البحرين قد لا تكون سوريا، ولكن هذا ليس سببا كافيا للنشطاء لتجاهلها

2012-05-11 - 2:05 م




دايفيد ويرينغ، الغارديان.

ترجمة : مرآة البحرين


كيف نقرر أي من انتهاكات حقوق الإنسان يجب التركيز عليها؟ ليس من خلال الاستماع إلى أولئك الذين يقولون لنا "إنها أسوأ في بلد آخر".

لن يكون سهلاً الدفاع عن حملة القمع العنيف ضد حركة مؤيدة للديمقراطية ذات قاعدة عريضة، وصاحبة أفضل إرادة في العالم. ولا انطلاق الحدث الرياضي الدولي الرئيسي في البلد المعني، في ظل نظام يحاول وبوضوح استخدام هذا الحدث لغسل سمعته في أعين العالم. ويبقى من الحتمية. سوف يتم الدفاع بصوت عال ٍعن الأمر الذي لا يمكن الدفاع عنه، عندما تكون القوة والربح على المحك. ولقد ثبت ذلك مع سباق جائزة البحرين الكبرى الشهر الفائت.

 كان الموضوع المتكرر في الجهود المبذولة لدرء انتقادات السباق بأن هناك أماكن أسوأ من البحرين. فالشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، وزير خارجية النظام كتب على تويتر: "إن أراد أحد تغطية مواجهات دامية قبيحة، فليذهب إلى سوريا. هنا نريد أن نستمتع بسباق الجائزة الكبرى". ونصح رئيس الفورميولا ون بيرني إيكلستون الصحافيين للـ "ذهاب إلى سوريا والكتابة عن هذه الأمور لأنها أكثر أهمية من هنا".

وحتى ديفيد كاميرون، عندما أراد التهرب من سؤال ما إذا كان يجب المضي قدما في السباق وإثارة الضجيج  المعتاد حول أهمية الحليف البريطاني في إجراء إصلاحات سياسية، ردد بنفس الطريقة، عندما قال: "أعتقد أننا يجب أن نكون واضحين: البحرين ليست سوريا ".

الرد الحاسم لإيكلستون ووزير خارجية البحرين، بأن أشياء أسوأ تحدث في مكان آخر، يصادف أنها أيضا  وجهة النظر المفضلة لإسرائيل والمدافعين عنها. قبل أسبوع من سباق جائزة البحرين الكبرى، وصل نشطاء إلى إسرائيل للاحتجاج على معاملتها السيئة للفلسطينيين حيث تم تقديم رسالة لهم من مكتب رئيس الوزراء، تشير إلى أنهم لم يختاروا الاحتجاج ضد النظامين السوري أو الإيراني، أو ضد حكومة حركة حماس في غزة، ولكن بدلا من ذلك اختاروا " الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، حيث النساء (والرجال) متساوون، والصحافة تنتقد الحكومة ومنظمات حقوق الإنسان يمكنها أن تعمل بحرية، والحرية الدينية محمية للجميع، والأقليات لا تعيش في خوف".

الناشطون والصحفيون الذين يلفتون الانتباه إلى الانتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان صاروا الآن معتادين على سماع هذه الحجة، وأحيانا مع التلميح المرافق بأن إسرائيل يتم تخصيصها لأسباب أكثر خبثا. ومن المثير للاهتمام أن نرى هذه الآلية الخطابية يجري استخدامها في كلتا الحالتين، وبطبيعة الحال، المشكلات الواضحة  تنطبق إلى حد ما على كل حالة على حدة.

ليس هناك شك حول حقيقة أن كلا من إسرائيل والبحرين لديهما سجلات سيئة للغاية في مجال حقوق الإنسان، كما هو موثق على نطاق واسع من قبل منظمات مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش.

فالبحرين ردت في العام الماضي على المظاهرات الحاشدة السلمية المطالبة بالإصلاح السياسي بدعوة القوات المسلحة للأنظمة المجاورة الحليفة للدخول إلى المملكة ودعم العنف في سحق المتظاهرين. وإسرائيل تمارس التمييز ضد الفلسطينيين الذين يعيشون داخل حدودها المعترف بها دوليا وتعرض أولئك الذين يعيشون في الضفة الغربية والقدس الشرقية لطغيان الاحتلال الأجنبي، في حين أنها تستعمر تلك الأراضي في خرق صارخ للقانون الدولي.

إذا كانت دول أخرى تقوم بأعمال مشينة إلى حد كبير فهو خارج نطاق الموضوع، إلا إذا كان الإيحاء بأن تلك الانتهاكات هي أقل من النوع الأسوء الصرف ويمكن ببساطة تجاهلها تماما. إن الدول المسؤولة عن انتهاكات حقوق الإنسان ستكون - سواء أحبت ذلك أم لا –  تحت الرقابة العامة.

ومع ذلك، فإن السؤال الذي يطرح للنشطاء الفرادى أو لمجموعات الحملات الصغيرة الذين لا يستطيعون، على عكس المؤسسات مثل منظمة العفو الدولية، أن يولوا اهتماما للانتهاكات الحاصلة في كل دولة في مجال حقوق الإنسان. مع القيود الواقعية في الوقت والموارد، مجبرون على اتخاذ خيارات صعبة، وقد يكون هناك عدد من الأسباب وراء التركيز على بعض الأسباب أكثر بكثير من غيرها .

وأحد الأسباب هو الحاجة للفوز في الجدل حول هذه القضية في المسألة، والذي هو بالطبع شيء ضروري لحشد الضغط الشعبي ضد الدولة المسيئة. سوريا، على سبيل المثال،  ولحسن الحظ  ليس لديها تقريبا مؤيدون في الغرب، في حين أن البحرين وظفت شركات العلاقات العامة الرائدة لحماية صورتها في الخارج منذ أن بدأ القمع المناهض للديمقراطية. وفي الولايات المتحدة، تجري آيباك علاقات عامة مماثلة ودورا ضاغطا نيابة عن إسرائيل. إنها وغيرها من الهيئات المماثلة تجد آذانا صاغية في وسائل الإعلام في كلا جانبي المحيط الأطلسي، على النحو الذي يعكس التحالف السياسي الأمريكي والبريطاني مع إسرائيل. إن التصدي لهذه الروايات الرسمية هي مهمة هامة، والتي قد يرى ناشط ما استفادة من الانخراط فيها.

على المستوى الأخلاقي، السبب القاهر لاختيار موضوع معين هو التواطؤ. فبريطانيا تسلح كلا من البحرين وإسرائيل، ولإعطاء مثال آخر، بريطانيا عارضت عقوبات على جنوب أفريقيا في 1980. في البلد الديمقراطي، المواطنون يتحملون قدرا من المسؤولية الجماعية عن ما تقوم به حكوماتهم، ومعارضة دعم بلادنا للبلدان التي تنتهك حقوق الإنسان هو التزام مدني وأخلاقي، كما كان في حالة الفصل العنصري قبل 25 عاما.

وكما يشير نعوم تشومسكي مرارا، سيكون من النفاق أن نقوم بعكس ذلك، ونركز على جرائم الآخرين أكثر من تلك التي نحن متورطون بها . أود أن أقول، بأن هذا المبدأ، ينطبق بنفس القدر على الصحفيين والأكاديميين وكذلك على نشطاء حقوق الإنسان.

وأخيرا، من هذا الاعتبار الأخلاقي ينبثق سبب عملي. فإذا كنا نستطيع الضغط على حكومتنا لسحب دعمها عن دولة مسيئة بعد ذلك سيكون لدينا شكل من أشكال النفوذ الذي ليس من الضرورة أن يتواجد لدينا ضد نظام غير حليف. هذا يثير إمكانيات محددة وخاصة لنشاط إنساني فعال والذي يتعين علينا أن نضعه في اعتبارنا.

من الصعب تجنب الشك من أن بعض المدافعين عن حكومة ( أ) والتي تقول لمنتقديها أن ينظروا إلى أخطاء حكومة (ب) بدلا من النظر إلى أخطائهما، سيكونون في الواقع راضين تماما إذا تم تجاهل هذه الجرائم لكل من (أ) و (ب) كليا. فإذا كان هذا الشك صحيحاً، فإنه من غير المشرف استخدام مجموعة واحدة من ضحايا قمع الدولة العنيف لابتزازها بشكل أخلاقي لإسكات أولئك الذين يحاولون جذب الانتباه إلى محنة غيرهم من ضحايا القمع العنيف للدولة.

على أي حال، يجب على الناشطين أن لا يسمحوا بأن يتم ترهيبهم بمزاعم النفاق، والتضارب، أو ما هو أسوأ، لاتخاذ الخيارات التي قد يضطرون بحكم الضرورة للقيام بها.

فالشيء الرئيسي هو ضمان بأن هذه الخيارات هي الخيارات المعتبرة. وبعد ذلك، فان أساليب التضليل من أولئك الذين يختارون الدفاع عن الأنظمة المنتهكة لحقوق الإنسان هوالشيء الوحيد الذي يمكن توقعه.


8 أيار \مايو 2012



التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus