حسن مدن: أنا مع الله... والله مع من غلب!

2012-03-25 - 2:26 م





مرآة البحرين (خاص): هذا واحد من التعليقات التي أتت بشأن موقف أمين عام المنبر التقدمي حسن مدن، بعد الإعلان عن النتائج "الخائبة" التي وصلت لها لجنة التوصيات: "حسن مدن: كنت مع الشرفاء في الدوار ومع مطالبهم. وحين وجدت القوة مالت لصالح حمد ونظامه، ملت ناحيته". فإلى أي حد هذا صحيح؟

في الحقيقة، لايبتعد هذا التعليق العفوي الذي ينطوي على مرارة بالغة، عن واحدة من أكثر البدهيات في أصول النفعية السياسية: "إن الله كان دائما مع الطرف الأقوى". ولمعرفة مدى صحة ذلك، لنفترض معاً السيناريو التالي: أن التصلب الذي قابلت به المعارضة مبادرة ولي العهد في فبراير/ شباط ومارس/ آذار الماضيين، لم يفضِ إلى التدخل السعودي. ولا قيام السلطة بحملتها الأمنية الوحشية. بل على العكس، دفعها، تحت وطأة المدّ الساطي لثورة 14 فبراير/ شباط، إلى تقديم مزيد من التنازلات إلى المعارضة.ثم قادت في النهاية إلى "إنضاج" تسوية تستجيب إلى الحد الأقصى من المطالب التي رفعتها الجمعيات السياسية.

وفي كل حال، فنحن بتنا نعرف الآن أن مثل هذا التصلب، قد قاد فعلاً إلى تقديم تنازلات من طرف الحكم. ويمكن المقارنة، زيادة في التوضيح، بين سقف المبادرة وهلة طرحها في فبراير/ شباط، والسقف الذي بلغته مع حلول منتصف مارس/ آذار. وكيف استطاعت المعارضة، بمزيد من التصلب، والتصلب وحده، إجبار الحكم على القبول ب"مباديء" للتفاوض - وهي ما صرنا نعرفها الآن بالمباديء السبعة -  في حين لم يكن يوافق عليها، ولا يفكر حتى، باديء بدء.

 
الراحل أحمد الذوادي
نقول، لنفترض أن السيناريو كان نصراً ساحقاً للمطالب التي رفعتها الجمعيات السياسية. هل كنا سنشهد "انعطافة" المنبر التقدمي، وأمينه العام حسن مدن، على النحو الذي شاهدناه جميعاً. بل هل كنا سنقرأ ورقة مثل تلك التي وضعها المكتب السياسي في "المنبر" - وأحد واضعيها كان مدن نفسه - في 15 يونيو/ حزيران، مما أسماه "وثيقة المراجعة النقدية"!

بل، أما كنا سنقرأ العكس، مزيداً من التبجيل في موقف "المنبر"، وربما من واضعي الورقة أنفسهم، وكيف أنه اتخذ القرار "الصح" في الوقوف مع الجماهير الثائرة. انسجاماً مع لحظة "الربيع العربي"، وموجته العارمة من المحيط إلى الخليج، وباقي الكلام المرصوف و"المأكول خيره"!
لكن وكما يقال دائماً في الأدب السياسي، فإن "للنصر مائة أب، والهزيمة يتيمة". فحيث جرت المقادير على الضد، كان من الطبيعي أن يسارع "المنبر" إلى تثمير انعطافة، طوعاً أو إكراهاً، تنتهي بإقامة فروض "التوبة". بل أن أحد الأعضاء القدامى في جتوب (جبهة التحرير الوطني) قد عبر عن دهشته "لأن طقس الاستتابة قد تأخر" على أساس أنه كان يفترض "أن تكون سابقة على هذا التوقيت"! ولو أن ما حصل العكس، لكان "المنبر" قد ملأ الدنيا ضجيجاً، من أنه كان واحداً من "آباء" ثورة 14 فبراير/ شباط. وعلى أحد أن لا ينسى أو يتنكر لذلك.

إن الربط بين صحةّ السلوك ونتائجه، هي واحدة من أبجديات النفعية السياسية. لكن المدهش أن حسن مدن، ولفيفه، يطورون حداً خارقاً من النفعية، محقوناً بدمغة "انتهازية"، قوامها: الغناء "مع من غلب"، أكان الله أو الشيطان.  ولاعجب بعد ذلك أن يكون "حسن مدن مع الشرفاء في الدوار مع مطالبهم، ثم حين وجد القوة مالت لصالح حمد ونظامه، مال ناحيته" حسبما رأى أحد المعلقين. وفي النفعية، يحصل أن يُسمّى هذا الميلان "مراجعة" أو "وثيقة نقدية". إمعاناً في إمدادها بوقع السحر، والنباهة.

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus