لا ربيع عربي للبحرين

2012-05-07 - 11:18 ص




الأهرام ويكلي أون لاين
ترجمة :مرآة البحرين


التعذيب والموت يكمنان وراء العودة الجذابة لسباق الفورميولا ون في البحرين، يكتب رشيد أبو السمح
كانت حكومة البحرين على يقين من أن استضافة سباق الفورميولا ون مرة أخرى يوم الأحد الماضي، بعد أن تم إلغاؤه العام الماضي بسبب المواجهات العنيفة بين المتظاهرين الشيعة والشرطة، سيكون بالتأكيد إشارة إلى أن الأمور تتحسن، وأن الأمة تتعافى أخيرا.

ولكن الدولة الجزيرة دخلت حيز إغلاق فعلي لإنتاج حدث كان خاليا من العديد من المتفرجين، عندما كانت تحدث اشتباكات عنيفة وقعت في القرى المحيطة  بالعاصمة المنامة، مع العديد من الجرحى وحالة وفاة واحدة على الأقل.

إن مدة أربع عشر شهرا من الحرب الأهلية بين الأغلبية الشيعية، الذين يريدون مزيدا من الحقوق ونظام ملكي دستوري، وبين عائلة آل خليفة الحاكمة، الذين هم من السنة، قد أسقطت من رادارات معظم وسائل الإعلام الدولية، التي كانت تجذبهم ثورات أخرى  في الربيع العربي مثل سقوط الرئيس الليبي معمر القذافي في ليبيا والقتال الدائر في سوريا أكثر من ذلك بكثير. والآن، عاد اهتمام وسائل الإعلام، فقط ليوم واحد من عطلة نهاية الأسبوع ولأسباب كلها خاطئة.

وجاء إضراب عبد الهادي الخواجة، وهو ناشط بارز في مجال حقوق الإنسان ويبلغ من العمر 50 عاما، والذي لم يتناول الطعام منذ أكثر من شهرين، ليرمز لليأس الذي يشعر به الكثير من الشيعة في البحرين  نحو حكومة بالرغم من محاولاتها التجميلية في الإصلاح، ترفض وبعناد  تقاسم السلطة، والإفراج عن مئات السجناء السياسيين، أو إعادة أولئك الذين  أقيلوا من وظائفهم بعد مشاركتهم في احتجاجات مناهضة للحكومة والتي بدأت في 14 شباط/فبراير2011.

وكانت هناك مناشدة في جلسة محاكمة من محامي الخواجة وسبعة من ناشطين آخرين من الشيعة، والذين حكم عليهم جميعا بالسجن مدى الحياة في العام الماضي بعد مشاركتهم في الاحتجاجات، لإسقاط عقوباتهم. ولسوء الحظ، تأجلت المحاكمة إلى 30 نيسان/أبريل، تاركة عائلة الخواجة التي تشعر بقلق عميق بأنه قد لا يبقى على قيد الحياة حتى ذلك الحين. وقد أخبرت مريم، إحدى بنات الخواجة، القناة الثانية الدانماركية بأن الأطباء يتوقعون بأن ليس لديه سوى يومين أو ثلاثة أيام للبقاء على قيد الحياة.

وقال توبي جونز، أستاذ في التاريخ في جامعة روتجرز، والذي يتابع التطورات في البحرين عن كثب: "مصير الخواجة سيكون له تأثير كبير على ما يحدث في البحرين، على الأقل في المدى القصير"، وأضاف: "إن خطوة محاكمته أمام محكمة مدنية قد تكون تطورا إيجابيا، ولكن أظن أن معظم البحرينيين يرون هذه الخطوة صغيرة ومتأخرا جدا. ونظرا لحالته الخطيرة، هناك مخاوف جدية من أنه قد لا يعيش طويلا بما فيه الكفاية ليشهد محاكمة جديدة. وفاته ستطلق العنان لجولة جديدة من الاحتجاجات واستنادا إلى ردود الفعل السابقة للنظام، ستؤدي إلى مزيد من العنف ضد المتظاهرين".

في العام الماضي شكل الملك حمد بن عيسى آل خليفة لجنة تحقيق دولية، بقيادة شريف بسيوني، والذي تم تكلفيه بالنظر في الانتهاكات التي ارتكبت في اعتقال وتعذيب وسجن الآلاف من المتظاهرين في البحرين. ونتيجة اللجنة كانت تقريرا مؤثرا بحيث إنه وثق انتهاكات كثيرة، وأوصى بالعديد من الإصلاحات. ولكن الملك لم ينفذ  شيئا منها، كما قالت مريم الخواجة خلال اجتماع لنشطاء في القاهرة هذا الشهر، فلا أحد من المسؤولين رفيعي المستوى قد عوقب أو فصل من عمله بسبب  الانتهاكات.

والسبب الرئيسي لممانعة عائلة آل خليفة لتنفيذ أية إصلاحات مهمة هو حقيقة أن جارتها  الغنية والمحسنة إليها، المملكة العربية السعودية، قد اتخذت خطوات متشددة ضد المتظاهرين، مصرة على أنه يتم تحريضهم من إيران من أجل خلق دولة  يحكمها الشيعة على أعتابها. وأما الولايات المتحدة، والتي لديها أسطول خامس في البحرين، نظرت في الاتجاه المعاكس ففي آذار/مارس من العام الماضي عندما دخلت قوات سعودية عبر جسر المنامة إلى البحرين، تحت ستار أنها جزء من قوة مجلس التعاون الخليجي بطلب من الملك حمد. لكن البحرينيين الشيعة ذهبوا إلى أبعد مدى ليبقوا مستقلين عن إيران، ولم يتم تقديم أية أدلة موثوقة في أي تورط إيراني في الاضطرابات.

أوضح جونز: "ليست هناك أدلة على تورط إيراني. والمقصود من إصرارهم هو تبرير حملتهم"، وأضاف: "السعوديون يرون خسارة البحرين كدولة تابعة بمثابة كارثة استراتيجية. وحتى من دون التورط الإيراني، فإن ذلك سيؤدي إلى إحداث تغيير كبير في الهيمنة السعودية في الخليج".

ويعتقد جونز أيضا أن السعوديين يريدون الحفاظ على الوجود العسكري الأمريكي في البحرين كرادع لما يعتبره التهديد الإيراني.

وقال جونز أيضا: "على الرغم من أن السعوديين لا يريدون الأمريكيين على أراضيهم، ولكن يريدون وجودا عسكريا أمريكيا على مقربة منهم. المعارضة في البحرين لم تقل إنها ستخرج الأسطول الخامس من المنامة، ولكن المملكة العربية السعودية بالتأكيد قلقة من أن يكون هذا نتيجة لثورة ناجحة هناك". وأضاف: "السعوديون يعرفون أيضا أن الأولوية الجيوسياسية للأمريكيين في منطقة الخليج هو احتواء إيران. والرياض بإصرارها المتكرر على أن إيران تقف وراء الانتفاضة البحرينية،  تسعى إلى مناشدة القلق الأمريكي. وعلى رغم من أن ادعاءات التدخل الإيراني ملفقة بالكامل، ولكن يبدو أنها أحرزت مكانا. فنحن لم نسمع انتقادا ولم نرَ مشاركة بناءة من جانب الولايات المتحدة في البحرين".

لايزال البحرينيون مقسمين بشدة بين أولئك الذين يريدون الحفاظ على العائلة المالكة كما هي، وأولئك الذين يريدون إصلاحها  وجعلها أكثر ديمقراطية، وأولئك الذين يريدون لها الزوال تماما.

بعض البحرينيين يقولون: "نحن لا نريد نظام آل خليفة"، ويقول آخرون، ومعظمهم من الجمعيات السياسية، إننا بحاجة إلى نظام ملكي دستوري أولا. فإذن هناك  اختلاف في الرأي"، قالت زينب الخواجة، ابنة أخرى لعبد الهادي، في مقابلة مع صحيفة الأهرام الأسبوعية مطلع العام الماضي.

 وقالت: "إذا سألتني شخصيا، فأنا أريد أن أرى جميع الأعضاء الكبار من العائلة المالكة في المحاكمة. أنا لا أريد ملكية دستورية بحيث يبقى الأشخاص المسؤولون عن قتل أطفالنا، وتعذيب آبائنا، وضرب أخواتنا، على عروشهم والعيش بسلام وهناء بعدها. إنها ليست الطريقة التي من المفترض أن تحدث".

والآن مع حكومة لم تطلق سراح السجناء السياسيين وغير مستعدة حتى للحديث عن تقاسم السلطة، يبدو الوضع في البحرين  قاتما، وهو ينزلق إلى مزيد من العنف، مع متظاهرين يستخدمون المزيد من قنابل المولوتوف والقنابل الأنبوبية ضد قوات الأمن، مثل الكثير من نظرائهم في المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية.

خلص جونز: "البحرين على حافة الهاوية. النظام يعتقد بوضوح أن لديه استراتيجية فائزة. ولكنه في الواقع زرع بذور الصراع  الدائم والمقاومة. النظام أخرج المنامة من أسوأ أعمال العنف، ولكن من أجل الحفاظ على ذلك فإنه مجبر على إجراء موجة دائمة من القمع والوحشية في قرى البلاد".

1 أيار/مايو 2012 






التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus