هيومن رايتس ووتش تعيد نشر رسالة نبيل رجب الأخيرة: فرنسا وألمانيا، أعيدا تأكيد قيمكما

نبيل رجب - موقع هيومن رايتس ووتش (نقلًا عن لوموند الفرنسية) - 2016-12-29 - 8:26 م

ترجمة: مرآة البحرين

استغرق الأمر سنوات ليتم الشّعور بعواقب فشل الغرب في الشّرق الأوسط، لكن مع امتداد مأساة أزمة اللّاجئين إلى البر الأوروبي، من الواضح أنّ نتائج ما بدأ مع أحداث "الرّبيع العربي" في العام 2011 تموج الآن في أوروبا. أصبحت فرنسا متورطة بفعالية في نقطتين متأزمتين -سوريا وليبيا- وقد كانت حكومة ساركوزي السّابقة، إلى جانب بريطانيا، هي التي قادت حملة قصف قوات القذافي. الدّكتاتور يستحق أن يسقط، لكن في أعقاب ذلك، انسحبت القوات الأوروبية من دون أن تساعد ليبيا على تأمين اتفاق على مرحلة ما بعد القذافي. وكانت الآثار مدمرة. بعدها، كان انتشار داعش، التمثيل الأسوأ لأيديولوجية عنيفة ما تزال تحظى بدعم الدّولة في الشّرق الأوسط.

تحتاج الدّول الأوروبية إلى القيام بدورها في معالجة هذه القضايا، ولكن، لفعل ذلك، عليها أن تربح حرب الأفكار الدّائرة بين الديمقراطية وحقوق الإنسان من جهة، والاستبداد والوحشية من جهة أخرى، وأن تساعد على نشر هذه المفاهيم في الشّرق الأوسط، يتوجب عليها أن تملك إرادة مواجهة الممالك الخليجية. الدّول الخليجية تزعم أنّها حليفة في هذه الحرب، لكنها أججت الأزمات، ويجب إعادة النّظر في التّحالفات مع هذه الممالك ودعمها. فرنسا وألمانيا هما الآن القلبان التوأمان النّابضان لأوروبا، وعليهما إعادة تأكيد قيمهما.

أنا أُحاكَم وأواجه حكمًا بالسّجن 15 عامًا على خلفية انتقادي قصف اليمن وكلامي عن التّعذيب في السّجون البحرينية. في سبتمبر/أيلول، وجّهت رسالة إلى الإدارة الأمريكية، فتم توجيه تهم جديدة تتعلق بالإضرار بسمعة البحرين إليّ.

محاكمتي ليست استثائية، إنّها عادية. آلاف البحرينيين يقبعون الآن في السّجن على خلفية الجهر بالنّقد والتّظاهر ضد الحكومة، وقد قُتِل آلاف الآخرين في بقية العالم العربي لجرأتهم على ممارسة الحق في تقرير المصير. إنّه حقًا أمر مروع.

أرسلت السّعودية والإمارات العربية المتحدة قوات إلى البحرين لسحق الاحتجاجات المُطالبة بالدّيمقراطية في العام 2011، وهي الدّول نفسها التي خلقت الأزمة الإنسانية في اليمن. كان يمكن للمجتمع الدّولي أن يعارض الدّور السّلبي الذي تلعبه الممالك الخليجية مرات عدة منذ العام 2011، لكنه لم يفعل. الدّعم الأوروبي للسّعودية والإمارات والبحرين وحلفائهم، من خلال التّعاون الأمني ومبيعات الأسلحة، ازداد فقط.

إنّها لقمة في السّخرية أن تزعم السّعودية أنّها تقاتل من أجل السّوريين الذين يرغبون بتقرير المصير ومن أجل الحكومة الشّرعية في اليمن، في حين أنّها من أشد الدكتاتوريات عنفًا في العالم. الدول الخليجية، بدلًا من أن تحاسب مجرمي الحرب ومنتهكي حقوق الإنسان وداعمي الإرهاب، شعرت بتمكنها بسبب صمت حلفائها الدّوليين الرّئيسيين -الذين لا يريدون إثارة الضجة مع الدّول الغنية بالنّفط- لاستخدامها القوة المميتة ضد المدنيين والمحتجين الأبرياء.

بدلًا من أن يفتحوا أبوابهم للّاجئين، إنّهم يتسببون بوجودهم. بدلًا من ملاحقة أولئك المسؤولين عن وفيات المدنيين في اليمن، تسجن هذه الدّول الدّاعين إلى السّلام والنّشطاء الحقوقيين. لست البحريني الوحيد الذي سُجِن لأنه تجرأ على الجهر بانتقاد الحرب التي تُشَن في اليمن -زعيم الحزب الوحدوي، فاضل عباس، يقضي 5 سنوات في السّجن على خلفية وصفه الحرب بأنها غير دستورية.

هناك كتب نشرتها وزارة الدّفاع البحرينية تدعو إلى قتل الشّيعة إذا لم "يتوبوا". ما مدى اختلاف هذا مع أيديولوجية داعش، التي يُفتَرَض أن البحرين تقاتلها؟ قوة دفاع البحرين هي في الواقع جيش طائفي، ولا تتضمن فعليًا أي جني شيعي، على الرّغم من أنّ الشّيعة يُعَدون غالبية الشّعب. وبعد أن نشرت داعش فيديوهات تظهر ثلاثة مجندين انشقوا عن القوات الأمنية البحرينية، انتقدتُها [القوات الأمنية البحرينية] لسماحها لهذه الأيديولوجيات المتطرفة العنيفة بالنّمو في صفوفها. وحظيت بعقوبة سنة أشهر في السّجن، وما تزال السّلطات البحرينية ترفض الاعتراف بالمشكلة.

إنّه لمن المستحيل في النّهاية هزم الإرهاب بنجاح في بلدان مثل بلادنا، حيث من المستحيل لشخص أن يعبر سلميًا عن آرائه من دون أن ينتهي به الأمر في زنزانة في السّجن.

عليكم أن تعيدوا تقييم علاقتكم مع هؤلاء المرتزقة، الذين يعملون بنشاط ضد الدّيمقراطية وحقوق الإنسان، ويؤججون نار العنف والتّطرف. يجب أن يتم  التّعاون الأمني ومبيعات الأسلحة وفق شرط قوي: على هذه الدّول أن تحترم حقوق الإنسان والقانون الدّولي، أو تخسر علاقاتها المتميزة.

أي شيء أقل من ذلك ستكون له آثار وخيمة على المدى الطّويل. إنّها البلدان ذاتها التي تعتبر الدّيمقراطية وحقوق الإنسان تهديدًا، وهكذا تحكم على منطقتنا -والعالم- بالعنف.

النّص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus