحرين هي واحدة من الدول الثلاث الوحيدة في الشّرق الأوسط حيث عدد الشيعة يفوق عدد السنة، ومع ذلك، يحكمها نظام ملكي سني يبدو غالبًا مستوردًا من الرياض. لطالما اشتكى الشيعة من التمييز على يد آل خليفة، فضلًا عن مخططاتهم للحد من نفوذهم [الشيعة] عبر التجنيس السريع للمهاجرين السنة. إنها معادلة للاضطراب المتواصل، وبالفعل، في البحرين، لمن ينتهِ الربيع العربي أبدًا فعليًا.

في وقت سابق من الشهر الحالي، استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع ضد مئات المحتجين الشيعة الذين تظاهروا مجددًا في المنامة. هذا التوتر جعل البحرين مركزًا معروفًا بعض الشيء في الحرب الطائفية الباردة في الشّرق الأوسط (والتي هي أحيانًا ساخنة)، مع تساؤل الشيعة لماذا لا يتمتعون بالاستقلال كما يفعل أخوانهم في إيران والعراق، ومع توجه السنة المتهيبين إلى السعودية للاطمئنان.

كانت هيلاري كلينتون وزيرة للخارجية عندما ضحى الكناري المشؤوم بنفسه في تونس، وقد حظيت عمومًا بوجهة نظر دموية عن الربيع العربي، فطالبت بأن يجري حسني مبارك نقلًا ديمقراطيًا للسّلطة في مصر، ودعت بشار الأسد إلى التّفاوض مع المعارضة السورية، وشنت حربًا في ليبيا أدت في نهاية المطاف إلى الإطاحة بمعمر القذافي. لم تكن [هيلاري كلينتون] صامتة بشأن البحرين أيضًا، فوعظت النظام وحثته على "العودة إلى طاولة الحوار"، ووصفت حملة القمع التي شنها بـ "المقلقة"، لكن بعد أن تم تفريق المتظاهرين، سرعان ما تراجع عمق مدى "القلق العميق" الذي أفيد أنها أعربت عنه لوزير الخارجية البحريني. ووفقًا لما وثقه جوش روجين في صحيفة الواشنطن بوست، بحلول العام 2012، كانت إدارة أوباما تمد آل خليفة بالصفقات الحديثة للأسلحة، وفي العام 2015، رفعت حظرًا كانت قد فرضته على مبيعات الأسلحة إلى البحرين، على الرغم من حقيقة كون حملة القمع الحكومية قد ازدادت.

إذًا لماذا الاستثناء في حالة البحرين؟ قد يكون السؤال الأفضل: لماذا الاستثناء في حالة الخليج كله؟ النظام السعودي كان يقمع الاحتجاجات الشّيعية في المناطق الشرقية النائية لسنوات، مع بعض الدفع إلى الوراء من قبل واشنطن. الولايات المتحدة، على الرّغم من مواقفها كنصير عالمي لحقوق الإنسان، لديها مصالح وتحالفات كما أي دولة أخرى، وحاليًا، فإن النخبة أجمعت على أن دول الخليج تحت مظلتننا. هناك أيضًا لعبة شد حبل آلية لا ترحم، لمنع أي تلميح عن عدوان إيراني، سواء كان حقيقيًا أو وهميًا، وقد خفتت قليلًا حتى بعد الاتفاق النووي الأخير. رعاية إيران للشّيعة المخربين في البحرين والسعودية، وهما حليفتان أساسيتان للولايات المتحدة في مرحلة الحرب الباردة، وضعت هاتين الدولتين في مكانة أقل أهمية على لائحة أولويات الدول الليبرالية.

كلينتون هي واحدة من اليساريين فيما يتعلق بالتدخل بشؤون دولة أخرى (السيناتور راند بول وصفها شكليًا بأنها من "المحافظين الجدد") لكن ذلك لا يغطي الأمر تمامًا. إنها حمامة خليعة فيما يتعلق بالبحرين، وربما حتى واقعية باردة، عازمة على الحفاظ على المقرات الأساسية للأسطول الأمريكي الخامس هناك، وعلى التّخفيف من حدة الهلال الشّيعي المخيف، في حين تغض الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان.   

ليس هاك أي طريقة لمعادلة الخطاب المطالب بالديمقراطية لكلينتون - من دون ذكر جملتها الشهيرة "أتينا، رأينا، مات" التي تعبر عن تعطشها للدم ضد القذافي - مع  تملق إدارة بلدها للنظام البحريني. لِقِيمِها [هيلاري كلينتون] علاماتها الإيضاحية وهوامشها. وكذلك يفعل كل صناع القرارات في السياسة.

ناقدو كلينتون المحافظين، تمامًا كما استعملوا "بنغازي" كمجاز مرسل للكلام عن الحرب الكارثية في ليبيا، حاولوا تغليف البحرين في فضيحة واحدة، وهي اللقاء بين هيلاري وولي العهد البحريني، في أعقاب تبرعه بمبلغ 32 مليون دولار لمؤسسة كلينتون. الصحافة المنحازة إلى اليمين نشرت عددًا من المقالات عن المقايضة المزعومة، وكانت مقالات جيدة. لكن هناك انتقادات تفوق ذلك بكثير، بحيث لا يمكننا التكلم عنها هنا، عن وزيرة للخارجية أجادت التنظير بشأن القيم الكبرى، وبعد ذلك، لم تطبقها على أصغر الدول. هناك تناقض بالفعل، لكن هل هو ضروري؟


النص الأصلي
   


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus