آخر برقيات ويكيليكس.. السفارة الأمريكية عن خطاب مشيمع في عاشوراء 2009: كان أكثر انضباطا وعبّر بوضوح عن احترام الملك «7»

2016-11-22 - 7:51 م

مرآة البحرين (خاص): في برقية سرّبتها ويكيليكس، تعود إلى أكتوبر/تشرين الأول 2009، عن تأسيس «تيار الوفاء الإسلامي»، بزعامة الناشط المعتقل عبد الوهاب حسين، تقول السفارة الأمريكية في المنامة إن احتفالات عاشوراء التي تشهد احتشاد عشرات الآلاف من الشيعة بشكل مركزي في العاصمة المنامة، من أجل المواكب الدينية، قد تزوّدنا برؤية وتقدير لقوّة تيّار الوفاء، الذي قد يستخدم المناسبة الدينية ليثبت أنه الصوت الجديد للمجموعات الشيعية المهمشة، مثلما فعلت حركة حق في السنوات الماضية حين حاولت بشيء من النجاح تحويل المناسبة إلى حدث سياسي، حسب تعبير السفارة.

آخر تقرير عاشورائي عن البحرين من السفارة الأمريكية، تمكنت ويكيلكيس من تسريبه، هو ما جاء في البرقية رقم (09MANAMA741_a)، عن موسم عاشوراء الثاني في 2009 (ديسمبر/كانون الأول). لم يظهر «تيار الوفاء» في عاشوراء كما توقعت السفارة، بل كانت حركة حق هي من ظل يظهر مصرا على البعد السياسي للمناسبة، وعلى صنع موقف سياسي مغاير لجمعية الوفاق، التيار الشيعي الرئيس في البحرين.

لكن خطاب حركة حق السياسي في عاشوراء هذه كان مختلف اللهجة. خفّف زعيم الحركة حسن مشيمع حدّته هذه المرة، بعد أن أثار في الذكرى السابقة اعتقالات وأزمة سياسية. حتى السفارة الأمريكية وجدت التغيّر في خطاب مشيمع، لافتا.

هل شهد عاشوراء 2009 تحولا ممكنا في الخطاب السياسي لحركة حق، هل أثبت أنه ليس خطابا متصلّبا ويمكن أن يكون خطابا تفاوضيا مرنا ومتغيّرا، هل أعطى أملا في أن تسلك الحركات السياسية المقاطعة للنظام خيارات أخرى غير الثورة التي هدّدت بها في الذكرى السابقة؟

لم تر السفارة الأمريكية ذلك، إلا أنّها لفتت إلى أن مشيمع أبدى بوضوح احتراما للملك، ولم يسمّ رئيس الوزراء على قائمة زعماء الفساد في الحكومة، على خلاف خطاب العصابة الحاكمة!

برقية ديسمبر 2009: كثرة من العمانيين ونساء أقل من الرجال

أرسل التقرير المصنف بأنه وثيقة سرّية، إلى الخارجية الأمريكية، في 29 ديسمبر/كانون الأول، موقعا من السفير آدم إيرلي.

في الملخص، أشارت السفارة إلى أن قادة المجتمع (تأسيسا على التقاليد)، أكّدوا على أن تتراجع السياسة في المناسبة، مفسحة المجال للطقوس الدينية.

وتحت عنوان «الشيعة يحيون ذكرى عاشوراء سلميا» قدّرت الفقرة الأولى من التقرير الحشود المشاركة في مواكب المنامة (27-28 ديسمبر/كانون الأول 2009) من 80-120 ألف شخص. أشارت البرقية أيضا إلى مشاركة عدد من مواطني السعودية والكويت والإمارات وعمان وجنوب آسيا، لافتة بشكل خاص إلى أن أعداد العمانيين الشيعة المشاركين كانت أكبر من المعتاد خلال ذلك العام.

وحتى ذلك الوقت، وثق التقرير بأن الحضور الأمني الرسمي كان محدودا بشرطة المرور، وأن حي المخارقة الذي تخرج فيه المواكب الرئيسية خلا من أي حضور أمني.

وضمن ملاحظات طاقم السفارة، قالت البرقية إن أعداد الرجال فاقت بشكل كبير أعداد النساء في الشوارع «الناس الحاضرات لبسن العباءات السوداء، ووشاح الرأس، والكثير اتخذن لباسا على طراز التشادور (الإيراني)، كما تقوقع العديد منهن في مساحات مخصصة، على طول مسار المواكب الرجالية، أو في شرفات بعض البيوت. مع ذلك شاهد موظفو السفارة مجموعات من النساء الأصغر،الواثقات من أنفسهن، يتحركن وسط الحشود».

حشود أكبر ودم أقل

لفتت السفارة إلى أن الموسم تميز بحشود أكبر ودم أقل، في إشارة إلى تراجع طقوس ضرب القامة بالسيوف «التطبير». وقالت إن موظفيها ومصادر أخرى أكدوا أن الشوارع بدت أكثر ازدحاما من الأعوام الماضية، وأن المواكب كانت منفعلة لكنّها منظمة.

«أغلب المعزّين الذين كانوا يهتفون ضربوا صدورهم بقبضاتهم بخفّة... وشاهد موظفو السفارة فقط القليل من المعزين الذين أسالوا دماءهم خلال أكثر من 3 ساعات من سير المواكب، وهو تغير ملحوظ عن السنوات الماضية».

البرقية وضعت ملاحظة جانبية على هذه الفقرة قالت إن «القادة الدينيين الشيعة كانوا يثنون الناس على نحو متزايد عن ممارسة التطبير... وشجّعوا عوضا عن ذلك على المشاركة في حملات التبرع بالدم في ذكرى عاشوراء».

صور خامنئي وخطاب نصر الله

وعودا على قصة اللافتات المحتفية برجال الدين في حزب الله وإيران، أشارت البرقية إلى أن ذلك كان شائعا في مواسم عاشوراء، ولكن منذ 2006، حين قررت جمعية الوفاق المشاركة في الانتخابات، صارت هذه اللافتات أقل بروزا.

ونقلت البرقية أنه كان هناك القليل من صور آية الله خامنئي والإمام الخميني داخل خيم تديرها مآتم. كما أشارت إلى أن خيمة الوفاق بثت خطاب زعيم حزب الله السيد حسن نصر الله بمناسبة ذكرى عاشوراء.

حركة حق: خطاب أكثر انضباطا وتحذير من حرب أهلية

حول حركة حق، ذكر التقرير أنه بالرغم من أن هناك إجماع وسط التيار الشيعي الرئيس بأن مواكب عاشوراء في العاصمة المنامة يجب أن تبقى غير مسيّسة «نصبت حركة حق الشيعية المتشدّدة منصّة في كل مواسم عاشوراء الماضية القليلة، مقابل مسجد الخواجة، الذي يمثل نقطة مركزية في احتفالات عاشوراء».

وقالت التقرير، إن حشدا صغيرا من حوالي 300 تجمّعوا هناك بعد منتصف الليلة، للاستماع إلى خطاب زعيم حركة حق حسن مشيمع. الكثيرون منهم كان يملأهم الفضول في أن يروا ما إذا كانت حق ستكرر خطابها في الذكرى السابقة (يناير/كانون الثاني 2009)، حين وصم مشيمع الملك بأنه رجل عصابات، ونادى أعضاء آخرون في حق بالثورة.   

لكن السفارة قالت إن مشيمع بدا خلال هذا الحدث أكثر انضباطا، باستثناء أنه حذّر من من أن يؤدي التجنيس السياسي في نهاية المطاف إلى حرب أهلية، وقالت السفارة إنها تظن أن أغلب السنّة سيتلقّى هذه الكلمة كتهديد أكثر من أن تكون تحذيرا.

البرقية ذكرت أن مشيمع عبّر في خطابه بوضوح عن احترامه للملك حمد، مستنكرا الفساد الحكومي بمفردات عامة فقط. وقالت إنه في هذا السياق لم يسمّ كما في السابق رئيس الوزراء، الذي يعتبر هدفا معتادا لمثل هذه الاتهامات.

وفي ملاحظة ختامية، قالت البرقية، إن حق ربما تكون ملهمة لبعض الشيعة بخطابها المتشدد في عاشوراء، لكننا نظن أنها تنفّر عنها أناسا أكثر يرون أنها تستغل عاشوراء للسياسة «أغلب البحرينيين الشيعة يثمّنون تفاهما مع الحكومة يمكّنهم من إحياء عاشوراء بشكل أوسع من أي مجتمع شيعي آخر في دول مجلس التعاون... شهدت السنوات الأخيرة، بما فيها هذه السنة، أسابيع من التخطيط والتعاون بين الحكومة والقادة الدينيين الشيعة في التحضير لعاشوراء. وهكذا أنتج هذا التعاون احتفالا دينيا جماهيريا سلميا للشيعة من كل أنحاء المنطقة».         


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus