مقابلة قناة الجزيرة الانجليزية مع السيد بسيوني:سبب المشكلة في البحرين هي قضايا متعلقة بالمساواة السياسية.

2012-03-18 - 7:52 ص


ترجمة: مرآة البحرين.

مستلهمين من ثورتي تونس ومصر، نزل البحرينيون إلى الشارع مطالبين بحقوق سياسية أكبر. المئات خيموا في دوار اللؤلؤة في المنامة التي اصبحت رمز الحركة في البحرين. وفي المقابل انهالت السلطة البحرينية على المحتجين بقسوة فاعتقلت المئات وعرضت  البعض للتعذيب، وحكمت على آخرين بالسجن لفترات طويلة.
أقام ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة لجنة تحقيق مستقلة برئاسة الدكتور بسيوني الذي غالبا ما يطلق عليه "أب القانون الدولي ". الآن ينضم الينا من شيكاغو:

الجزيرة: أخبرنا سيد بسيوني في ضوء التقرير الذي أعددته، ما هي التطورات التي حصلت في البحرين منذ أصدار هذا التقرير، من التعذيب، أحكام السجن الطويلة والقتل؟

السيد بسيوني: منذ لحظة تأسيس اللجنة في تموز/ يوليو كانت لدي اتصالاتي المبدئية مع وزارة الداخلية. فلقد توقفت كل مزاعم سوء المعاملة وخصوصا التعذيب وليس هناك أية تسجيلات حول هذا الموضوع. وكانت اللجنة قد حققت في مزاعم التعذيب بشكل موسع ودقيق. لقد تلقينا أكثر من 300 شكوى صحيحة نوعا ما وأكثر من خمسة آلاف شكوى عامة، لقد حققنا بشكل خاص ب 64 حالة بمساعدة 4 من الخبراء في الطب الشرعي من الخارج. ولقد وثقنا 5 حالات وفاة تحت التعذيب. كانت النتجة قاتمة جدا بالطبع. ولكن لحسن الحظ منذ ذلك الوقت كل هذه المشاهد توقفت. والآن يبقى السؤال، ما الذي سيقوم به المدعي العام  للوصول إلى المقدرة الفعلية والأعداد الكافية والمدربة لملاحقة أولئك الذين في الشرطة وأجهزة الاستخبارات وقوات الأمن الأخرى الذين تورطوا في هذه الاعمال بما في ذلك رؤساؤهم؟

الجزيرة: قلت رؤساؤهم هل تعتقد أن قرار التعذيب والأمور الأخرى لم تصدر من السلطات العليا في البلاد؟

السيد بسيوني: دعنا نحدد، في أي وضع مشابه توجد سلسلة من الأوامر، وتوجد أيضا منظومة تنظيمية والتي يمكن أن تكون عسكرية أو شبه عسكرية ومن السهل جدا أن تتبع سلسلة الأوامر لتصل إلى رأس الهرم إما عبر التكليف أو عبر الامتناع (الحذف) وعندما يكون لديك شخصيات سياسية  لديها نفوذ كبير في صنع القرارات ولكنها غير موجودة في سلسلة إعطاء الأوامر، عندها يكون من الصعب جدا تقييم المسؤولية. وحتى نكون دقيقين أكثر لا ريب أن الملك وولي العهد والذين في وزارة العدل أو الخارجية، فوزير الداخلية لم يصدر بنفسه مثل هكذا أوامر. فالسؤال الذي يطرحه الناس هنا وهو سؤال مشروع، هو، من يقف وراء كل هذا؟ إلى أي مدى قام كبار المسؤولين وبالخصوص وزير العدل ووزير الدفاع ووزير الداخلية وآخرين، بالتحقيق مع مرؤوسيهم ويجب عليهم وضع أنظمة أفضل للتحكم بمرؤوسيهم للتأكد من عدم حصول مثل هكذا نتائج مجددا.

الجزيرة: في مسألة التواصل، عندما قلت توقف حالات وفاة وتعذيب وإلى آخره عندما تتلقى تلك الأنباء والتي نتمنى أن يكون ذلك صحيحا ولكن كيف تعرف أنهم يخبرونك الحقيقة وأنت في شيكاغو؟

السيد بسيوني: لم أكن في شيكاغو في تلك الفترة انت تعرف كنت أرأس فريقا من 41 من المحققين وكان بإمكاننا الذهاب إلى السجون في أي وقت ليلا كان أو نهارا. تكلمنا مع السجناء من دون وجود أي اشراف من مسؤولين من قبل الحكومة، وذهبنا إلى المشارح وأخرجنا الجثث من الثلاجات وأجرينا تشريحا للجثث   وأحضرنا أربعة من الخبراء في الطب الشرعي من الخارج، وقابلنا أناساً بدت علامات الجروح على أجسامهم. كما ترى في التقرير المؤلف من 500 صفحة. كل حالة من هذه الحالات تم توثيقها.

الجزيرة: هذا التقرير كان حقيقة في ذلك الوقت ولكن هل ما زال لديكم ممثلون عنكم هناك الان؟

السيد بسيوني: حسنا، لقد ذهبت إلى هناك في شهر شباط/فبراير بطلب من الملك لإجراء تقييم أولي عما يحصل هناك من حيث تنفيذ التوصيات الاثنتين والثلاثين المحددة في التقرير. قمت بإجراء تقرير داخلي للملك وأعضاء حكومته للقيام بتحسين بعض الأمور وخاصة مكتب المدعي العام وتحسين تدريب الادعاء العام والمتخصصين في الشرطة القضائية لتنمية قدرات الأدلة العلمية لديهم. وفي الحقيقة يمكن البدء بعملية مساءلة.

الجزيرة: هل تعتقد أن هناك نقطة تحول في البحرين الآن؟ وهل تعتقد أن التعذيب لم يعد موجودا في البحرين؟

السيد بسيوني: لم يعد هناك أي تعذيب منذ تموز/يوليو. قالها الملك بوضوح  ووزارة الداخلية لم تتورط بأي من مزاعم التعذيب منذ شهر تموز/يوليو الماضي. فأنا أعتقد أن هذه المشكلة بالذات قد تم التغلب عليها.
 
وكانت الحكومة قد استخدمت أيضا قادة شرطة سابقين من سكوتلندا والولايات المتحدة لتقديم المشورة للشرطة المحليين وإصلاح البنية الداخلية في جهاز الشرطي. فإذن  المزيد من التحسينات تأخذ مكانها ولكن هناك قدرا كبيرا من الأعمال التي يجب القيام بها من تدريب المدعين العامين والمحققين وفي أجهزة الأدلة العلمية.

الجزيرة: هل تعتقد أن هذه التحسينات تخلق نقطة تحول للبحرين؟

السيد بسيوني: لا أعتقد ذلك لأني أعتبر أن هذه التحسينات المهمة لن تصل إلى مبتغاها الا اذا عرفنا سبب المشكلة فهذه كلها عوارض. سبب المشكلة في البحرين هي قضايا متعلقة بالمساواة السياسية بين السنة والشيعة ووصول الشيعة إلى الحكم، والعدالة الاقتصادية والاجتماعية والقيام بإصلاحات في هذا المجال. ليس هذه هي الأمور التي قامت اللجنة بفحصها ولكن أعرف أن الملك وولي العهد كليهما مهتمان لتحقيق هذه الإصلاحات. وبالطبع واجهوا معارضة من قبل أفراد من العائلة المالكة وبعض أعضاء الحكومة الذين يمانعون تسليم الحكم الذي ما يزال في عهدتهم منذ 300 عام تقريبا. ولكن الأمور سوف تتحسن في هذا الاتجاه اذا اتجهت البلد إلى ملكية ديمقراطية عصرية.

الجزيرة: أثبت بوضوح أنك لست ناقدا للمحتجين بدرجة انتقادك للذين جلبوا هذه الجرائم  للبلد؟ لما أنت غير حاسم في موضوع أن باستطاعتهم ويجب عليهم القيام بعملية المصالحة مع الطبقة الحاكمة؟

السيد بسيوني: حسنا أنت تعلم أن في النزاعات الداخلية يكون الوضع أكثر تعقيدا كما يظهر من الخارج. التقديرات تقول أن 60 بالمئة من الشعب البحريني هم من الشيعة وحوالي 40 بالمئة من السنة. السنة يسيطرون على السلطة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والشيعة يتم إبعادهم عن هذه السلطات. كان هناك مصالحة بين المعارضة الشيعية برئاسة الوفاق وبين ولي العهد وكانوا على وشك الوصول إلى اتفاق حول  برنامج الإصلاح  ذي النقاط السبع في آذار/مارس الماضي، ولكن ذلك لم يحصل لأن كلا الطرفين مستقطب للغاية في هذا المجال. لا توجد أرضية صلبة تقوم على جذب الناس سواء من جهة السنة الموالين للحكومة أو الشيعة المعارضين لها. ولكن يمكننا القول هنا إن المعارضة ليست فقط من الشيعة ولكنها تضم أيضا جزءاً من السنة العلمانييي التقدميين الذين يرغبون أن يروا بلدهم تتجه نحو ملكية دستورية كما في إنجلترا.
 
وصلة المقابلة مع السيد بسيوني على يوتيوب.

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus