ولي العهد... مأمولٌ، مفقودٌ، ومُحيد

عادل مرزوق - 2012-04-24 - 2:31 م


عادل مرزوق*

حسناً، العديد من المراقبين السياسيين والإعلاميين يريدون تحييد ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة. وهذا الاتجاه أو القرار المكشوف لدى الجمعيات السياسية كان واضحاً منذ إعلان حالة السلامة الوطنية في 15 مارس العام 2011. والاعتقاد السائد حتى اليوم، هو أن قوات درع الجزيرة وقوة دفاع البحرين لم تقمع المحتجين في دوار اللؤلؤة وحسب، بل وولي العهد، ومبادرته أيضاً.

ولي العهد كذلك، دائماً ما كان – ولا يزال - يشي برسائل سياسية مفادها أن لا علاقة له بتفعيل الحل الأمني في البلاد ودخول قوات درع الجزيرة وتقويض مبادرة الحوار. وفي لقائه التلفزيوني الأخير، أدان ولي العنف من الطرفين!، ورفض تبرير منع بعض المراسلين الأجانب من دخول البحرين لتغطية فعاليات الفورمولا واحد والاحتجاجات الشعبية، إذ تهرب من الإجابة وحمل حكومة عمه خليفة بن سلمان الوزر كاملاً، وهو بذلك يقول لنا صراحة: أن لا علاقة له بكل ما يحدث!. وبالطبع، وبحسب ما تراه الجمعيات السياسية، لا علاقة لولي العهد بأي شيء ما خلا زيارة التعزية في وفاة رجله الرئيس التنفيذي السابق لهيئة تنظيم سوق العمل علي رضي-  الذي استباحته وأقالته شاشة تلفزيون البحرين والصحافة الحكومية -، أولاً. وتنظيم فعاليات سباق الفورمولا واحد، ثانياً.

النتيجة، تريد الجمعيات السياسية تحييد ولي العهد بطريقة أو أخرى، فبالنسبة لها هو خط الرجعة ومفتاح الحل الذي قد يُديره الأمريكيون في أي لحظة، وهو على أي حال تكتيك معقول ومقبول من حيث المبدأ. لكن قبالة ذلك، ثمة عديد الأسئلة التي تدور في أوساط المؤمنين بهذا التكتيك والمنافحين عنه، قبل الكافرين به. وشهادة كاتب هذا المقال لها ميزانها لأنه ببساطة كان قد أفنى قرابة العشرة أعوام في الصحافة مُدافعاً مُنافحاً مُتبنياً مستميتاً في الدفاع عن مشاريع ولي العهد، في إصلاح سوق العمل، في الفورولا واحد، في إصلاح التعليم، في طيران الخليج، في تمكين، إلى آخر ما كان مجلس التنمية الإقتصادية يقره من مشروعات، وبرمجيات.

السؤال الرئيس حول ولي العهد هو سؤال موجع، حساس، محرج يدق خطوط الجمعيات السياسية الحمراء، لكنه أيضاً واقعي وبالغ الأهمية، ومن واجب الجمعيات أن تجيب عليه، لتعرف هي قبل جمهورها، على أي الطرقات تسير. هل يبدو ولي العهد شريك تسوية سياسية حقيقية في البحرين؟، هل لديه من القوة ما يكفي ليفرض رؤيته داخل توازنات القوى في الأسرة الحاكمة؟، وقبل ذلك، ماذا تبقى لولي العهد من قوة في وزارات الدولة ومؤسساتها بعد إزاحة رجالاته الواحد تلو الآخر، من المقتول كمداً علي رضي إلى المنقول قسراً محمد بن عيسى، وأخيراً التلويح بإغلاق طيران الخليج، وكأنها المشروع الوحيد الخاسر في البحرين.

فلنقبل بافتراض أن ولي العهد تعرض لضغوط شديدة من الجناحين الكبيرين في الأسرة الحاكمة: الخوالد، ورئيس الوزراء. لكن ألم يكن إعلان نتائج تقرير بسيوني والفضيحة التي تمت تلاوتها أمام مسامع الملك حمد بن عيسى في نوفمبر 2011 هي الفرصة الحقيقية ليقف ولي العهد مجدداً، وليعود للمشهد السياسي في البحرين بعد أن فضح تقرير بسيوني قادة الحل الأمني، وما صنعته أيديهم من جرائم وإنتهاكات. السؤال: لماذا لم يخرج ولي العهد مما كنا نعتقدها إقامة جبرية وضع فيها، أم أن ملك البلاد لم يعد يستمع لولده؟!، أو أن ولي العهد لم يعد يملك صلاحية الدخول إلى استديوهات تلفزيون البحرين مجدداً؟!

نسأل بوضوح، هل يبدو الملك ضعيفاً إلى ذلك الحد الذي يجعله غير قادر على اتخاذ قرار الإصلاح السياسي في بلده، حتى يحيل التسوية مع المعارضة لولي عهده، أم ان تيار الخوالد بات يمسك بزمام الحكم فعلاً، وهو ما أجبر الملك أن يعلن حالة السلامة الوطنية ليركن ولي عهده جانباً.
وإذا كانت الجمعيات السياسية  تؤمن بأن ولي العهد هو مفتاح الحل وخط الرجعة وهو ما يدفعها إلى تحييده، فلماذا الأخذ والرد مع رسائل وزير الديوان الملكي خالد بن أحمد آل خليفة. أليس وزير الديوان هو مهندس الحل الأمني كما تصرح به الجمعيات وقوى المعارضة كلها. وقبل ذلك، كيف للجمعيات السياسية أن تؤمن بولي العهد طوق نجاة للخروج من الأزمة وأن تقبل بخالد بن احمد شريكاً في الحوار وصناعة التسوية في الوقت ذاته. إذن، لماذا تحييد ولي العهد ما دام خالد بن أحمد هو مفتاح الحل!

أقولها بوضوح، تحتاج الجمعيات السياسية لشريك حقيقي في مؤسسة الحكم لصناعة الانتقال الديمقراطي في البحرين، وحتى تخرج البلاد من أزمتها. ونأمل  - كما تأمل الجمعيات - أن يكون ولي العهد هو هذا الشريك المفقود، ولكن، هل نحن متأكدون من قدرته على لعب هذا الدور، خصوصاً وأن ما يستجد من حوادث وتطورات لا يدل على ذلك. بل تسير الأحداث في خط يشي بأن مؤسسة الحكم هي من تريد تحييد ولي العهد إلى خارج الأزمة، وحلها. وكأني بالعائلة الحاكمة والمعارضة لم يتفقا على ملف من الملفات ما خلا تحييد ولي العهد، وإن اختلفت النوايا والمسببات.

علامات استفهام بالجملة، حلها لا يزيد عن نصيحة صغيرة تقول: قد يكون قطع الاتصال أحياناً أنجع طريقة لصناعة اتصال أفضل!

* كاتب بحريني.

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus