إيمان شمس الدين: الحقوقيون في مهب الريح

إيمان شمس الدين - 2017-05-30 - 5:34 ص

تزايدت وتيرة التعدي على الحقوقيين في العالم العربي بعد ما سمي بالربيع العربي، سواء كانت اعتداءات من السلطات الحاكمة والتي تتعدى التعذيب والتهديد، لتصل للاتهام بالخيانة والتخابر مع الخارج،  حيث تصل عقوبتها في بعض الدول إلى الإعدام.

وينطبق ذلك على البحرين، لكن مؤخرا وبعد زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرا إلى الرياض، وإعلانه صراحة في خطابه أنه لم يأت للحديث عن حقوق الإنسان ولن يتفوه أصلا بهذه الكلمة، ولن يحاضر بالزعماء حول الديمقراطية فهم كقادة أعلم كيف يتصرفون مع شعوبهم، كان ذلك من جهة  بمثابة الضوء الأخضر لممارسة كل أنواع الانتهاكات بحق المعارضين في المنطقة، ومن جهة أخرى إطلاق رصاصة الرحمة على الثقافة الحقوقية وسعي كثير من المنظمات الحقوقية الأهلية المستقلة في نشر الوعي الحقوقي في الوطن العربي، إذ جعلهم عرضة بذلك للاعتقال والتعذيب بل والقتل دون وجود أي مساءلة من قبل الدول الكبرى المؤثرة، لتصبح السياسة هي سيدة الموقف والمصالح هي الموجه للإنسانية، وتفقد المنظمات الحقوقية بعد ذلك ما تبقى لها من مصداقية في ذاكرة الشعوب.

ومع عدم وجود موقف حازم وشديد وصريح من المنظمات الحقوقية الفاعلة والمؤثرة في وجه هذا المسار الجديد في هدم المسار الحقوقي المتصاعد في منطقتنا، وعدم وجود حصانة حقيقية تقدمها تلك المنظمات للناشطين الحقوقيين في مناطق الاشتباك، فإن ذلك يعني إطلاق يد الأنظمة المستبدة على الشعوب وخاصة المعارضين منهم، وقمع كل محاولات الإصلاح والنهوض للتخلص من الأنظمة المستبدة والتحول التدريجي لأنظمة ديمقراطية تمثيلية للشعوب.

والدليل الصارخ على تداعيات خطاب ترامب هو ما حدث في البحرين مباشرة بعد زيارته، من اقتحام عسكري لمنطقة الدراز وقتل بعض المعتصمين السلميين، وحينما رصد حقوقيون الأحداث وقاموا بأداء دورهم في التوثيق للمنظمات الحقوقية حول الانتهاكات التي ارتكبتها القوات الأمنية، تم اعتقال مجموعة منهم، حيث تعرضوا لأبشع أنواع الانتهاكات من قبل جهاز الأمن الوطني وفق شهود عيان وتمثلت أغلبها بالتالي:

‏- الضرب على الرأس
‏- الشتم و التعرض للمذاهب ورموزها
‏- التعدي على المنظمات الحقوقية
‏- التعرية والتحرش الجنسي
‏- التهديد بقتل الأبناء والأقرباء
‏- إجبار المعتقل الحقوقي على شتم الرموز وشخصيات الدين ( سنية وشيعية).
‏- التهديد بحرق الممتلكات

‏وينطبق ذلك على المعتقلين الحقوقيين نساء ورجالا، والهدف هو تفريغ البحرين من الحقوقيين الراصدين لانتهاكات رجال الأمن بحق المتظاهرين السلميين. لتتفرد السلطة بالمعارضة والمتظاهرين السلميين دون أن يكون هناك رقيب أو محاسبة.

المنظمات الحقوقية اليوم هي أمام اختبار أخلاقي وجودي، وفي حال لم تجد صيغة تحصن فيها الناشطين من فتك الأنظمة وتعرضهم للسجن والتعذيب، فإن ذلك يهدد مصداقيتها ووجودها في عالمنا العربي والإسلامي بل حتى في وسط شعوبها، وهو ما يعرض العقيدة الحقوقية لخطر الزوال والانتهاك.

وعلى المعنيين في المجال الحقوقي فضح المنظمات الحقوقية المتواطئة مع الأنظمة والمسيسة، وقطع كل صلة معها، ومحاولة الخروج بصيغة ملزمة تحصن الناشطين الحقوقيين من الأنظمة خاصة تلك المستبدة.


*كاتبة كويتية.


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus