"الدرازي - مدن": متلازمة التذاكي وقت تصير "مهزلة"!

2012-04-01 - 3:21 م



مرآة البحرين (خاص):
يحصد عبدالله الدرازي وحسن مدن بعض ضريبة "التذاكي". وهو حصاد من النوع الذي لا يحبذ سياسي بماضٍ معارض، أن يسمعه: أنه باع قضيته! وكلاهما يعرف، بالخبرة التنظيمية التي ورثاها، أن السياسة "حسن تدبير" وليست ضرب حظ. وهي في شيء منها "تأليف توافقات"، إذا لم تكن في كثير، وليست غناءاً في برّية.

في حين أن "التذاكي" لا من هذا ولا من ذاك. وهما اختارا الأخير - ليس بحسن نية طبعاً -، ويحصدان الآن بعض "حصرمه".

للدرازي ومدن معاً إسلوبهما. اعتاد الأول أن يكون مفاجئاً، لتنظيمه قبل أي أحد. واعتاد الثاني أن يكون وفياً له، ليس كأيّ أحد. وهما، على ما في إسلوبيهما من مفارقة، يبدوان شبهين. والشبه يكمن في أن السلطة، هي وجهتهما معاً. وعلى "دوران قرصها" يديران رحى "التذاكي" المضجر.

وقبل 14 فبراير/ شباط فقط، كان يمكن للتذاكي أن يُدعى فناً من "فنون الممكن". وضرباً من "الغيرية". مما يرافق عادة أوهام "النخبة" الموغلة في الحنين إلى ماضٍ انتهى. لكنه بعد هذا التاريخ ليس سوى نوع من "التفاهة"!

ذلك أنه، إذا لم يكن في 14 فبراير/ شباط، أي شيء من موجبات القداسة، أو "موديلها". فإن الأكيد أن فيه من موجبات "الدنَس"، كثيره والفجّ.

وفي حين أن مردّ "الدنس" إلى حجم الجريمة الفائق الذي مورس في حق الناس. وهو فائف بالبشاعة التي احتيج لأجلها إلى شهادة محقق دولي، احتيج بعده إلى "دزينة" لجان، منها واحدة اختارا، بالتذاكي، الانضواء تحتها. فإن مرد "التفاهة"، هو التصرّف بإزاء كل ذلك، كما لو أن "الجريمة لم تقع" من الأساس - لنتذكر هنا مجاز بودريار: حرب الخليج لم تقع!-.  وإذا حدث أن وقعت، فهي ليست بسبب سيل الصور المتدفق، والموجّه، إلى حدّ خلق مستوىً فائق من الاستيهام. على ما رأى الفيلسوف في حرب الخليج الثانية التي قيل إنها أول حرب في التاريخ تستخدم فيها الصور، كأسلحة، إلى جانب العديد من أسلحة الفتك. إنما لأن الجريمة عولجت أو... تكاد. وعلى هذا جاء إمضاؤهما براحة ضمير، فوق تقرير اللجنة.

الدرازي ومدن يعيدان معاً، بإدراك وبدونه، شيئًا من تاريخ "الفهلوة" الذي طبع "اجتهادهما" السياسي في السنوات التي تلت "الميثاق": اتّخِذْ مسافةً من الحراك العام الذي تقوده جمعيات "طائفية". مما يوحي بالاتزان، ويضفي أبهة على قائلها. وفي الوقت نفسه، ناورْ على محور السلطة أو اجتهِدْ.
ولدينا فقط، يمكن أن يدعى قبول "الأعطيات" وشبهها، المناصب وعضويات اللجان والمعاهد: مناورة!

على أنهما، إذا كانا في السابق، صانعيّ "دراما" كبيرة. ولو بإثارة اللّغط والجلبة من حولهما. وقد استطاعا باستمرار ربح حرب "مشروعية الاختلاف". مرة بعضوية الأول في "المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان" (2009). ومرة بعضوية الثاني في "معهد التنمية السياسية" (2005). رغم أننا لانعرف بعد، استثناء "النثريات" التي درّت عليهما، الفائدة التي درّتها على المجال العام.

نقول إذا كانا في السابق صانعي "دراما"، فإنهما، بعد 14 فبراير/ شباط، ليسا أكثر من صانعيّ "مهزلة". على ما يسعفنا "ماركس" في حكمته الشهيرة التي تستحق الحفظ: "التاريخ لايكرر نفسه"، وإذا فعل فهو في المرة الأولى "دراما" كبيرة، وهو في المرة الثانية صانع "مهزلة".

وأمام "مهزلة" مُعادة بإصرار، من نوع قبول العضوية في لجنة التوصيات. وضداً على كل النصائح التي وجهت لهما. وما رشح من محصّلة أضحت "أهزوأة" المتندّر، وهي أرقّ التعبيرات هوادة. أمام ذلك، كما أمام  مئات الأسئلة  المرتسمة على الشفاه الحيرى، سيحلو لهما أن يخرسا.

فهذه المرة فقط، لن يقال لنا إن ذلك من نوع "الاختلاف" الواجب تفهمه، ومقابلته بودّ. ولن تساق التبريرات، أية تبريرات. إنما سيخرسان فقط. هكذا بكفاءة، لاكلام. ولا أيّ كلام. وجيد أنهما اختارا ذلك، نهاية واقعية إلى تاريخ من "التذاكي" و"الفهلوة". على أن المؤسف فقط، أنها نهاية على هيئة "مهزلة"!


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus