مناشدة من أجل عبد الهادي الخواجة

2012-04-19 - 4:21 م


جون هورن، صحيفة الغارديان
ترجمة: مرآة البحرين

رسالة مفتوحة إلى ملك البحرين حمد تقوم حاليا بجمع التواقيع. وسيتم تسليمها لسفارة البحرين في لندن عند نهاية عمل يوم الثلاثاء. هذه الرسالة يمكن قراءتها والتوقيع عليها عن طريق التعليق في القسم الحر من صحيفة الجارديان.

هذا هو عبد الهادي الخواجة. ناشط بارز في مجال حقوق الإنسان في البحرين يقضي حاليا حكما بالسجن مدى الحياة. وقد بدأ يومه 61 من الإضراب عن الطعام.

وبحلول الوقت الذي تقرأ هذا، قد يكون في عداد الأموات.
إذا توفي السيد الخواجة، ستكون مأساة فاصلة  للبحرين، والتي قد لا يتعافى منها البلد.  بل أكثر من ذلك. إذا توفي السيد الخواجة، سيكتشف بأن مصطلحات مثل "المجتمع الدولي" و "حقوق الإنسان العالمية"  مجرد مصطلحات جمالية لمديح النفس: مصطلحات علاقات عامة لتحافظ على مفاهيم القوة الغربية السائرة للاضمحلال.

 بالطبع، هذه ليست قصة جديدة - فالعالم زاخر بالمخلفات المرّة للمعايير "الغربية" المزدوجة. ولكن السيد الخواجة يحتضر الآن.

إنه يعاني وأنت تقرأ هذه الكلمات. يوم السبت، عندما اتصل بعائلته، تقول ابنته زينب إنه "يتكلم بصعوبة، وبالكاد يستطيع التنفس". تلك المعاناة قد --- لا، يجب---- أن يتوقف ذلك فورا.
على الملك حمد أن يمنح السيد الخواجة إفراجا فوريا وغير مشروط.


قد يقول البعض، خطأ، يمكن للسيد الخواجة وقف المعاناة  بوقف الإضراب عن الطعام. هذا هو سوء فهم لماذا بدأ احتجاجه للـ "حرية أو الموت".

معاناة السيد الخواجة ليست العذاب الذي لا يمكن تصوره لحالته البدنية، عندما يلجأ جسده لأعضائه وعضلاته للبقاء حياً. بل إنها معاناة اعتقاله بعنف من منزله قبل 12 شهرا، وبتعرضه للضرب والتعذيب والاعتداء الجنسي. إنها معاناة عقوبة السجن مدى الحياة من محكمة عسكرية لأنه ببساطة تحدث عن الحاجة إلى "حقوق الإنسان العالمية" في مواجهة نظام البحرين. إنها معاناة مشاهدة كل منظمة رائدة --- الأمم المتحدة، ومنظمة العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش --- تدين محاكمة ومعاملة  السيد الخواجة، ليتم تجاهل ذلك من قبل النظام. إنها معاناة رؤية اللجنة التي كلف بها الملك حمد تدعم نتائج تلك المنظمات ومن ثم تجاهل النظام الملكي لهذه التوصيات.

المسؤول عن معاناة السيد الخواجة هو النظام البحريني. ولكن الكيانات التي تغذي معاناته تمتد إلى خارج حدود البحرين. قلب هذا الجهاز بالتأكيد هو عائلة آل خليفة الحاكمة، ولكنهم ليسوا سوى مركز لشبكة معقدة من المصالح المالية الدولية التجارية والعسكرية.

الخواجة يقاوم هذه الكيانات. إنه يقاوم جدران السجن، والمحاكمات العسكرية، والاعتقالات الجائرة، وقمع الخطاب الحر، والأنظمة الظالمة، والمرافئ المالية، والقواعد العسكرية، والواقعية السياسية للحكومات "الغربية".

كيف يفعل ذلك؟من خلال السلمية والتعاطف والرأفة والسلام. من خلال معايير "حقوق الإنسان العالمية" التي يدعي "المجتمع الدولي" حملها بكل محبة. إضراب السيد الخواجة عن الطعام -  يتيح لجسده أن يكون نبراسا للقيم ضد المصالح --- يحمل الشعلة لمقاومة سلمية ضد كيانات الظلم.

هذا – بالضبط– لماذا سيكون موته كارثة، ليس فقط للبحرين بل للعالم. هناك غضب واضح ومحق حاليا في جميع أنحاء الجزيرة، التي تتحدث مباشرة عن تراخي وتواطؤ العالم بالسماح بموت السيد الخواجة. "لماذا؟"

"لماذا"، هذا الفيديو يسأل: "لا أحد يرى الجرائم؟"

سؤال بسيط، ولكن الجواب التام قد ينسج مواضيع جيوسياسية، وقومية، ودينية، واقتصادية، وسياسية، واجتماعية معقدة. الجواب المقتضب: لأن العالم يختار المصالح على القيم عندما يتعلق الأمر بالبحرين. وهذا تفسير دعوة السيد الخواجة الجياشة نحو القيم ضد المصالح، إنه تحد للنظام ومن خلفه --- قيم تلقي بضوئها على المصالح التي لا يرغب الكثيرون، لا سيما أولئك الذين في"الغرب"،  في رؤيتها.


أوضح لي عدد من المسؤولين في الولايات المتحدة العقبة الرئيسية أمام القيم. وزارة الدفاع الأمريكية تملك القوة المهيمنة على السياسة الأمريكية في البحرين بسبب القاعدة العسكرية للأسطول الأمريكي الخامس. تلك القاعدة التي ستكون عنصرا مهما، إذا ما أرادت الولايات المتحدة شن ضربة على إيران.
الثورة بدأت في البحرين في 14 شباط/فبراير 2011، وبحلول منتصف آذار/مارس، بدأت تأخذ في الازدهار. وهذا يمثل مشكلة ليس فقط للملك حمد بل كذلك للبنتاغون. لذلك "دعيت"  القوات الخارجية، لا سيما من المملكة العربية السعودية،  ---  وبضوء أخضر من الولايات المتحدة --- لمساعدة النظام البحريني لسحق أية معارضة.


تم قمع الاحتجاجات لكن لم يتم إلغاؤها. واصل البحرينيون المسيرات في كل يوم، وأحيانا عدة مرات في اليوم، في جميع أنحاء البلاد. وبينما هم يفعلون ذلك، أزاد النظام البحريني، ثروة الكثير من شركات الاسلحة الدولية --- من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وفرنسا، والبرازيل، وتركيا، وما إلى ذلك --- بتكديسه أسلحة إضافية في المخازن. وأضاف النظام أيضا  الملايين إلى جيوب شركات العلاقات العامة التي يدفع لها لإبعاد نشاطات  قوات الأمن عن التدقيق، في الداخل والخارج.

ما زالت البحرين منذ فترة طويلة حصاة في حذاء "الغرب".  وضحية الاستعمار منذ أمد بعيد --- وقد يقول البعض إن هذا  لا يزال هو الحال --- فمواطنوها ناضلوا بشكل روتيني من أجل تقرير المصير. وأما الفرق اليوم، أسمع من الكثيرين جدا في المعارضة، هو أن هذه المرة ليست هناك عودة إلى الوراء. فالمعارضة تسعى جاهدة لإنقاذ حرية، إن لم تكن لأنفسهم، فلأبنائهم، وللوصول إلى المجتمع الدولي من خلال معايير " حقوق الإنسان العالمية " لإظهار مظلوميتهم وقهرهم.

الآن، وأنت تقرأ هذا، السيد الخواجة  يحتضر ليبقى شعلة هذه المعتقدات متقدة. يفعل هذا لاستجواب الصمت من عالم  يفضل مواصلة الوضع الراهن على مواجهة مسألة التواطؤ المقلقة في معاناته.

 الشعلة التي قدمها السيد الخواجة يمكن أن تنطفئ في أي لحظة بوفاته. وإذا تم ذلك، فستهوي البحرين إلى غياهب المجهول. البحرينيون عند النقطة الحرجة من المستبعد أن ينسوا تقاعس الغرب --- و ليس أقلها حكومة الولايات المتحدة --- هل على السيد الخواجة أن يموت بإضراب عن الطعام من دون أي مناشدات شعبية قوية لإطلاق سراحه.


هل هناك --- حقا--- متسع من الوقت لتجنب ذلك.

ربما من الأفضل ألا نعرف مدى الانتهاك الذي تعرض له السيد الخواجة، أو تاريخ شخص مثل مواطن بريطاني الذي يقال أنه أمضى عقودا من الزمن في البحرين يشرف على مثل تلك الانتهاكات، ويبقى هناك كرجل حر. ربما من الأفضل عدم مشاهدة فيديوات الأطفال وهم يختنقون بالغاز المسيل للدموع، تلقى مجددا من قبل الشرطة إلى منازلهم، لأنه ربما قد جاء هذا الغاز من بلادنا. ربما من الأفضل عدم التساؤل عن أخلاقيات إجراء عدة ملايين من الصفقات التجارية مع المملكة، لأنها تخدم مصالح(نا) الوطنية. ربما من الأفضل عدم تحدي الدعاية الطائفية التي تستهدف شيعة البحرين، لأنه ربما تم إنتاجها من قبل شركات العلاقات العامة الأمريكية والبريطانية. و ربما من الأفضل أن نغطي  أعيننا، وآذاننا، وأفواهنا، والسماح لخيالات الإحسان والإصلاح اللذين تمنحهما عائلة آل خليفة الحاكمة لتحويل أحلام عملاء إيران إلى كوابيس، والحماية اللازمة، والتي تضمن أن المصالح "الغربية" تهيمن على القيم.
ربما نعم. وربما لا.


9 نيسان/أبريل 2012

وصلة النص الأصلي

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus