» رأي
بعد عام .. ثورة البحرين في مرآتها
إيمان شمس الدين - 2012-05-13 - 6:11 ص
إيمان شمس الدين*
تلمّستْ نُخبٌ بحرينية أهميّة وجود صوتٍ إعلامي ينقُل الحدث والصورة بعيون الآخرين، يُعلي صوت الداخل الثائر في آذان الخارج الصماء، علّها تسمع نداءاتٍ سلمية تطالب بالتغيير والتحول السلمي للديموقراطية، حالها حال تونس ومصر.
مرآةٌ لبَحرَينٍ صورتُهُ معكوسةٌ في ذهنية الجماهير، لتُعيد انعكاس الصورة الحقيقية في قلب تلكَ الجماهير الثائرة، علَّها تعي الحقيقة التي شوّهها تحالُف الأنظمة المستبدة ضدَّ شعوبها، وبدعمٍ أمريكي غربي، لأجل ذهبٍ أسود تكَوّن من بقايا إنسان ليُقتٓل به الإنسان.
لم يكُن هنالكَ بُد من وجود نافذةٍ إعلاميةٍ تَنقُل الأحداث بمهنيَّة الإعلامي الجريح لقضيَّة وطن، ورغم جراحه لم ينسَ الموضوعية في نقله للحدث، رغم عدم موضوعية الخصم وطمسِه للحقيقة، فكانت موضوعيتُه السيفَ المُسلَّط على رقبة السُلطة، والجسرَ المُمتد بين الثُوّار وعالم المنظمات الحقوقية، لرصد الحقوق المنتهكة، والحقيقة المطموسة بغِمار الإعلام الكاذب.
لا نستطيع القول إنَّ المرآة نجحت فقط، بل سأدّعي أنَّها أصبحت الرقم الصعب الذي أحرجَ ومازال يُحرِج السُلطة ويكشفُ أقنعتَها، خاصةً أمام العالم الغربي، لا بجهاتِه الرسمية، وإنما بمؤسساتِه المدنية الحقوقية المهتمة بالإنسان كوجود، له حقوقٌ يجب أن تُصان.
في المرآة لا تجد صوتًا لحزبٍ أو لتيَّارٍ أو لفِكر، بل الصوتُ العالي هو للبحرين الثائر بكل أطيافِه، تجدُ العَمامة إلى جانِب البدلة، وتجدُ فُسيفساء مُتلونة المشارب الفكرية تُعبر عنها المرآة بصوتٍ واحد، هو صوتُ البحرين الثائر.
في الكواليس لا تُوجد إلا أنفار معدودة تدير العملية برُمَّتها، جلُّ همّهم الثورة، وجلُّ وقتهم للمرآة، لأنهم أدركوا أنَّ المعركةَ الفاصلة مع السلطة إعلامية بامتياز، وأنَّ النافذة الإلكترونية أحدثت ثورةً معلوماتية، وكانت سلاحًا سلميًّا في الثورات العربية، حوَلت العالم إلى قريةٍ صغيرة ينتقل فيه الصوت والصورة مباشرةً دون أدنى تزوير، فقلّصت المعركة الإلكترونية مساحات الكذب، ووسّعت مساحات مشاهدة الحقيقة بالعين المجردة دون أدنى تشويه.
مقوّماتُها بسيطة جدًا، وكما يقول الإعلامي الشهير يسري فودة: إنَّ بإمكانك اليوم إدارة قناةٍ إعلاميّة بستة كمبيوترات من غرفة نومِك، فهكذا كان في مرآة البحرين، كمبيوترات صغيرة موزعة في قارات العالم، لكنّها تحمل قضية شعب لينقل الصورة للعالم أجمع.
أهميّة المرآة تكمُن في كونها نافذةً تُطل منها الثورة لتروي حكايتها للعالم بلغاتٍ متعدّدة، وبثقافاتٍ تمايزت في مشاربِها الفكرية، من خلال نُخَبٍ مُثقفّة مُتَّزنة الطرح والرؤية، تحترم في منظومتها العقلية والفكرية الآخر، وإن كان خصمًا، لأنَّها تنظر لحقِّه كإنسان في التعبير عن رأيه .
صحافةٌ احترمت عقل القارئ ونقلت الصورة كما هي، وكان لافتتاحياتها معاركٌ في كيفيّة نقل الصورة بالجمع بين بلاغة البيان وعُمقِه، وموضوعيَة تَنقل فكر المرآة الإعلامي ونهجَها.
ومن عُروجٍ إلى عُروج، بَلغت اليومَ المرآةُ عامَها الثاني، وهي تترقّى في السلم الإعلامي، وتستقطب إليها جمهورًا عريضًا، استطاعت أن يكون لها موقعٌ في قلوبهم، شكّلته مصداقيتُها، وتنوّعُها، وصياغتُها البلاغية في نقل المشهد بصورةٍ تعبيرية مؤثّرة، ليحتوي الخبر مصادرًا وصورًا وفيديوهات تجعله خبرًا متكامل المصداقية في ذهنية القارئ، لتقطع شكَ المُرجفين بيقين الواثقين.
عام مضى والمرآةُ تنقل الجرحى والمصابين والشهداء والمعتقلين والمُقالين على حمّالة صورتها، لتعكس صورتَهم للعالم وتُضمِّد جراح صوتِهم المكتوم، فدخلت في مناطقَ محظورة، وفتحت ملفاتِهم جميعًا ودعّمتها بوثائق.
في المرآة تجد البحرين بأحداثها كلها، وتجد العالم كيف ينظر لثورة البحرين، بلغات مختلفة، فتترجم لغة الثورة للعالم وتترجم لغة العالم في قضية البحرين. منذ البدء كنتُ مع المرآة، وتشرّفتُ بذلك، وسنواصل معها مسيرتنا في نُصرة الثورة البحرينية، حتى تحقِّق مطالبَها في التحوّل الديموقراطي. ولكن سؤالٌ يطرح نفسه : هل سيسمحون لهذا الصوت بالاستمرار؟ أم سيتآمرون على إسكاته كما تآمروا على إسكات بحرين المرآة؟
سؤال يجيب عليه قرارُ منع القنوات الإعلامية التي تتعرّض لدُول الخليج، والتحالف البحريني السعودي في اتحاد الخليج العربي الذي يَعتبِر أحدَ أهمَّ أهدافِ قيامِه حفظَ أمنِ الخليج.
Chamseddin72@gmail.com
*كاتبة كويتية.