عام على شبكة 14 فبراير الإعلامية

2012-03-25 - 9:54 ص


مرآة البحرين (خاص): أسماء مجهولة، لا تبحث عن ظهور ولا شهرة، ولا تدعي بطولة، ولا تنسب لنفسها مفاخر النضال، لكنها تعمل ليل نهار دون توقف، ودون أن يرف لها جفن تعب أو ينكسر لها طرف خوف. تعمل من أجل نشر الحقيقة وفضح انتهاكات النظام التي بلغت حداً فاق كل التوقعات. إنهم شباب وشابات يانعون، ليسوا سياسيين بالأصل، لكنهم وجدوا أنفسهم أمام واجب الفضح لما عاينوه من بشاعة القمع. عملوا في أكثر الأوقات صعوبة وخطورة، حيث فترة السلامة الوطنية، كان شبح الاعتقال يتهددهم كل لحظة، كذلك الموت، لكن لم يوقفهم الخوف لحظة، ولا يزالون.

بعد أربعة أيام فقط من فرض قانون السلامة الوطنية في البحرين، وبدء حملة القمع الوحشية ضد كل ما يمت لثورة 14 فبراير بصلة، وتحديداً في 21 مارس 2011، قام شاب دون الخامسة والعشرين بتدشين شبكة أسماها "شبكة 14 فبراير الإعلامية". هدف الشبكة كسر حالة التعتيم الإعلامي التي بدأت تتوفر على غطاء سعودي خليجي، وتوفير المعلومات حول كل ما يجري في البحرين من اعتقالات وانتهاكات يندى لها الجبين.

بدأت الصفحة على الفيس بوك. اختار الشاب أربعة شباب ممن يثق بهم، قريبين منه، بدؤوا بنقل الأخبار من مصادر مختلفة أهمها تويتر ومجموعات البلاكبيري، حرصوا على جمع الأخبار الموثوقة لصنع الصورة الحقيقية لما يجري في البحرين حينها. تقاسم الخمسة نوبات العمل، حرصوا على أن تغطي الشبكة الأحداث على مدار 24 ساعة يومياً، أجلوا حياتهم بأكملها وقدموها فقط العمل من أجل الثورة. كان عليهم جمع ماكان متفرقاً من الأخبار والتفاصيل والأحداث والصور واليوتيوبات.

حققت الشبكة مصداقية واسعة وصدى، كانت شاملة وحيادية. بعد أقل من شهر، أصدرت إعلانا أظهرت فيه حاجتها إلى عاملين ومراسلين شباب، تم اختيار أربعة شبان، من بينهم فتاة، انضموا لفريق العمل. بعد أسبوعين حدثت تطورات أمنية إثر اشتداد حملة القمع والاعتقالات. قرر مؤسس الشبكة ومعه أصدقاؤه الأربعة التفرغ لنشاطات أخرى، وتمّ تسليم الشباب الجدد مسؤولية إدارة الشبكة التي كانت قد بدأت تحقق صدى إعلاميا كبيرا في الداخل وتحظى بمتابعة جيدة.

تنازل أحد الشباب الجدد عن حسابه الشخصي على تويتر وجعله باسم شبكة 14 فبراير الإعلامية، لأنه كان يملك عدد متابعين أعلى من بين بقية زملائه. تفاعل مع الشبكة عدد من الشخصيات السياسية والحقوقية، كان أهم هذه التفاعلات قيام الحقوقي نبيل رجب  بالدعوة لمتابعة صفحة الشبكة على موقع الفيس بوك، وبالفعل زاد عدد المتابعين يوماً بعد آخر.

الرؤساء الأربعة الجدد انتهجوا طريقتهم الخاصة: التشدد في الحفاظ على مصداقية الصفحة. تغطية متواصلة لمدة 24 ساعة. كان يتم تبادل المناوبة كل ساعتين، وفي المساء يسهر بعضهم للمتابعة والتغطية.

وصل عدد (الأدمن) المسؤول عن إدارة الصفحة إلى عشرة بعد اجتذاب عدد من الشباب الموثوقين، وضع الشباب  صياغة خاصة للأخبار بحيث تتميز أخبار الشبكة عن باقي الصفحات والشبكات الأخرى.
توسع عمل الشبكة، فقاموا بتدشين حملات إعلامية لصالح الفعاليات الشعبية التي بدأت تعاود النشاط في المناطق المختلفة، ثم قدمت مونتاجات فنية توثق الانتهاكات، وأخرى تحث على الصمود ومواصلة الثورة بقوة. كل هذه التطورات حصلت قبل أن ينتهي شهر مايو حين كان سيف الجيش يقمع كل الناشطين.

لم تنحز الشبكة لرأي سياسي محدد أو لتيار معين، حافظت على خط عام يمكن لكل التيارات أن تجد نفسها فيه. تعرضت الصفحة للإغلاق لثلاث مرات، النظام والموالون له شنوا حملات إغلاق وتبليغ عن الصفحة. بعد مراسلة إدارة موقع الفيس بوك، تم تلقي الرد أن ثمة بلاغاً وصل لإدارة الموقع من وزارة الداخلية البحرينية تطلب فيه إغلاق الصفحة لأنها تنشر شائعات وتحرض ضد الدولة. تمت إعادة الصفحة بعد أن اقتنعت إدارة الفيس بوك أنها صفحة إعلامية تفضح الظلم الكبير الذي يقع ضد المواطنين.

قبل نهاية يونيو، وبالتعاون مع المجاميع الشبابية، دشنت الصفحة حملة تحشيد واسعة لانطلاق تظاهرات كبرى في الأول من يونيو موعد انتهاء قانون السلامة الوطنية، كانت الدعوة للجماهير بالتوجه لموقع دوار اللؤلؤة، إثر ذلك فرضت السلطة في الأول من يونيو حصارا واسعا على مختلف المناطق القريبة من الدوار، لكن ذلك اليوم كان إيذانا بانطلاق الحركة الجماهيرية من جديد.

عملت الشبكة على تخصيص وقت لكتابة الأخبار وحقيقة ما يجري للعالم باللغة الانجليزية، وتم رصد أثر ذلك، فقامت الشبكة بتدشين صفحة على موقع الفيس بوك وحساب على تويتر باللغة الانجليزية، يصل متابعيها حاليا إلى ستة آلاف تقريبا. ويمكن رصد التفاعل الأجنبي مع الصفحة من خلال النقاشات الجارية في مساحة التعليقات.

تم أيضا فتح صفحة جاليري خاصة، تنشر المونتاجات الفنية من رسم وتصميم ومونتاجات فيديو وصور مميزة للأحداث اليومية، واستقطبت هذه الصفحة مهتمين كثر بالثورة من البحرين. حالياً، هناك قناة يوتيوب خاصة بالشبكة، ومجلة اسمها مجلة الحدث، وهناك صفحة خاصة لتوثيق الانتهاكات التي تقوم بها السلطات ضد المواطنين.

إثر هذا التوسع تم استقطاب عدد من الكفاءات الشبابية، فزاد عدد العاملين في الشبكة، فتم تشكيل مجلس إدارة للشبكة. يجب الإشارة إلى أن تجمع التظافر الإعلامي ليس هو مجلس إدارة شبكة 14 فبراير الإعلامية، وإنما ذلك التجمع هو بمثابة ائتلاف للصفحات الإعلامية.

حتى اللحظة وصل عدد متابعي صفحة الشبكة على الفيس بوك 50 ألف متابع، وعدد متابعي حسابها على تويتر 50 ألفاً أيضا. إضافة إلى مجموعتين على البلاكبيري، يبلغ عدد المشتركين في كل واحدة أكثر من ألفي مشترك.

الجانب الأمني لعمل نحو تسعة من (الأدمن) المسؤولين عن الشبكة حاليا، هو جانب معقد، هم أشخاص غير مهتمين بالظهور الإعلامي، هدفهم مواصلة العمل ونقل الأحداث للداخل والخارج. وتكمن علة عدم اهتمامهم بالظهور الإعلامي هو تجنب أية حملة قمع مقبلة بحيث يكون وضع الشبكة آمن فيمكنها مواصلة العمل. للشبكة علاقات وتأثير على عدد كبير من الشبكات الإعلامية، وتعتبر حاليا من أهم الشبكات في المنطقة الخليجية.

ما يزال هؤلاء الشباب يعملون في غرفة لا يعرفهم فيها أحد، لا تذكر أسماءهم ضمن قائمة الأبطال المناضلين لأنهم لا يستهدفون ألقاب البطولة، لكنها  تسكنهم، وهذا الشرف يكفيهم.
 

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus