زينب حرم وشيمة آل خليفة: مَنْ أعمى زينب أغنى شيمة

2012-03-19 - 1:27 م


التقرير باللغة الانجليزية

مرآة البحرين (خاص): عند ولادة شيمة في 16 يوليو 2010، ابنة الشيخ ناصر بن حمد، كانت هي الحفيدة الأولى للملك حمد بن عيسى آل خليفة من الابن الأقرب لقلبه، فرح الملك حينها وقدم هديته، ورقة صغيرة، شيك بعشرة ملايين دينار فقط لا غير.

ماذا قدم جد شيمة لأطفال البحرين؟ ستقول لكم عيون (زينب شوقي حرم) ماذا قدم لها الملك. زينب طفلة لا يتعدى عمرها عام وثلاثة أشهر، هذه الطفلة رآها معظم البحرينيين العام الماضي على الشاشات المتلفزة، يوم15مارس، قبل يوم واحد من سيطرة المشير وقوات درع الجزيرة على مستشفى السلمانية.

ظهرت الطفلة زينب وهي تتلقى التنفس الاصطناعي بعد اختناقها بالغازات التي غرقت بها قرية المعامير وقت تنفيذ قوات درع الجزيرة والجيش والحرس الوطني مجزرة سترة، اختنقت زينب.لكن كيف حالها بعد عام؟

 زينب أصبحت عمياء. نعم عمياء، كما أراد لها النظام ذلك. تمت ولادة زينب أواخر العام 2010 قبل موعد ولادتها الطبيعي، مكثت في الحاضنة الزجاجية أربعة أشهر، ثم تسلّمها والداها سليمة بموجب تقارير طبية تؤكد أنها لا تعاني من أي خلل في صحتها، لكن الوقت الذي خرجت فيه زينب من المستشفى نحو منزلها كان مختلاً، فثورة 14 فبراير تتصاعد، والحكم يتخبط ولم يجد سوى استجلاب قوات احتلال سعودية تساعده على قمع الثورة وإقامة المذابح والاحتفال بتفجير جماجم الثوار.


 
جاء يوم 15 مارس الرهيب، هجمت قوات الجيش ودرع الجزيرة على  سترة عاصمة الثورة، وتم إطلاق النيران على الناس كما يتم اصطياد العصافير، لم يتحمل الأهالي في المناطق القريبة الوضع فثارت البلدات القريبة من سترة، وكان من بينها بلدة المعامير التي تقطن زينب وعائلتها فيها.

هجمت قوات المرتزقة على المعامير، وتمّ إطلاق النار والغازات الخانقة، وقعت بعض عبوات الغاز الخانق والسام في الطابق الثاني في منزل عائلة الطفلة زينب، كان الطابق الثاني في طور البناء لذا سهل وصول الغازت للطابق الأول، اختنق من في المنزل، لكن زينب تأثرت بشدة وتقيأت كل ما في بطنها من حليب، وأصبح لونها أزرق وأغمي عليها، خرجت بها أمها وجدّتها نحو باب المنزل وهما تصرخان، استطاع أحد الأهالي إعادة زينب للوعي، فعادت الأم والجدة بها للمنزل.

لكن مع ساعات المساء الأولى عادت زينب للتقيؤ مجدداً، وعاد لونها أزرق.كانت تختنق، كان الوضع صعباً، فقوات الجيش ودرع الجزيرة أقامت نقاط التفتيش في الشوارع والمفارق الرئيسية في البلاد، لكن جدة الطفلة لم تتحمل، أخذت حفيدتها وهي لا تلوي على شيء، وصلت عبر سيارة عابرة مركز النويدرات الصحي، هناك قرر الأطباء أن تنقل إلى مستشفى السلمانية، وصل والد الطفلة للمركز الصحي لاحقا، وظل ينتظر الإسعاف، مرت أربع ساعات. كانت البلدات كلها تتعرض للقمع، والجيش وقوات درع الجزيرة يتحضرون للإغارة على الثوار المعتصمين في دوار اللؤلؤة، والبلطجية منتشرون في كل مكان يهاجمون البلدات بإطلاق نار عشوائي.

وصل الإسعاف أخيراً، تفانى الأطباء والممرضات لإنقاذها، تم اتخاذ قرارا بأن ترقد زينب في مستشفى السلمانية، لكن لم تمر ساعات حتى هجم الجيش وقات درع الجزيرة واحلتوا المستشفى واعتقلوا أطباء وممرضين وممرضات في هجمة وحشية لم يعرف تاريخ الدول المستبدة مثيلاً لها، تم منع والدي زينب من الدخول للمستشفى للاطمئنان على ابنتهم، بعد أسبوع تم الاتصال بالعائلة: تعالوا خذوا ابنتكم.  ذهب والدها وأحضرها للمنزل، تنفس الجميع الصعداء.

مرت أيام قليلة، لاحظت الجدة أن حفيدتها تحرك يدها كأنها تبحث عن شيء ما في الفراغ، وعيناها لا تلاحقان يدها، كانت يدها في جهة وعيناها في جهة أخرى، اقتربت الجدة من أم زينب، أخبرتها بملاحظتها، وضعت أصابعها أمام عيني زينب لم ترف عينا زينب، الطفلة لا ترى، صرخت الجدة.

تم أخذ زينب لعيادة تخصصية، هناك طلبوا ملف علاج زينب في مستشفى السلمانية، ذهبت العائلة لأخذ نسخة من رحلة علاج زينب هناك، لكن الملف اختفى، لقد سرق جيش المشير كل ملفات الجرحى ليخفي جرائمه، لقد أخفى حتى الأطباء والممرضين الذين شاهدوا جروح القتلى والضحايا واستخرجوا الرصاص والشظايا.

زينب الآن طفلة معاقة النظر، لكنها لم تستطع المشي بعد ولا الحبو. لماذا؟، يقول أحد المختصين "زينب تشعر أنها في غرفة ظلماء، هل يوجد أحد يتحرك بشكل طبيعي في غرفة  مظلمة؟"، ويضيف "هي لم تر أحداً يمشي أو يحبو لكي تفطن للأمر وتحاول تقليده.إنها تسكن في الظلام".


 

ماتت خلايا النظر في مخ زينب، وهذه الخلايا لا تعود، تم قبل فترة أخذ عينة من دمها وأرسلت إلى ألمانيا وحتى اللحظة تنتظر العائلة النتيجة.

فرق ومفارقة كبيرتين، بين فرحة الملك بحفيدته شيمة ابنة الجلاد ناصر، وبين هلع جدة زينب وهي تمشي في الشوارع المظلمة مساء 15مارس 2011 حاملة حفيدتها المختنقة تبحث عن منفذ للوصول إلى المستوصف، فرق ومفارقة، كالفرق بين الملايين العشرة التي استهلت بها شيمة يومها الأول، وبين عبوة الغاز التي خنقت زينب.

ما الفرق بين زينب وشيمة، أليست طفولتهما وبراءتهما واحدة، لماذا تصبح هذه مليونيرة في اليوم الأول من عمرها، وتصبح الثانية عمياء في العام الأول من عمرها، كيف ستمضي شيمة بقية حياتها، وكيف ستقضي زينب بقية عمرها؟ تساؤلات من سيجيب زينب عليها، حين تدرك ما فعله جدّ شيمة بها؟

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus