كيف تنفق البحرين الملايين لتلفيق الأكاذيب في الصحافة؟

2012-04-16 - 1:44 م





ترجمة: مرآة البحرين


الرجل في الصورة أعلاه "مخرب" - وليس متظاهرا مؤيدا للديمقراطية. وتلك المركبات المدرعة النارية التي تغير عليه هي "قوات حفظ السلام المستنيرة" تتدرب لتصبح "حديثة جدا وقوات أمن عام بالغة الحساسية" - وليست جزءا من قوات الأمن البحرينية الوحشية التي قتلت 13 شخصا على الأقل في انتفاضة العام الماضي، و 14  متظاهرا منذ أقل من أسبوعين.

هذا هو، على الأقل إذا كنت ستصدق رسائل البريد الإلكتروني المرسلة لي من قبل محرر سياسي سابق من المملكة المتحدة  والذي وظيفته الآن هو توجيه مملكة البحرين في سعيها للحصول على أفضل ضغط من وسائل الإعلام الغربية.

وكان ذلك جزءا من حملة منظمة من قبل النخبة الحاكمة في البحرين التي تريد عودة سباق الفورميولا1 في وقت لاحق من هذا الشهر والذي تم إلغاؤه العام الماضي عندما كانت البلاد واحدة من العديد من الدول المشاركة بما يطلق عليه الغرب  "الربيع العربي".

السباق سوف يعود - ومن الآن -  بفضل هذا الجهد لإقناع الصحافة بأن كل شيء على ما يرام في المملكة العربية الصغيرة. إنها ظروف مثالية لسباق إذا كنت لا تمانع وجود المسيلات العرضية أو متظاهر ميت. أعذرني أيها "المخرب".

 
ونأتي على ذكر الاضطرابات، تقول المتحدثة باسم حركة أحرار البحرين، تتواصل حتى اليوم. نبيل رجب، الزعيم غير الرسمي للثورة (لا توجد جماعة معارضة واحدة، ولا قائد واحد والكثير من شباب البلد، الناشطين في المظاهرات، لا يبدو أنهم منحازين تماما مع وفاق رجب(يظن كاتب المقال بأن نبيل رجب يتبع الوفاق)، قد تعرض للضرب في كانون الثاني/يناير. ويقال إنه ألقي القبض عليه في 31 آذار/مارس.

وقبل أسبوعين قتل متظاهر يبلغ من العمر 22 عاما، على الرغم من ادعاءات قوات الامن بأنهم يقومون بالحد من ردات الفعل إلى أشكال من التدخل غير العنيف.
ماكينة التلفيق البحرينية
 
كل هذا يتخذ موقفا معاكسا للتقييمات المتحمسة نسبيا لديفيد كراكنل، المحرر السياسي السابق لصحيفة سنداي تايمز  والمستشار الحالي لشركة علاقات عامة تعمل لصالح حكومة البحرين. شركته، بيغ تينت كيميونيكايشنز، هي واحدة من العديد من الشركات المستأجرة إما مباشرة أو من خلال شركات أخرى من قبل حكومة البحرين لـ "تصحيح التقارير غير الدقيقة" حول الوضع. واستشاريو وسائل إعلام آخرين استأجرتهم البحرين بما في ذلك المدير السابق لحملة هوارد دين جو تريبي وشركة العلاقات العامة الدولية سانيتاس في العاصمة واشنطن.

في قصة في صحيفة التايمز (الاشتراك مطلوب للتمكن من قراءة الصحيفة على الإنترنت) الصادرة في نهاية هذا الأسبوع، يقول هيو توملينسون إن الصحيفة علمت بأن البلد قد أنفقت منذ بدء الانتفاضة "الملايين من الجنيهات في محاولة لغسل سمعتها الدولية ".

ومن التقرير:

 
الاحتجاجات التي يقودها الشيعة المطالبة بإصلاحات ديمقراطية من العائلة الحاكمة السنية بدأت في 14شباط/فبراير العام الماضي. ومنذ ذلك الحين وقعت البحرين على صفقات جديدة مع ما لا يقل عن عشر شركات علاقات عامة، وكلها تقريبا موجودة في لندن أو واشنطن. وأهمها كورفيس، الموجودة في واشنطن والتي استأجرتها  المملكة العربية السعودية لإنقاذ سمعة تلك المملكة في الخارج بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر الإرهابية.
 
قامت البحرين بتجنيد كورفيس بمعدل 40 ألف دولار (25 ألف جنيه إسترليني) شهريا بالإضافة إلى المصاريف. وقد واكب مات لور، مسؤول سابق في وزارة الخارجية والذي يقود العقد مع البحرين، التدفق المستمر للإصدارات الإلكترونية لشركة العلاقات العامة مؤكدا صداقة المملكة منذ وقت طويل مع الولايات المتحدة.

أول بريد إلكتروني وصلني من كراكنل كان في 11 كانون الثاني/يناير، لم أطلبه منه أبدا، و"على خلفية "  بلهجة حميمة  لأحد الصحافيين الذي كان يتحدث إلى آخر - على الرغم من كونه مستشارا مدفوعا له من الحكومة. وهنا ما كان عليه أن يقول:

كان تقييمه للوضع أن البحرين بأغلبيتها الساحقة مسالمة، وأن المشاجرات هي بنفس مستوى أعمال الشغب في لندن، ويريد من الصحفيين أن يتحققوا بشكل أكثر شمولا من أن زعماء المعارضة مثل نيبل رجب يفبركون حكايات سوء معاملة ينتهي بها المطاف إلى الصحافة الغربية. وأدناه جزء من البريد الإلكتروني، ويمكنك مشاهدته بالكامل (فضلا عن بريد إلكتروني آخر منقول) في المعرض المدرج في هذه المقطع.

بريد إلكتروني من ديفيد كراكنل – في كانون الثاني/يناير 2012

كنت أريد أن أؤكد لكم أن سباق الجائزة الكبرى في شهر نيسان/أبريل سوف يمضي قدما كما هو مخطط له وليس هناك تقريبا أي مشاكل كبيرة في البلد، وماكينة شركة العلاقات العامة سيكون لها جمهورها المؤمن بها. نعم، هناك اشتباكات ليلية  قليلة / ومحاولات من قبل بعض المخربين للتسبب بمشاكل مع الشرطة، (تماما كما فعل مثيرو الشغب في لندن في الصيف الماضي) ولكن إذا جئت إلى البحرين بنفسك فإنك سترى أن 99 في المائة من الوقت آمن وسلمي.

رسائل البريد الإلكتروني التي أرسلت لي – وإلى غيري من صحفيي السباقات– ممتلئة بالتصريحات التي تحاول نزع الشرعية عن تقارير التعذيب والاحتجاجات التي تحاول أن تصور البحرين على أنها آمنة. وفي الوقت نفسه، يسلط كراكنل الضوء على ما وصفه هجمات على الشرطة. قراءة رسائل بريده الإلكتروني هي كما لو أن هناك بحرينين اثنين يتواجدان في وقت واحد، واحد مليء بالعنف، وهو متظاهر شرير مناهض للحكومة يثور ضد الشرطة وآخر مسالم في معظمه.


قارن التصريح أعلاه بالتالي والذي صدر بعد أسبوعين فقط:

بريد الكتروني من ديفيد كراكنل– كانون الثاني/يناير 2012

 أكد مسؤول في وزارة الداخلية أن قوات الأمن العام واجهت هجمات عنيفة واسعة النطاق في جميع أنحاء المملكة يوم أمس 24  كانون الثاني/يناير.  وعند الساعة  10:00 كانت هناك تقارير عن ما لا يقل عن 41 من الإصابات البليغة بين الشرطة، مع اثنين منهم يحتاجون إلى الرعاية المشددة في المستشفى التابع لقوة دفاع البحرين، أحدهما مصاب بحروق شديدة.

واجه رجال الشرطة رجالاً ونساءً ملثمين ومسلحين، فضلا عن الأطفال في بعض الحالات. وقد تركزت أسوأ الاشتباكات في الدراز، السنابس، الديه، والعكر، حيث قام المهاجمون برشق قضبان معدنية وحجارة وزجاجات وقنابل البنزين مباشرة على شرطة مكافحة الشغب. طبيعة الهجمات تعكس تصعيدا خطيرا في التكتيكات العنيفة للجماعات والأفراد الذين يدعمون المعارضة السياسية.

المعارضة التي تحدثنا معها لم تتفق مع تقييماته، مثلهم في ذلك مندوب منظمة العفو الدولية في المنطقة، سعيد بومدوحة، وهو باحث في منظمة العفو الدولية والذي عمل في البحرين، يقول "إن الوضع لا يزال بعيدا عن الاستقرار كما تصوره الحكومة."

 
وقال بومدوحة لجالوبنك في وقت سابق من هذا العام "إن الطريقة التي تتعامل فيها الشرطة وشرطة مكافحة الشغب مع المتظاهرين لم تتغير كثيرا في الواقع". وأضاف " لا يزالون يستخدمون الغاز المسيل للدموع... داخل المنازل، الشيء الذي لا يجيزه القانون الدولي. ما زلنا نتلقى تقارير عن التعذيب وسوء المعاملة، وخصوصا خلال الاحتجاجات."

ويعتقد بومدوحة أنه في الوقت الذي تم اتخاذ بعض الخطوات لتنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق تنفق الحكومة المزيد من الجهد لتوظيف موظفي شركة العلاقات العامة مثل كراكنل بدلا من تنفيذ إصلاحات ذات مغزى. و يعتقد ايضا أن الحكومة تريد السباق كوسيلة للإثبات للعالم بأن البحرين ليست  كمصر أو ليبيا، حيث النفوذ الغربي والتدخل المباشر ساعدا على إنهاء الأنظمة الحاكمة.
وقال بومدوحة: "أعتقد أنه من الواضح أن الحكومة تريد باستماتة المضي قدما في السباق". وأضاف " في العام الماضي حاولت  الحكومة بكل جهدها تنظيم ذلك مرة أخرى في وقت لاحق من السنة، وهم يعرفون أن الاحتجاجات  أثرت على الاقتصاد بشكل سيء للغاية".

السباق

 الجهود التي تبذلها شركة العلاقات العامة البحرينينة من أجل السباق واضحة  في أعمالها على مدى الأشهر الأربعة الماضية، بما في ذلك توجيه الدعوة للسائقين السابقين - مثل دامون هيل – لتأييد الجائزة الكبرى. أو مقطع منقول لمايكل شوماخر في صحيفة تليغراف يحاول فيه تهدئة المخاوف.
وهناك أيضا قصة على شبكة ESPN بما في ذلك مسؤولون يحاولون مساواة العنف في البحرين  بلاس فيغاس – وحتى أنه يوجد مقطع مديح في صحيفة بيزنيس ويك كيف أن السباق سوف يخلق 3 آلاف فرصة عمل.

عمل شركات العلاقات العامة ربما ينجح. رئيس الفورميولا1 بيرني إيكلستون يقول "لا توجد لدينا شكوك" حول السباق في البحرين. ويلقي باللوم على وسائل الإعلام لتلفيق القصص حول العنف في البلاد.

وقال إيكلستون لل بي بي سي" الشيء الجيد في البحرين هو أنه يبدو أن هناك  ديمقراطية أكثر من معظم الأماكن." وأضاف ،"يسمح للناس بالتحدث متى أرادوا، فهم يمكنهم الاحتجاج اذا ما أردوا ذلك".

هناك في الواقع قانون ينص على أن أي تجمع لأكثر من ستة أشخاص بغرض الاحتجاج يتطلب موافقة سابقة من الحكومة، وفقا لمنظمة العفو الدولية.

 
منظمة العفو الدولية، من جانبها، لم تدعُ بشكل صريح إلى إلغاء السباق ولكن قالت إن المنظمات غير الحكومية والحكومات يجب أن تستخدم الاهتمام الذي جلبه السباق لمواصلة الضغط من أجل إصلاحات ذات مغزى.

وفي عمود لصحيفة الغارديان لجون لوبوك، يقول رجب "لا ينبغي على السباق أن يتم" وكتب " إنه لأمر مروع  أن بريطانيا والولايات المتحدة تستمران في دعم مثل هكذا نظام قمعي، حتى أن الفورميولا 1 تفكر في إجراء سباق البحرين في في الوقت الحالي".

ليس هناك طريقة سهلة لقياس ردة فعل الجمهور، ولكن المجموعات الشبابية التي تحتج على السباق تم مواجهتها بالغاز المسيل للدموع في وقت سابق من هذا الأسبوع.


وفي الأسبوع الماضي تصاعد ضغط الرأي العام، بطل سابق في الفورميولا 1 ديمون هيل  - الذي شجع سابقا المملكة في بيان صحفي - يصرح بأن " الألم والغضب والتوتر في البحرين" يحتاج إلى النظر فيه قبل الاستمرار في السباق.

 
التغير المفاجيء

 بعد أسابيع من الاستمرار في هذه القصة مع كراكنل، اقترب يوم الأحد مني وقال لي "حالما ينتهي السباق لا أريد الاستمرار بالعمل لصالح الحكومة البحرينية "، وأرسل لي العبارة التالية:

" لقد عملت لحكومة البحرين لأنني أؤمن بالخطة التقدمية لجلالة الملك وسمو ولي العهد".

إن القيام بجلب خبراء في مجال حقوق الإنسان للقيام بتحقيق شامل ومستقل – الاستقلالية التي لم يشكك فيها بجدية - كانت مبادرة شجاعة وفريدة من نوعها. لقد حاولوا تنفيذ التوصيات الـ 26  كلها وذلك جدير بالثناء. بلدان أخرى في المنطقة لا تسمح حتى باحتجاج ديمقراطي، ولكن هذه الحكومة تفعل ذلك.

لم يطلب مني أبدا أن أخرج الحكومة من الورطة. فلقد تم توظيفي لإعطائهم النصيحة البناءة في تقديم خطتهم للإصلاح  لأوسع جمهور ممكن. وكصحفي بارز عملت لعدة جهات محترمة، تمت دعوتي من قبل البحرين لإعطائهم وجهة نظر دولية راسخة بشأن سمعتها. فأنا دائما أقول العلاقات العامة نتاج عمل الأمور الصحيحة، وعلى العموم أخذوا هذه النصيحة.

آمل فقط، كما هو الحال في أيرلندا الشمالية، أن يجتمع الناس في البحرين معا وأن يضعوا خلافاتهم جانبا.
"عملت لحكومة تؤمن بالديمقراطية، وليس الثيوقراطية. وآمل أن تسود الأولى."

كراكنل ليس سوى ترس صغير في ماكينة مهمته تحويل الصحافة الناقدة نحو وجهة النظر التي تجدها الحكومة  أكثر قبولاً. فقراره بعدم تجديد هذا الحساب ربما لن يغير كثيراً من الأمر. فمع كل ما أنفقته البحرين من أموال، هناك أشخاص آخرون يقومون بنفس الوظيفة. فشخص آخر ممكن ان يحل مكانه.

* المترجم هو المقتطفات الأهم، ولقراءة النص كاملا يمكن الرجوع للنص الأصلي.




التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus