محمد العثمان.. "قياماً وحطاماً"

2012-03-27 - 12:07 م




مرآة البحرين (خاص): فإذن، هرب محمد العثمان. ترك "التجمع" يتفكك "برغياً، برغياً"، وطار إلى لندن أو أي مكان.  لاجيء سياسي؟ ماجستير؟ دكتوراه؟ عمل؟ استجمام؟ لم يقل شيئاً، وهو من حقه. لكنه فضل ألا يقول شيء. أرادها زوبعة في فنجان، تشيع رغوتها على الحوافّ، وتحوم من حولها الأسئلة. وهو ما كان دأبه، دائماً.

لم يتعود العثمان، أن يعطي نفسه الوزن الصحيح. فاضت "أناه" على "رؤاه". بارانويا مثقلة. دكّت الميزاب دكّاً، وانفجرت بغتة. لاشيء، لاشيء تماماً، فقّاعة بل خواء. تصرف، كأن لم يسمع. تصرف، كأن لم يرَ. وحين تكلم، كأن لم يتكلم! مَهَرَ شكراً برسم "التجمع". لقد قبلوا استقالته. أما شفاه "التعساء"، أتباعه، الفاغرة بحشد الأسئلة، فقد قابلها بمحض ازدراء.

كان يقول لهم، إن الله اختاره، مرّاتٍ ثلاث، إلى "التجمع". هكذا كتب، بالخيرة يمشي، وبالخيرة وحدها يتصدّى، ويعقد العزوم. هذه المرة فقط، لم يقل لهم على أي الجهات استقرّت سبحة "العارف الصوفي". وأي المهامّ، اختاره لها الله، ليضرب عرض الحائط، خيراتٍ ثلاث سابقة، مؤكدة بالتكرار، ويطير إلى "بلاد الكفرة"، عاصمة الضباب!
 
ومعه بالقرينة، سكت "التجمع". بدا متلعثماً، مهتزّاً، مبلبلاً، وحين تحدث رئيسه عبداللطيف المحمود، قال عجباً. إنه استقال منذ 17 مارس/ آذار، ليس أكثر، وقد قبلها اليوم. هكذا، في سطرين عاريين، ظن أنه أنهى كل شيء. إنما في الحقيقة، فهو قد فتح كل شيء. كل شيء في هذا الكيان المزعزع،  المتهادي، الذي لم يتبقّ إلا أن ينعب فيه البوم.

طار محمد العثمان. تبخّر فجأة، يبحث عن دور. لم يكن نقطة سديم فينطفيء، ولا كان نجماً فيلمع. ببساطة، نضبت الأكذوبة.  انتهى التشبيح المضجر بأكبر كيان، وأضخم وأفخم، وأشدها وطنية، وبقي الحَرَد. ضحية أصبح، ينقصها الصراخ: الظليمة، الظليمة. ليس الحسين لنصدقه، ولا صلاح الدين، سيعود بالفتح.

وهناك، في عاصمة "تشرشل" العظيم، دعوه يجرب. يكابد في رحلة العذاب التي مرّ بها إخوته. كان يهدر، هدْر جبّالة الطحين، أنهم وصلوا وكانت "الجوازات" بانتظارهم. استقبلهم الغرب، وأشار عليهم بالمنّ والمأوى. وعلى أرض المطارات، تدفّقت أموال الحرس الثوري وحزب الله في جيوبهم، ليؤسسوا "مرآة" في الخداع. هكذا كتب، سامحه الله. ليجرّب إذن، كرم الغرب "السخيّ"، وينعم بحفاوته!

لم يعرف العثمان السرّ وراء ظاهرته، قياماً وحطاماً. وهو لذلك، ظلّ يداور عليها بتفاهة. بسيطاً كان، وقد ظن حين بدأ أولى كتاباته في "الوسط"، مع انهيال التشجيع، أنه "أبهة"، أصبح. وكان السرّ الذي لم يمحّصه جيداً، أو يستوقفه، لضيقٍ نوعيّ في الملكات، بسيطاً للغاية: صوت "غير" في بيئة - تبدو - متماثلة. تصدّى الحكم لها، بالترهيب وبالترغيب، قاصداً استتباعها، في حين بدا أنه، أي العثمان، قد وعى "الخطة". وراح لذلك، يطوّر محاولات تخرج على "الحس العام المشترك"، في بيئته. هكذا، انهالت عليه كلمات المديح، وقَرضَ المعجبون قصائدهم.

لم يعرف، أنه؛ وإذ يعود القهقرى، جليساً، بالبشت والعقال، في قصر خليفة بن سلمان، ومسّاحاً لجوخه المسنّة في أعمدته تالياً، أنه إنما كان يقضي بذلك على السرّ في "غيريته". لقد عاد متماثلاً. ومتماثلاً، بل مندكّاً، اندكاك الصورة بالصورة. وستأتي ثورة 14 فبراير/ شباط، لتكشف عن شخصيّةً "برّية"، وجهاً لم نعهده من قبل، ولا عرفناه. توليفاً غريباً من حشد "صغائر تافهة". عرجوناً قديماً، انتهت بلاغته، وتخشبت، تماماً. فلم تتبقّ لديه إلا العُجمة.

صرنا أمام "أنا" مغرغرة، كراهية وأوهاماً. لم يذهب، كأجداده في "الهيئة"، إلى بيوتات المحرق والحد، وباقي المدن والقرى، كي يطفيء أوار النار المشتعلة. بل صار، هو هو، من يستمريء في إشعالها، ويطعّمها بالزيت والكبريت - تقرأها في سلسلة ماذا لو نجح المخطط -. انتهت سيرة الفتى "الشجاع" المختلف، واحتفى - كما شاهد جميعنا - بعودة الفتى المؤتلف. انتهى السر!


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus